موسى كوسا متعهد دبلوماسية الجماهيرية ... تاريخ لم تصنعه صدفة .. و علاقتة بالأمير بندر

assadeg78

عضو
موسى كوسا متعهد دبلوماسية الجماهيرية الليبية ... تاريخ لم تصنعه صدفة

طاردوه ففاوضوه فوثقوا به وصار رجل الخيمة الثاني... ثم فتش عن بندر



بقلم: نصر المجالي (موقع ارام - 13-3-2009)

mosa-kosa03.jpg

وزير خارجية ليبيا الجديد
رئيس جهاز الاستخبارات الخارجي السابق
العقيد موسى كوسا


حقيبة الخارجية من يد عبدالرحمن شلقم، إلى يد موسى كوسا، وهكذا فإن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي يضع رجل الخيمة الثاني ودينامو الاستخبارات في الواجهة الدبلوماسية العلنية. ولقد ظل كوسا لسنوات الست الماضية هو الرجل القوي في عصب القرار الليبي دون منازع رغم أن 'اللمعان' منح داخليا وخارجيا للمهندس سيف الإسلام نجل القذافي، مع عدم إنكار الدور القوي لهذا الأخير.



مرات كثيرة غضب فيها العقيد من عبدالرحمن شلقم الذي هو الآخر صاحب باع طويل في العلاقات الخارجية، ورغم غضبه، فإن هدوء شلقم كان دائما يدفع العقيد للمبادرة للصفح عنه ومنحه المزيد من الصلاحيات في اطارها الدبلوماسي الموجه من جانب العقيد شخصيا.



لقد ظل عبدالرحمن شلقم على الدوام وفيّاً لقائده، وكما قيل باللهجة المصرية 'يمشي ع العجين ما يلخبطوش' وظل 'دافىء اللسان' حتى مع مناهضي العقيد من العرب أو من العالم الخارجي. وكان عازفاً عن التشويش الإعلامي والتصعيد بشكل يثير الآخرين، وبهدوئه هذا كان يحمي ما يجري طبخه على نيران هادئة ومن وراء ستار بشكل مشترك بين سيف الاسلام وموسى كوسا وبتوجيه مباشر من 'الوالد القائد'.


mosa-kosa.jpg

العقيد موسي كوسا ( أرشيف )



مارس موسى كوسا دورا دبلوماسياً مثيراً في مطلع ثمانينيات القرن الفائت حين كان سفيرا في لندن 'تحت مسمى رئيس المكتب الشعبي' إلى أن تم طرده من جانب حكومة لندن بعد حادث السفارة الليبية والصدام مع الشرطة البريطانية، هو وعبدالله السنوسي ابن عم العقيد، وظل الاثنان مطاردان للغرب بتهم الإرهاب، ومطاردة المعارضين وتصفيتهم عبر دماء وسموم.



شيم البدو



موسى كوسا، مثل قائده العقيد، بدوي الأصول، من عائلة معروفة في طرابلس وعُرف عنه انه رغم 'الجاه القبلي والعز الذي وجده في خيمة العقيد' لا يحب الظهور ولا 'البهرجة والتلميع' حتى ان صوره في كل ارشيفات الارض تاد تكون معدودة وقديمة ايضا. لقد فهم موسى كوسا درسه جيدا ممن سبقوا في الجهاز الاستخباري الليبي. لقد قتلتهم البهرجة وذهبوا ضحية لها، والعبرة لمن اعتبر، فحافظ موسى كوسا على كبريائه البدوي ولم يخرج على وشم القبيلة وبقي مؤتمنا في حضن شيخ القبيلة، ولم يعض اليد التي امتدت اليه، وهذه من شيم البدو.



ظلت المعارضة الليبية وأجهزة الاستخبارات الغربية تتهم موسى كوسا بالارهاب والتصقت به تهمة تصفية المعارضين في الخارج، وهو ملف تعرفه الاستخبارات البريطانية جيدا بشكل خاص، فموسى كوسا اثار الرعب في قلب هذا الجهاز القوي في تحديه له باقتناص معارضي العقيد جهارا نهارا في شوارع لندن وبوسائل شتى.



