البرغش لـ الجريدة : أي وزير أو رئيس وزراء يتعرض للاستجواب يجب ألّا يعود
لا نريد حكومة تفكر في كيفية الهروب من المجلس في أول مواجهة
عيد الرميزان
استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الذي قدمه النواب وليد الطبطبائي وعبدالله البرغش ومحمد هايف لا يزال قائماً ومدرجاً على جدول أعمال جلسة 16 الجاري،
فما سيناريوهات التعامل مع هذا الاستجواب في ظل عدم حسم استقالة الحكومة؟... الإجابة عن هذا السؤال وغيره من الأسئلة يجيب عنها النائب البرغش لـ«الجريدة» في هذا اللقاء.
شدّد النائب عبدالله البرغش على أن «أي وزير أو رئيس وزراء يستجوب أو يقدّم بحقه استجواب يجب ألّا يعود الى الحكومة، حتى لا يحصل التفاف على الدستور»، مشيراً الى أن ثمة حوادث سابقة في هذه المسألة.
وأكد البرغش، الذي شارك النائبين وليد الطبطبائي ومحمد هايف في تقديم استجواب ضد سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، في لقاء مع «الجريدة» أن «الاستجواب لا يزال قائما وسنحضر جلسة 16 ديسمبر الجاري لمناقشته، أمّا إذا استقالت الحكومة فإنه قانونياً ودستورياً سيسقط الاستجواب»، لافتاً الى أنه «إذا سارت الحكومة بمنهج واضح دون أن تقع في أخطاء أو تجاوزات فسنمد يد التعاون لها أم إذا وجد الخلل والتجاوز فالاستجواب سيكون قريباً جداً من أي وزير يخل بمسؤولياته».
وأشار البرغش الى أن «من أوصل للحكومة الرسائل بسحب الاستجواب أخطأ وأوقعها في هذا المأزق»، موضحاً أن الحكومة «عابها قصر النظر في التعامل مع هذه القضية».
وفي ما يلي تفاصيل اللقاء:
لا يزال مدرجاً
•
استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد لا يزال مدرجاً على جدول اعمال الجلسة القادمة، ما سيناريوهات التعامل معه؟
- الاستجواب بالنسبة لنا لا يزال قائماً ونحن سنتعامل مع جدول اعمال الجلسة الذي يتضمن في بنده الرابع موضوع الاستجواب وعليه سندخل الجلسة كمستجوبين لرئيس الوزراء. فإذا كانت الحكومة قادمة الى جلسة 16 ديسمبر وهي ملزمة بالحضور فستتم مناقشة الاستجواب، لا سيما أننا أجرينا بروفات للمناقشة. أمّا إذا الحكومة لم تحضر وقبلت استقالتها وتم تشكيلها قبل هذا التاريخ فإنه قانونياً ودستورياً عند قبول الاستقالة يسقط الاستجواب، ونحن سنتعامل مع اللوائح الموجودة في المجلس.
•
وهل ستقبلون بإعادة تكليف الشيخ ناصر المحمد لرئاسة الحكومة، لا سيما أنكم اعتبرتم في بيان أصدرتموه أن إعادة تعيين الشخص المستجوب التفاف على الدستور؟
- لقد أبدينا رأينا ضمن إطار الدستور واللوائح، فدستورياً يعتبر تعيين رئيس الوزراء حق أصيل لسمو امير البلاد الذي يختار من يشاء لرئاسة الحكومة، لكن نحن نتكلم عن فرضية التعاون بين حكومة قادمة ومجلس أمة قائم حالياً، وهي فرضية أن أي شخص يستوجب أو يقدم استقالته يفترض ألا يعود الى المكان نفسه، وثمة حوادث سابقة في هذا الجانب، وتالياً فإن أي وزير أو رئيس وزراء يستجوب يجب ألّا يعود الى الحكومة، وإلا ستصبح هناك حلقة مفرغة في المجلس، فعندما يستجوب وزير يقدم استقالته ليتجنب الاستجواب ثم يعاد الى منصبه مرة اخرى وهكذا، وبالتالي لن يحقق المجلس ما يريده من عملية المساءلة السياسية ويعطى المجال للحكومة للالتفاف على الدستور.
