“يجب أن تكون السلطة الشرعية هي السلطة الفعلية
لا أن تكون السلطة الفعلية هي السلطة الشرعية“
عبد الرزاق السنهوري
في الجلسة التاريخية التي تم فيها استجواب رئيس الوزراء، وبينما كان الكثير من أبناء هذا البلد يفتخر بتلك الممارسة التي ترسخ مبدأ سيادة القانون وانتصار النصوص الدستورية على كافة الخطوط الحمراءالزائفة التي يريد البعض يقيّد الأمة وممثليها والدستور بها، في تلك الجلسة تكلم النائب مخلد العازمي معارضا للاستجواب، ومؤيدا لرئيس الوزراء، وقد نُقل عن النائب قوله في تلك الجلسة ” اشلون يكون شيخ ما يدفع فلوس؟! ” وذلك في سياق دفاعه عن اصدار رئيس الوزراء شيك لأحد النواب، فهذا النائب المحترم يرى أن دفع رئيس الوزراء أموالا لممثلي الأمة أمرا طبيعيا، لأن هذا التصرف
ينسجم مع مستلزمات الشِيخة!!
في ذات الوقت رفعت قناة سكوب سيئة الذكر شعار “نبيها هيبة”، معتبرةً هذه الممارسة الدستورية المستحقة تُنقص من هيبة الأسرة الحاكمة!
وبذلك يتضح أننا أمام منهجين لإدارة الدولة:
المنهج الأول يدعو إلى سيادة القانون، وتفعيل المواد الدستورية، والعمل بقيم ومعايير الشفافية، وتفعيل دور الأمة التي هي مصدر السلطات، والحفاظ على مكتسباتها الدستورية، إلى آخره من القيم والأفكار التي تعزز قيم الدولة المدنية الحديثة.
والمنهج الآخر يدعو لتكريس القيم العشائرية، والمعايير الاجتماعية، القائمة على قيم المشيخة،والعطايا غير المسؤولة والهبات بلا حساب ولا مساءلة، وفتح الخزينة للأتباع والمصفقين، هذه القيم التي تعتبر النقد تجاوزا للحدود، والمساءلة تطاولا على الكبار، و التي تنظر إلى البلد بما فيه ومن فيه على أنه جزء مما تتوارثه الأسرة الحاكمة!
نعم.. هناك تقدم في الكثير من جوانب ممارساتنا الدستورية، وبحمد الله استطعنا أن نمحي الكثير من الخطوط الحمراء الزائفة، وذلك بسبب الإصرار والعناد على سيادة قيم الدولة المدنية، وحصر القيم العشائرية في محيطها الاجتماعي فقط، دون سحبها على الواقع السياسي حتى لا تطغى على النصوص الدستورية، ولكن هناك من يريد أن يجرّنا إلى الوراء، ويعيدنا إلى دولة العشيرة، وقيم الإقطاع! تحت مختلف الذرائع.
لذلك نحن اليوم فعلا أمام مفترق طرق، فإما أن نختار منهج الدولة المدنية وسيادة القانون وتفعيل النصوص الدستورية على الكل، مهما علت رتبته، وكان منصبه، فالكل (لا أسثني أحدا) يجب أن يخضع للنصوص الدستورية، أو نختار منهج دولة العشيرة ومافيها من قيم لا تخفى على أحد.. فأي المنهجين نختار؟!
تحياتي
بوسند
بوسند