وظلت الاستخبارات الغربية ـ البريطانية والأميركية والفرنسيةـ تتهم 'الجنرال' موسى كوسا بتدبير عدة عمليات ارهابية، لعل اقلها تفجير طائرة بان اميركان 1993 التي حملت اسم حادثة لوكربي، ومن قبلها تفجير مقهى برلين 1986، وهو كان أحد المطلوبين للتحقيق لدى المحقق الفرنسي في قضية تفجير الطائرة الفرنسية فوق النيجر عام 1989. وظل الجنرال مطاردا لتلك الاجهزة، ومحظور عليه دخول الكثير من العواصم. على انها دخل بعضها باسماء وهويات عديدة ومختلفة.



الرجل الغامض



يكاد العالم لا يعرف الكثير عن موسى كوسا، خصوصا لجهة انه الرجل الغامض الذي نفذ أخطر قرار في تاريخ الجماهيرية منذ ثورة الفاتح من سبتمبر 1969 ، كان الجنرال هو الشخص الذي اتصل بجهاز الاستخبارات البريطاني العام 2003 مفجرا قنبلة مدوية في تاريخ الصدام بين طرابلس وعواصم الغرب وتحديدا لندن وواشنطن. لكن اسمه ورد لعديد من المرات وفي كثير من الصفحات في مذكرات جورج تينيت رئيس سي آي إيه الأسبق.



وحيث اعطي الدور في وسائل الإعلام لسيف الإسلام القذافي، في تفجير قنبلة الاتصال، فإنه مثل هذا الدور بحد ذاته يعطي موسى كوسا ميزة أخرى، فلم يحاول الظهور امام الناس بأن شيئا انجزه وسحب البساط منه عنوة من جانب سيف الإسلام. لا بل انه ساهم هو شخصيا بإضفاء صفة الانفتاح ورجل الإصلاح على ابن 'الوالد القائد وسيد الخيمة وشيخها' ما دامت النتائج تصب بإيجابية في صالح الجماهيرية وقيادتها وشعبها، وكان الرجلان سوية على قدر كبير من المسؤولية وعملا كثنائي مريح بشكل مثير وتبادلا أدوارهما بإتقان وتعاضدا بنجاح مرموق.



خلال الفترة الممتدة من 2003 بعد اول اتصال مع جهاز الاستخبارات البريطاني ومن ثم الجلسات السرية الكثيرة التي لا تحصى مع قادة جهاز الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي إيه) الى حين صعود نجمه كوزير للخارجية، ظل موسى كوسا يعمل من وراء ستار، فهو حين اسقط حروبه مع أجهزة الاستخبارات العربية 'الشقيقة' وتحالف مع أجهزة استخبارات غربية 'عدوة' فإنه حقق قصب السبق لناحيتين: ان يكون مصدر ثقة القائد ليصبح الوحيد الذي يقتحم الخيمة ويقول كلمته بصراحة ويستمع لها عميد الخيمة. وثانيها ان النظراء صاروا يثقون هو أيضا بكلمة الرجل، فهو إن قال فعَل، وفعل مثل هذا كان ممهورا بتوقيع 'الوالد القائد' ومستنداً إلى 'شيك على بياض' من الثقة التامة.



فموسى كوسا هو الحلقة الأصعب والأقدر التي استطاعت تجسير الهوة بين العقيد والغرب وخاصة قادة الاستخبارات الذين ظلت وجهتهم طرابلس على مدى السنوات الست الماضية، حتى ثبت لديهم بما لا يدع مجالا للشك ان موسى كوسا كان صادقا في كل ما كان ينقله اليهم من قرارات وتقارير عن نيات العقيد المستقبلية نحو الانفتاح والتصالح مع الآخرين.



