لا تطع حاكمك اذا لم يستوفي هذه الشروط

كهمس

عضو مخضرم
هذه هي الحقيقة وراء هذه المفاهيم وهي التي ذكرتها مرارا وتكرارا وهو عدم الصبر , فالأمر لا يؤخذ بالعاطفة ولا بالحمية وإنما بالدليل والبرهان , وأنت في مكانك ترين صورة صغيرة من الوطن الإسلامي ولا يمكن أن تعلمي جميع التفاصيل , فإذا صار إعتزال ثم دعوة إلى الإعتزال ثم خروج سلمي ثم خروج مسلح ثم قتل ودماء واستباحة أعراض وضياع حقوق وفساد عظيم , وتحزب وتشرذم وتقطع في أوصال الوطن الواحد والأمة إلى قطع صغيرة جدا , حينئذ تعلمون أنكم أصل هذا الفساد العريض العظيم, ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخلصوا رقابكم من هذا الإثم العظيم والوزر الكبير , فالمسلم مهما عمل لا يزال في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم , وإذا كان هناك شران فاختيار أخفهما من قواعد الشريعة , ولقد حكى شيوخ وعلماء مصر الذين أطفأوا نار الجماعات المسلحة أن من هؤلاء من كان يقول للشيوخ ساعدوني لكي أتوب مما جنت يداي فيرد له الشيخ وماذا يمكن أن نصنع لك وقد كنت سببا في فساد وسفك دم وفتن؟! الملل وقلة الصبر وضرب الأمة باليأس من أخطر الأسلحة التي يحاربنا به أعداءنا , وهي خطة منهجية حتى يحدث للمسلمين امرٌ من اثنين إما اليأس والقنوت والسلبية تماما من نصرة قضايا الإسلام وإما التجرؤ والخروج وكسر الحدود لفترة من الزمان ثم يكون في هذا سببا جاهزا لكي تدك بلاد الإسلام ومن عليها دكا وتنسف نسفا ويقتل أولادها ثم يفرح هؤلاء الذين لم يصبروا على ألم ساعة بالبكاء على ما كتبوه وفعلوه طوال حياتهم ويوم القيامة


صدقت يا ابا عمر

فهم يريدون يمن اخر في كل بلد مسلم .


فدعواهم ودعوى الحوثييين واحدة فلا فرق فالكل يقول ان البيعة غير شرعية
وانهم سلطان جور .

فخرجو وسببو تشرد الاسر وقتل الضعيف وظلم المسكيين.

فالنهج الذي يدعيييه اصحاب الفقيه الومسعري هاهو يطبق الان في اليمن من قبل الحوثييين .

فهم كانت دعواهم سلمية الى ان خدعو الناس واجبروهم علي القتال .

فماهي النتائج .

يمكن للعاقل ان يعمل قياس بسيط بين مفاهيمهم ومفاهيم الحوثيين ليكون تجربة حية امامه واقع مريير يصورون انه السلام التام اذا طبق .
 
لا أدري هل يمكن أن تدافعين عن البعث وأفكاره المخالفة للإسلام والتي كان يعتنقها صدام حسين في حياته ؟! وإذا حارب إيران فهل يجعله ذلك موحدا مسلما وهل إذا حاربت إيران إسرائيل هل يجعل ذلك اي الطرفين مسلم والآخر كافر أم يمكن أن يكون الطرفان عدو للمسلمين ولكن بعضه أخف ضرره من الآخر على المسلمين ؟! هذه مسألة معروفة عند جميع العقلاء .

ولكي تفهمي الفرق بين الإستيلاء بالسيف والقهر وحرب الطائفتين المسلمتين , فلابد أن تراجعي أقوال العلماء في أسلوب الصلح بين الطائفتين أولا , فالأصل أن المسلم لو اعتدى عليه أحد يصح له أن يوقف العدوان وأن يرده ما استطاع , ولقد وضعت الآية لأظهر لك الفرق بين قتال البغي والإستيلاء بالسيف , فالمسلمين إذا استطاعوا أن يوقفوا البغي وأن يردوه كان هذا واجبا عليهم بنص الآية الكريمة وإذا لم يستطيعوا أن يفعلوا ذلك فيسكتون حتى يرون حكم المتغلب , وهذا في النهاية عندما لا يكون لخصمه وجود أو أثر , كما حدث في الحرب بين الدولة الأموية وبن الزبير رضي الله عنه , وأنت ذكرتي قسم من الصحابة سكتوا واعتزلوا حتى غلب طرف على آخر وانتهت خلافة عبد الله بن الزبير تماما فبايعوا الغالب , وهذا خلاف بين ما حديث بين العراق والكويت لأنه فترة حرب وفيها أخذ ورد فهذا انتصر انتصار جزئي فقط ولم يكن إنتصار كلي بالقهر التام , ثم إن رايته بعثية كفرية وقد اتفق المسلمون إلا قليلا على أنه معتد وظالم ويجب رده ...


ولكن العجيب عندك حقيقة في هذه النقطة , لأن صدام رايته بعثية ولم يكن يسعى طبعا لجمع المسلمين ولو سعى لكان باطلا لأنها راية كفرية وليست إسلامية , وعلى الرغم من ذلك تستنكرين عدم الإعتراف به ؟!! فهو لم يحقق ولا شرط واحد في صحة الإمامة لكفره أصلا وتركه معتقد المسلمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يا شيخنا أبا عمر أننا معكما نسمع ونرى ، ولقد حدت بعيدا بطرحك وشرقت وغربت وللآن لا أجد حسما واضحا من لدنك ، ولكم سعدت بداية بدخولك للحوار لنتعلم من لدنك ولنقرأ من الطرف الآخر حكمة وزبدة الموضوع ، وللأسف يا شيخي الحبيب لم أجد عندكم شيء واضح المعالم أو صريح بالعبارة ، وآخر أمرك أنك تقولها ما لم تقله لو أنك انتبهت .
المعذرة منك شيخنا الفاضل ، هي لا تشك بكفر البعث العفلقي إنما تستنكر سكوت من يعلم بكفره حتى إذا وقعت الطامة الكبرى نطق "العلماء" بتكفيره ...ولعل هذا المدخل يجعلني أتساءل حتى متى يسكت العلماء على أمراء الجور والسوء ، وكم من مصيبة سينتظر المسلمين حتى يتكلم العلماء ويصدعوا بالحق ؟
هل يجب أن يقتل مئات الألوف من المسلمين بل الملايين حتى ينطق العالم بالحق ؟
نعم معها حق ( كل الحق ) فلم كان علماؤنا صامتون كالقبور حيث يفتك صدام حسين بالأكراد وبشعبه وباسم القومية " الجاهلية " والوطنية الزائفة ؟
أثم إذا ما وقعت الكارثة نطقوا ؟ ..............آآآآآآلآن.... ؟
يا ترى متى سيفضح علماؤنا ما يحدث من تحكيم غير شرع الله ، ومتى سيصدع أحدنا بالحق عما يحدث في سوريا البعثية ولبنان المسيحية وفلسطين البهائية ومصر وحكومة الطواغيت و اليمن الزيدية ....الخ
أنا سأقول لك متى سيتكلمون : سيتكلم الحجر والشجر إذا أذن لهم صاحب البيت الأبيض ، خلينا صريحين و لا داعي أن ندس رأسنا بالتراب .

أما الخروج على ولي الأمر الظالم فكل يقدر بقدره فلقد وأوجب ابن حزم قيام الأمة بعزل الإمام بالقوة، وعدم جواز طاعته إذا ما خالف الشرع. وعدَّ الأئمة الثلاثة أبا حنيفة ومالكا والشافعي بأنهم ممن يرى سل السيوف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإنكار منكرات الأئمة الظلمة ( ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج4 ص 169-170 ) كذلك قال الحافظ ابن حجر:"إن الخروج بالسيف على أئمة الجور مذهب للسلف قديم" - وفي الحقيقة إن كثيرا من الفقهاء السنة كانوا يؤمنون بضرورة الطاعة النسبية للإمام، ويقولون بوجوب عزل الإمام المنحرف، ولكنهم لم يكونوا يملكون الآلية السليمة لتنفيذ هذا القرار، ولذلك كانوا يضطرون للتراجع عن رأيهم الأول أمام ضغط الواقع والخوف من الفتنة.
وهذا لا يلغي أصل المسألة بجواز الخروج أو رفض طاعة ولي الأمر الظالم ، فعدم القدرة على الحج في حالة ما لا يعني سقوط الواجب عن الجميع وفي كل الحالات .

إنه حقا لمن المؤسف أن نرى "تجميد" المسلمين على حالة الضياع والتمزق باسم الضرورات تبيح المحظورات ، بل إن هذا المبدأ وعلى افتراض قطعية عدم جواز الخروج يعطينا سعة بالخروج على حكام ظلمة متخلفين جاؤوا في غالبهم الأعم على ظهر الدبابة البريطانية أو الفرنسية ابتداءا ثم أبدلوا العربات الأوروربية بالمجنزرات الأمريكية ، هذا عقلا ، أما شرعا فلقد أفاضت عليك ذات النطاقين بأدلة جمة رددتها يا شيخنا بتأويل مدرسة واحدة وهي مدرسة السلفية المتأخرة لا السلفية الأولى ولا فعل الصحابة ، حيث ثار سيدنا الحسين من قبل وثارت المدينة المنورة ، وثار عبدالله بن الزبير ، فما استنكر أحد من كبار الصحابة عليه ولا رد عليهم راد .

أخيرا شيخنا الكريم ، لا تشمت بنا الأعداء ، فأنا أشتم العلمانية و الجامية وقد شمروا سواعدهم للإنقضاض ، وتالله إن فتنة السكوت على الحق لأشد من فتنة الخروج أو حتى التلويح بالخروج أو حتى التلويح بالرفض ، فلا داعي لتخدير المسلمين ، فهم أموات أصلا ، ولن يخرجوا ، فلنكن على الأقل صادعين بالحق فحكام مغلب دول العالم الاسلامي غير شرعيين لا من ناحية دينية ولا من ناحية القوانين الأممية .
ولقد ضربت مثلا شيخنا بالحقوق الزوجية ، أنه من لم يقم بواجب من الواجبات لا يبطل عقده ، وأقول لك شيخي الحبيب ، إن مثالكم غير موفق ( رغم اعتزازي بذكائكم ) فعقد النكاح أصلا عقده قمص أو قسيس من كنيسة الاستعمار الغربي ، بعد أن تم تطليق الزوجة كرها من زوجها الأول ، شيخي الحبيب و الفاضل : ليس على مستكره طلاق .
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
صدقت يا ابا عمر

فهم يريدون يمن اخر في كل بلد مسلم .


فدعواهم ودعوى الحوثييين واحدة فلا فرق فالكل يقول ان البيعة غير شرعية
وانهم سلطان جور .

فخرجو وسببو تشرد الاسر وقتل الضعيف وظلم المسكيين.

فالنهج الذي يدعيييه اصحاب الفقيه الومسعري هاهو يطبق الان في اليمن من قبل الحوثييين .

فهم كانت دعواهم سلمية الى ان خدعو الناس واجبروهم علي القتال .

فماهي النتائج .

يمكن للعاقل ان يعمل قياس بسيط بين مفاهيمهم ومفاهيم الحوثيين ليكون تجربة حية امامه واقع مريير يصورون انه السلام التام اذا طبق .


اليأس أو الملل أخطر سلاح يواجه به أعداء الإسلام المسلمين , فهم يجعلوهم يشاهدون في التلفاز كيفية ظلم المسلمين في شتى بقاع الأرض ولا أحد يقوى على رد المظالم فيصيب المسلمين أحد أمرين إما اليأس والقنوط والسلبية والإنطواء على النفس , وإما الملل وإخراج شحنة الغضب كما في المظاهرات والخروج والفتن والفساد وتقطيع كلمة المسلمة المجزئة بالفعل , وكلاهما خطر على المسلم وإنما يجب عليه أن يبصر بنور الهداية النبوية أن كل هذا إلى إنقضاء وأن الدين تام وكامل ومنتصر على أعداءه , وأنه يجب على المسلم أن يبذل جهده في مكانه وأن ينصر دينه بالطريقة الصحيحة التي جاء بها الشرع.

ولكن ليس كل من يدعو إلى ترك الطاعة يقصد شرا وإنما هناك الكثير من الشباب المسلم الذين يغيرون على الدين ويرون هذا أقصر طريق لإنكار المنكر وهذا هو الذي أتلمسه من أختنا الكريمة المحاورة , وقد تعرضت لمثل هذا كثيرا ونقل علماء مصر الكثير من الخبرة في مناقشة هذه الأمور وهذا الأفعال , فالشبهة لا ترد إلا بالعلم فليسوا جميعا سواء.

.
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يا شيخنا أبا عمر أننا معكما نسمع ونرى ، ولقد حدت بعيدا بطرحك وشرقت وغربت وللآن لا أجد حسما واضحا من لدنك ، ولكم سعدت بداية بدخولك للحوار لنتعلم من لدنك ولنقرأ من الطرف الآخر حكمة وزبدة الموضوع ، وللأسف يا شيخي الحبيب لم أجد عندكم شيء واضح المعالم أو صريح بالعبارة ، وآخر أمرك أنك تقولها ما لم تقله لو أنك انتبهت ..


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته بالحبيب عبد الله ...

هذه كلمة بليغة ولكن محركها العاطفة أيضا يا الحبيب , وليس بهذا تقام الأمور أن ينظر في مصالح المسلمين , وأما بخصوص التوسع فبلى قد توسعت في الأمر وهذه غاية عندي لأن الأخت الكريمة ذات النطاقين ذكرت ثلاثة أمور لإبطال راية الدول الحالية ,فكان منها أمران خاطئان مثل تعدد الرايات مع فقد الخليفة والقبلية أو العائلية وهذا خطأ , وأما الحكم بغير ما أنزل الله فقد ذكرت عدة مرات أن هذا الموضوع يحتاج إلى صفحة مستقلة لأن بها تفاصيل مهمة وهي من أمور العقيدة , ولا أظنك أخي الكريم تظن أن الرد على مثل هذه الموضوعات أو إظهار الصواب في مسألة حساسة جدا مثل هذا يحتاج إلى كلمة أو كلمتين.



