ادفن نفسك
2 سبتمبر 2009 | كتبه busanad
.
إن من أهم وسائلِ تربيةِ النفسِ التي سلكها الأنبياءُ والعلماءُ والفلاسفةُ والعبّاد، العزلةَ، والخلوةَ بالذات،
حتى يصفو الذّهن، وتتهذب النفس؛ ففي العزلة تتََهيئُ للإنسان أجواءُ مُراجعة ِالنفس، ومراقبة العقل،
بعيداً عن الملهيات والمُشغِلات التي كثيراً ما تُشوّش على ذهنِ الإنسان ونفسِه، فتمنعَه من أن يشاهدَ نفسَه بمرآةٍ صافيةٍ نقية .
.
و قد تَطرقتْ كثيرٌ من كتب التراثِ الإسلاميِّ لهذا الخُلُق، وبالأَخَص كتب الأخلاق والسّلوك والتصوف،
فإنها تَطَرّقتْ لهذا المسألةِ بإسهاب، و تنوعت مناهِجُ العلماء في تناولهم لها
.
و قد تناولَ ابن عَطاءِ اللهِ السّكَنْدَري هذه المَسألة في أكثرَ من مَوْضِع في حِكَمه الشهيرة،
حيثُ يقول : ” ادفن وجودَك في أرضِ الخُمول ، فما نَبَتَ مِما لم يُدفَن لا يتم نِتاجُه ”
فالبذرةُ التي لا تُدفن لا يُمكِن أن تنموَ وتورق وتُزهر وتُثمر.
.
و يحدّد بعدها الهدفَ من العزلةِ و الدافعَ لها عبر تلك التساؤلات ، فيقول :
” كيف يُشرق قلبٌ صُوَرُ الأكوانِ مُنْطَبِعَةٌ في مِرآتِه ؟
أَم كيفَ يَرْحَلُ إلى الله، وهو مُكبّل بشهواتِه ؟
أم كيف يَطمعُ أن يَدخلَ حَضْرة الله ، وهو لم يَتَطهرْ من جَنابَةِ غَفَلاتِه ؟
أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار ، وهو لم يتب من هفواته ؟ “.
فحتى يُشرقُ قلبُ المُؤمِنِ بأنوار العُبوديةِ لله، ويَعمُر بِجَلالِ الأُنس بِمحبوبِه ومَوْلاه،
لا يَنبغي أن تَكون الأَكوانُ والأَغيارُ وبهرجُها مُنطبِعةَ ومُتَشرِبةً ذلك القلبَ؛
لأن هذا التّشرب لِزُخرُفِ الحياة الدنيا وتمكّنِها من قلبِ المُؤمِن يجعلُه مكبّلاً، فلا يستطيعُ إن يَرحلَ إلى حَضْرَة مَولاه..
لذلك كانت العُزلةُ هي خَيرُ مُعينٍ للمؤمنِ على أن يَتَطَهر مما عَلق بنفسِه من أدْرانِ هذه الدنيا.. فَيَتَحَرّر من قيودِ شَهواتِه وحُظوظ نفسهش التي كبّلته.
.
ومن هنا تأتي أهمية العُزلة في تَجْلِيَةِ مِرآة القَلب وَتَنقِيَةِ الروحِ وتَزكِيةِ دواخلِ النّفس،
ولذلك قال ابن عَطاء الله : ” ما نَفعَ القلبَ شيءٌ مثل عزلةٍ يدخلُ بها مَيدانَ فكرة “
.
في هذه الكلمات لَخّص ابنُ عطاءِ الله نَظرَتَهُ للعُزلَةِ التي يحتاجُها الساّلِكُ إلى الله كَدَواء،
فالإنسان إذا ذاع صِيته و انتشرَ أمرُه واشتهَرَ ذِكرُه وأَحكمت الدنيا قبَضَتَها عليه،
كثرُت عَلائِقُ نفسِه، وَضاعَ كثيرٌ من وَقتِه بِسَببِ تلك العَلائق،
وإذا ضاع الوقت تَعذّرَ تَكميلُ النّفسِ علماً و عمَلاً و حالاً،
وعند ذلك تُصبحُ العُزلةُ مَطلَباً لِهذهِ النّفس حتى تَتَخلّص من تلك العَلائق؛
لأن الإنسانَ إذا خلا بنفسِه و جال بفكرِه في مَلَكوت الله، انعكَس ذلك في مرآةِ قلبه فَيَجلوا عنها الصّدأ،
و يَتَنَوّرُ بأنوارِ العبوديّةِ لله والتي يُعتَبر التفكّرُ أحد لوازمها .