فتش عن الأمير بندر



الثقة لم تكن تتجسد وتتأصل وتلبس ثوبا زاهيا لولا أن دخل على الخط الساخن رجل المغامرات المثير والدبلوماسي المحنك ومكوك الاتصالات وسفير ربع قرن بالتمام والكمال في البيت الأبيض الأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز، فبحضوره اللافت واعتماده لأوراق اعتماد موسى كوسا كرجل موثوق يمكن التعامل معه، اكتمل العقد، ومن بعد ان عجم الأمير السعودي الموثوق عند بيل كلينتون ومن بعده ومن قبله لدى آل بوش، عود موسى كوسا أبلغ محادثيه في أكتوبر/ تشرين الأول العام 2001 من رجال الاستخبارات الاميركية في بيته الفخم في حي ريجنت بارك في قلب لندن. بصدق نيات الجماهيرية، لقد كان لقاء مثيرا وكان موسى كوسا حاضرا ومنتزعا إعجاب الأمير ومن حضر من 'الغرباء'.



الغريب وقتها، لم يكن الاّ بن بونك رجل الاستخبارات الاميركي العريق، وتلميذ ذات الجامعة التي تخرج منها موسى كوسا وهي جامعة ميتشغين، التي حمل منها درجة الماجستير في علم الاجتماع العام 1973 برسالة عنوانها 'معمر القذافي'، بينما تخرج بونك بعده بثلاث سنوات وعمل في سلك الاستخبارات وظل لعشرين عاما يجول العالم في مهماته وخصوصا العالم العربي.



لقاءات سابقة امتدت منذ 1998 وفي عهد ادارة الرئيس بيل كلينتون واستمرت في عهد بوش الابن، وكان العنصر الفاعل فيها فيها الأمير بندر، وكان قمتها اللقاء الأشهر الذي تم في منزل الأمير بندر في جدة حين زاره مدير سي آي إيه جورج تينيت ومعه نائبه لشؤون الاستخبارات ماكلولين الذي قال عن منزل الأمير إنه يشبه 'عالم ديزني' حيث كانت القرود تقفز في أرجائه وشاشات تلفزيون عملاقة في كل مكان. وحينها، أبلغ الأمير بندر الى ضيفيه أنه قام بمحادثة القذافي أخيرا وقال: «أعتقد أنه يريد التحدث(...) فالرجل تعب من وحدته!». بعدها تأكد للأميركيين أن الأمير بندر كان صادقا ومحقا في ما نقله عن موقف القذافي، الأمير بندر معروف عنه أيضا أنه عندما يقوم بعمل فهو ينجزه، ويقوم باستمرار ببناء علاقات تساهم بقوة في نجاحاته المستمرة.



لم يكن الأمير بندر يغامر كثيرا بسمعته لولا انه تاكد من ان العقيد القذافي صادقا في توجهه نحو انفتاح مع الغرب ابتداء من واشنطن، فزار الأمير طرابلس لمرات عديدة لمزيد من تأكيد عزم العقيد على نواياه، فلقد جرب الأمير وساطات فاشلة من قبل مع زعماء عرب ركبوا رؤوسهم فدفعوا حياتهم وحياة شعوبهم ثمنا لأخطائهم. ولعل صدام حسين المثال الأبلغ.



ففي نهاية 1998 وصل موسى كوسا إلى جنيف حيث قابل بونك، وما بدا واضحا لبونك في حينه هو أن الليبيين تعبوا من استبعادهم المستمر من المجتمع الدولي ولم يعد في إمكانهم إرسال أولادهم «المدللين» الى الجامعات الأميركية وأخذوا يختنقون تحت وطأة العقوبات التي كانت تحد من كل شيء من البضائع المعتادة إلى قطع غيار معامل التكرير والتي تحول معظمها إلى خردة.



ظلت الاتصالات قائمة مع الجانب الأميركي، وجاءت هجمات سبتمبر 2001 وبعدها بشهر واحد وبعد 21 عاما من طرده من بريطانيا حلّ موسى كوسا في مطار هيثرو في لندن حيث كان في استقباله وفد من كبار المسؤولين من ديبلوماسيين ورجال مخابرات من بريطانيا والولايات المتحدة. كان موسى يحمل ملفات كاملة تحوي أسماء وأماكن إرهابيين إسلاميين في أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط.