المعذرة منك شيخنا الفاضل ، هي لا تشك بكفر البعث العفلقي إنما تستنكر سكوت من يعلم بكفره حتى إذا وقعت الطامة الكبرى نطق "العلماء" بتكفيره ...ولعل هذا المدخل يجعلني أتساءل حتى متى يسكت العلماء على أمراء الجور والسوء ، وكم من مصيبة سينتظر المسلمين حتى يتكلم العلماء ويصدعوا بالحق ؟
هل يجب أن يقتل مئات الألوف من المسلمين بل الملايين حتى ينطق العالم بالحق ؟
نعم معها حق ( كل الحق ) فلم كان علماؤنا صامتون كالقبور حيث يفتك صدام حسين بالأكراد وبشعبه وباسم القومية " الجاهلية " والوطنية الزائفة ؟
أثم إذا ما وقعت الكارثة نطقوا ؟ ..............آآآآآآلآن.... ؟
يا ترى متى سيفضح علماؤنا ما يحدث من تحكيم غير شرع الله ، ومتى سيصدع أحدنا بالحق عما يحدث في سوريا البعثية ولبنان المسيحية وفلسطين البهائية ومصر وحكومة الطواغيت و اليمن الزيدية ....الخ
أنا سأقول لك متى سيتكلمون : سيتكلم الحجر والشجر إذا أذن لهم صاحب البيت الأبيض ، خلينا صريحين و لا داعي أن ندس رأسنا بالتراب ...

ومن قال لك إن العلماء صامتون عما يحدث من منكرات , العلماء يتحركون ويعلمون ويشرحون وينكرون ويخطبون ويدرسون في كل وقت , ولقد نال الكثير منهم السجن والعذاب في دول مثل مصر الحبيبة , وعلى الرغم من ذلك فهم لا يقولون بالخروج أو إسقاط الطاعة , ومن الخطأ الكبير أنكم تربطون تغير الأحداث بمجرد الخطاب أو الإنكار , وكأن العلماء يملكون الحل والعقد في دولهم فضلا عن دول مغايرة.

المسألة أن كل دولة فيها من المشاكل الدعوية الكثيرة جدا وهذا يأخذ أغلب الوقت والجهد , وقد يكون الإنكار على أمر مجاور يسمع بصوت خافت أو يختفي بين كثرة المشكلات المحلية , فتعميم القول وكأن العلماء يسكتون عن كل منكر ولا يتكلمون إلا إذا أصاب دولهم خطأ كبير جدا , الخطأ أن تظن يا عبد الله أن الغاية هي إنكار المنكر بأقصى طريقة في كل وقت وحين وعدم اعتبار للنتائج على ذلك , لقد ظل النبي صلى الله عليه وسلم في مكة والصحابة يضربون ويعذبون ويفعل بهم شتى أصناف العذاب وما ملك أحد أن يصنع لهم شيئا , حتى رد الأذى لم يكن مسموحا به , وما نزلت آية رد الأذى إلا بعدما أقاموا الدولة فقال تعالى (( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ))[الحج : 39] , وقال الألوسي رحمه الله في تفسيره (13 / 75) ((... والمراد بالموصول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين في مكة فقد نقل الواحدي . وغيره أن المشركين كانوا يؤذونهم وكانوا يؤتون النبي عليه الصلاة والسلام بين مضروب ومشجوج ويتظلمون إليه صلوات الله تعالى وسلامه عليه فيقول لهم : اصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر فانزلت هذه الآية وهي أول آية نزلت في القتال بعدما نهى عنه في نيف وسبعين آية على ما روى الحاكم في «المستدرك» عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وأخرجه عبد الرزاق . وابن المنذر عن الزهري .)) وحال العراق في عهد صدام يشبه حال المسلمين في العهد المكي فلم يكونوا قادرين على دفع ظلمه ولو حتى بالكلمة لأنه كان طاغية يقتل ما يخالفه , ولا يمكن لغيرهم أن يساعدهم في هذه المحنة كما كان في العهد المكي سواء بسواء. هذا على فرض سكوت العلماء بالكلية ولكن الواقع أنهم تكلموا وصبروا على ما أصابهم في مصر - وهذا ما أعرفه يقينا - في سبيل الدعوة وكانوا يرون كل الطرق في عدم الإصطدام مع النظام المصري في سبيل الدعوة إلى الله , وإلا فالأسهل أن يخرج في مظاهرة أو أن يشتم النظام فيلحقه الأذى وتنطفئ جذوة الدعوة والتي كانت آخذة في الصعود.


أما الخروج على ولي الأمر الظالم فكل يقدر بقدره فلقد وأوجب ابن حزم قيام الأمة بعزل الإمام بالقوة، وعدم جواز طاعته إذا ما خالف الشرع. وعدَّ الأئمة الثلاثة أبا حنيفة ومالكا والشافعي بأنهم ممن يرى سل السيوف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإنكار منكرات الأئمة الظلمة ( ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ج4 ص 169-170 ) كذلك قال الحافظ ابن حجر:"إن الخروج بالسيف على أئمة الجور مذهب للسلف قديم" - وفي الحقيقة إن كثيرا من الفقهاء السنة كانوا يؤمنون بضرورة الطاعة النسبية للإمام، ويقولون بوجوب عزل الإمام المنحرف، ولكنهم لم يكونوا يملكون الآلية السليمة لتنفيذ هذا القرار، ولذلك كانوا يضطرون للتراجع عن رأيهم الأول أمام ضغط الواقع والخوف من الفتنة
وهذا لا يلغي أصل المسألة بجواز الخروج أو رفض طاعة ولي الأمر الظالم ، فعدم القدرة على الحج في حالة ما لا يعني سقوط الواجب عن الجميع وفي كل الحالات .


وأما كلام ابن حجر رحمه الله في ترجمة الحسن بن صالح بن حي في التهذيب (( وقولهم كان يرى السيف يعني كان يرى الخروج بالسيف على ائمة الجور وهذا مذهب للسلف قديم لكن استقر الامر على ترك ذلك لما رأوه قد افضى إلى أشد منه ففي وقعة الحرة ووقعة ابن الاشعث وغيرهما عظة لمن تدبر وبمثل هذا الرأى لا يقدح في رجل قد ثبتت عدالته واشتهر بالحفظ والاتقان والورع التام.)) تهذيب التهذيب - (2 / 250) , وأنت ترى في هذا النقل أن ابن حجر رحمه الله تعالى لا يجعل رأيا هذا المتروك سببا للقدح في عدالة الرجل لأنه مشهور بالحفظ والإتقان والورع التام , لأن هذا القول يخالف الإجماع وهو سبب في القدح ولكن لما ظهر ورعه وتقواه واتقانه أظهر القول بأن هذا ليس سببا في حالته.

وهذا القول لا يدل على أن هذا هو إجماع السلف بل مذهب من مذاهب السلف والذي تركوه لما علموا بخطأه , وكلام بن حجر رحمه الله واضح وهو أحد الذي أوردوا إجماع المسلمين على عدم جواز الخروج بالسيف على أئمة الجور , وقد استقر الإجماع بعد وذلك وذكر هذا الإتفاق عدة من العلماء منهم الصابوني والطحاوي والنووي وابن حجر رحمهم الله جميعا

فقال النووي حيث قال في شرحه لصحيح مسلم ( 12/ 229 ) : (( وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين ))

ونقله ابن حجر في فتح الباري ( 13/ 7 ) عن ابن بطال فقال : (( وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء .. ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفرالصريح )) انتهى

وقال شيخ الإسلام بن تميمة رحمه الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - (1 / 9)
(( الصبر على جور الإئمة ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على جور الأئمة، ونهى عن قتالهم ما أقاموا الصلاة وقال : "أدوا إليهم حقوقهم وسلوا الله حقوقكم " .وقد بسطنا القول في ذلك في غير هذا الموضع . ولهذا كان من أصول أهل السنة والجماعة لزوم الجماعة وترك قتال الأئمة وترك القتال في الفتنة . وأما أهل الأهواء - كالمعتزلة - فيرون القتال للأئمة من أصول دينهم ويجعل المعتزلة أصول دينهم)) انتهى


وهناك أقوال كثيرة لعلماء المذاهب جميعا في ترك الخروج للأحاديث الناهية عن ذلك , وللفتنة والفساد المترتبة على ذلك , وهذا يعني اتفاق السلف رحمهم الله مع الخلف مع العلماء المعاصرين في هذه القضية ولم يخالف في ذلك إلا القليل والقليل جدا , فعليكم بلزوم جماعة المسلمين من أهل العلم في هذا الأمر, وقد صلى الصحابة خلف أئمة ظلمة كما هو معلوم , ولم يبطل الأئمة الأربعة إمامة الفاسق على الرغم من فسقه في الصلاة كما هو معروف من تفصيل المذاهب , وليس هناك قول واحد لأبي حنيفة أو لمالك أو للشافعي في مسألة سل السيوف في إنكار المنكر صريح ولو كان هناك فأعلمني به أتناقشه معكم إن شاء الله تعالى , فقد وردت أقوال مثل طلاق المكره وغيره وليس فيها الخروج بالسيف فهذه مسألة وتلك أخرى.



إنه حقا لمن المؤسف أن نرى "تجميد" المسلمين على حالة الضياع والتمزق باسم الضرورات تبيح المحظورات ، بل إن هذا المبدأ وعلى افتراض قطعية عدم جواز الخروج يعطينا سعة بالخروج على حكام ظلمة متخلفين جاؤوا في غالبهم الأعم على ظهر الدبابة البريطانية أو الفرنسية ابتداءا ثم أبدلوا العربات الأوروربية بالمجنزرات الأمريكية ، هذا عقلا ، أما شرعا فلقد أفاضت عليك ذات النطاقين بأدلة جمة رددتها يا شيخنا بتأويل مدرسة واحدة وهي مدرسة السلفية المتأخرة لا السلفية الأولى ولا فعل الصحابة ، حيث ثار سيدنا الحسين من قبل وثارت المدينة المنورة ، وثار عبدالله بن الزبير ، فما استنكر أحد من كبار الصحابة عليه ولا رد عليهم راد .....[/QUOTE]


لم تأتينا أختنا الكريمة ذات النطاقين بدليل واحد فقط شرعي من الكتاب أو السنة أو الإجماع بجواز الخروج والذي تعتبره أصلا يا عبد الله , بل نقلنا لكم أن الإجماع على خلاف ذلك وأن هذا ولو كان من مذاهب السلف قديما إلا أنهم تركوه لما علموا بفساده , وهؤلاء أفضل الناس وأقواهم وأحسنهم وتركوه.

والحسين رضي الله عنه قد خرج نعم ولكن الكثير جدا حذروه من هذا الخروج , ولعلك تستدل بفعل الصحابة رضي الله عنهم ففي تركهم للخروج معه دليل على عدم الجواز أو أقل الأمر أن يكون اشتباه في أذهان أفضل الناس , وهذا الذي فعله الحسين رضي الله عنه أو أحد مثله إنما هو قائم على إجتهاد شخصي وخالفه في ذلك كل الصحابة الذين لم يخرجوا معه على الرغم من كونهم قد بذلوا أرواحهم في سبيل الله تعالى وكانوا يجاهدون الكفار والمشركين على الثغور , وهم أفضل الناس بالنصوص الصريحة وعلى الرغم من ذلك لم يرون أبدا خلع البيعة التي أعطوها للخليفة ولو كان ظالم , ونتج عن هذا الخروج أعظم مصيبة مني بها المسلمين إلى الآن وهي أحدثت نوعا كبيرا من الشرخ داخل البيت الإسلام كما هو معلوم , فالسبب كان اجتهادي والنتيجة كانت من غير فائدة فكيف تستدل بهذا ؟!!

قال البخاري - رحمه الله - ( 7111 ) :
حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، قال : لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال : إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :« ينصب لكل غادر لواءيوم القيامة » ، وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله ،وإني لا أعلم غدراً أعظم من أن يبايع رجلٌ على بيع الله ورسوله ثم ينصب لـه القتال ،وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه .

وقال ابن عمر - رضي الله عنهما - له ولابن الزبير - رضي الله عنهم أجمعين - أذكركما الله إلاّ رجعتما ولا تفرقا بين جماعة المسلمين .

وكان يقول : غلبَنَا الحسين بن علي - رضي الله عنهما - بالخروج ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة ، فرأى من الفتنة وخذلان الناس لهما ما كان ينبغي لـه أن يتحرّك ما عاش ، وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس ، فإن الجماعة خير .

وقال لـه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - :اتق الله والزم بيتك ولا تخرج على إمامك

وقال جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - :كلمت حسيناً - رضي الله عنه - فقلت : اتق الله ولا تضرب الناس بعضهم ببعض ، فوالله ما حمدتم ما صنعتم ، فعصاني .

وقال النووي - رحمه الله - بعد الكلام عن خروج الحسين وابن الزبير وبعضالتابعين ( شرحه جزء 11 – 12 ص 433 تحت الحديث رقم : 4748 ) : قال القاضي : وقيل إن هذا الخلاف كان أولاً ؛ ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم» انتهى .

