كان القرن السادس عشر والسابع وبداية الثامن عشر من القرون السوداء في تاريخ الأفغان, فلمدة قرنين من الزمان عاش الأفغان في مناوشات وحروب كرٍ وفر مع أعداء يحيطون بهم من ثلاثة جهات وهم ليسوا بالأعداء العاديين , بل كان في كل جهة من تلك الجهات إمبراطورية لا ترى مثيل لشأنها و دبدبتها, فمن جهة الشمال دولة الشيبانيين الأوزبك ومن الجنوب إمبراطورية المغول في الهند ومن الغرب إمبراطورية الفرس الصفوية الشيعية, وكانت كلٌ من تلك الدول تدَعي الوصاية على جزء من أراضي البشتون الأفغان, و أحياناً كانوا يحكمونها فعليا, لم تعرف أفغانستان الاستقرار خلال تلك الحقبة فلقد كانت مقسمة إلى ثلاثة أجزاء, كل جزء منها يخضع لنفوذ إحدى تلك الدول, ولكنها لم تحتل بشكلٍ كامل, حيث لم يهدأ الوضع فيها للمحتلين أبداً , فكان القرنين مليئان بالثورات والعصيانات من قبل الأفغان ضد الأجانب نذكر منها ثورة بايزيد روشان ضد المغول و استمرت ثلاثة أجيال ومن ثم ثورة إيمل مومند و دريا خان أفريدي أيضاً ضد المغول ومن بعدهم ثورة الشاعر خوشحال ختك ضد أورنكزيب المغولي, وكذلك ثورات الأبداليين في هرات ضد الفرس الشيعة, و كانت قندهار قد ثارت مراتٍ عدة ضد السيطرة المغولية ومن ثم الفرس الصفويين.
و تلك الثورات مع أنها أقلقت الدول المعنية, لكنها لم تكن في مستوى التطلعات ولم تؤدي إلى ما كان يتطلع إليه البشتون الأفغان وهو الاستقلال التام, فقمعت الثورات الواحدة تلوى الأخرى, و أستغرق ذلك وقتاً طويلاً بل أجيالاً كاملة.
وقد يكون سبب فشل تلك الثورات في أنها لم تكن شاملة او عامة, و أن الأفغان عامة لم يردوا شق عصا الطاعة على ولاة الأمور خاصتاً أنهم مسلمون, فمثلاً المغول كانوا سنة وولاتهم في أراضي البشتون في أكثر الأوقات كانوا من البشتون أنفسهم , و الشيبانيين الأوزبك أيضاً كانوا سنة بخلاف الصفويين الشيعة الذين كان لهم نفوذ في هيرات و قندهار, وقد عايشت قندهار خلال القرنين المذكورين نفوذ كل من المغول والفرس , فتارة ًتتبع البلاط المغولي وتارةً الصفوي الإيراني, حتى أتى الاحتلال الصفوي المباشر و معه اشتد ظلم الشيعة الروافض على أهل السنة الأفغان, و أصبح لا يحتمل , فقرر الأفغان الشكوى لدى أصفهان, ولما أوصل أهل قندهار صوتهم للشاه حسين الصفوي, يشتكون مظالم ووحشية ولاتهم, كان رد الشاه عليهم مليئاً بالحقد الشيعي حيث قال لهم (إننا نؤجر و نثاب بإذلالكم يأيها الخونة اغربوا عن وجهي). فخاب أمل الوفد ورجع إلى قندهار دون تحقيق نتيجة , وبعدها اشتد الظلم فأنتشر الفساد والفتن واستباحت الأموال وسالت الدماء فلم يستطع الأفغان في قندهار و ما جاورها التحمل أكثر فثارت قبائل الغلزائي بزعامة ميروس الهوتكي بعد الحصول على فتأوي علماء السنة الموثوق بهم من علماء الحجاز بجواز الخروج على الروافض و استباحة أموالهم ودماءهم وسبي أبنائهم, فأعلن الأفغان الجهاد ضد الفرس الصفويين,وأجمعوا ووحدوا صفوفهم لأجل تحرير بلادهم وتخليص السنة من تسلط الروافض الكفرة المرتدين, وتحملوا في سبيل ذلك كل المصاعب حتى تم لهم التحرر والاستقلال بأمورهم بتاريخ 29-11-1119هجري, ولم يكتفوا بذلك بل انتقموا لجميع أهل السنة الذين اضطهدتهم تلك الدولة الشيعية الفاجرة, فغزوهم في عقر دارهم و اجتثوا دولة الشر تلك من جذورها في أصفهان, وأذلوا سلطانها وقتلوا أعوانها, وأذاقوهم الذل بتمريغ أنوفهم في التراب, وأضطر الشاه حسين للاستسلام عام 1722ميلادي بعد أن قتل من جنوده وأعوانه أكثر من مائة ألف, فأحضر التاج و ابنته ليزوجها للشاه الأفغاني الشاب محمود ولد ميرويس الهوتكي(25 سنه) ويقلده التاج بنفسه , وكان هذا من شروط قبول الاستسلام .
