سعد بن عاقول
عضو فعال
المبالغة هي أنك أنت رئيس مجلس الأمة
لأنك لم تكن يوماً رئيساً للشعب، يشعر بما يشعرون به، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم، لأنك ببساطة لم تكن إلا رئيساً بأموالك ولإموالك فقط. من يشتري الكرسي بالمال الحرام لا يمكن أن يقف مواقف العز، ومن يسلم إرادة الأمة على طبق من حديدٍ صدء مثل تاريخه لا يمكن لأي عاقل أن يتوقع منه غير ذلك الموقف. سيد البرامكة السياسي نطق أخيراً بعد أن ملأ الخوف من السلطة قلبه فأخرس لسانه. سيد البرامكة نطق أخيراً بعد أن صام عن الكلام مثلما كان صائماً عن المواقف الوطنية. أفرحوا يا سادة، فسيد البرامكة لا يمكن أن يقبل التعسف في حق مواطن، مثلما قبله في السابق وصمت عنه في السابق، لأنه يبدو أن ضميره قد صحى على وقع طبول الحرب الأهلية.
يا وزير المالية السابق وأجبن سياسي أعتلى منصباً على وجه البسيطة، لست منا ولسنا منك، قلناها في السابق ونقولها اليوم وسنقولها حتى آخر يومٍ لك في هذه الدنيا الفانية. لست من هذا الشعب، فأنت مجرد ظاهرة من ظواهر هذا العهد الجديد البائس، وبركة مياةٍ عكرة ظهرت على سطح هذا الوطن في غفلة من الدستور والمنطق والعقل وكل علامات النفوس الأبية. ولست من هذه الأمة، فأنت نتاج لتلاقح غير شرعي بين سلطة المال الفاسد ومال السلطة الفاسدة. ولن تكون في يوم من الأيام من رجالات هذا البلد العظام، لأن العظمة أن تكون عظيماً في مواقفك، وانت أقل من أن تكون ذلك بكثير، فلست إلا عراباً ومثلاً أعلى لكل مفسد على هذه الأرض.
اليوم فقط نطقت يا سليل الدوحة البرمكية؟ اليوم فقط شعرت بأن هنالك حقوقٌ تنتهك؟ اليوم فقط وصل الإحساس إلى صميم جهازك العصبي وشعرت بأن هنالك أمر غير صحيح؟ هل جلدك بهذه السماكة حتى لا تنفذ منه المؤثرات إلا بعد أسبوع من الحدث؟ لا والله بل جلدك أسخف منك، وجهازك العصبي لا ينتفض ويتكهرب ويشعر بالخطر إلا إذا كان المهدد أحد أمرين، مالك ومنصبك. فأيهما الذي تهدد بإعتقال ذلك الخارج على القانون؟ مالك أم منصبك؟ أم كليهما؟
الصمت في بعض الأحيان أفضل من الكلام، ولكن في وضعك أنت يا وزير الحلول غير الدستورية ومخططها فإن الكلام أفضل بكثير، لأنه يكشف عن وجهك القناع الوطني الهادئ المتزن الذي تحاول أن تسوق لنفسك من خلاله، ليكتشف من لا يزال مخدوعاً بذلك الوجه الطفولي "المتدوده" أنه لا يمكن أن نطلب من العاهرة موعظة في قيم وأخلاق الشرفاء، ولا يمكن أن نبحث في أكوام القمامة عن لمسات لعطورٍ فرنسية، ولا يمكن أن نتوقع أن يقودنا أعمى إلى طريق الخلاص!
ثلاثة أعوام وأبناء الكويت بإختلاف فئاتهم يتعرضون لهجوم إعلامكم الفاسد، وأنت في غيبوبتك الكبرى، وثلاثة أعوام والشرفاء من أبناء الكويت يعتقلون من الشوارع والمنازل ومقرات العمل، وأنت في غيبوبتك الكبرى، واليوم فقط صحوت من هذه الغيبوبة؟ أين كنت عندما أعتقلوا بشار الصايغ وزميله؟ وأين كنت عندما أعتقلوا خالد الطاحوس وبورمية؟ وأين كنت عندما أعتقلوا خليفة الخرافي والإعلامي بداح الهاجري؟ هل كان ضميرك في مغلسة الأموات؟ أم كنت تحسب المواقف بمدى مطابقتها لمصلحتك؟
كل الشرفاء يعلمون من يقف وراء الإعلام الفاسد، وكل الشرفاء يعلمون من يقف وراءك، وكل الشرفاء يعلمون أن لك وللإعلام الفاسد قاسم مشترك، وأن انتفاضتك عن ممزقي الوحدة الوطنية ليست إلا دفاعاً عن ذلك القاسم المشترك، وخوفاً منه. لا تتحجج بالتعسف وأنت أول من تعسف بإخراج الجمهور من قاعة عبدالله السالم، ولا تتحجج بالقوانين وأنت من ينتهكها سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً، ولا تتحجج بالمبادئ فأنت والمبادئ لا يمكن أن تجتمعان في سطرٍ واحد.
تحدث عن مصالحك وسنسمعك وسنقف لنصفق لك طويلاً ليس لأن ما تقوله وافق هوانا ومشاعرنا الوطنية، ولكن لأنك ولأول مرة في تاريخك السياسي الأسود ستكون متحدثاً من قلبك إلينا وستكون صادقاً معنا وسنعتبر ذلك تطوراً في كينونتك الآدمية. تحدث عن مشاريعك وتحدث عن خوفك على مستقبل أجيالك، وتحدث عن خوفك على منصبك وكرسيك ولكن إياك إياك أن تتحدث عن الخوف على مستقبل أجيالنا ومصالحنا وحقوقنا، فأنت أحد من سيخلدهم التاريخ بحروف من تبن وسيضع حول قبرك أكاليل العار كمشارك رئيسي و فاعل في سلب إرادة الأمة ونهب مصالحها وحقوقها. إياك أن تتحدث عنا وعن همومنا وآلامنا وتطلعاتنا، بل تحدث عن نفسك وعن عائلتك وهمومك وهمومها وآلامك وآلامها وتطلعاتك وتطلعاتها، لأنك بالنسبة لنا خارج ضميرنا الوطني ولست في نظرنا بأفضل من علاء الدين حسين بل أقل في المنزلة الوطنية وأعظم في التدمير.
يا وزير الحلول غير الدستورية، المبالغة لم تكن في إجراءات الداخلية، ولا في تعسفها كما تعتقد، ولا في ردة فعل زملاءك النواب كما تعتقد، ولا في ردات فعل الشعوب الغاضبة، بل في كونك رئيساً لمجلس يمثل الأمة. أنت وين والأمة وين؟ يا رئيس استاد جابر ورئيس محطات الصرف الصحي ورئيس صفقة زين الهندية ورئيس كل فساد سياسي واقتصادي في الكويت، المبالغة في كونك تتحدث بأسم الأمة وعن الأمة. تلك هي المبالغة، وتلك هي الطامة الكبرى.
كتبه سعد بن عاقول