اختيار الوزراء
•
هل سيكون لكم موقف من الحكومة الجديدة إذا افترضنا قبول استقالة الحكومة الحالية؟
- سننظر أولا الى من يتولى رئاسة الحكومة القادمة وما هي قوتها ومن العناصر التي تضمها وما المعايير التي اعتمدت في اختيار الوزراء. نحن متعاونون لكن لنا حق في إبداء الرأي إزاء أي حكومة تشكل.
•
هل أنتم راضون عن النتيجة التي وصل اليها الاستجواب؟
- نحن أدينا دورنا وواجبنا الدستوري الذي نعتقد اننا وصلنا فيه الى مراحل متقدمة من الممارسة الديموقراطية، لقد قدمنا الاستجواب وأدرج على جدول أعمال المجلس وهو أقصى ما نتحدث عنه قانونياً ودستورياً ولائحياً.
الاستجوابات قريبة
• وهل سيكون استجواب رئيس الوزراء هو نهاية الاستجوابات، على الأقل في دور الانعقاد الحالي؟
- الاستجواب يقدم في أي لحظة إذا ثبت وجود تجاوز أو لإيقاف وقوع تجاوزات، فالمساءلة السياسية لا يمكن تحديد وقت زمني لتفعيلها أو تحديد عدد المرات التي تمارس فيها، فإذا سارت الحكومة بمنهج واضح دون أن تقع في أخطاء أو تجاوزات فنحن نمد يد التعاون لها، أمّا إذا وجد الخلل والتجاوز فالاستجواب سيكون قريباً جداً من اي وزير يخل بمسؤولياته.
• ألا تعتبر أن الاستمرار في تقديم الاستجوابات يمثل نوعاً من التأزيم؟
- لا أتصور أي تأزيم طالما اننا نعمل في اطار الدستور، التأزيم يحصل عندما يبدأ الوزراء بالتجاوز والتعدي على القانون، فهذا هو التأزيم الذي لا نقبله.
لا نتعامل مع أشباح
• البعض يرى أنكم تعسفتم من خلال تحديد مهلة 24 ساعة لمساءلة رئيس الوزراء إذا لم يغادر رجل الدين الشيعي الإيراني محمد باقر الفالي؟
- أعطينا مهلة أكثر من 24 ساعة وابدينا مرونة بأن نقبل في بيان تصدره الحكومة يتضمن ترحيل الفالي يوم الثلاثاء وإلغاء إقامته وألا يسمح له بالعودة مرة اخرى الى البلاد، لكن هذا الاتفاق الذي تم مع النواب محمد المطير ومحمد هايف ووليد الطبطبائي لم تلتزم به الحكومة، فما تم إنجازه لا يتعدى ان يخرج يوم الخميس وهو خلاف ما اتفق عليه وكذلك لم تلغ إقامته وبعد هذا كله لم يأت شيء رسمي من الحكومة إنما صدر بيان عن طريق وزارة الداخلية وعلى لسان مصدر، وكأن الحكومة استكثرت ان تكشف عن اسمه. نحن لا نتعامل مع أشباح وكان يفترض أن يصدر بيان من مجلس الوزراء أو على لسان وزير الداخلية.
• هل تعتقد ان الحكومة مارست العناد معكم في هذه المسألة؟
- ليس عناداً إنما قصر نظر وأعتقد أن من أوصل للحكومة الرسائل بسحب الاستجواب اخطأ في ايصال الرسائل وأوقع الحكومة في هذا المأزق.