كانت تلك نهاية وسقوط الصفويين الفرس و بداية لعروج الأفغان وظهورهم على الساحة العالمية كقوة مؤثرة من جديد.
هكذا انقرض الصفويين وبدأت سلطة الأفغان على أصفهان فحكموا إيران من أقصاه إلى أقصاه أكثر من عشرسنوات مليئة بالقلاقل والفتن والدسايس, قتل فيها ما يقارب المليونين من البشر أكثرهم أو جلهم من الإيرانيين, وأضطر الأفغان للدخول في حروب مع القوى العظمى آنذاك المجاورة لإيران مثلاً تركيا متمثلة في الخلافة العثمانية, والروس القياصرة وذلك دفاعاً عن ملكهم الجديد.
وقعت معارك كثيرة مع الأتراك انهزمت فيها الدولة العثمانية, وقتل فقط في إحدى تلك المعارك إثناعشر ألف جندي تركي , فأضطر الأتراك للاعتراف بسلطة الأفغان على إيران,وكذلك تم صد الروس وألحق بهم هزائم نكراء و أجبروا على التقهقر والاعتراف بدولة الأفغان, فأنتشر خبر الأفغان في جميع أنحاء أوروبا والعالم بظهورهم كقوة جديدة على الساحة العالمية في تلك الحقبة.
لم تستمر تلك الدولة الفتية كثيراً , وللأسف كما هي العادة ضعفت الدولة نتيجة الخلافات العائلية داخل العائلة المالكة وعجلت في نهايتها وسقوطها أمام التركماني السني نادر شاه الأفشاري المساند من قبل روسيا القيصرية, فسقطت أصفهان وبعد ذلك هيرات ومن ثم قندهار, ومرة أخرى فقد الأفغان الاستقلال لكن هذه المرة بيد ملك سني,و لكن الأفغان كان قد اكتسبوا الكثير من الوعي السياسي من تلك التجربة, ولم تذهب جهودهم سدى, بل كان ذاك السعي بداية لظهور إمبراطورية أفغانية أقوى و أكبر, وتلك الجهود مهدت الطريق و أزالت جميع العقبات و العوائق للإمبراطورية الأفغانية القادمة بعدها مباشرة حيث قتل نادر شاه الأفشاري في إيران ورجع القادة الأفغان الذين كانوا يخدمون في جيشه إلى قندهار و بدأو بالتشاور لإقامة دولتهم الخاصة , وبعد مجالس شعبية قبلية ومشاورات مكثفة استمرت أسبوعين اختاروا الشاب أحمد خان الأبدالي (25سنة) ملكاً على الأفغان, فأسس إمبراطورية الأفغان الأبدالية عام 1747ميلادية(أفغانستان) التي حكمت من مشهد في إيران حتى دلهي في الهند ومن نهر جيحون شمالاً حتى الخليج العربي جنوباً, وما يعرف بأفغانستان اليوم هي بقايا تلك الإمبراطورية.
الغريب والعجيب أن البشتون في باكستان وأفغانستان تعدادهم أكبر بكثير من تعداد الفرس.
و تلك الثورات مع أنها أقلقت الدول المعنية, لكنها لم تكن في مستوى التطلعات ولم تؤدي إلى ما كان يتطلع إليه البشتون الأفغان وهو الاستقلال التام, فقمعت الثورات الواحدة تلوى الأخرى, و أستغرق ذلك وقتاً طويلاً بل أجيالاً كاملة.
