:::... سلسلة تيسير العلم الشرعي ( فقه المعاملات المالية المعاصرة ) ...:::

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
===================



جمعية الموظفين (2 )




===================



الحمد لله رب العالمين , وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد , اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وعلى من سار على نهجه وابتع سنته إلى يوم الدين ثم أما بعد...


فأضع اليوم حكم الصورة الثانية والثالثة من جميعة الموظفين ومسألة الزكاة المتعلق بها , حتى يكتمل هذا الباب في هذه المشاركة إن شاء الله تعالى


حكم الصورة الثانية :
وهي – كما تقدم – أن يشترط ألا ينسحب أحد حتى تدور الدورة ؛ فالذين يجوِّزون الصورة الأولى مثل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والشيخ عبد الله بن جبرين يجوِّزون أيضاً الصورة الثانية لأن المحذور كما أن منتف في الصورة الأولى أيضاً منتف في الصورة الثانية فالمنفعة التي يستفيدها المقرض أيضاً يستفيدها المقترض في هذه الدورة ؛ فهي منفعة متبادلة كما سبق .

حكم الصورة الثالثة :
وهي أن يشترط أن يكون هناك أكثر من دورة ، يعني تدور الجمعية لمدة سنتين أو ثلاث سنوات…إلخ ، أيضاً الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله يرى جواز مثل هذه الصورة .
وذهب بعض الباحثين إلى التفريق بين الصورة الأولى والثانية ، ففي الصورة الأولى والثانية تجوز وأما الصورة الثالثة إذا اشترطوا أن تكون دورة ثانية وثالثة فلا تجوز ، مع أنه أجاز الصورة الأولى والثانية لما في ذلك من المنفعة التي تكون داخلة في نفع المقرض الذي نهي عنه .

وتقدم أن أشرنا إلى المنفعة التي تكون محرمة في باب القرض وأنها تشتمل على أمرين :
1-ما يشترطه المقرض على المقترض وليس له مقابل سوى القرض ؛ قالوا : هذه داخل في هذا الضابط ، فكونه يشترط عليه أن يكون هناك دورة ثانية أو ثالثة …إلخ ؛ داخل في هذا الضابط .
والذين أجازوها مثل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله يقول : حتى لو شرط دورتين أو ثلاثة ونحو ذلك أن هذا جائز ولا بأس به .

3- زكاة جمعية الموظفين :
وهذه المسألة يسأل عنها كثير من الناس .
نقول : الداخل في هذه الجمعية لا يخلو من ثلاث حالات :
الأولى : أن يكون في أول القائمة ، يعني يأخذ الجمعية في أول القائمة ، فهذا لا زكاة عليه إلا إذا ترك هذه الدراهم حتى حال عليها الحول ، فلو فرضنا أن زيداً هو الأول ثم أخذ هذه الدراهم وتركها عنده حتى حال عليها الحول فنقول : يجب عليه أن يخرج الزكاة عند حولان الحول ، لكن لو استهلكها – وهذا هو الغالب – فالغالب أن من يلجأ إلى مثل هذه الجمعية أنه يستهلكها في بناء البيت أو الزواج أو شراء سيارة أو نحو ذلك ، فإذا استهلكها فإنه لا شيء عليه .

الثانية : أن يكون في آخر الجمعية ، وهذا لا يخلو من أمرين :
أن يأخذ الجمعية بعد تمام الحول بحيث يكون عددهم اثني عشر ، فهذا يجب عليه أن يخرج عن الشهر الأول الذي دفعه ؛ فإذا كانت الجمعية من ألفي ريال فيجب عليه أن يخرج عن ألفي ريال إذا قبض الجمعية بعد اثني عشر شهراً ، ثم بعد ذلك إن استهلكها لا شيء عليه ، لكن إن بقيت عنده يخرج عن زكاة الشهر الثاني لأن الشهر الثاني أيضاً حال عليه الحول ؛ فإذا مرَّ عليه شهر آخر أخرج عن زكاة الشهر الثالث وهكذا ..؛ فإذا مرَّ الشهر الأول أخرج عن زكاة الشهر الثاني وإذا مرَّ الشهر الثاني أخرج عن زكاة الشهر الثالث وهكذا ...

