احمد الدوسري
عضو مميز
1-قال تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} (النساء 56). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: في (محنة ابن تيمية ص1، بواسطة فقه النوازل للعلامة بكر أبي زيد 1/58) والله سبحانه قد أمر في كتابه عند التنازع بالرد إلى الله والرسول، ولم يأمر عند التنازع إلى شيء معين أصلاً .
2-{وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم} (الأحقاف 11)؛ قال الإمام ابن كثير معلقاً: في (تفسير ابن كثير 7/278) وأما أهل السنة والجماعة؛ فيقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة: هو بدعة؛ لأنه لو كان خيراً؛ لسبقونا إليه؛ لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها ) افإن قال قائل: إن السلف لم يتكلموا بهذه المقولة، لكنهم سكتوا عنها، وسكوتهم لا يدل على خطإ هذا القول!قلت: إن الأدلة التي ذكرناها عنهم تنقض هذه القاعدة، ولو قدر أنهم سكتوا عن هذه المقالة، فلا يخلو الأمر من حالتين: الأولى: أن يكونوا سكتوا عن ذلك وهو عالمون به، فيسعنا السكوت عما سكتوا عنه. الثانية: أن يكونوا سكتوا عن ذلك وهم غير عالمين به، فيسعنا أن لا نعلم مالم يعلموه. (الحجة في بيان المحجة 1/100) قال أبو حامد الغزالي في شأن مالم يؤثر من الألفاظ والأقوال: (نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة 1/81) ما سكت عنه الصحابة مع أنهم أعرف بالحقائق، وأفصح بترتيب الألفاظ من غيرهم إلا لعلمهم بما يتولد منه من الشر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: في (مجموع الفتاوى 12/466-467) وقسم آخر: أقوام لا يعرفون اعتقاد أهل السنة والجماعة كما يجب، أو يعرفون بعضه، ويجهلون بعضه، وما عرفوه منه قد يكتمونه، ولا يبينونه للناس، ولا ينهون عن البدع، ولا يذمون أهل البدع، ويعاقبونهم، بل لعلهم يذمون الكلام في السنة وأصول الدين مطلقاً، وقد لا يفرقون بين ما يقوله أهل السنة والجماعة، وما يقوله أهل البدعة والفرقة، أو يقرون الجميع على مذاهبهم المختلفة، كما يقر المرجئة، وبعض المتفقهة، والمتصوفة والمتفلسفة .
3-قال شيخ الإسلام ابن تيمية: في (الرسالة التدمرية ص194) وإنما يظهر من البدع أولاً ما كان أخف، وكلما ضعف من يقوم بنور النبوة قويت البدعة .
4-قال ابن القيم رحمه الله: في (التفسير القيم ص14-15) إن الطريق الموصل إلى الله واحد، وهو ما بعث به رسله، وأنزل به كتبه، ولا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق، ولو أتى الناس من كل طريق، واستفتحوا من كل باب، فالطرق عليهم مسدودة، والأبواب عليهم مغلقة، إلا من هذا الطريق الواحد؛ فإنه متصل بالله، موصل إلى الله .
5-قال الله تبارك وتعالى: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرينوأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغياً بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} (البقرة 213) قال القاسمي: في (محاسن التأويل 3/528) ثم ضلوا على علم بعد موت الرسل، فاختلفوا في الدين لاختلافهم في الكتاب، {واختلف فيه} أي: الكتاب الهادي الذي لا لبس فيه، المنزل لإزالة الاختلاف {إلا الذين أتوه} أي: علموه، فبدلوا نعمة الله، بأن أوقعوا الخلاف فيما أنزل لرفع الخلاف. ولم يكن اختلافهم لا لتباس عليهم من جهته؛ بل {من بعد ما جاءتهم البينات} أي: الدلائل الواضحة، {بغياً بينهم} أي: حسداً
6-وقال قوام السنة أبو القاسم الأصبهاني: في (الحجة في بيان المحجة 2/226) وكان السبب في اتفاق أهل الحديث، أنهم أخذوا الدين من الكتاب والسنة، وطريق النقل، فأورثهم الاتفاق والائتلآف، وأهل البدعة؛ أخذوا الدين من المقولات والآراء، فأورثهم الافتراق والاختلاف .