وقال الشوطاني رحمه الله في نيل الأوطارشرح منتقى الأخبار - (13 / 377)
((قال ابن بطال : إن حديث ابن عباس المذكور في أول الباب حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار قال في الفتح : وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وإن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما في الحديث اهـ .
وقد استدل القائلون بوجوب الخروج على الظلمة ومنابذتهم السيف ومكافحتهم بالقتال بعمومات من الكتاب والسنة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا شك ولا ريب أن الأحاديث التي ذكرها المصنف في هذا الباب وذكرناها أخص من تلك العمومات مطلقاً وهي متواترة المعنى كما يعرف ذلك من له أنسة بعلم السنة ولكنه لا ينبغي لمسلم أن يحط على من خرج من السيف الصالح من العترة وغيرهم على أئمة الجور فإنهم فعلوا ذلك باجتهاد منهم وهم أتقى للّه وأطوع لسنة رسول اللّه من جماعة ممن جاء بعدهم من أهل العلم ولقد أفرط بعض أهل العلم كالكرامية ومن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب حتى حكموا بأن الحسين السبط رضي اللّه عنه وأرضاه باغ على الخمير السكير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية لعنهم اللّه فياللّه العجب من مقالات تقشعر منها الجلود ويتصدع من سماعها كل جلمود )) انتهى




أخيرا شيخنا الكريم ، لا تشمت بنا الأعداء ، فأنا أشتم العلمانية و الجامية وقد شمروا سواعدهم للإنقضاض ، وتالله إن فتنة السكوت على الحق لأشد من فتنة الخروج أو حتى التلويح بالخروج أو حتى التلويح بالرفض ، فلا داعي لتخدير المسلمين ، فهم أموات أصلا ، ولن يخرجوا ، فلنكن على الأقل صادعين بالحق فحكام مغلب دول العالم الاسلامي غير شرعيين لا من ناحية دينية ولا من ناحية القوانين الأممية .
ولقد ضربت مثلا شيخنا بالحقوق الزوجية ، أنه من لم يقم بواجب من الواجبات لا يبطل عقده ، وأقول لك شيخي الحبيب ، إن مثالكم غير موفق ( رغم اعتزازي بذكائكم ) فعقد النكاح أصلا عقده قمص أو قسيس من كنيسة الاستعمار الغربي ، بعد أن تم تطليق الزوجة كرها من زوجها الأول ، شيخي الحبيب و الفاضل : ليس على مستكره طلاق .


ليس علي عتب في ذلك بل العتب على من فتح هذا الموضوع في منتدى غير تخصصي , فإذا كان هناك مفاضلة بين قول الصواب أو إغضاب بعض الأحبة والأصحاب فمثلك يعرف نتيجة الإختيار طبعا , ونحن هنا لا نتحدث عن أشخاص أو معينين وإنما عن دليل وشريعة بعيدا عن العواطف , وإذا كانت الأمة مواتا كما تراها أخي الكريم فماذا تستفيد من النفخ في رماد إلا بالضرر على الداعية الذي من المفروض أن يكون مثل الطبيب ينتقل بين المرضى , فهل يمل الطبيب ويذهب ويعتزل ويترك وظيفته أو يصادم من عينه فيخرجه من دائرة عمله فيفسد الناس بغيابه؟! , يعني أسألك سؤالا وأريدك أن تجاوبني عليه , ما هو الأفضل عندك عقلا ومنطقا أن ترى أمثال الشيخ محمد حسان والحويني وغيرهما على الفضائيات يخاطبون مئات الملايين من المسلمين عبر الشاشة يعلمونهم الدين والتوحيد وعبادة رب العالمين سبحانه أم يكونوا في غياهب السجون بسبب كلمة اعتراض أو دعوى لسقوط الطاعة للملل والسآمة ؟!!! ماذا تفضل وما هو الأصلح من مصلحة الدعوة ؟!!


حياك الله أخي الكريم

.
 
ليس علي عتب في ذلك بل العتب على من فتح هذا الموضوع في منتدى غير تخصصي , فإذا كان هناك مفاضلة بين قول الصواب أو إغضاب بعض الأحبة والأصحاب فمثلك يعرف نتيجة الإختيار طبعا
.

أعتقد أننا وصلنا لمرحلة يصعب فيها الألتقاء ولو بمنتصف الطريق

خلاص .... انتهى كل شيء

وأتمنى أن يغيب الموضوع وصاحبة الموضوع

ليرتاح السواد الأعظم هنا ولا أحد يخسر أحد




نقطة ...انتهى
 

محب الراحة

عضو بلاتيني
انا لا اعرف كيف تفكر ياهداك الله ،،،

انا قلت : مادام زكاه علماء الأمة فلا نلتفت إلى من هم دونهم ،،،، وهذا منطقي ،، ولا ادري أين القدسية ،،، يا رجل فكر فإنك مقبل على الله تعالى ، لا تكذبون علينا ولاتلوون كلامكنا بما لا يحتمل ،،، ما دام أن الرجل قد زكاه ابن باز والالباني وابن عثيمين والفوزان ومقبل الوادعي وغيرهم كثير وهم من عايشه ويعرف كل مالديه من توجه ،،، وفوق هذا تلومني إن أخذت بتزكياتهم ، وتعتبر هذا إلباس القدسية له،،،، لا حول ولاقوة إلا بالله.

انت عندكم الغلو في ربيع, فلا معصوم احد ان كان ربيع ولا المشايخ الافاضل الذين ذكرتهم
صج تعال قلي يا جامي شسالفة طعن ربيع بالشيخ ابن باز بالقول ان سلفيتنا افضل من سلفية ابن باز هل ابن باز غير سلفي عند ربيع ؟


لن تستطيع المناقشة ،،، هيا ناقش ،، ،،،، أنت اتهمت الشيخ ربيع ،،،، أتحداك ثم اتحداك ان تأتي بعقيدة واحدة أو منهجية أخرجت الشيخ ربيع عن المنهج السلفي ،،، أنا بالإنتظار ،،، ولن تستطيع ،،،، أما الكلام الإنشائي والخطب الرنانة الخاوية من الأدلة لهو اسلوب اهل الكلام واهل الاهواء.


عندي طوام وخاصه وصفه الصحابه باوصاف غير لائقه
هل تريدني ان اْتي بها ؟


وهذا الآخر العالم السلفي الشيخ محمد امان الجامي تنبزونه وجهلكم مركب ولاتعرفون ماعنده من عقيدة ،،، فقط تسمعون الناس تقول فتقولون ،،، مازال التحدي قائما ،،، أتحداك ثم أتحداك أن تأـي بعقيدة أو منهج انحرف به الشيخ محمد امان الجامي عن منهج السلف ،،،
الجامي كان ممن ياْخذ عليه سلاطة لسانه على الدعاة في سبيل الله وابلاغ السلطات عليهم على كل لسنا ممن نخرج احدا من دائرة السلفيه بعكسكم والجامي قد افضى الى ما قدم
سلام يا جامي
 
بسم الله الرحمن الرحيم ...وبه نستعين .

اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدنا ...آمين يا رب العالمين.

اللهم أني أحب أبا عمر فزده علما وحكمة وزده بسطة في العلم والحلم والحكمة ، وهب له البنات والبنين ، والمال الوفير ، وعافه واعف عنه واجعله في الآخرة من الآمنين السالمين ...اللهم صل على الهادي الأمين ، اللهم آمين .

اللهم بارك في ذات النطاقين واحمها وارحمها وزدها من لدنك بكرمك و رحمتك بالخير الكثير ، اللهم صل على نبي الأميين ، اللهم آمين .

أما بعد :

أبو عمر;.......

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته بالحبيب عبد الله ...

هذه كلمة بليغة ولكن محركها العاطفة أيضا يا الحبيب , وليس بهذا تقام الأمور أن ينظر في مصالح المسلمين , وأما بخصوص التوسع فبلى قد توسعت في الأمر وهذه غاية عندي لأن الأخت الكريمة ذات النطاقين ذكرت ثلاثة أمور لإبطال راية الدول الحالية ,فكان منها أمران خاطئان مثل تعدد الرايات مع فقد الخليفة والقبلية أو العائلية وهذا خطأ , وأما الحكم بغير ما أنزل الله فقد ذكرت عدة مرات أن هذا الموضوع يحتاج إلى صفحة مستقلة لأن بها تفاصيل مهمة وهي من أمور العقيدة , ولا أظنك أخي الكريم تظن أن الرد على مثل هذه الموضوعات أو إظهار الصواب في مسألة حساسة جدا مثل هذا يحتاج إلى كلمة أو كلمتين.



ربما تكون العاطفة ما ذكرت ، وربما أن العاطفة أصلا لا تسمح لي بالكتابة من باب الخوف على مشاعر فلان وعلان ، لكن يعلم الله أني كمن أسير على الجمر ، فمن ناحية الموضوع خطير ، أنا وأنت وذات النطاقين نعلم أنه ليس لعبة ، وأن الكلمات هنا تعني الشيء الكثير ، وليت شعري لو أن لي رهط أو آوي إلى ركن شديد ، ولأنه لا أشد من مولانا العظيم ، رب العالمين فلقد توكلت على الله وبه أستعين .
لذلك ما تدخلت حتى بدى الأمر عاما لكل المسلمين لا خاصا بأحد الأقطار ، ولست آبه بطرح الإصلاحيين ، ولا بثارات بين قبائل العرب المسلمين ، بقدر ما أني آبه بتأطير حالة من حالات المسلمين ....

ومن قال لك إن العلماء صامتون عما يحدث من منكرات , العلماء يتحركون ويعلمون ويشرحون وينكرون ويخطبون ويدرسون في كل وقت , ولقد نال الكثير منهم السجن والعذاب في دول مثل مصر الحبيبة , وعلى الرغم من ذلك فهم لا يقولون بالخروج أو إسقاط الطاعة , ومن الخطأ الكبير أنكم تربطون تغير الأحداث بمجرد الخطاب أو الإنكار , وكأن العلماء يملكون الحل والعقد في دولهم فضلا عن دول مغايرة.

المسألة أن كل دولة فيها من المشاكل الدعوية الكثيرة جدا وهذا يأخذ أغلب الوقت والجهد , وقد يكون الإنكار على أمر مجاور يسمع بصوت خافت أو يختفي بين كثرة المشكلات المحلية , فتعميم القول وكأن العلماء يسكتون عن كل منكر ولا يتكلمون إلا إذا أصاب دولهم خطأ كبير جدا , الخطأ أن تظن يا عبد الله أن الغاية هي إنكار المنكر بأقصى طريقة في كل وقت وحين وعدم اعتبار للنتائج على ذلك , لقد ظل النبي صلى الله عليه وسلم في مكة والصحابة يضربون ويعذبون ويفعل بهم شتى أصناف العذاب وما ملك أحد أن يصنع لهم شيئا , حتى رد الأذى لم يكن مسموحا به , وما نزلت آية رد الأذى إلا بعدما أقاموا الدولة فقال تعالى (( أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ))[الحج : 39] , وقال الألوسي رحمه الله في تفسيره (13 / 75) ((... والمراد بالموصول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين في مكة فقد نقل الواحدي . وغيره أن المشركين كانوا يؤذونهم وكانوا يؤتون النبي عليه الصلاة والسلام بين مضروب ومشجوج ويتظلمون إليه صلوات الله تعالى وسلامه عليه فيقول لهم : اصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر فانزلت هذه الآية وهي أول آية نزلت في القتال بعدما نهى عنه في نيف وسبعين آية على ما روى الحاكم في «المستدرك» عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وأخرجه عبد الرزاق . وابن المنذر عن الزهري .)) وحال العراق في عهد صدام يشبه حال المسلمين في العهد المكي فلم يكونوا قادرين على دفع ظلمه ولو حتى بالكلمة لأنه كان طاغية يقتل ما يخالفه , ولا يمكن لغيرهم أن يساعدهم في هذه المحنة كما كان في العهد المكي سواء بسواء. هذا على فرض سكوت العلماء بالكلية ولكن الواقع أنهم تكلموا وصبروا على ما أصابهم في مصر - وهذا ما أعرفه يقينا - في سبيل الدعوة وكانوا يرون كل الطرق في عدم الإصطدام مع النظام المصري في سبيل الدعوة إلى الله , وإلا فالأسهل أن يخرج في مظاهرة أو أن يشتم النظام فيلحقه الأذى وتنطفئ جذوة الدعوة والتي كانت آخذة في الصعود.



الموضوع أساسا هو حول غلبة الحاكم ، فلماذا لم يقر ( بعض ) العلماء هذا المبدأ حول أحداث العراق والكويت ، قلتم يا أخي الكريم بما معناه أن السبب يعود لأنها حرب بين طائفتين ولأن البعث حقيقة هو حكم كافر ، فكان الاحتجاج لماذا لم يتم تكفير البعث إلا بعد الغزو لماذا تم السكوت ابتداءا ، هكذا كان محور الكلام .
وإذا كان حال العلماء يهذا السوء يا أخي الحبيب في دولنا العربية ، وكونك شبهت الأمر بالفترة المكية فيحق لي التساؤل هنا : هل هذا إقرار بكفر الأنظمة ؟
فيقينا العلماء يمثلون المسلمين ، وبالتالي أعداؤهم يمثلون كفار قريش ، فإن كان الأمر كذلك فلا أقل من أن نصمت بمدى أهلية النظام العربي بشكل عام إن لم نستطع أن نصدع بالحق ، وإلا الدفاع عن الأنظمة ليس من صالح الشعوب اصلا إن كان حكام النظام العربي بهذا البطش ( وهم كذلك ) ...فلا أقل من أن نقل خيرا أو نصمت ، أما أن تنطلق "فتاوي" العلماء فقط عند الإشارة فهذا يحبط الدعوة أصلا ويضرها أكثر من أن ينفعها ، وعلينا أن نفهم مغزى كل فتوى ولم صدرت وهل العالم يستطيع أن لا يقول ؟
فالناس تثق برجال العلم والدين ، فإن وجدوا تملقا منهم تجاه الجبارين فسينصرفون إلى دعاة حقوق الإنسان ودعاة الحرية ، فالناس بطبعها تسعى إلى العدل ، وإن كان ضريبة أن يعلمنا علماؤنا كيفية الوضوء وغسل الجنابة على شاشات الفضائيات هو ظلم الشعب وسحقهم فدعني أقول : الثمن غال جدا ، فالناس قد تلجأ إلى مدرس الإبتدائي لسؤاله عن الحيض والحجاب و الأضحية ... أما العالم فما أعطاه الله هذا العلم ليكتم بعضه ... وثمن العلم غال جدا ، ألا إن سلعة الله غالية .