الثالثة : أن يكون في وسط الجمعية ، كما لو كان ترتيبه السابع وقبض هذه الجمعية فهذا لا شيء عليه إذا استهلكها لكن لو بقيت عنده حتى مضى حول من الشهر الذي دفعه ، يعني الآن مضى سبعة أشهر فإذا مضى خمسة أشهر والدراهم عنده أخرج عن الشهر الأول ، فإذا مضى ستة أشهر أخرج عن الشهر الثاني .انتهى


تم بحمد الله وفي المشاركة القادمة إن شاء الله تعالى نضع كلام الشيخ حول الجوائز التي تبذلها المحال التجارية , والحمد لله رب العالمين


 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
============================

حكم الجوائز التي يبذلها المحلات التجارية ( 1 )

=============================
الحمد لله رب العالمين , وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد , اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وعلى من سار على نهجه وابتع سنته إلى يوم الدين ثم أما بعد

فأضع اليوم الصورة الأولى من صور الجوائز التي تبذلها المحلات التجارية وحكمها من حيث الإباحة أو التحريم , وهي على صور وأقسام ولعل هذا الباب يُوضح القاعدة المتبعة والمستنبطة من النصوص الشرعية وهي قاعدة ( غانم أو غارم ) و سوف يتضح هذا إن شاء الله كما في كلام الشيخ...


الجوائز التي يبذلها أصحاب المحلات التجارية :
1- تعريفها :
الجوائز في اللغة : جمع جائزة ؛ وهي العطية .
وأما في الاصطلاح : فهي العطايا التي يهبها أصحاب السلع للمشترين .

2- حكمها :
الأصل فيها أنها جائزة ؛ يعني كونك تشتري من صاحب المحل فيعطيك هدية فالأصل في مثل هذه الجوائز والهبات من أصحاب المحلات أنها جائزة والإجماع منعقد على ذلك .
وتقدَّم لنا أن الأصل في المعاملات الحل وذكرنا دليل ذلك .
3- أقسامها :
المستقرئ لأحوال هذه الجوائز والهبات التي تكون من أصحاب السلع ومن غيرهم يتبين له أن هذه الجوائز تنقسم إلى أقسام :
القسم الأول : الجوائز التي تكون عن طريق المسابقات ؛ وتحت هذا القسم أنواع :

الأول : أن تكون الجائزة عن طريق دفع رسوم للدخول في المسابقة ؛ يعني : لا يدخل الإنسان في المسابقة لكي يأخذ الجائزة حتى يدفع رسماً .

مثالها : أن تكون هنا بطاقات يشتريها الناس ثم بعد ذلك يدخلون في المسابقة ، ومن الأمثلة الموجودة الآن ما تقيمه بعض وسائل الإعلام الآن من المسابقات بحيث تتصل على الهيئة المنظمة للمسابقة ثم بعد ذلك تقوم بالإجابة ؛ وقد تحصل على الجائزة وقد لا تحصل على الجائزة .
وهذه الاتصالات يستفيد منها أصحاب الهيئة الذين قاموا بتنظيم هذه المسابقات ، ومثل ذلك ما يسمى بالمسابقة عن طريق الهاتف ( 700 ) ونحو ذلك .
فهذا لكي يدخل في هذه المسابقة اتصل على هذه الهيئة عن طريق الهاتف ، وهذه اللجنة المنظِّمة لهذه المسابقة تستفيد من هذا الاتصال ولها نسبة من رسوم هذا الاتصال ، وإدارة الاتصالات لها نسبة أخرى .
حكمها : هذا النوع من الميسر المحرم الذي لا يجوز إذا كانت الجائزة أو المسابقة عن طريق دفع رسوم للدخول في المسابقة ؛ سواء كانت هذه الرسوم عن طريق دفع بطاقات يشتريها الناس أو عن طريق اتصالات ونحو ذلك تكلفهم أموالاً ، فهذا من قبيل الميسر .
التعليل : لأن الإنسان يدخل فيها وهو إما غانم أو غارم ، وقد تقدَّم لنا أن من الضوابط التي تنبني عليها المعاملة : منع الميسر ، وذكر أيضاً ضابط الميسر وأنه أن يدخل الإنسان المعاملة وهو إما غانم أو غارم ، وهكذا الآن تجد أنه قد يتكلَّف مائتي ريال أو أكثر عن طريق شراء البطاقة أو عن طريق الاتصال ثم بعد ذلك قد يحصل له شيء من الجائزة وقد لا يحصل له شيء منها .