.
فمادام الإنسانُ مُنغَمِساً في مُخالَطَةِ الأغيارْ، فإن لِذلِك تأثيراً على قَلبِه وانطِباعاً على نَفسِه
؛ لأن مُثيراتِ الشهوات تَتَعرضُ للإنسان في المُخالطة فتُعكِّر صَفاء نَفسِه، و تُفسدُ سكونَ روحِه،
لكنّ العزلةَ تقطَعُ كل ذلك، فعُزلةٌ فيها فِكرٌ وذكرٌ تساعدُ على جَلاءِ مِرآةِ القلب .
.
و مادام الإنسانُ في خُلطةٍ دائمةٍ فالهَفَواتُ تَغلِبُهُ، ويكونُ قلبُهُ أكثرَ عرضةً للغَفَلات،
وهذا يَحولُ بَينَهُ و بينَ استقبالِ الأنوار، فهمِِ دقائقِ الأسرار،
فإن القلبَ متى خَلى من الأغيار مَلأه ُالله تعالى بالمَعارفِ و الأسرار،
فَبِالعزلةِ يَسلمُ من الأغيار، و بالفِكرَة يَسْتَجلي الأنوار، وكلُّ عزلةٍ لا تَصحبُها فِكرةٌ فإلى المَحقِ مآلُها،
فالعزلةُ منزلُ الفكرة .
.
و لله در القائل :
منقول من مدونة الاخ العزيز بو سند
جزاك الله خيرا ونفع بما نقلت
الموضع جميل جدا وكلنا بحاجة
ماسة اليه مع الاخذ بعين الاعتبار
ان الحكمة ضالة المؤمن انى وجدها
فهو اولى بها خط رجعة حتى لا يقال
حدساوي صوفي وهناك بعض الالفاظ
الغيبة الغير مأثورة عن نبينا اتمنى ان نحملها
المحمل الحسن ولا مشاحاة في الاصطلاح
ان فهمنا الغاية والهدف ..نفعنا الله وسددنا واياكم احبتي :وردة:
2 سبتمبر 2009 | كتبه busanad
.
إن من أهم وسائلِ تربيةِ النفسِ التي سلكها الأنبياءُ والعلماءُ والفلاسفةُ والعبّاد، العزلةَ، والخلوةَ بالذات،
حتى يصفو الذّهن، وتتهذب النفس؛ ففي العزلة تتََهيئُ للإنسان أجواءُ مُراجعة ِالنفس، ومراقبة العقل،
بعيداً عن الملهيات والمُشغِلات التي كثيراً ما تُشوّش على ذهنِ الإنسان ونفسِه، فتمنعَه من أن يشاهدَ نفسَه بمرآةٍ صافيةٍ نقية .
.
و قد تَطرقتْ كثيرٌ من كتب التراثِ الإسلاميِّ لهذا الخُلُق، وبالأَخَص كتب الأخلاق والسّلوك والتصوف،
فإنها تَطَرّقتْ لهذا المسألةِ بإسهاب، و تنوعت مناهِجُ العلماء في تناولهم لها
.
و قد تناولَ ابن عَطاءِ اللهِ السّكَنْدَري هذه المَسألة في أكثرَ من مَوْضِع في حِكَمه الشهيرة،
حيثُ يقول : ” ادفن وجودَك في أرضِ الخُمول ، فما نَبَتَ مِما لم يُدفَن لا يتم نِتاجُه ”
فالبذرةُ التي لا تُدفن لا يُمكِن أن تنموَ وتورق وتُزهر وتُثمر.
.
و يحدّد بعدها الهدفَ من العزلةِ و الدافعَ لها عبر تلك التساؤلات ، فيقول :
” كيف يُشرق قلبٌ صُوَرُ الأكوانِ مُنْطَبِعَةٌ في مِرآتِه ؟
أَم كيفَ يَرْحَلُ إلى الله، وهو مُكبّل بشهواتِه ؟
أم كيف يَطمعُ أن يَدخلَ حَضْرة الله ، وهو لم يَتَطهرْ من جَنابَةِ غَفَلاتِه ؟
أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار ، وهو لم يتب من هفواته ؟ “.
فحتى يُشرقُ قلبُ المُؤمِنِ بأنوار العُبوديةِ لله، ويَعمُر بِجَلالِ الأُنس بِمحبوبِه ومَوْلاه،
لا يَنبغي أن تَكون الأَكوانُ والأَغيارُ وبهرجُها مُنطبِعةَ ومُتَشرِبةً ذلك القلبَ؛
لأن هذا التّشرب لِزُخرُفِ الحياة الدنيا وتمكّنِها من قلبِ المُؤمِن يجعلُه مكبّلاً، فلا يستطيعُ إن يَرحلَ إلى حَضْرَة مَولاه..