وقد يكون سبب فشل تلك الثورات في أنها لم تكن شاملة او عامة, و أن الأفغان عامة لم يردوا شق عصا الطاعة على ولاة الأمور خاصتاً أنهم مسلمون, فمثلاً المغول كانوا سنة وولاتهم في أراضي البشتون في أكثر الأوقات كانوا من البشتون أنفسهم , و الشيبانيين الأوزبك أيضاً كانوا سنة بخلاف الصفويين الشيعة الذين كان لهم نفوذ في هيرات و قندهار, وقد عايشت قندهار خلال القرنين المذكورين نفوذ كل من المغول والفرس , فتارة ًتتبع البلاط المغولي وتارةً الصفوي الإيراني, حتى أتى الاحتلال الصفوي المباشر و معه اشتد ظلم الشيعة الروافض على أهل السنة الأفغان, و أصبح لا يحتمل , فقرر الأفغان الشكوى لدى أصفهان, ولما أوصل أهل قندهار صوتهم للشاه حسين الصفوي, يشتكون مظالم ووحشية ولاتهم, كان رد الشاه عليهم مليئاً بالحقد الشيعي حيث قال لهم (إننا نؤجر و نثاب بإذلالكم يأيها الخونة اغربوا عن وجهي). فخاب أمل الوفد ورجع إلى قندهار دون تحقيق نتيجة , وبعدها اشتد الظلم فأنتشر الفساد والفتن واستباحت الأموال وسالت الدماء فلم يستطع الأفغان في قندهار و ما جاورها التحمل أكثر فثارت قبائل الغلزائي بزعامة ميروس الهوتكي بعد الحصول على فتأوي علماء السنة الموثوق بهم من علماء الحجاز بجواز الخروج على الروافض و استباحة أموالهم ودماءهم وسبي أبنائهم, فأعلن الأفغان الجهاد ضد الفرس الصفويين,وأجمعوا ووحدوا صفوفهم لأجل تحرير بلادهم وتخليص السنة من تسلط الروافض الكفرة المرتدين, وتحملوا في سبيل ذلك كل المصاعب حتى تم لهم التحرر والاستقلال بأمورهم بتاريخ 29-11-1119هجري, ولم يكتفوا بذلك بل انتقموا لجميع أهل السنة الذين اضطهدتهم تلك الدولة الشيعية الفاجرة, فغزوهم في عقر دارهم و اجتثوا دولة الشر تلك من جذورها في أصفهان, وأذلوا سلطانها وقتلوا أعوانها, وأذاقوهم الذل بتمريغ أنوفهم في التراب, وأضطر الشاه حسين للاستسلام عام 1722ميلادي بعد أن قتل من جنوده وأعوانه أكثر من مائة ألف, فأحضر التاج و ابنته ليزوجها للشاه الأفغاني الشاب محمود ولد ميرويس الهوتكي(25 سنه) ويقلده التاج بنفسه , وكان هذا من شروط قبول الاستسلام .
كانت تلك نهاية وسقوط الصفويين الفرس و بداية لعروج الأفغان وظهورهم على الساحة العالمية كقوة مؤثرة من جديد.
هكذا انقرض الصفويين وبدأت سلطة الأفغان على أصفهان فحكموا إيران من أقصاه إلى أقصاه أكثر من عشرسنوات مليئة بالقلاقل والفتن والدسايس, قتل فيها ما يقارب المليونين من البشر أكثرهم أو جلهم من الإيرانيين, وأضطر الأفغان للدخول في حروب مع القوى العظمى آنذاك المجاورة لإيران مثلاً تركيا متمثلة في الخلافة العثمانية, والروس القياصرة وذلك دفاعاً عن ملكهم الجديد.
وقعت معارك كثيرة مع الأتراك انهزمت فيها الدولة العثمانية, وقتل فقط في إحدى تلك المعارك إثناعشر ألف جندي تركي , فأضطر الأتراك للاعتراف بسلطة الأفغان على إيران,وكذلك تم صد الروس وألحق بهم هزائم نكراء و أجبروا على التقهقر والاعتراف بدولة الأفغان, فأنتشر خبر الأفغان في جميع أنحاء أوروبا والعالم بظهورهم كقوة جديدة على الساحة العالمية في تلك الحقبة.
لم تستمر تلك الدولة الفتية كثيراً , وللأسف كما هي العادة ضعفت الدولة نتيجة الخلافات العائلية داخل العائلة المالكة وعجلت في نهايتها وسقوطها أمام التركماني السني نادر شاه الأفشاري المساند من قبل روسيا القيصرية, فسقطت أصفهان وبعد ذلك هيرات ومن ثم قندهار, ومرة أخرى فقد الأفغان الاستقلال لكن هذه المرة بيد ملك سني,و لكن الأفغان كان قد اكتسبوا الكثير من الوعي السياسي من تلك التجربة, ولم تذهب جهودهم سدى, بل كان ذاك السعي بداية لظهور إمبراطورية أفغانية أقوى و أكبر, وتلك الجهود مهدت الطريق و أزالت جميع العقبات و العوائق للإمبراطورية الأفغانية القادمة بعدها مباشرة حيث قتل نادر شاه الأفشاري في إيران ورجع القادة الأفغان الذين كانوا يخدمون في جيشه إلى قندهار و بدأو بالتشاور لإقامة دولتهم الخاصة , وبعد مجالس شعبية قبلية ومشاورات مكثفة استمرت أسبوعين اختاروا الشاب أحمد خان الأبدالي (25سنة) ملكاً على الأفغان, فأسس إمبراطورية الأفغان الأبدالية عام 1747ميلادية(أفغانستان) التي حكمت من مشهد في إيران حتى دلهي في الهند ومن نهر جيحون شمالاً حتى الخليج العربي جنوباً, وما يعرف بأفغانستان اليوم هي بقايا تلك الإمبراطورية.
الغريب والعجيب أن البشتون في باكستان وأفغانستان تعدادهم أكبر بكثير من تعداد الفرس.