الثاني : أن تكون الجائزة عن طريق الشراء .
صورتها: أن يضع التاجر جائزة على مسابقة لا يشترك فيها إلا من يشتري سلعة يبيعها التاجر وما عداه فلا يدخل في المسابقة .
مثالها : تأتي إلى محل تجاري قد وضع سيارة أو ثلاجة ..إلخ ، ومن اشترى منه أعطاه ورقة فيها مسابقة ؛ بعض الأسئلة تقوم بحلها ثم بعد ذلك تفرز الإجابات وقد يحل الأسئلة جمع من الناس تكون إجاباتهم صحيحة ثم بعد ذلك تُفرز عن طريق الحظ .
أقسامها : هذا النوع تحته قسمان :
أ- أن تكون الجائزة مؤثرة في السعر بحيث إن التاجر رفع السعر مقابل الجائزة .
حكمها : محرمة ولا تجوز وهي من الميسر .



التعليل : لأن العميل أو المستهلك لمَّا اشترى هذه السلعة زاد في الثمن ، وقد يحصل على الجائزة وقد لا يحصل على الجائزة ؛ فهو إما غانم أو غارم .انتهى


أما القسم الثاني أن لا يكون للجائزة أثر في السعر وهذا نُرجئه إلى المشاركة القادمة إن شاء الله تعالى والحمد لله رب العالمين


 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
============================


حكم الجوائز التي يبذلها المحلات التجارية ( 2 )

تابع الجوائز التي تكون عن طريق المسابقات


=============================

الحمد لله رب العالمين , وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد , اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وعلى من سار على نهجه وابتع سنته إلى يوم الدين ثم أما بعد...


فأضع اليوم إن شاء الله باقي الصور حول الجوائز التابعة للمسابقات التي تبذلها المحلات التجارية ليتم هذا الباب ثم ننتقل بعد ذلك إلى الجوائز التابعة للسلع وأنواعها إن شاء الله تعالى .


القسم الثاني : ألا يكون للجائزة أثر في السعر ؛ فالسعر كما هو لكنه وضع هذه الجائزة كالسيارة أو الثلاجة ونحو ذلك لكي يرغِّب في الشراء منه ، وإلا فالأسعار كما هي .
حكمها : هذه موضع خلاف بين المتأخرين :
القول الأول : التفصيل : قالوا : إن كان قصد المستهلك السلعة لحاجته إليها فهذا جائز ، المهم عنده السلعة وليس قصده الجائزة فهو يريد أن يشتري حليباً أو لبناً أو نحو ذلك سواء وجد عليه جائزة أولم تكن عليه جائزة ، فكونه يدخل في المسابقة ويحل الأسئلة فهذا جائز ولا بأس به .
وإن كان ليس قصده السلعة وإنما قصده الجائزة فهو لا يحتاج إلى السلعة وإنما أراد من هذا الشراء أن يحوز على الجائزة ، فقالوا : بأن هذا محرم ولا يجوز لأنه لا يخلو من القمار فهو داخل إما غانم أو غارم ، وما دام أنه لا يحتاج إلى السلعة فغالباً أنه لا ينتفع بها ، وهذا القول بالتفصيل هو ما يذهب إليه الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
التعليل : قالوا : إذا كان الإنسان يريد هذه السلعة وينتفع بها فقد انتفى المحذور وليس هناك شائبة قمار أو ميسر فالسلعة بثمنها والمستهلك أو العميل يحتاج إليها والأصل في المعاملات الحل .