لذلك كانت العُزلةُ هي خَيرُ مُعينٍ للمؤمنِ على أن يَتَطَهر مما عَلق بنفسِه من أدْرانِ هذه الدنيا.. فَيَتَحَرّر من قيودِ شَهواتِه وحُظوظ نفسهش التي كبّلته.
.
ومن هنا تأتي أهمية العُزلة في تَجْلِيَةِ مِرآة القَلب وَتَنقِيَةِ الروحِ وتَزكِيةِ دواخلِ النّفس،
ولذلك قال ابن عَطاء الله : ” ما نَفعَ القلبَ شيءٌ مثل عزلةٍ يدخلُ بها مَيدانَ فكرة “
.
في هذه الكلمات لَخّص ابنُ عطاءِ الله نَظرَتَهُ للعُزلَةِ التي يحتاجُها الساّلِكُ إلى الله كَدَواء،
فالإنسان إذا ذاع صِيته و انتشرَ أمرُه واشتهَرَ ذِكرُه وأَحكمت الدنيا قبَضَتَها عليه،
كثرُت عَلائِقُ نفسِه، وَضاعَ كثيرٌ من وَقتِه بِسَببِ تلك العَلائق،
وإذا ضاع الوقت تَعذّرَ تَكميلُ النّفسِ علماً و عمَلاً و حالاً،
وعند ذلك تُصبحُ العُزلةُ مَطلَباً لِهذهِ النّفس حتى تَتَخلّص من تلك العَلائق؛
لأن الإنسانَ إذا خلا بنفسِه و جال بفكرِه في مَلَكوت الله، انعكَس ذلك في مرآةِ قلبه فَيَجلوا عنها الصّدأ،
و يَتَنَوّرُ بأنوارِ العبوديّةِ لله والتي يُعتَبر التفكّرُ أحد لوازمها .
.
فمادام الإنسانُ مُنغَمِساً في مُخالَطَةِ الأغيارْ، فإن لِذلِك تأثيراً على قَلبِه وانطِباعاً على نَفسِه
؛ لأن مُثيراتِ الشهوات تَتَعرضُ للإنسان في المُخالطة فتُعكِّر صَفاء نَفسِه، و تُفسدُ سكونَ روحِه،
لكنّ العزلةَ تقطَعُ كل ذلك، فعُزلةٌ فيها فِكرٌ وذكرٌ تساعدُ على جَلاءِ مِرآةِ القلب .
.
و مادام الإنسانُ في خُلطةٍ دائمةٍ فالهَفَواتُ تَغلِبُهُ، ويكونُ قلبُهُ أكثرَ عرضةً للغَفَلات،
وهذا يَحولُ بَينَهُ و بينَ استقبالِ الأنوار، فهمِِ دقائقِ الأسرار،
فإن القلبَ متى خَلى من الأغيار مَلأه ُالله تعالى بالمَعارفِ و الأسرار،
فَبِالعزلةِ يَسلمُ من الأغيار، و بالفِكرَة يَسْتَجلي الأنوار، وكلُّ عزلةٍ لا تَصحبُها فِكرةٌ فإلى المَحقِ مآلُها،
فالعزلةُ منزلُ الفكرة .
.
و لله در القائل :
عِشْ خاملَ الذكرِ بين الناس وارضَ به ** فذاك أسلَمُ في الدنيا وفي الدينِ
من عاشَرَ الناسَ لم تَسلمْ ديانَتُهُ ** و لم يَزَل بين تَحريكٍ و تَسكينِ
.
تحياتي
.
بوسند
من عاشَرَ الناسَ لم تَسلمْ ديانَتُهُ ** و لم يَزَل بين تَحريكٍ و تَسكينِ
.
تحياتي
.
بوسند
منقول من مدونة الاخ العزيز بو سند
جزاك الله خيرا ونفع بما نقلت
الموضع جميل جدا وكلنا بحاجة
ماسة اليه مع الاخذ بعين الاعتبار
ان الحكمة ضالة المؤمن انى وجدها
فهو اولى بها خط رجعة حتى لا يقال
حدساوي صوفي وهناك بعض الالفاظ
الغيبة الغير مأثورة عن نبينا اتمنى ان نحملها
المحمل الحسن ولا مشاحاة في الاصطلاح
ان فهمنا الغاية والهدف ..نفعنا الله وسددنا واياكم احبتي :وردة: