التضاريس تهزم الجيوش
مقال مترجم روسي للعربي يستعرض أهمية الجغرافيا في المعارك يناقش ميدان عمليات الظاهر اليمنية – الحرث مسرح عمليات الصراع بين الحوثيين و السعوديين ، المقال بعنوان : التضاريس تهزم الجيوش
العقيد أوليغ أخرشوف ، مدير مشاريع الصور الفضائية والخرائط في سربيك
------------------------------
تلعب طبيعة سطح الارض دوراً هاماً في المعارك البرية فالأرض و المناخ والطقس لها دورا هاما في عملية الأكتساح و الحسم العسكري، إذ يتحتم على القيادة تخطيط العمليات بما يناسب الأوضاع الطبيعية. فمن الأهمية معرفة وتحديد موقع المعركة و الزمان ، يتطلب الأمر عدداً من الأشياء لذلك .
قد يحدث تغيير غير متوقع يجب التعامل معها وفق مستجدان مسرح العمليات.
لقد ساهمت الدراسات المسبقة عن ميدان القتال في إقامة المعسكرات المؤقتة من قبل سلاح المهندسين و أختير أصلح المناطق لعمل الخنادق والملاجئ و شق ومد الطرق وبناء الجسور والكباري واختيار أفضل المواقع لبناء المهابط و اختيار أفضل المناطق لحفر الآبار من أجل الحصول على المياه الجوفية.
كذلك عملية التخطيط للهجوم يتطلب التعرف على الطرق السهلة التي يستطيع أن يسلكها الجنود . بالإضافة للأستفادة من التضاريس لتكون مصدات و خنادق و استحكامات طبيعية للدفاع و تحاشي نيران العدو.
تكمن أهمية التضاريس خلال المعارك الحربية هي مسلمة بديهية عند كل قائد عسكري ناجح لابد له من الاستفادة من الاشكال التضاريسية الاستراتيجية في الدفاع والهجوم لإنجاح العمليات الحربية و اجتياز العوائق الجبلية . ومن الفروض العسكرية أن تعرف عن المنطقة للعدو المفترض أو المحتمل تفاضيل أبتدا باعداد لخرائط التضاريس والصور الجوية والمعلومات المناخية للمنطقة وطبيعة المنطقة والارض المستعملة والنباتات الموجودة بالمنطقة.
إن للتضاريس أهمية كبيرة في تحديد مصير المعارك حيث تلجأ الجيوش لاقامة مناورات في أراض مختلفة التضاريس وذلك كتجربة لدراسة مدى النتائج وتطبيقها مستقبلا في المعارك الحربية. وللسرعة أهمية عظيمة في الحرب فالقائد عادة لا يستطيع أن ينتظر ليتفحص ثم ينفذ ولذلك فان تصنيف تضاريس منطقة إذا أُعدّ مسبقاً يمكن القائد من الحصول على معلومات في وقت قليل نسبياً وكل هذا يتطلب نوعاً من المعرفة في تفسير خرائط تضاريس المنطقة.
أخيرا رغم أهمية التدريب الجيد والقيادة الناجحة وتفوق الأسلحة و العقيدة القتالية في كسب المعارك، إلاّ أن الجغرافيا لها تأثير كبير على النتيجة الحاسمة للحرب. فينبغي على القادة أن يضعوا نصب أعينهم العوامل الطبيعية التي تحدد نتائج المعارك، ولعل من أهم تلك العوامل القيود التي يفرضها عاملا الوقت والمكان، والاعتبارات الجغرافية الثابتة المتمثلة في الأرض والطقس والمناخ.
أهمية معرفة ميدان المعركة للتالي:
1- امكانية القدرة على اجتياز وعبور الأراضي بالسيارات والآليات (الدبابات والناقلات وغيرها من الآليات الثقيلة) والمشاة بحيث يتم الابتعاد عن الطرق والمسالك الصعبة والخطرة التي تعيق تحرك القوات بصورة حسنة خلال المعركة فيجب قياس مدى سرعة خطوات الجندي فوق الأراضي على أنواعها و سرعة السيارات والآليات الثقيلة في الصحراء الاراضي الجبلية والمنخفضة والسهلية .
2- اختيار أفضل المناطق لانزال رجال القوات الخاصة (المظليين) مع مستلزماتهم من الأسلحة والطعام بحيث يتم اختيار المكان المناسب ليصل المظلي سليماً وتوفر له ظروف هجومية دفاعية ممتازة في وقت واحد. وإيجاد أشكال تضاريسية مناسبة عسكرياً ومن أمثلة ذلك: حفر الخنادق فالسهولة في حفر الخنادق مهمة جداً للقائد من أجل السرعة وذلك للاحتماء بالخنادق و تحديد الأراضي الصالحة لاقامة مخابيء سرية وملاجيء تحت الأرض.
