5 سنوات مضت .. بنفس الطعم لم يتغيّر منذ الليلة الأولى بعد معركة اسطنبول الحزينة , لم
يتغيّر أي شيء .. المرارة - القسوة - الصدمة - الحزن , كل ما كان لنا في لحظة ضاع بقسوة
متوقعة من كرة القدم .. لست هنا أشرح ما حصل أو أبينه لكن عادت بي الذكرى إلى تلك الليلة
وأنا أفكر في تقصير كرة القدم للعمر .. فالسنة في عرف المشجعين سريعة جداً تنقسم بين
موسم بـ 9 أشهر وميركاتو صيفي بـ 3 أشهر وتأتي السنة الجديدة لتركل السنة القديمة إلى
التاريخ ..
من يعرف ما حصل في مباراة ميلان × ليفربول 2005 يعلم كم هي مميزة تلك المباراة ..
رافائيل بينيتز مدرب الليفربول في تلك الليلة قال إنها لا تكرر إلا كل 100 سنة , كل ذلك لا يهم
فأنا أتذكر ما حصل بعد المباراة وكأنه للتوّ يحصل معي !
أعود مجتراً الخطى ببطىء شديد إلى المنزل .. لا أصدق أن مجهود الـ 9 أشهر التي بذلت
تضيع في 6 دقائق فقد كل من أحب في الميلان تركيزه فيها .. أفتح الباب والأب مستلقي أمام
الأخبار مرحباً بي بعبارة " جابك الله .. تعال يابوي دلّك راسي " اللعنة ! , هل معالم الحزن
والصدمة غير واضحةً علي ؟ .. " أرجف " الباب غضباً محاولاً استعطافه لسؤالي عن حالي لكن
لا جدوى .. أقف لكي أعلمه بالصدمة التي حدثت وكيف ضاع الفوز من 3-0 إلى تعادل 3-3
ثم خسارة بالضربات الترجيحية !
لم يبالي الأب في كل هذا ليحاول إغلاق الموضوع سريعاً بقوله " ما عليه تعوضونها المباراة
الجاية " فتأتي الإجابة سريعاً " بس هذا النهائي يعني انتهى الموسم " , صَمتَ لثوان ضاغطاً
على الريموت كنترول رافعاً للصوت منتبهاً للخبر العاجل الذي يذاع , أحاول التنفيس عن الحزن
بشرح ما حصل في المباراة المجنونة " تصدق يا يبه ... " قاطعني وهو يعقد حاجبيه غضباً عن
اهتمامي الزائد بالمباراة قائلاً " يابوك ما ودك أصكك بالريموت على راسك ؟ "
لم أنتبه في خضم المشاعر التي تخالجني أن خالي يجلس معنا لكن محاولاً لعب دور
المهتم بالسياسة مجاراةً لأبي يتصفح الجريدة .. " يا خال الجريدة هذي مالت قبل أمس " لم
يرد على استحقاري من منظره الشنيع في لبس الدور الغير مناسب له فلم أجد غيره أفضفض
له عن كابوس اسطنبول الذي انتهى بضياع البطولة الحلم ..
" تصدق 120 دقيقة وكنا الأقرب لكن ضاع كل شيء " نطقت بهذه الكلمات كـ افتتاحية لما أود
قوله لكنه أجاب متميصلاً * " عساك منتب تركض معاهم وانا خالك خخخخ " لم أعطي تلك
النكتة السامجة أي اعتبار فالموقف ليس مناسباً لإستجداء الضحك كناية عن حماسه الشديد
في لعن وشتم الولايات المتحدة تجاه افغانستان وهو يقرأ " الإقــتصادية " !
مضت تلك الليلة منذ 5 سنوات .. لكنها لم تنتهي إلى اليوم
* متميصلاً : محاولاً استخفاف دمه