نعم لا نريد الفوضى والخروج على الحاكم بكل مناسبة او من غير مناسبة ، فهذا سفه وحمق ولا يحصل في أكثر الدول تحررا وانفتاحا وسماحا بالتعبير عن الرأي ، لكن علينا ألا نخنق المعارضة وألا نسحب منها شرعية المعارضة والاحتجاج بتفسيق العامة وجعلهم رعاع لا يعتد بمطالبهم وعليهم السمع والطاعة كما النعاج تساق لذبحها ، ومن أمن العقوبة أساء الأدب ، ولا أسوء من سلطة مطلقة مبررة بالدين ، لكي يحكمنا حكامنا ويحكمون على ديننا ، بدلا من ان نتحاكم عندهم بشرعة الدين .
أنا أتكلم عقلا هنا أخي أبو عمر ، هذا الدين الحنيف سيصبح عبئا على المسلمين إن استمرت المدرسة ذات المنهج السلفي تحرم وتجرم من يقول "لا" لهضم حقي و "لا" لمصادرة رأيي ، ولدينا جيل قادم منفتح على كل البشرية يسمع ويرى كيف تصان كرامة المواطن في بلاد الواق الواق ذلك أن القوانين تسمح له بالإحتجاج ، وسيسمع ويرى شيخه وهو يقول له اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك لغير صالحك ولغير صالح قومك بل في صالح الرأسمالية الاستعمارية ... وفي هذه الحالة سيكون بين خيارين إما اللجوء لمدرسة تذهب به بعيدا عن هذا المنهج على مافيه من الحق و الخير والدليل إلى اتجاه يحمي حقه وكرامته ، أو الاتجاه صوب حضارة أخرى تؤمن ببشريته باسم الديمقراطية والقانون الفرنسي وفصل الدين عن الدولة .
هذه فطرة البشر ، ما خلقهم الله إلا للحرية ، للكرامة ، للعدل . و في صحيح مسلم أن المستورد القرشي قال عند عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تقوم الساعة والرّوم أكثر الناس . فقال له عمرو : أبصر ما تقول ؟ قال : أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالاً أربعا : إنهم لأحلم الناس عند فتنة ، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ، وأوشكهم كرة بعد فرة ، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف ، وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك .
أنظر وخامسة حسنة جميلة ... فكيف نحسن أنفسنا نحن كذلك ونجملها إذا كنا نؤطر وننظر في جواز ظلم الملوك ؟



وأما كلام ابن حجر رحمه الله في ترجمة الحسن بن صالح بن حي في التهذيب (( وقولهم كان يرى السيف يعني كان يرى الخروج بالسيف على ائمة الجور وهذا مذهب للسلف قديم لكن استقر الامر على ترك ذلك لما رأوه قد افضى إلى أشد منه ففي وقعة الحرة ووقعة ابن الاشعث وغيرهما عظة لمن تدبر وبمثل هذا الرأى لا يقدح في رجل قد ثبتت عدالته واشتهر بالحفظ والاتقان والورع التام.)) تهذيب التهذيب - (2 / 250) , وأنت ترى في هذا النقل أن ابن حجر رحمه الله تعالى لا يجعل رأيا هذا المتروك سببا للقدح في عدالة الرجل لأنه مشهور بالحفظ والإتقان والورع التام , لأن هذا القول يخالف الإجماع وهو سبب في القدح ولكن لما ظهر ورعه وتقواه واتقانه أظهر القول بأن هذا ليس سببا في حالته.

وهذا القول لا يدل على أن هذا هو إجماع السلف بل مذهب من مذاهب السلف والذي تركوه لما علموا بخطأه , وكلام بن حجر رحمه الله واضح وهو أحد الذي أوردوا إجماع المسلمين على عدم جواز الخروج بالسيف على أئمة الجور , وقد استقر الإجماع بعد وذلك وذكر هذا الإتفاق عدة من العلماء منهم الصابوني والطحاوي والنووي وابن حجر رحمهم الله جميعا

فقال النووي حيث قال في شرحه لصحيح مسلم ( 12/ 229 ) : (( وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين ))

ونقله ابن حجر في فتح الباري ( 13/ 7 ) عن ابن بطال فقال : (( وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء .. ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفرالصريح )) انتهى

وقال شيخ الإسلام بن تميمة رحمه الله في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - (1 / 9)
(( الصبر على جور الإئمة ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على جور الأئمة، ونهى عن قتالهم ما أقاموا الصلاة وقال : "أدوا إليهم حقوقهم وسلوا الله حقوقكم " .وقد بسطنا القول في ذلك في غير هذا الموضع . ولهذا كان من أصول أهل السنة والجماعة لزوم الجماعة وترك قتال الأئمة وترك القتال في الفتنة . وأما أهل الأهواء - كالمعتزلة - فيرون القتال للأئمة من أصول دينهم ويجعل المعتزلة أصول دينهم)) انتهى


وهناك أقوال كثيرة لعلماء المذاهب جميعا في ترك الخروج للأحاديث الناهية عن ذلك , وللفتنة والفساد المترتبة على ذلك , وهذا يعني اتفاق السلف رحمهم الله مع الخلف مع العلماء المعاصرين في هذه القضية ولم يخالف في ذلك إلا القليل والقليل جدا , فعليكم بلزوم جماعة المسلمين من أهل العلم في هذا الأمر, وقد صلى الصحابة خلف أئمة ظلمة كما هو معلوم , ولم يبطل الأئمة الأربعة إمامة الفاسق على الرغم من فسقه في الصلاة كما هو معروف من تفصيل المذاهب , وليس هناك قول واحد لأبي حنيفة أو لمالك أو للشافعي في مسألة سل السيوف في إنكار المنكر صريح ولو كان هناك فأعلمني به أتناقشه معكم إن شاء الله تعالى , فقد وردت أقوال مثل طلاق المكره وغيره وليس فيها الخروج بالسيف فهذه مسألة وتلك أخرى.



بمعنى : أن الأمر كان جائزا ثم رأى العلماء في ذلك الحين وطبقا للظروف في ذلك الوقت أن طاعة ولي الأمر ( الجائر ) خير من الخروج عليه .

هذا الكلام يدل على جواز الخروج وعدمه في ذات الوقت ، لإن طاعته خيرٌ من الخروج عليه .. ولو كان الخروجُ حراماً قطعاً والطاعةُ واجبةً قطعاً ، لَم يقل : إن الطاعة خيرٌ من الخروج .... وكل شيء يقدر بقدره ، أما موضوع الإجماع فأنقل لك ما قاله ابن حزم في الإجماع :
" ورأيت لبعض من نصب نفسه للإمامة والكلام في الدين ، فصولاً ، ذكر فيها الإجماع ، فأتى فيها بكلام ، لو سكت عنه ، لكان أسلمَ له في أخراه ، بل الخرس كانَ أسلمَ له ، وهو ابن مجاهد البصري المتكلم الطائي ، لا المقرئ ، فإنه ادعى فيه الإجماعَ أنهم أجمعوا على أنه لا يُخرج على أئمة الجور ، فاستعظمت ذلك ، ولعمري إنه لعظيم أن يكون قد علمَ أن مخالف الإجماع كافر ، فيلقي هذا إلى الناس ، وقد علمَ أن أفاضل الصحابة وبقية السلف يومَ الحرَّةِ خرجوا على يزيد بن معاوية ، وأن ابن الزبير ومن تابعه من خيار الناس خرجوا عليه ، وأن الحسينَ بن عليٍّ ومن تابعه من خيار المسلمين خرجوا عليه أيضاً ، رضي الله عن الخارجين عليه ، ولعن قَتَلَتَهم ، وأن الحسن البصري وأكابر التابعين خرجوا على الحجاج بسيوفهم ، أترى هؤلاء كفروا ؟ بل واللهِ من كفرهم ، فهو أحق بالكفر منهم ، ولعمري لو كان اختلافاً - يخفى - لعذرناه ، ولكنه مشهور يعرفه أكثر من في الأسواق ، والمخدَّراتُ في خدورهنَّ لاشتهاره ، ولكن يحق على المرء أن يَخطِمَ كلامه ويزُمَّه إلا بعد تحقيق وميزٍ ، ويعلم أن الله تعالى بالمرصاد ، وأن كلام المرء محسوب مكتوب مسؤول عنه يومَ القيامة مقلداً أجر من اتبعه عليه أو وزرَه ."

و هذا ابن حجر يصرح بأن الخروج هو مذهب السلف قديماً، ومما لا شك فيه أن السلف قالوا بالخروج مستندين إلى دليل من الكتاب أو السنة، وهم أكثر الناس اتباعاً للسنة . فبأي دليل تغير مذهب السلف، إذا كان بالإجماع، فالإجماع مشكوك فيه بعد الصحابة، وإذا كان بالمصالح والمفاسد، فهذه مسألة نسبية وبهذا يكون القول بالخروج على الحاكم الجائر من مذهب أهل السنة والجماعة ولا عبرة بمن نقل الإجماع في تحريم الخروج ولو كان الناقل من وزن الإمام النووي وابن حجر رحمهما الله، لعدة أسباب، أولها: أن الإجماع بعد الصحابة أمر مُختلف فيه، ولو افترضنا ثبوته، فكيف يستساغ إجماع على أمر خالف فعل الصحابة ولم يجمعوا عليه بل أجمعوا على نقيضه كما صرح ابن حجر نفسه ؟!!!

وإليك طلبك أخبي أبا عمر :

ذكر الإمام الجصاص – رحمه الله – عن أبي حنيفة في هذا المسألة، وقد رد الإمام الجصاص وأغلظ القول على من أنكر على أبي حنيفة مذهبه في الخروج على أئمة الجور وقولهم بأن أبى حنيفة يرى إمامة الفاسق فقال: "وهذا إنما أنكره عليه أغمار أصحاب الحديث الذين بهم فُقِد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى تَغلب الظالمون على أمور الإسلام، فمن كان هذا مذهبه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كيف يرى إمامة الفاسق" [أحكام القرآن للجصاص 61].

وقال في التدليل على ذلك في ذات المصدر :" وقضيته - أي أبو حنيفة - في أَمر زيد بن علي مشهورة وفي حمله المال إليه وفتياه الناس سراً في وجوب نصرته والقتَال معه "

وذكر أيضا : " وكذلك أمره مع محمد وإِبراهيمَ ابني عبد اللَّه بن حسن. وقال لأَبي إسحاق الفزاريِ حينَ قَال له : لمَ أشرت على أَخي بالخروج مع إبراهيم حتى قتل ؟ قَال : مخرج أَخيك أَحب إلي من مخرجك " . وكان أَبو إسحاق قد خرج إلى البصرة "

و نقل الموفق المكي وابن البزاز مثل هذا عن أبي حنيفة.

و ذكر الجصاص أن كبار التابعين قد نابذوا الحجاج بالسيف، حيث قال: " وقد كان الحسن وسعيد بن جبير والشعبي وسائر التَابعين يأْخذون أَرزاقهم من أَيدي هؤلاء الظلمة ، لا على أَنهم كانوا يتولونهم ولا يرون إمامتهم ، وإِنما كانوا يأْخذونها على أَنها حقوق لهم في أَيدي قوم فجرة . وكيف يكون ذلك على وجه موالاتهم وقد ضربوا وجهَ الحجاج بالسيف ، وخرج عليه من القرَاء أربعة آلاف رجل هم خيار التابعين وفقهاؤهم فَقَاتلوه مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بالأهواز ثمَ بالبصرة ثمَ بدير الجماجم من ناحية الفرات بقرب الكوفة وهم خالعون لعبد الملك بن مروان لاعنون لهم متبرئون منهم " [أحكام القرآن للجصاص 62].

وقد أفتى الإمام مالك - رحمه الله - للناس بمبايعة محمد بن عبدالله بن حسن عندما خلــع الخليفة المنصور ، حتى قال الناس لمالك : في أعناقنا بيعة للمنصور ، قال : إنما كنتم مكرهين ، وليس لمكره بيعة ، فبايع الناس محمد بن عبدالله بن حسن عملا بفتوى الإمام مالك .[البداية والنهاية لابن كثير 10\48].

قال مالك : إذا بويع للإمام فقام عليه إخوانه ، قوتلوا إن كان الأول عدلاً ، فأما هؤلاء فلا بيعة لهم ، إذا كان بويع لهم على الخوف "[أحكام القرآن لابن العربي].

ذكر أبن أبي يعلى في ذيل طبقات الحنابلة عن الإمام أحمد في رواية : " من دعا منهم إلى بدعة فلا تجيبوه ولا كرامــة ، وإن قدرتم على خلعه فافعلوا ".[طبقات الحنابلة 2 \ 305]
والمشهور من مذهب الإمام أحمد ، تحريم خلع الإمام الجائر ، غير أنه يمكن التوفيق بأن قوله بالتحريم يحمل على عدم القدرة لأنه حينئذ فتترجح المفسدة ويبقى الظلم بل قد يزداد .
ومن علماء الحنابلة الذين ذهبوا إلى القول بخلع الجائر ، ابن رزين ، وابن عقيل ، وابن الجوزي ، رحمهم الله .[ الإنصاف للمرداوي 10 \ 311]
 
لم تأتينا أختنا الكريمة ذات النطاقين بدليل واحد فقط شرعي من الكتاب أو السنة أو الإجماع بجواز الخروج والذي تعتبره أصلا يا عبد الله , بل نقلنا لكم أن الإجماع على خلاف ذلك وأن هذا ولو كان من مذاهب السلف قديما إلا أنهم تركوه لما علموا بفساده , وهؤلاء أفضل الناس وأقواهم وأحسنهم وتركوه.