القول الثاني : التحريم مطلقاً .
التعليل :
1- قالوا : حتى وإن كانت السلعة بسعر المثل والعميل يحتاجها فإن اشتراط عدم الزيادة في السعر مما يصعب ضبطه .
2- قالوا أيضاً : قصد العميل للسلعة أمر خفي يصعب التحقق منه لأن العميل قد يأخذ في اعتباره الجائزة ، فإذا قصد الجائزة دخل في مسألة القمار .
3- قالوا أيضاً : مثل هذه المعاملات مدعاة لأن يشتري الإنسان ما لا يحتاجه ، وهذا فيه شيء من الإسراف .
4- قالوا أيضاً : القمار موجود من جهة البائع فقد يفوز أحد المشترين بهذه الجائزة وسلع البائع لم تنته ، فيكون البائع داخلاً في القمار إما غانم أو غارم .
والأقرب في مثل هذا هو الرأي الأول وأن مثل هذا أمر جائز ولا بأس به إن شاء الله لما ذكرنا من أن الأصل في المعاملات الحل
والعلل التي ذكرها أصحاب القول الثاني فإنها تنتفي بما ذكره أصحاب القول الأول من الضوابط ؛ وذلك :
أ‌- بأن تكون بسعر المثل .
ب‌- أن يشتري ما يحتاجه .
فإذا توفر ذلك انتفت تلك العلل .


القسم الثالث : أن تكون الجائزة عن طريق المسابقات التي يظهر منها تعليم الناس وإرشادهم .
مثالها : كما تصنعه بعض المؤسسات التربوية أو بعض المؤسسات التعليمية بحيث تضع مسابقة على شريط هادف أو كتاب من كتب أهل العلم أو أسئلة شرعية تقصد من وراء ذلك تعليم الناس وإرشادهم مثل هذه الأحكام .
حكمه : هذا القسم حكمه ينبني على خلاف أهل العلم رحمهم الله : هل يجوز أخذ العوض عن المسائل العلمية أو لا ؟ وهذه المسألة فيها قولان :
1- الحنفية وهو اختيار شيخ الإسلام يقولون : هذا جائز ولا بأس به ، يعني يقولون : يجوز أخذ الرهان على المسائل العلمية الشرعية ؛ بحيث يتسابق اثنان على مسألة علمية هل هي من الحلال أو الحرام ؟ وكل منهم يدفع مائة ريال فمن كان القول قوله أخذ العوض وخسر الآخر ، فكل منهم الآن يدخل وهو غانم أو غارم ، وهذا من الرهان الذي أباحه الشارع .
تعليلهم : قالوا : كما أن الدين قام بالسيف والسنان أيضاً قام بالعلم والبيان .
2- الجمهور : أنه محرم ولا يجوز .
دليلهم : أن النَّبي صلى الله عليه وسلم حصر الرهان في ثلاثة أشياء : الخف والنصل والحافر ، يعني في آلات الجهاد ، فقال صلى الله عليه وسلم : " لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر " .
وإن شاء الله سنتعرض لهذه المسألة لاحقاً وسنذكر ضابطاً لها .
الترجيح :
الراجح في هذه المسألة ما ذهب إليه الحنفية واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .


تم بحمد الله تعالى ونتبعه إن شاء الله تعالى بالجوائز التي تتبع السلع مباشرة ولا تكون خاضعة لمسابقة إن كتب الله لنا بقاء وقدر في العمر بقية والحمد لله رب العالمين.
 
أعلى