7-قال الشاطبي: في (الاعتصام 2/192) قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، فبين أن التأليف إنما يحصل عند الائتلآف على التعلق بمعنى واحد، وأما إذا تعلق كل شيعة بحبل غير ما تعلقت به الأخرى؛ فلا بد من التفرق، وهو معنى قوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} اهـ
8-سماحة الشيخ العلامة المفتي عبد العزيز بن باز
قال حفظه الله: في (مجموع الفتاوى 3/58-59) جمع د0 محمد الشويعرنعم؛ يجب ان نتعاون فيما اتفقنا عليه من نصر الحق، والدعوة إليه، والتحذير مما نهى الله عنه ورسوله، أما عذر بعضنا لبعض فيما اختلفنا فيه؛ فليس على إطلاقه، بل هو محل تفصيل؛ فما كان من مسائل الاجتهاد التي يخفى دليلها؛ فالواجب عدم الإنكار فيها من بعضنا على بعض، أما ما خالف النص من الكتاب والسنة؛ فالواجب الإنكار على من خالف النص بالحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، عملاً بقوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان} (المائدة 2)، وقوله سبحانه: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرونبالمعروف وينهون عن المنكر} (التوبة 17)، وقوله عز وجل: {ادع إلى سبيل رك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} (النحل 125)، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع؛ فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» ، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «من دل على خير، فله أجر فاعله» ، أخرجهما مسلم في صحيحه، والآيات والأحاديث في هذا كثيرة.
9-الشيخ العلامة محمد الصالح العثيمين
قال حفظه الله: في (الصحوة الإسلامية ضوابط وتوجيهات 1/218-219جمع علي أبو لوز) فقولهم: (نجتمع فيما اتفقنا فيه)؛ فهذا حق، وأما قولهم: (ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه)؛ فهذا فيه تفصيل: فما كان الاجتهاد فيه سائغاً؛ فإنه يعذر بعضنا بعضاً فيه، ولكن لا يجوز أن تختلف القلوب من أجل هذا الخلاف. وأما إن كان الاجتهاد غير سائغ؛ فإننا لا نعذر من خالف فيه، ويجب عليه أن يخضع للحق. فأول العبارة صحيح، وأما آخرها فيحتاج إلى تفصيل .
10-علامة الشام المحدث محمد ناصر الدين الألباني قال حفظه الله: منتقداً قائلي هذه (القاعدة!) : هم أول من يخالف هذه الفقرة، ونحن لا نشك بأن شطراً من هذه الكلمة صواب، وهو (نتعاون على ما اتفقنا عليه). الجملة الأولى هي طبعاً مقتبسة من قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}. أما الجملة الأخرى: (يعذر بعضنا بعضاً)؛ لا بد من تقييدها متى؟حينما نتناصح، ونقول لمن أخطأ: أخطأت، والدليل كذا وكذا، فإذا رأيناه ما اقتنع، ورأيناه مخلصاً، فندعه وشأنه، فنتعاون معه فيما اتفقنا عليه. أما إذا رأيناه عاند واستكبر وولى مدبراً، فحينئذ؛ لا تصح هذه العبارة ولا يعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه في (مجلة الفرقان الكويتيه عدد77 ص 22)
11-فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في التعاون مع الجماعات وهذا نص السؤال: في (فتوى رقم 18870 بتاريخ 11/6/1417هـ) بناءاً على قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان}، يقال: إنه يجب التعاون مع كل الجماعات الإسلامية، وإن كانت تختلف بينها في مناهج وطريق دعوتهم؛ فإن جماعة التبليغ طريق دعوتها غير طريق الإخوان المسلمين، أو حزب التحرير، أو جماعة الجهاد، أو السلفيين، فما هو الضابط لهذا التعاون؟وهل ينحصر مثلاً في المشركة في المؤتمرات والندوات؟وماذا عند توجيه الدعوة إلى غير المسلمين حيث يكون هناك التباس لدى المسلمين الجدد؟فإن كل جماعة من هذه الجماعات، سوف توجههم إلى مراكزها، وإلى علمائها؛ فيكونون في حيرة من أمرهم؟فكيف يمكن تفادي هذا الأمر؟
الجواب: الواجب التعاون مع الجماعة التي تسير على منهج الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة، في الدعوة إلى توحيد الله سبحانه، وإخلاص العبادة له، والتحذير من الشرك والبدع والمعاصي، ومناصحة الجماعات المخالفة لذلك فإن رجعت إلى الصواب؛ فإنه يتعاون معها، وإن استمرت على المخالفة؛ وجب الابتعاد عنها، والتزام الكتاب والسنة. والتعاون مع الجماعات الملتزمة لمنهج الكتاب والسنة، يكون في كل ما فيه من خير وبر وتقوى، من الندوات والمؤتمرات والدروس والمحاضرات، وكل ما فيه نفع للإسلام والمسلمين .