والحسين رضي الله عنه قد خرج نعم ولكن الكثير جدا حذروه من هذا الخروج , ولعلك تستدل بفعل الصحابة رضي الله عنهم ففي تركهم للخروج معه دليل على عدم الجواز أو أقل الأمر أن يكون اشتباه في أذهان أفضل الناس , وهذا الذي فعله الحسين رضي الله عنه أو أحد مثله إنما هو قائم على إجتهاد شخصي وخالفه في ذلك كل الصحابة الذين لم يخرجوا معه على الرغم من كونهم قد بذلوا أرواحهم في سبيل الله تعالى وكانوا يجاهدون الكفار والمشركين على الثغور , وهم أفضل الناس بالنصوص الصريحة وعلى الرغم من ذلك لم يرون أبدا خلع البيعة التي أعطوها للخليفة ولو كان ظالم , ونتج عن هذا الخروج أعظم مصيبة مني بها المسلمين إلى الآن وهي أحدثت نوعا كبيرا من الشرخ داخل البيت الإسلام كما هو معلوم , فالسبب كان اجتهادي والنتيجة كانت من غير فائدة فكيف تستدل بهذا ؟!!

قال البخاري - رحمه الله - ( 7111 ) :
حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، قال : لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال : إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :« ينصب لكل غادر لواءيوم القيامة » ، وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله ،وإني لا أعلم غدراً أعظم من أن يبايع رجلٌ على بيع الله ورسوله ثم ينصب لـه القتال ،وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه .

وقال ابن عمر - رضي الله عنهما - له ولابن الزبير - رضي الله عنهم أجمعين - أذكركما الله إلاّ رجعتما ولا تفرقا بين جماعة المسلمين .

وكان يقول : غلبَنَا الحسين بن علي - رضي الله عنهما - بالخروج ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة ، فرأى من الفتنة وخذلان الناس لهما ما كان ينبغي لـه أن يتحرّك ما عاش ، وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس ، فإن الجماعة خير .

وقال لـه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - :اتق الله والزم بيتك ولا تخرج على إمامك

وقال جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - :كلمت حسيناً - رضي الله عنه - فقلت : اتق الله ولا تضرب الناس بعضهم ببعض ، فوالله ما حمدتم ما صنعتم ، فعصاني .

وقال النووي - رحمه الله - بعد الكلام عن خروج الحسين وابن الزبير وبعضالتابعين ( شرحه جزء 11 – 12 ص 433 تحت الحديث رقم : 4748 ) : قال القاضي : وقيل إن هذا الخلاف كان أولاً ؛ ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم» انتهى .

وقال الشوطاني رحمه الله في نيل الأوطارشرح منتقى الأخبار - (13 / 377)
((قال ابن بطال : إن حديث ابن عباس المذكور في أول الباب حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار قال في الفتح : وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وإن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما في الحديث اهـ .
وقد استدل القائلون بوجوب الخروج على الظلمة ومنابذتهم السيف ومكافحتهم بالقتال بعمومات من الكتاب والسنة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا شك ولا ريب أن الأحاديث التي ذكرها المصنف في هذا الباب وذكرناها أخص من تلك العمومات مطلقاً وهي متواترة المعنى كما يعرف ذلك من له أنسة بعلم السنة ولكنه لا ينبغي لمسلم أن يحط على من خرج من السيف الصالح من العترة وغيرهم على أئمة الجور فإنهم فعلوا ذلك باجتهاد منهم وهم أتقى للّه وأطوع لسنة رسول اللّه من جماعة ممن جاء بعدهم من أهل العلم ولقد أفرط بعض أهل العلم كالكرامية ومن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب حتى حكموا بأن الحسين السبط رضي اللّه عنه وأرضاه باغ على الخمير السكير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية لعنهم اللّه فياللّه العجب من مقالات تقشعر منها الجلود ويتصدع من سماعها كل جلمود )) انتهى





أهل العلم قد نصحوا الحسين - رضي الله عنه - مخافة أن يقتل، ولو كانوا يرون الخروج حرام قطعاً لذكروا له الدليل وأمروه بعدم الخروج، ولكن كانت نصيحة يريدون منها المصلحة حسب ما رأوها، وأما الحسين - رضي الله عنه – قرر الخروج لظنه أن المصلحة في الخروج.

(( وبلغ ابنَ عمر - رضي الله عنهما - أن الحسين - رضي الله عنه - توجّه إلى العراق فلحقه على مسيرة ثلاثة ليال ، فقال : أين تريد ، قال : العراق ، وهذه كتبهم وبيعتهم ، فقال لـه ابن عمر : لا تذهب ، فأبى، فقال ابن عمر : إنّي محدثك حديثاً : إن جبريل - عليه السلام - أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فخيّره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا ، وإنّك بضعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يليها أحدٌ منكم أبداً ، فأبى أن يرجع ، فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال : استودعك الله من قتيل . ))

((وقال سعيد بن ميناء سمعت عجّل حسين - رضي الله عنه - قدره والله ، ولو أدركته ما تركته يخرج إلاّ أن يغلبني .))

(( وجاءه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - فقال: يا أبا عبد الله ؛ إني لكم ناصح ، وإنّي عليكم مشفق ، وقد بلغني أنه قد كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج فلا تخرج إليهم ، فإنّي سمعت أباك - رضي الله عنه - يقول بالكوفة : والله لقد مللتهم وأبغضتهم وملّوني وأبغضوني .))


(( وقال عبد الله بن مطيع العدوي - رضي الله عنه - : إنّي فداك وأبي وأمي ؛ فأمتعنا بنفسك ولا تسر إلى العراق ، فوالله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذونا عبيداً وخولاً . ))

وكما هو واضح من عبارات الصحابة أنهم لم ينهوا الحسين – رضي الله عنه - عن الخروج لعدم جواز الخروج، ولكن خوفاُ عليه من القتل، ولمعرفتهم بخيانة أهل الكوفة وأنهم ليسوا أهل نصرة.




ليس علي عتب في ذلك بل العتب على من فتح هذا الموضوع في منتدى غير تخصصي , فإذا كان هناك مفاضلة بين قول الصواب أو إغضاب بعض الأحبة والأصحاب فمثلك يعرف نتيجة الإختيار طبعا , ونحن هنا لا نتحدث عن أشخاص أو معينين وإنما عن دليل وشريعة بعيدا عن العواطف , وإذا كانت الأمة مواتا كما تراها أخي الكريم فماذا تستفيد من النفخ في رماد إلا بالضرر على الداعية الذي من المفروض أن يكون مثل الطبيب ينتقل بين المرضى , فهل يمل الطبيب ويذهب ويعتزل ويترك وظيفته أو يصادم من عينه فيخرجه من دائرة عمله فيفسد الناس بغيابه؟! , يعني أسألك سؤالا وأريدك أن تجاوبني عليه , ما هو الأفضل عندك عقلا ومنطقا أن ترى أمثال الشيخ محمد حسان والحويني وغيرهما على الفضائيات يخاطبون مئات الملايين من المسلمين عبر الشاشة يعلمونهم الدين والتوحيد وعبادة رب العالمين سبحانه أم يكونوا في غياهب السجون بسبب كلمة اعتراض أو دعوى لسقوط الطاعة للملل والسآمة ؟!!! ماذا تفضل وما هو الأصلح من مصلحة الدعوة ؟!!


حياك الله أخي الكريم

أخي العزيز الفاضل الحبيب الكريم أبا عمر :
إذا سئل العالم فهو بين خيارات ، كأن يقول ما علمه الله أو يقول لا أعلم ، أو يُجبر على قول ما لا يجب ، وفي كل الحالات علينا أن نفهم ما يقول العالم وظرفه ، أنا ما قصدت بما قلت سابقا أن أتهجم على العلماء بقدر ما أبين حالتهم الصعبة ، وعلينا أن نفهم الفتوى لم تتناقض بين مكان ومكان وزمان وزمان لذات المفتي ولذات الحدث ، أنا لا أحمل أهل العلم كامل المسؤولية ، بل أحمل طلبة العلم الذين يطيرون بكل فتوى أقصى مداها و كأن علماءنا معصومين ، فإن نشرت وسائل الاعلام فتوى معينة عرفنا أنها تدور ضمن مصلحة ما تراها الدولة ، لكنها سياسة وليست دين .
أما أنا فأتمنى لعلمائنا كل حياة رغيدة و أن يمد الله بأعمارهم ، لكن كلامهم ليس منزل من السماء علينا أن نقدر ظروفهم ، فعلى سبيل المثال في الفتنة التي حدثت للكويت انقسم علماء السلف ، فمنهم من سجن ومنهم من قال الحق و الدولة تحميه ومنهم من دار بفلك التحالف ، الحق أننا جميعنا نعرفه ، مهما قدم لنا من مبررات ، وعلينا أن ننظر إلى المسألة كفتنة ولا نقرها كدين ، حتى الحكام ( أقول حتى الحكام ) ربما كان مغلوب على أمرهم لكن ومن باب ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه كذلك ليس كل من وقع في الذنب وقع الذنب عليه ... كذلك حالنا مع بعض الأنظمة الطاغوتية ، فمن العلماء من لا يستطيع أن يصدع بالحق ، أفإن تكلمت ذات النطاقين رددنا كلامها بحجة أن ( بعض ) العلماء أفتوا بغير ماترى ... فلنسكت فلعل الله يحي الأموات وهو الذي يحي العظام وهي رميم ، و لا تدري فلعلها تكلمت من رضى الله و هي لا تدري ومن باب معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون .

ومع هذا رأيكم مقدر أخي أبا عمر ، وأنت لست كغيرك ، فأنت أعلمنا و لا أجرؤ أن أضع رأسي برأسك ، فأين الثرى من الثريا ، و كل ما يهمني من هذا الحوار هو أن أفهم وجهة النظر المقابلة .

المعذرة منك شيخنا الكريم .
 

ابوحفص

عضو فعال
وعليكم السلام ورحمة الله
وحياك الله

المشكلة يا اخي الكريم هو ابتلاء الأمة الإسلامية بمجموعة من الناس

تدعي أنها على منهج السلف الصالح , وواقع الحال يقول انهم على منهج التلف الطالح!!

لقد أماتوا بعض المقاهيم الشرعية وحرفوا نهج السلف الصالح
بفهم بعيد عن جوهر الإسلام

لقد عطلوا حركة الإصلاح والتوحيد للأمة بحجة تنقية العقيدة

وصفوا سواء بقصد او بغير قصد مع صفوف العلمانيين ومن يستبطن الإلحاد ضد المفاهيم الأصيلة للإسلام

لقد اصبح الجهاد .. ارهاب

وأصبح الشريعة وتطبيقها... تخلف وعدم معايشة للعصر

وأصبحت الخلافة ... تدل على الخروج عن الطاعة !!

يرددون وينشرون أن لا اصلاح إلا بإصلاح العقيدة
وتنقيتها ويشاركون بالجريمة بوأد أي محاولة للأصلاح
بحجج بعيدة عن المفهوم الشرعي

بعيدين كل البعد عن أرض الواقع
ويسرحون في خيالهم وخطبهم

حيث أن الواقع والتاريخ يقول أن جميع الحركات الإصلاحية في العالم
حققت مشاريعها الإصلاحية عن طريق السلطة وأن لا صلاح لأي أمة إلا بصلاح سلطتها .

وكل دعوة تدعو بالإصلاح عن طريق بعيد عن السلطة
هي دعوة فاشلة وإن عاد على بعض الأفراد بالخير والصلاح.

