بعد صعود رئيس الوزراء للمنصة، وامتثاله لإرادة الأمة يجب أن نقيّم هذا الحدث وفق المعطيات الحقيقية، وليس كما يريد أن يصوره الإعلام ونواب الخنوع من أن الرئيس انتصر نصرا مؤزّرا.
يجب أن نُقرّ بأن الرئيس ما كان ليمتثل لإرادة الأمة في صعود المنصة لولا الإصرار والعناد الذي أبداه ممثلوا الأمة في ضرورة الامتثال للإرادة الشعبية، وفي ذلك عبرة عظيمة، وهي أنه بالإرادة الحرة والعزيمة الصادقة والإلحاح الشديد والإصرار الأكيد تنمحي كل الخطوط الحمراء التي يريدون فرضها على الناس، وبالتالي فإن النصر ليس لرئيس الوزراء، وإنما للإرادة الشعبية التي دفعته دفعا نحو المنصة وهو مكره.
بل إنني أذهب أبعد من ذلك، حيث أرى بأن صعود المنصة وإن كان انتصارا لإرادة الأمة، وإثراء للتجربة الديمقراطية إلا أنه يمثل هزيمة لرئيس الوزراء والنواب المرتمين في أحضانه، وذلك بدأً من طلب سرية الجلسة إلى الردود الهزيلة التي دافع فيها عن نفسه ودافع أولئك النواب عنها.
لقد مارست الحكومة ممثلة برئيس الوزراء، ووزير الدولة د.محمد البصيري نوعا من التدليس على الأمة عندما قام البصيري وطلب سرية الجلسة باعتبار أن مرافعة الرئيس ستتضمن أسماءً لرؤساء دول، فبالتالي يجب أن تكون سرية، لكن ما حصل هو أنه لم يتم ذكر أسم أي رئيس أو ذكر أي معلومة تستوجب السرية.
كان دفاع الرئيس في الجلسة مهزوزا حيث أنه تحدث مرتين، ولم تتجاوز مدة حديثه كلها 39 دقيقة، نصفها كان للحديث عن عدم دستورية الاستجواب!، وبالتالي فإن مجموع رده على محاور الاستجواب لم تتجاوز أكثر من 20 دقيقة بإجابات مكتوبة!!
حاول الرئيس التدليس أيضا في محور المصروفات عندما عرض (في مرافعته الثانية حتى لا يتمكن المسلم من الرد) كتاب ديوان المحاسبة الذي يشير إلى أن الديوان صرف المخصصات وفق الاعتمادات، في محاولة لتبرئة نفسه، علما بأن هذا الكتاب لا يبرئه؛ لأن الرئيس لم يُجب على المخالفات الرئيسية في تقرير الديوان والتي تتمثل في عدم وجود متعهدين أو الجهات التي اشترى منها،ولمن أُعطيت الهدايا، ولماذا أعطيت؟ وما هي مصلحة الكويت وشعباها من ذلك؟! وبهذه الطريقة اختزل الرئيس كل المخالفات الواردة في تقرير ديوان المحاسبة وتقرير ثامر..
أما في محور المصروفات فإن الرئيس حاول أيضا التمويه في حديثه عن الحالات الإنسانية التي يقدم لها المساعدة (مشكورا) .. متجاهلا نقطة الخلافة ومحل الشبهة المتمثلة في إعطاء شيك لنائب في فترة نيابته! فلماذا اللف والدوران يا ريّس؟!!
المصيبة العظمى عندما طلب النائب المسلم من الرئيس التعهد بعدم كتابة شيكات لنواب في المستقبل، فرفض الرئيس التعهد بذلك!! فهو يُصر على أنه سيستمر في هذا المنهج الذي رفضه أغلب النواب حتى أولئك الذين أعطه الثقة مسبقا!!
وهكذا انتهى الاستجواب بعدم إجابة الرئيس عن المخالفات في ديوانه والتي أثبتها ديوان المحاسبة وتقرير ثامر، وبعدم التعهد بكتاب شيكات للنواب الذي يراقبون عليه !!إذن عن أي انتصار يتحدثون؟!!
بعد ذلك يحق لنا أن نسأل النواب المرتمين في أحضان الرئيس مايلي:
هل تحققت المبرارات التي ذكرتها الحكومة في طلبها لسرية الجلسة والتي وافقتم عليها ؟!
هل يستحق الرئيس إعلان التعاون رغم أنه لم يُجب عن المخالفات التي أوردها تقرير ديوان المحاسبة وتقرير ثامر؟!
هل يستحق التسابق لإعلان الثقة به رغم أنه رفض التعهد بعدم تكرار فعلته الشنيعة المتمثلة في كتابة شيك لنائب.. والتي أنكرتموها ورفضتموها؟!!
إذن عن أي انتصار تتحدثون؟!!
تحياتي
بوسند