الحكومة لا تريد التعاون
•
يقال إن إصدار البيان كان الشرط الذي وضعتموه لسحب الاستجواب، بحسب ما نقل الوسطاء؟
لو كان البيان صدر كما تم الاتفاق مع النواب الثلاثة لاختلف الأمر، لكن بيان الحكومة جاء مغايرا لما اتفق عليه ولم يحقق المطلوب بالنسبة للمستجوبين. وعموما بعدما قدم الاستجواب كان يفترض بالحكومة ان تبتعد عن الحساسية المفرطة في التعاطي معه، إذ يُفترض ان يصعد رئيس الوزراء المنصة لتنتهي هذه القضية، بدلا من دفع الأمور نحو التأزيم واتهام المجلس بأنه غير متعاون ويعرقل التنمية، بينما الحقيقة خلاف ذلك، فالحكومة هي من لا تريد التعاون مع المجلس ولا ترغب بحضور حتى الجلسات العادية، ولو رصدنا ما تم انجازه من قبل الحكومة في السنوات الثلاث الماضية التي رصد فيها نحو 45 مليار دينار لمشاريع التنمية لما وجدنا شيئاً، إذ لا يوجد اي انجاز او عمل يرضي الشارع ويكف عن لوم نوابه بأن الحكومة لم تفعل شيئا وانتم ساكتون. نتمنى من الحكومة القادمة ان تضع في اعتبارها هذا الأمر لأن المجلس لن يتخلى عن ادواته الدستورية ويتركها دون مساءلة ومحاسبة بحجة الابتعاد عن التأزيم.
• لكن الاستجواب لم يؤد الى تأزيم في العلاقة مع الحكومة فحسب، انما تسببت في انقسام النواب؟
- لايمكن اعتبار الاستجواب أداة للتأزيم فهو حق لكل نائب. أمّا الانقسام بين النواب فمن المستغرب ان يكون ثمة خلاف على اداة الاستجواب، فدائماً يكون التباين في الرأي على محاور الاستجواب او عندما يصعد المستجوَّب الى المنصة فهنا يمكن ان يكون لكل نائب رأيه، أمّا ان يحدث الخلاف بعد ربع ساعة من تقديم الاستجواب فاعتقد ان الخلل يكمن في من اتخذ موقفاً معارضاً للاستجواب، ولا أشك في انه سيدرك بالمستقبل ان موقفه كان خطأ.
لا تعنينا الاتهامات
• كثير من الناس كانوا يتساءلون عن أسباب إصراركم بالمضي في الاستجواب الى النهاية، هل كان أحد وراءكم، وماذا كنتم تريدون؟
- وراءنا المادة 100 من الدستور، وكما يقال «
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ... فإن فساد الرأي أن تترددا»، فعندما قدمنا الاستجواب كنا نهدف الى الاصلاح لذلك كان علينا ان نستمر الى النهاية. أما أننا مدفوعون من اشخاص فهي تهمة باتت تطلق على اي استجواب يقدم، لذلك لا تعنينا هذه الاتهامات طالما اننا نعرف ما نقوم به.
• وهل كان الهدف من الاستجواب الإصلاح؟
- بالتأكيد، طالما يوجد خلل لا بد ان يكون هناك اصلاح، وهو يتحقق بالمشاورة والمناصحة التي تمت عن طريق وزير الداخلية لكن الجماعة كابروا في هذا الأمر وأوصلوا الامور الى ما وصلت اليه، رغم انه كان بالامكان تجاوز هذه المسألة بسهولة عن طريق ترحيل الشخص الذي دخل البلاد لكن الأمور حدث فيها نوع من المكابرة.
تأزيم «داو كيميكال»
• الاستجواب كان على موضوع «الفالي» بينما جاءت صحيفة الاستجواب بمادة أشبه ما تكون بمساءلة لبرنامج عمل الحكومة؟
- الخلل موجود في البلاد وهو امر لا ينكره احد، والشيخ ناصر منذ ثلاث سنوات وهو يتولى رئاسة السلطة التنفيذية والخلل مستمر في كل الوزارات والقطاعات المختلفة سواء في الصحة او الاسكان والتركيبة السكانية والتعليم، لكن عندما وصل الأمر الى امن الدولة بات لزاماً علينا تقديم الاستجواب في هذا الوقت وألا يتم تأخيره نهائيا. وأتصور أن الحكومة إذا لم توقف مشروع «داو كيميكال» الذي وقعته في اليوم نفسه الذي رفعت فيه كتاب استقالتها فإننا مقبلون على تأزيم جديد، حتى يعرف الشعب الكويتي من هو الذي يؤزم ويسعى الى توتير العلاقة بين السلطتين.