رب يسر وأعن
أختنا الفاضلة " ذات الناطقين " إعلم وفقنا الله وإياك وجميع المسلمين بأنه جاء في خطابك كلاماً خطيراً كقولك : (( ... ابتلاء الأمة الإسلامية بمجموعة من الناس تدعي أنها على منهج السلف ووقع الحال يقول أنهم على منهج التلف أماتوا بعض المفاهيم الشرعية ... إلى قولك : يرددون وينشرون أنه لا اصلاح إلا بإصلاح العقيدة ... إلى ألخ ؛ ))
أرى أن القائلون (( لا إصلاح إلا بإصلاح العقيدة )) فهم ليسوا بعض الناس كما تقولين ، فهؤلاء من أعلام وعلماء الأمة الإسلامية ، وهكذا دعوة السلف صلاح الأمة بصلاح دينها وعقيدتها ؛
قد تكوني بهذا الخطاب مغرضةً ، وقد تكوني سليمة النية ، ولكن ينبغي أن يعلم الجميع أن المفاهيم المنحرفة المخالفة للعقل والنقل ، التي يلبسها مصدروها بجهلهم _ لبوس الإسلام ، كالذي يقول في أهل العلم عدة ألقاب ، يطعن فيها بمنهج الحق وأهله ، ويشكك في علمائه ودعاته ؛ فيقول _ بالبهت والزور _ (( هؤلاء علماء سلطان )) و : (( هؤلاء لا يفقهون الواقع )) ... إلى غير ذلك من عبارات خاوية متفاوته في السوء ؛ انطلت على كثير من المتدينين الذين لم يجدوا أمام أعينهم نشاطاً وحركة إلا هذه الفئة ؛
أختنا الفاضلة أطال الله تعالى بقائك في طاعته وهدانا وإياك سبيل الاستقامة إن الأصل الكامل التام أذا أردنا أن نأخذ بالعلاج الرجوع إلى الدين بالاعتقاد والعمل ومعرفة التوحيد ؛ وهذه دعوة الأنبياء وأتباعهم ، وهي دعوة السلف التي يتمسك بها علمائنا ومشايخنا ، ولا يخفى على أحد أن كثيراً من المسلمين يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، لكنهم لا يعطون ( لا إله إلا الله ) حقها من التفسير ، وذلك يرجع إلى عدم الفهم لمعنى هذا التوحيد ، لذا فإن منهج الانضباط العلمي _ الذي أصله علماؤنا ، وأرسى قواعده مشايخنا _ يركزون فيه على العقيدة وتنقيتها في سبيل دعوة أبناء الأمة إلى فهم العقيدة ومنهج الإسلام من الكتاب والسنة .
وأما إن كان المقصود في خطابك بعض المتصدرين والمصدرين للفتاوى ممن يوافقون حكامهم فإن أرادوا الحل أحلوهم وأن أرادوا التحريم وافقوهم ؛ الذين يصفون المتمسكون بدين الله متشددون وأرهابيون ومتنطعين ، فالواجب أن يميز _ بين الإسلام الحق بعلمائه ، وبين المنتسبين للعلم _ المخالفين للحق ؛ ممن لم يأخذوا الشرع على وجه التحقيق ، ولم يصلوا أنفسهم بالعلم إلى ركن وثيق ... وهؤلاء وأمثالهم ليسوا ممن يدعون إلى تنقية العقيدة واتباع الكتاب والسنة ، بل هم من أشد الناس عداوة لدعاة العقيدة والمنهج الرباني الذي كان عليه سلفنا الصالح ، .
ومن أعجب العجب ! إنك تغيبتي في خطابك عن هذا الصنف المشوه لدين الله ، وذهبت تركيزين على دعاة تنقية العقيدة ممن هم على منهج السلف ؛
فإن تسمية دعوتهم أمراً تافهاً فهذا ليس له سبيلاً إلى عقل العقلاء .
أيها الأخت الفاضلة الأحرى بك أن تتورع عن مثل ذلك ، وإني لمورد لك في هذه الرسالة حديثاً عظيماً _ ولعله من منسياتك _ يقول صلى الله عليه وسلم في الصحيحين : ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ، ولكن يقبضه بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالم : اتخذ الناس رؤوساً جهالاً ؛ فاستفتوهم : فأفتوا " برأيهم " ، بغير علم ؛ فضلوا ، وأضلوا ) .
فنحن نعتقد أنه يجب أن تكون الدعوة أولاً إلى تصحيح العقيدة وتعليم الناس معنى التوحيد ، وأن كل ما جاء به الكتاب والسنة ، يجب أن نتبناه ديناً ؛ مع وزنه بأدلة الشريعة ؛ إن كان فرضاً ففرض وإن كان سنة فسنة ، ويجب أن نبدء أولاً بتصحيح العقيدة وتنقيتها ومحاربة البدع والأهواء ثم تعريف الناس بحقيقة الدنيا وأنها مهما طالت فهي قصيرة ، أما أن ننشغل ونشغل الناس بشرعية الحكام وأنهم ليسوا حكام إسلاميين ، أقول : والحقيقة أن أولئك الذين ينددون حول دعوة الناس إلى الخروج على الحكام بحجة عدم شرعيتهم فهؤلاء أساءوا أكثر مما أحسنوا ، فالواجب أن نصلح أنفسنا وأمتنا بالطرق الشرعية .
ثم نقول : هكذا يجب أن تكون دعوة الخلق إلى الحق ، يجب أن تكون مبنية على الأمن والأمان والإيمان ؛
وإني إذ أقول هذا الكلام ، دفعاً عن الأمة والخطر المداهمها ، والله تعالى يعلم ما بي وما أريده ؛
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
بسم الله الرحمن الرحيم ...وبه نستعين .

اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سببا لمن اهتدنا ...آمين يا رب العالمين.

اللهم أني أحب أبا عمر فزده علما وحكمة وزده بسطة في العلم والحلم والحكمة ، وهب له البنات والبنين ، والمال الوفير ، وعافه واعف عنه واجعله في الآخرة من الآمنين السالمين ...اللهم صل على الهادي الأمين ، اللهم آمين .

اللهم بارك في ذات النطاقين واحمها وارحمها وزدها من لدنك بكرمك و رحمتك بالخير الكثير ، اللهم صل على نبي الأميين ، اللهم آمين .


اللهم آمين نحن وإياكم أخي الكريم وجميع المسلمين , وأنت تعرف يا عبد الله أني أحبك في الله تعالى وأعتبرك من الأخوة الأعزاء جدا في هذا المنتدى , وعلى قدر ما كان بي من أسف على فتح هذا الموضوع في منتدى عام إلا أن سعادتي بكون المناقشين من أمثال الأخت الكريمة ذات النطاقين أو عبد الله الفلسطيني , فهذه سعادة كبيرة كون الحوار يتحول إلى نقاش بدلا من كونه مناظرة فيها الشد والعصبية والتهم وغير ذلك , فقد سَلِم الموضوع جله إلا قليلا من آفات التعصب وبقي حوارا طيبا مثمرا إن شاء الله تعالى , وهذا أمر ندر على شبكة الإنترنيت فلله الحمد من قبل ومن بعد.




أما بعد :
ربما تكون العاطفة ما ذكرت ، وربما أن العاطفة أصلا لا تسمح لي بالكتابة من باب الخوف على مشاعر فلان وعلان ، لكن يعلم الله أني كمن أسير على الجمر ، فمن ناحية الموضوع خطير ، أنا وأنت وذات النطاقين نعلم أنه ليس لعبة ، وأن الكلمات هنا تعني الشيء الكثير ، وليت شعري لو أن لي رهط أو آوي إلى ركن شديد ، ولأنه لا أشد من مولانا العظيم ، رب العالمين فلقد توكلت على الله وبه أستعين .
لذلك ما تدخلت حتى بدى الأمر عاما لكل المسلمين لا خاصا بأحد الأقطار ، ولست آبه بطرح الإصلاحيين ، ولا بثارات بين قبائل العرب المسلمين ، بقدر ما أني آبه بتأطير حالة من حالات المسلمين ....


صحيح هذا الكلام أخي الكريم , وما عهدك إلا عاقلا منصفا محبا للدليل متبعا له ولا نزكيك على الله تعالى , والعاطفة التي كنت أقصدها في كلامك التي أعتبرها المحرك للمشاركة السابقة هو ما يكون في الأصل الذي ينطلق منه المخالف في هذه القضية , ففي هذه الأيام التي أمست الفوضى العلمية عنوانا واضحا لا تجد مثل هذا الخطاب إلا في جهة من اثنين , إما إغراض وإما عاطفة بشبهة , وهذا الذي عنيته في مقالك , بعيدا عن أفعال السلف رضي الله عنهم ولعلك تذكر نصيحة الشوكاني رحمه الله وهو يصف فعلهم كونه اجتهادا والحاكم المجتهد يثاب على كل حال ولو أخطأ.



الموضوع أساسا هو حول غلبة الحاكم ، فلماذا لم يقر ( بعض ) العلماء هذا المبدأ حول أحداث العراق والكويت ، قلتم يا أخي الكريم بما معناه أن السبب يعود لأنها حرب بين طائفتين ولأن البعث حقيقة هو حكم كافر ، فكان الاحتجاج لماذا لم يتم تكفير البعث إلا بعد الغزو لماذا تم السكوت ابتداءا ، هكذا كان محور الكلام .
وإذا كان حال العلماء يهذا السوء يا أخي الحبيب في دولنا العربية ، وكونك شبهت الأمر بالفترة المكية فيحق لي التساؤل هنا : هل هذا إقرار بكفر الأنظمة ؟
فيقينا العلماء يمثلون المسلمين ، وبالتالي أعداؤهم يمثلون كفار قريش ، فإن كان الأمر كذلك فلا أقل من أن نصمت بمدى أهلية النظام العربي بشكل عام إن لم نستطع أن نصدع بالحق ، وإلا الدفاع عن الأنظمة ليس من صالح الشعوب اصلا إن كان حكام النظام العربي بهذا البطش ( وهم كذلك ) ...فلا أقل من أن نقل خيرا أو نصمت ، أما أن تنطلق "فتاوي" العلماء فقط عند الإشارة فهذا يحبط الدعوة أصلا ويضرها أكثر من أن ينفعها ، وعلينا أن نفهم مغزى كل فتوى ولم صدرت وهل العالم يستطيع أن لا يقول ؟


لا يا أخي الكريم أخطأت في فهم عباراتي , فأنا قد ذكرت مسألة العهد المكي على حكم صدام حسين البطشي الدموي الرهيب والذي حكم به العراق , وما كان أحد يجرؤ فيه على المخالفة أو المعارضة إلا أهلكه وقتله , وهذا لم يكن حتى بالطرق العادية بل بأساليب كيميائية وغيرها من أسباب الهلاك المرعبة والتي كانت منتشرة الصيت بين المسلمين , فأنا أتكلم في حالة خاصة وهذه المسألة أعني الخصوص والعموم هي التي كنت أشكو منها حقيقة من بداية البحث , فلا يمكن أن نعمم في هذه المسائل الدقيقة والمعنية بالإيمان ونقيضه بهذه الطريقة الجريئة ولو كان صاحبه ظالم , بل إن من سمات أهل السنة والجماعة العدالة حتى مع أعداءهم فما بالك مع ولاة أمور المسلمين؟!

ومصطلح العهد المكي لابد أن يضبط فإذا قصدت به الشعوب وأنهم يعيشون في العهد المكي فهذا يعني أن الخطاب الديني لابد أن يعتني بأصول الديانة والتوحيد ونفي الشرك وتربية المسلمين على ما ربى به النبي صلى الله عليه وسلم في العهد المكي , وهذا حال غالب المسلمين اليوم في شتى بقاع الأرض , وإذا كان متوجه به إلى نظام معين فهذا يعني أن المسلمين ولو بلغوا سبيل النضج الإيماني إلا أن التغيير لابد وأن ينبع أيضا من السياسة الشرعية والتي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة , ففي الحقيقة أن أصحاب دعاوي الخروج في تناقض كبير في هذه القضية أخي الكريم , والسبب أنهم لو كانوا يعتقدون بأن الأنظمة مسلمة ولكن فيها ظلم أو خسف أو ضيم فهذا لا يُجيز الخروج عليهم بإجماع الخلف وجمهور السلف - كما سوف أبين إن شاء الله تعالى - وإن كان غير مسلمين فهذا أيضا لا يُجوز الخروج عليهم إلا بقوة مكافئة لما عندهم وهذا هو المفقود طبعا فتبقى الدعوى فارغة المضمون حقيقة ولا تزيد إلا من الإنقسام الحاصل بالفعل بدلا من ردم الهوة وإصلاح الأمر والحال , ولا يمكن أن يعتبروا أنفسهم في وضع منفصل عن العالم كما كان في الماضي بحيث لو دارت فتنة في قطر لم يدر بها العالم الخارجي أصلا , بل إن هناك أعداء متربصون جاهزون لتقطيع أواصل المسلمين وياحبذا لو تقطعت المملكة إلى خمسة أو عشرة أو عشرين جزءا , ومصر كذلك والشام كذلك , وكرسنا كل أسباب الإنفصال بين دول الخليج واليمن , ولا بأس من ضرب الجزائر بالمغرب والمغرب بموريتانيا بحيث تكون أكبر دولة إسلامية فيها كلمة جامعة وجيش وقوة وشوكة لا تتعدى مساحة جزر القمر .


فالناس تثق برجال العلم والدين ، فإن وجدوا تملقا منهم تجاه الجبارين فسينصرفون إلى دعاة حقوق الإنسان ودعاة الحرية ، فالناس بطبعها تسعى إلى العدل ، وإن كان ضريبة أن يعلمنا علماؤنا كيفية الوضوء وغسل الجنابة على شاشات الفضائيات هو ظلم الشعب وسحقهم فدعني أقول : الثمن غال جدا ، فالناس قد تلجأ إلى مدرس الإبتدائي لسؤاله عن الحيض والحجاب و الأضحية ... أما العالم فما أعطاه الله هذا العلم ليكتم بعضه ... وثمن العلم غال جدا ، ألا إن سلعة الله غالية .


بلى صدقت ثقة الناس في أهل الدين والعلم لازمة , وذلك لأنهم عصمة الناس من الفتن , وأهل الحل والعقد منهم , ولا يزال إحترام العلماء والفقهاء مفطورً في قلب الناس جميعا , ولكن لا يعني هذا أن يتخلى العالم عن علمه الذي يوضح له سبيل الرشاد في مقابل رضا بعض الناس من هنا أو هناك , لقد رفض عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يترك كرسي الخلافة ولو قتل عليه , ولو أخذت رأي بعض الناس ممن لا يعرفون فضله ولا مكانته لأنكروا ذلك , فإن إزهاق النفس أخف بكثير من ترك السلطة والمسلم مطالب بالحفاظ على نفسه ولو أكل ميتة أو شرب خمرا كما هو معلوم في أمور الضرورة , ولكنه علم من النبي صلى الله عليه وسلم علمه منعه من ترك الأمانة التي في يديه ولو خرجت روحه , ولا عبرة هنا بإنكار أحد من هنا أو هناك أحب أن ينتقد هذا الأمر بعقله دون علم شرعي هادي ومنير.

وهكذا العلماء الربانيين العاملين والذي لا يخلو زمان منهم , فهم يتبعون العلم الذي اكتسبوه وجملوه وأرسوا قواعده بالعمل , فإذا كان الشريعة تأمر بالدعوى الحسنة في فترة معينة وبالصبر فلا عبرة بالعاطفة في هذا المقام , وتعليم الناس على الفضائيات الوضوء والطهارة - لو اقتصرت على ذلك - لكان هذا خيرا كثيرا ولكن العلماء يعلمون الناس العقيدة أول الأمر ثتم يتبعه ذلك الشريعة وهذا دليل النجاح والإنتشار , فإن الجاهل يرى الشريعة تكاليف صعبة مرهقة فإذا طلبها وسعى في تطبيقها بنفس رضية فهذا يعني أن الداعية قد نجح في تفهميه العقيدة الإسلامية بالدليل والمنطق والعقل فطلب الشريعة بعد ذلك , فإذا تعلم الناس العقيدة ثم طبقوها على الشريعة علموا حقوقهم وما لهم وما عليهم , وليس هناك أفضل من أمة ينتشر فيها العلم الصحيح , فيعرفون متى يتكلمون ومتى يسكتون ومتى يغضبون ومتى يصبرون وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل في أوقات دعوته , فقد جاء وقت كان يختبئ فيه في غار ووقت آخر يصدع بالحق ويأمر أتباعه بعدم المواجهة أو المصادمة , وبعض الأوقات رد العدوان عندما أسس الدولة الإسلامية...