من هناك انطلق الحشد الاستخباري الى منزل الامير بندر وكان اللقاء الذي ذكرناه وكان في اللقاء متفجرات من المصارحة وكشف الأسرار، وهي كانت الكنز الثمين لكلا المتحاورين، فالولايات المتحدة استفادت من خير ملفات موسى كوسا وفككت شبكات ارهابية كثيرة في باكستان وغيرها، وموسى كوسا حقق قصب السبق بعلاقات وطيدة وموثوقة مع اطراف اقوياء، والوسيط كان قويا سواء بسواء، فالأمير بندر لا يتراجع كما هو معهود فيه ومعروف عنه.



ملفات حلفاء الأمس


lebia.jpg

العقيد موسي كوسا مع وزير الخارجية الكويتي



مسيرة الثقة تعالت فصولا بتلك الملفات الرهيبة التي سلمها 'الرجل الرهيب' موسى كوسا للنظراء الغربيين عن عشرات من المنظمات والجبهات التي تعادي الغرب وكانت تجد في طرابلس مأواها ومظلتها، حتى تخلت عنها فمصلحة الجماهيرية أولاً وثانياً وثالثاً .. إلخ. لقد كانت علاقات تلك المنظمات المنشقة على بلدانها مصلحية لا أكثر ولا أقل، فقد كان زعماؤها 'يقسمون باسم العقيد ويهتفون به ليل نهار وهم في طرابس ضيوفاً معززين مكرمين'، ويشتمونه بـ 'المليان' حين يغادرون بمكاسبهم التي احرزوها من كرم الضيافة البدوي الذي اعتاده شيخ القبيلة وعميد الخيمة. والأهم هو الإعلان عن استعداد لكشف ليبيا عن خطتها في برنامجها النووي والتخلي عنه، هذا البرنامج الضخم الذي كان مفتاح سرّه بيد العالم النووي الباكستاني عبد القدير الذي دفع ثمنا لذلك لاحقاً قبل الإفراج عنه قبل أسابيع .


ومن نجاحات موسى كوسا، أيضاً، إدارته لملف المفاوضات السرية بين طرابلس وبلغاريا في شأن الفريق الطبي الذي اتهم بحقن مئات من أطفال مستشفى بنغازي بدماء ملوّثة بمرض الإيدز. هذا فضلا لملف العلاقات البريطانية ـ الليبية، والعلاقات الليبية ـ الأميركية، وكذا الحال مع أجهزة استخبارات عربية صارت تتوالى في تبرئة العقيد مما كان لديها من ملات اتهامية، حتى صارت العلاقات الليبية مع الجوار العربي 'أشهى من العسل على القلب'ن إلا ملف الإمام المختفي موسى الصدر، حيث لا زالت جهات شيعية لبنانية وإيرانية تتهم أجهزة العقيد بإخفائه أو أنه تمت تصفيته على يديها، رغم كل بيانات النفي الليبية التي تؤكد مغادرة الإمام 'الغائب' إلى روما.



وأخيرا، لولا دور لرجل مثل موسى كوسا، لما كانت خيمة العقيد قبالة الساحل الطرابلسي مرحب بها في ميادين عواصم غربية مثل باريس وروما وموسكو وعواصم عربية 'شقيقة عدوة'، ولولا دور موسى كوسا حامل همّ دبلوماسية العقيد الخارجية علانية الآن، لما كانت خيمة القائد كعبة زعماء الغرب ابتداء من توني بلير مرورا ببرلسكوني وكونداليزا رايس التي ختمت عهد بوش بزيارتها كطموح وحلم وصولا الى سيد الاليزيه نيكولاي ساركوزي وعشرات من امثالهم من قيادات الصف الثاني وآخرين من قيادات الصف الأول العربي.



موقع ارام

http://www.aaramnews.com/website/55860NewsArticle.html


 
أعلى