مسؤولية رئيس الحكومة
• وهل تجوز محاسبة حكومة لم يتجاوز عمرها أشهراً على تركات ثقيلة لحكومات سابقة؟
- صحيح أن عمر الحكومة الحالية وصل الى ستة أشهر، لكن هل قضايا الإسكان والتعليم والصحة وليدة الحكومة الحالية، هذه تراكمات سابقة كان فيها الشيخ ناصر المحمد رئيساً للحكومة، فالمشاكل ظلت كما هي رغم تغيّر الوزراء، لذلك تم الاتجاه الى رئيس الحكومة مباشرة باعتباره المسؤول عن أعمال وزرائه، فعندما نستجوبه فإننا نستجوب كل الوزراء الموجودين في الحكومة.
• كيف ترى مستقبل العلاقة بين السلطتين في ظل التلويح المتكرر بالمساءلة؟
- مستقبل العلاقة يتوقف على عناصر الحكومة الجديدة، فإذا جاءت حكومة تريد العمل وترغب بالتعاون مع المجلس فسنمد أيدينا لها لأن هدفنا هو تحقيق تطلعات المواطنين والدفع بمشاريع التنمية، أمّا إذا جاءت حكومة أكثر ما تفكر فيه هو كيفية الهروب من مجلس الأمة في أول مواجهة دون أن يكون لديها رؤية أو برنامج أو موقف يستحق أن يستند عليه المدافعون عنها فإن الطريق أمامها لن يكون سالكا ولن تجد أحداً يساندها.
ارتباك مسيء للحكومة
• ما المطلوب لتجاوز موضوع التأزيم وتحقيق الانسجام بين السلطتين؟
- نتمنى أن تأتي الحكومة بوزراء وتشكيلة قادرة على العمل مع المجلس وتكمل معه الفترة المقبلة، نريد المبادرات ان تأتي من الحكومة وستجد كل تعاون من النواب. نحن لم نغب عن الجلسات ولم نطلب من رئيس المجلس ألا يعقد الجلسات لأننا لن نحضر فهذا هو التأزيم. لمصلحة من تعطيل مصالح الناس كما نسمع لمدة شهرين؟ أليس من المفترض ان تحضر الحكومة الجلسات واللجان البرلمانية؟ نريد وزراء يملأون كراسيهم وعندهم قرار، فكثير من الوزراء لا يملكون القرار والدليل ما حصل في جلسة الاستجواب عندما انسحب الوزراء بطريقة لا تليق، اذ إن بعض الوزراء خرجوا من القاعة بعد أن تركوا اوراقهم وملفاتهم وبشوتهم في حالة من الارتباك المسيئة لصورة الحكومة.
• ربما تقديم الاستجواب على ما عداه أربك ترتيبات الحكومة؟
- اللائحة الداخلية للمجلس تنص على أن يقدم الاستجواب على غيره من مواضيع وكان يفترض بالحكومة ان تلتزم باللائحة اكثر من غيرها، ولم يستطع جاسم الخرافي ان يؤجل الاستجواب لأنه التزم باللائحة وهذا الأمر لم يعجب الحكومة، رغم أن الحكومة بحسب التصريحات كان يدعمها في قرار تأجيل مناقشة الاستجواب 42 صوتاً، مع اننا ندرك ان التصريحات التي تتم قبل الاستجواب تختلف عندما تبدأ المناقشة الفعلية، حيث إن كثيراً من النواب يتردد ويحسب حساباته بألا يكون أداة لعدم تمكين عضو مجلس الأمة من أداء دوره الدستوري.
الاحد 14/12/2008
جريدة الجريده
http://www.aljareeda.com/aljarida/Article.aspx?id=89227&search********=البرغش