فالمسألة أن العقل الشرعي لابد أن يتحكم في صاحبه سواء كان عالما أو مقلدا أو عامي , وقد ذكرت قبل ذلك أخي الكريم أن الناس موتى لا يتحركون ولو صحت وتكلمت , وأنت تشير بهذا إلى ضعفهم أو موتهم بالكلية وهو محل ذم طبعا أخي الكريم , وهذا يعني أنهم أهملوا الشريعة حتى صاورا كالأموات , فإن كان كذلك وحكوماتهم تدعسهم أو تهضم حقوقهم فما الذي يحزنك في هذا الأمر ؟! أليس جزاء السيئة السيئة والحسنة بالحسنة ؟! فقد ضيعوا الشريعة فضيعهم الله تعالى ولذلك اسمح لي أن أستنكر منك ذم الشعوب الإسلامية في المقالة السابقة ثم في هذه المشاركة تحزن على مآلهم وهم السبب في ذلك , ولهذا هي دائرة لن تجد مخرج منها إلا بإصلاح الناس لأن هذه هي الدعوة الإسلامية ودعوة الأنبياء والرسل وتعليم الناس التوحيد ومعرفة الله تعالى , فإذا استنار القلب بهذا النور أمسوا كعبد الله الفلسطيني وكأختنا ذات النطاقين وغيرهما مما يكتبون ويدافعون عن الشريعة ويهدي الله بهما الخلق الكثير ويصلح بهم ما انعوج من الأفهام والعقائد والأعمال.


نعم لا نريد الفوضى والخروج على الحاكم بكل مناسبة او من غير مناسبة ، فهذا سفه وحمق ولا يحصل في أكثر الدول تحررا وانفتاحا وسماحا بالتعبير عن الرأي ، لكن علينا ألا نخنق المعارضة وألا نسحب منها شرعية المعارضة والاحتجاج بتفسيق العامة وجعلهم رعاع لا يعتد بمطالبهم وعليهم السمع والطاعة كما النعاج تساق لذبحها ، ومن أمن العقوبة أساء الأدب ، ولا أسوء من سلطة مطلقة مبررة بالدين ، لكي يحكمنا حكامنا ويحكمون على ديننا ، بدلا من ان نتحاكم عندهم بشرعة الدين .
أنا أتكلم عقلا هنا أخي أبو عمر ، هذا الدين الحنيف سيصبح عبئا على المسلمين إن استمرت المدرسة ذات المنهج السلفي تحرم وتجرم من يقول "لا" لهضم حقي و "لا" لمصادرة رأيي ، ولدينا جيل قادم منفتح على كل البشرية يسمع ويرى كيف تصان كرامة المواطن في بلاد الواق الواق ذلك أن القوانين تسمح له بالإحتجاج ، وسيسمع ويرى شيخه وهو يقول له اسمع وأطع وإن ضرب ظهرك لغير صالحك ولغير صالح قومك بل في صالح الرأسمالية الاستعمارية ... وفي هذه الحالة سيكون بين خيارين إما اللجوء لمدرسة تذهب به بعيدا عن هذا المنهج على مافيه من الحق و الخير والدليل إلى اتجاه يحمي حقه وكرامته ، أو الاتجاه صوب حضارة أخرى تؤمن ببشريته باسم الديمقراطية والقانون الفرنسي وفصل الدين عن الدولة
هذه فطرة البشر ، ما خلقهم الله إلا للحرية ، للكرامة ، للعدل . و في صحيح مسلم أن المستورد القرشي قال عند عمرو بن العاص سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : تقوم الساعة والرّوم أكثر الناس . فقال له عمرو : أبصر ما تقول ؟ قال : أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : لئن قلت ذلك إن فيهم لخصالاً أربعا : إنهم لأحلم الناس عند فتنة ، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة ، وأوشكهم كرة بعد فرة ، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف ، وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك .
أنظر وخامسة حسنة جميلة ... فكيف نحسن أنفسنا نحن كذلك ونجملها إذا كنا نؤطر وننظر في جواز ظلم الملوك ؟

..


حسنا نتحدث بالعقل أخي الكريم في هذه الفقرة , نعم مفطور في كل الناس الحرية والكرامة وحب العدل والمساواة , وهذه الأمور مكفولة في الإسلام ومطلوب السعي في غرسها في الأبناء أيضا , ولكن هذه الأمور تكتسب بالجهد أخي الكريم , فمعلوم عند الناس جميعا أن المجتهد يحصل جزاء إجتهاده ولو كان كافرا لا يؤمن بالله تعالى , فإذا انضم مسلم إلى شركة ما فإنه لابد أن يبذل جهده حتى يثبت نفسه كإنسان مجتهد يقدر على العمل ويفهم في مجال تخصصه , وهذا هو الذي يرفع من قدره وينمي مواهبه حتى يصير أهلا لمنصب أعلى وأعلى , فإذا كان هذا معلوما في العقل لدى الناس جميعا في كسبهم للدنيا , فلماذا لا يتعلم المسلم ما يجعله أهلا لكي يقوم بدوره في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله وإبلاغ كلمة التوحيد إلى غير المسلمين ؟! لماذا يفعل كالعامل أو الموظف الكسول الذي أول ما بدأ بدخوله الشركة وسريعا بعدما تعلم بعض طرق سير العمل سارع إلى إنتقاص صاحب الشركة والمديرين عليها وبدأ في تقليب الناس علىهم وهو متأخر في عمله غير مشهود له بالتميز أو الإقتدار ؟!! وهذا الأمر يعرفه ويفهمه كل إنسان عمل في مؤسسات أو شركات كبيرة وعلم نتيجة بذل الجهد في سبيل التميز وتحقيق المكانة المرجوة والذي تمكنه من الأخذ والرد والإنكار أو الأمر أو حتى النصيحة التي تنزل على قلوب سامعيه بالوقع الطيب.


لو أخذنا هذا المثال على الواقع لرأيت أن الشعوب العربية بالذات - إلا من رحم الله - مثل هذا الموظف الكسول الذي يعمل في الشركة غصبا , وهو لا يسعى إلى التميز ولا إلى الإرتقاء بل غايته أن ينتهي من ساعات عمله ليعود إلى الطعام والشراب والتلفاز والمباريات والملهيات , فلا غاية عنده في إعمار الدنيا ولا هما له في الإرتقاء بأوطانه , ولا يهتم للإبداع في عمله ولا القراءة , فإذا أراد صاحب العمل أن يقتص من أجرته تحت أي بند صادقا كان في ذلك أم ظالما , سكت ورضي وبارك له فعله , فعاد مرة ثانية وثالثه ورابعة , فأصل المرض هو ضعف العمال والموظفين في عملهم أول الأمر وغلوهم الفاحش في مديرين الشركات حتى أمسى الأمر على النحو الواضح في أوطاننا , فالصورة الحقيقة أن هذه نتيجة الشعوب الذين أهملوا الدين ثم غلوا ولم يهتموا إلا بأمر الدنيا يغضبون لها ويفرحون لها , والعلماء ما غذوا ذلك أبدا في عقولهم بل العكس هو الصحيح , فمازال يحذرونهم من الغلو في الرياضة ومن اللهو المحرم المستشري بينهم , ومن مخالفات العقيدة ومن التعامل بالربا وغير ذلك من المنكرات , وهم في سبيل هذه الكلمات يضطهدون ويتم عمل الأفلام والمسلسلات في النيل منهم والسخرية والحط من أقدارهم وأفهامهم , ولا أنسى أني كنت أتناقش مع بعض الناس عندما فازت جماعة الإخوان في مصر ببعض المقاعد في البرلمان , فوجدته غير سعيد البتة بذلك , فلما سألت عن ذلك وجدته يقول ويشتكي -فيما أتذكره- من كونهم سوف يمنعون الأفلام والمسلسلات وسوف يُضيقون على الناس في هذا المجال !!!!!!! قلت لهم الإخوان ؟!!! يا راجل ولكنه كان متخوفا جدا من صعودهم. فالأمة تحتاج إلى إعادة تصحيح للمسار والأهداف وتنظيف القلوب من المواد التي غذيت بها عشرات السنين , فبالعقل يعلم الإنسان أنه لاسبيل له في نيل التقدير والإحترام إلا بالتعب والكد , وبالعقل أيضا يعلم من نفسه أنه كاره لهذا المجهود غير محبب لبذله , فلا تجعل الصورة مقلوبة أخي الكريم وكأن الشعوب عقلاء ويمنعهم العلماء من أخذ حقوقهم , فأي إنسان من هذا النوع الذي أتكلم عنه لو أعطيته مالا طيبا وطعاما طيبا وعملا طيبا لما فكر في فلسطين ولا أي مكان آخر , ولأصبح جل رد فعله أن يقلب شفتيه إمتعاضا لما يحدث غير آبه ولا متحرك طالما أن القوت موجود والأمن في مكانه موجود , وما أظنك تخالفني في هذا أخر الكريم.


بمعنى : أن الأمر كان جائزا ثم رأى العلماء في ذلك الحين وطبقا للظروف في ذلك الوقت أن طاعة ولي الأمر ( الجائر ) خير من الخروج عليه .

هذا الكلام يدل على جواز الخروج وعدمه في ذات الوقت ، لإن طاعته خيرٌ من الخروج عليه .. ولو كان الخروجُ حراماً قطعاً والطاعةُ واجبةً قطعاً ، لَم يقل : إن الطاعة خيرٌ من الخروج .... وكل شيء يقدر بقدره ، أما موضوع الإجماع فأنقل لك ما قاله ابن حزم في الإجماع :" ورأيت لبعض من نصب نفسه للإمامة والكلام في الدين ، فصولاً ، ذكر فيها الإجماع ، فأتى فيها بكلام ، لو سكت عنه ، لكان أسلمَ له في أخراه ، بل الخرس كانَ أسلمَ له ، وهو ابن مجاهد البصري المتكلم الطائي ، لا المقرئ ، فإنه ادعى فيه الإجماعَ أنهم أجمعوا على أنه لا يُخرج على أئمة الجور ، فاستعظمت ذلك ، ولعمري إنه لعظيم أن يكون قد علمَ أن مخالف الإجماع كافر ، فيلقي هذا إلى الناس ، وقد علمَ أن أفاضل الصحابة وبقية السلف يومَ الحرَّةِ خرجوا على يزيد بن معاوية ، وأن ابن الزبير ومن تابعه من خيار الناس خرجوا عليه ، وأن الحسينَ بن عليٍّ ومن تابعه من خيار المسلمين خرجوا عليه أيضاً ، رضي الله عن الخارجين عليه ، ولعن قَتَلَتَهم ، وأن الحسن البصري وأكابر التابعين خرجوا على الحجاج بسيوفهم ، أترى هؤلاء كفروا ؟ بل واللهِ من كفرهم ، فهو أحق بالكفر منهم ، ولعمري لو كان اختلافاً - يخفى - لعذرناه ، ولكنه مشهور يعرفه أكثر من في الأسواق ، والمخدَّراتُ في خدورهنَّ لاشتهاره ، ولكن يحق على المرء أن يَخطِمَ كلامه ويزُمَّه إلا بعد تحقيق وميزٍ ، ويعلم أن الله تعالى بالمرصاد ، وأن كلام المرء محسوب مكتوب مسؤول عنه يومَ القيامة مقلداً أجر من اتبعه عليه أو وزرَه ."

و هذا ابن حجر يصرح بأن الخروج هو مذهب السلف قديماً، ومما لا شك فيه أن السلف قالوا بالخروج مستندين إلى دليل من الكتاب أو السنة، وهم أكثر الناس اتباعاً للسنة . فبأي دليل تغير مذهب السلف، إذا كان بالإجماع، فالإجماع مشكوك فيه بعد الصحابة، وإذا كان بالمصالح والمفاسد، فهذه مسألة نسبية وبهذا يكون القول بالخروج على الحاكم الجائر من مذهب أهل السنة والجماعة ولا عبرة بمن نقل الإجماع في تحريم الخروج ولو كان الناقل من وزن الإمام النووي وابن حجر رحمهما الله، لعدة أسباب، أولها: أن الإجماع بعد الصحابة أمر مُختلف فيه، ولو افترضنا ثبوته، فكيف يستساغ إجماع على أمر خالف فعل الصحابة ولم يجمعوا عليه بل أجمعوا على نقيضه كما صرح ابن حجر نفسه ؟!!!..


شوف أخي الكريم , كلام ابن حزم فهم خطئاً , وقد وقع في يدي مقالات لشيخ ذكر هذه النقولات في سبيل الترجيح بين أقوال أهل العلم , ومستند هذا أن هذا كان من مذهب السلف قديما ولا يعني أنه إجماع والدليل على ذلك أولا من السنة وهو تحريم الخروج وهو مناط العبرة والبحث , ثانيا لأن جل الصحابة والتابعين لم يخرجوا ولم يعينوا على الخروج , وهذه الأحداث كلها كانت فردية وكلها مذكورة كأحداث تفرد بها فلان وفلان من أهل العلم والإيمان والتقوى.

فدعوى إجماع السلف على جواز سن السيف في سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاطئة تماما من واقع الحال , فلو كان صحيحا فلماذا لم يخرج مع الحسين رضي الله عنه أحدٌ إلا أهل بيته وبعضهم فقط أيضا ؟! ولماذا حذر ابن عمر رضي الله عنهما من ترك البيعة ليزيد وأن هذا من الغدر ؟! ولماذا نصحه الخدري رضي الله عنه بعدم الخروج عن الإمام؟! فدعوى الجماعة في حد ذاتها إهانة عظيمة للسلف لو تأملتها أخي الكريم , لأن سبب عدم الخروج والإنكار من الصحابة على هذه الدعوى غير مقبول وكأن الصحابة رضي الله عنهم جبنوا وخافوا من الخروج وهم أهل الشوكة والسيف والفعل , فلماذا تركوا الخروج والإمام المنافس موجود والقضية مثارة ؟!! ألا ترى أخي الكريم أن دعوى الإجماع وهو منقوصة بعدم خروج الجمع الأعظم من السلف على إختلاف طبقاتهم منقوصة وهي في الحقيقة طعن على هذه القرون الأولى بدلا من مدحهم بما ثبت فيهم.