3- بناء استحكامات عسكرية قوية للمدفعية ذات الرماية المستقيمة لأن الأمر يتطلب صلابة في الاساسات لمرابض المدافع . اختيار أسلحة معينة في كل معركة محتملة وذلك حتى تلائم ظروف أرض المعركة حيث يصنع كل قائد حساباته لمقدرة حركة الآليات والمشاة وسرعة كل مجموعة على طبيعة ونوعية الارض المحتمل قيام عليها المعركة .
4- اختيار المرتفعات الاستراتيجية لإقامة نقاط المراقبة الجوية والقلاع والحصون عند الممرات الطبيعية ومفارق الطرق فالمرتفعات منذ القدم ماتزال لها أهمية عسكرية استراتيجية كبيرة فالمرتفعات هي أماكن طبيعية محصنة وبالاضافة لذلك ففي الحرب يلجأ العسكريون بزيادة تحصينها .
خلاصة أوضاع الجغرافيا العسكرية في نقطة التماس الممتده لثلاثة كيلومترات:
أولا: أن ميزة أرتفاع محافظة الظاهر أبتداء من قرية الملاحيط إلى قمم جبال مران يبلغ ألفين و ثمانمئة متر هذا ما أوقع تحركات القوات السعودية تحت أنظار الراصد الحوثي و بتالى كشف كل التحركات الحربية و مكنه من السيطرة و التحكم في رتم العمليات الحربية – العسكرية – المخابراتية -
ثانيا: تلعب الوديان الكثيرة في المنطقة دور الخنادق الطولية المحصنة حيث التحرك الآمن و الكمون والرصد و المبادئة.
ثالثا: انخفاض سهل الحرث بجبال متباعده يبلغ أعلى قمة لها جبل دخان بستة مائة متر مقابل أرتفاع يبلغ ألفين و ثمانمئة متر لجبال الظاهر المطلة على السهل قد حدد ميدان المعركة داخل الأراضي السعودية.
رابعا: التضاريس صديقة للحوثيين أو بعبارة أدق لمن يعيش عليها فالمقاتل الحوثي لا يحتاج لخارطة طريق و لا لتجهيزات مكلفة . بينما الجندي السعودي يحتاج لبعض الوقت للتعرف على الأرض و التأقلم على وعورة الأرض .
خامسا: المناخ معتدل صيفا على الظاهر حار في الحرث مع صيف طويل و الشتاء بارد في الظاهر معتدل في الحرث مع شتاء قصير و هذا يميل لمصلحة الحوثيين دون الدخول في ملابس الحوثي و الجندي السعودي.
سادسا: نجاح أي قوة في منطقة ما ، هي بجمع المعلومات عن مسببات الأمراض، والعوامل المؤثرة على أداء الجندي في ميدان المعركة كالأمراض المعدية المنتشرة ، والبيئة، والمناخ، والتضاريس، والحشرات، والقوارض، والحيوانات المفترسة بالمنطقة فقد أنتشر في منطقة الحرث حمى الوادي المتصدع قبل فترة و لا يوجد لخمسين ألف مواطن سوى ستة مراكز صحية فقط و مستشفى صغير بسعة خمسين سرير تحت الإنشاء و هذا يعطي دلالة بأن القوات تحتاج لطائرات رش المبيدات و المحافظة على صحة الجنود قبل الدخول في أي مواجهات.
سابعا: المقاتل الحوثي بسيط لا يمتلك سوى ملابسه و البندقية و قليل من الأكل ، مع ذلك في صعوده للجبال أو هبوطه لا يشعر بفرق الجهد بفضل طبيعة التربية و النشأة ، بينما الجندي السعودي بطبيعته مترف لا يجيد صعود الجبال فضلا القتال فيها كمنظومة قتالية.
حرب استنزاف
تكتيك حرب العصابات يتيح لقوات الحوثي التحكم بسير القتال وإرغام القوات الحكومية على القتال في المناطق التي تناسبهم وتضاعف من قدراتهم لمعرفتهم الدقيقة بكل مساحات مسرح القتال الذي يساعدهم على نصب الكمائن والتطويق مستخدمين تضاريس الأرض والتنكر للتمويه، والوصول إلى الأهداف بسرية تحقق مبدأ المفاجأة.
-----------------------------
منقول