فالأمر في حال السلف لا يعدو كونه خلافا بين الجمهور الذي لم يخرج ولم يرى ذلك سبيلا صحيحا في إنكار المنكر طبقا لنتائجه وبعض أهل العلم والفضل الذين رأوا أنه يمكنهم فعل ذلك وأنه جائز وأن النتائج غير ضارة بالأمة الإسلامية , ثم لما تواترت النتائج المفزعة على الأمة الإسلامية ترك هؤلاء هذا المذهب فأمسى الأمر إجماع , ولذلك تدبر قول القاضي في المشاركة السابقة عندما حلل الأمر بهذه الطريقة (( قال القاضي : وقيل إن هذا الخلاف كان أولاً ؛ ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم ))


ولا تنسى أخي الكريم أن في هذه المسألة نقطة دقيقة جدا وهو كونك تدندن على مسألة أن الأصل هو الخروج ولكن بسبب الآثار والفتنة يترك الخروج , وكأنك تشعر بأن الأمر منوط بالعلة وأقول لك أخي الكريم هذا الأمر خطأ في حق الأئمة ولو جاروا , بسبب أن الخمر قد صرح القرآن الكريم بأن فيها منافع ومفاسد ولكن لما غلبت المفاسد حرمت ومنعت تماما ولو كان أصلها مباحا , فانقلب الأصل هنا فأمسى كل مسكر حرام ولو أصله زبيبا أو فاكهة أو غير ذلك , فالمفاسد التي تيقن منها العلماء بعد بعض أحداث السلف وهو أفضل الناس ولن يأتي مثلهم أبدا في المواجهات المسلحة أنتجت دعوى الإجماع بعدم الخروج ولو كان الإمام جائرا أو ظالما أو فاسقا , فالمسألة محرمة نهائيا بالإجماع الملزم لجميع المسلمين..


يتبع إن شاء الله

.
 

أبو عمر

عضو بلاتيني / العضو المثالي لشهر أغسطس
معذرة أخي الكريم على بعض الإطالة ولكن المناقشة معك فيها متعة ورقي ...

وإليك طلبك أخبي أبا عمر :
ذكر الإمام الجصاص – رحمه الله – عن أبي حنيفة في هذا المسألة، وقد رد الإمام الجصاص وأغلظ القول على من أنكر على أبي حنيفة مذهبه في الخروج على أئمة الجور وقولهم بأن أبى حنيفة يرى إمامة الفاسق فقال: "وهذا إنما أنكره عليه أغمار أصحاب الحديث الذين بهم فُقِد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى تَغلب الظالمون على أمور الإسلام، فمن كان هذا مذهبه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كيف يرى إمامة الفاسق" [أحكام القرآن للجصاص 61].

وقال في التدليل على ذلك في ذات المصدر :" وقضيته - أي أبو حنيفة - في أَمر زيد بن علي مشهورة وفي حمله المال إليه وفتياه الناس سراً في وجوب نصرته والقتَال معه "

وذكر أيضا : " وكذلك أمره مع محمد وإِبراهيمَ ابني عبد اللَّه بن حسن. وقال لأَبي إسحاق الفزاريِ حينَ قَال له : لمَ أشرت على أَخي بالخروج مع إبراهيم حتى قتل ؟ قَال : مخرج أَخيك أَحب إلي من مخرجك " . وكان أَبو إسحاق قد خرج إلى البصرة "

و نقل الموفق المكي وابن البزاز مثل هذا عن أبي حنيفة.

و ذكر الجصاص أن كبار التابعين قد نابذوا الحجاج بالسيف، حيث قال: " وقد كان الحسن وسعيد بن جبير والشعبي وسائر التَابعين يأْخذون أَرزاقهم من أَيدي هؤلاء الظلمة ، لا على أَنهم كانوا يتولونهم ولا يرون إمامتهم ، وإِنما كانوا يأْخذونها على أَنها حقوق لهم في أَيدي قوم فجرة . وكيف يكون ذلك على وجه موالاتهم وقد ضربوا وجهَ الحجاج بالسيف ، وخرج عليه من القرَاء أربعة آلاف رجل هم خيار التابعين وفقهاؤهم فَقَاتلوه مع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بالأهواز ثمَ بالبصرة ثمَ بدير الجماجم من ناحية الفرات بقرب الكوفة وهم خالعون لعبد الملك بن مروان لاعنون لهم متبرئون منهم " [أحكام القرآن للجصاص 62].


موقف أبو حنيفة رحمه الله معروفا في هذا الأمر وقد قرأته من قبل ولكني كنت أريد كلاما مخصوصا في سل السيف في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , لأن الذي ورد عن أبي حنيفة ومالك وأحمد رحمهم الله جميعا مواقف تحتمل معاني إلا أبو حنيفة رحمه الله تعالى الذي كان مذهبه واضحا في هذه القضية ولكن الإمام الجصاص أيضا رحمه الله قد ذكر إنكار هذا المذهب من الجمهور فقال رحمه الله :
((.... وَكَانَ مَذْهَبُهُ مَشْهُورًا فِي قِتَالِ الظَّلَمَةِ وَأَئِمَّةِ الْجَوْرِ ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ" احْتَمَلْنَا أَبَا حَنِيفَةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى جَاءَنَا بِالسَّيْفِ يَعْنِي قِتَالَ الظَّلَمَةِ فَلَمْ نَحْتَمِلْهُ)) أحكام القرآن للجصاص - (1 / 171), والأوزاعي رحمه الله إمام مجتهد مطلق من أئمة هذا الزمان وقوله يعني مخالفة أبو حنيفة رحمه الله لما عليه الجمهور في هذا الوقت أو الغالب الأعم حتى صرح بأن هذا القول لا يحتمل منه ولا يقبل, وهناك أخبار أخرى في هذا المقام عن الإمام الأعظم النعمان لا أحب نقلها.



وقد أفتى الإمام مالك - رحمه الله - للناس بمبايعة محمد بن عبدالله بن حسن عندما خلــع الخليفة المنصور ، حتى قال الناس لمالك : في أعناقنا بيعة للمنصور ، قال : إنما كنتم مكرهين ، وليس لمكره بيعة ، فبايع الناس محمد بن عبدالله بن حسن عملا بفتوى الإمام مالك .[البداية والنهاية لابن كثير 10\48].

قال مالك : إذا بويع للإمام فقام عليه إخوانه ، قوتلوا إن كان الأول عدلاً ، فأما هؤلاء فلا بيعة لهم ، إذا كان بويع لهم على الخوف "[أحكام القرآن لابن العربي].

ذكر أبن أبي يعلى في ذيل طبقات الحنابلة عن الإمام أحمد في رواية : " من دعا منهم إلى بدعة فلا تجيبوه ولا كرامــة ، وإن قدرتم على خلعه فافعلوا ".[طبقات الحنابلة 2 \ 305]
والمشهور من مذهب الإمام أحمد ، تحريم خلع الإمام الجائر ، غير أنه يمكن التوفيق بأن قوله بالتحريم يحمل على عدم القدرة لأنه حينئذ فتترجح المفسدة ويبقى الظلم بل قد يزداد .
ومن علماء الحنابلة الذين ذهبوا إلى القول بخلع الجائر ، ابن رزين ، وابن عقيل ، وابن الجوزي ، رحمهم الله .[ الإنصاف للمرداوي 10 \ 311]

وقول الإمام مالك رحمه الله المذكور في أحكام القرآن لابن العربي إنما هو واحد من ثلاثة , والقولان الآخران يوضحان أكثر مقصده في مسألة خلع الحاكم الظالم أو الخروج عليه بالسيف كأصل عام.

أحكام القرآن لابن العربي - (7 / 175)
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ ، عَنْ مَالِكٍ : إذَا خَرَجَ عَلَى الْإِمَامِ الْعَدْلِ خَارِجٌ وَجَبَ الدَّفْعُ عَنْهُ ، مِثْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَأَمَّا غَيْرُهُ فَدَعْهُ يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْ ظَالِمٍ بِمِثْلِهِ ثُمَّ يَنْتَقِمُ مِنْ كِلَيْهِمَا .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا } .
قَالَ مَالِكٌ : إذَا بُويِعَ لِلْإِمَامِ فَقَامَ عَلَيْهِ إخْوَانُهُ قُوتِلُوا إذَا كَانَ الْأُوَلُ عَدْلًا ، فَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَلَا بَيْعَةَ لَهُمْ إذَا كَانَ بُويِعَ لَهُمْ عَلَى الْخَوْفِ .
قَالَ مَالِكٌ : وَلَا بُدَّ مِنْ إمَامٍ بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ .)) انتهى

وأنت ترى أخي الكريم أن الإمام مالك رحمه الله قد اعتبر أن الخارج عن الإمام الظالم ظالم مثله وهذا يعني أنه يعتبر الخروج على الحاكم وإن كان ظالما ظلما هو الآخر , واعتبر وجود الإمام لازم للمسلمين ولو كان فاجرا وكلامه رحمه الله واضح وهو الملون باللون الأحمر , فيحتمل كلامه الآخر على كونه اجتهادا في حالة مخصوصا وقياسا على بيعة المكره في حالة المنصور إذا صح نسبته إليه , وإلا فتصريحه واضح وكلامه بين.

وكلام الإمام أحمد رحمه الله وموقفه من الصبر على من دعا بخلق القرآن وهي بدعة منكرة وعدم دعواه بالخروج عليه أو إزاحته بل دعا لهم كما هو معلوم , يظهر موقفه الواضح من عدم جواز الخروج عليه وبصلاته خلف كل إمام , وبهذا يتضح أن مذهب أبو حنيفة رحمه الله تعالى هو الوحيد الذي خالف مذاهب الأئمة الثلاثة الباقيين ومعهم الأوزاعي وغيرهم كثير , فحتى في هذه الطبقة كان مذهب الجمهور هو عدم الخروج على الحاكم الظالم كما تقرر.


أهل العلم قد نصحوا الحسين - رضي الله عنه - مخافة أن يقتل، ولو كانوا يرون الخروج حرام قطعاً لذكروا له الدليل وأمروه بعدم الخروج، ولكن كانت نصيحة يريدون منها المصلحة حسب ما رأوها، وأما الحسين - رضي الله عنه – قرر الخروج لظنه أن المصلحة في الخروج.

(( وبلغ ابنَ عمر - رضي الله عنهما - أن الحسين - رضي الله عنه - توجّه إلى العراق فلحقه على مسيرة ثلاثة ليال ، فقال : أين تريد ، قال : العراق ، وهذه كتبهم وبيعتهم ، فقال لـه ابن عمر : لا تذهب ، فأبى، فقال ابن عمر : إنّي محدثك حديثاً : إن جبريل - عليه السلام - أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فخيّره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا ، وإنّك بضعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يليها أحدٌ منكم أبداً ، فأبى أن يرجع ، فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال : استودعك الله من قتيل . ))

((وقال سعيد بن ميناء سمعت عجّل حسين - رضي الله عنه - قدره والله ، ولو أدركته ما تركته يخرج إلاّ أن يغلبني .))

(( وجاءه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - فقال: يا أبا عبد الله ؛ إني لكم ناصح ، وإنّي عليكم مشفق ، وقد بلغني أنه قد كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج فلا تخرج إليهم ، فإنّي سمعت أباك - رضي الله عنه - يقول بالكوفة : والله لقد مللتهم وأبغضتهم وملّوني وأبغضوني .))


(( وقال عبد الله بن مطيع العدوي - رضي الله عنه - : إنّي فداك وأبي وأمي ؛ فأمتعنا بنفسك ولا تسر إلى العراق ، فوالله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذونا عبيداً وخولاً . ))

وكما هو واضح من عبارات الصحابة أنهم لم ينهوا الحسين – رضي الله عنه - عن الخروج لعدم جواز الخروج، ولكن خوفاُ عليه من القتل، ولمعرفتهم بخيانة أهل الكوفة وأنهم ليسوا أهل نصرة.



وهذه المسألة أظنني قد أشبعتها في المشاركة السابقة , ولعل أوضح سؤال هو إذا كان حذرونه من شيعته وأنهم يغدرون به فلماذا لم ينصروه ويخرجوا معه إن كان هذا هو مذهبهم ؟!



أخي العزيز الفاضل الحبيب الكريم أبا عمر :
إذا سئل العالم فهو بين خيارات ، كأن يقول ما علمه الله أو يقول لا أعلم ، أو يُجبر على قول ما لا يجب ، وفي كل الحالات علينا أن نفهم ما يقول العالم وظرفه ، أنا ما قصدت بما قلت سابقا أن أتهجم على العلماء بقدر ما أبين حالتهم الصعبة ، وعلينا أن نفهم الفتوى لم تتناقض بين مكان ومكان وزمان وزمان لذات المفتي ولذات الحدث ، أنا لا أحمل أهل العلم كامل المسؤولية ، بل أحمل طلبة العلم الذين يطيرون بكل فتوى أقصى مداها و كأن علماءنا معصومين ، فإن نشرت وسائل الاعلام فتوى معينة عرفنا أنها تدور ضمن مصلحة ما تراها الدولة ، لكنها سياسة وليست دين .
أما أنا فأتمنى لعلمائنا كل حياة رغيدة و أن يمد الله بأعمارهم ، لكن كلامهم ليس منزل من السماء علينا أن نقدر ظروفهم ، فعلى سبيل المثال في الفتنة التي حدثت للكويت انقسم علماء السلف ، فمنهم من سجن ومنهم من قال الحق و الدولة تحميه ومنهم من دار بفلك التحالف ، الحق أننا جميعنا نعرفه ، مهما قدم لنا من مبررات ، وعلينا أن ننظر إلى المسألة كفتنة ولا نقرها كدين ، حتى الحكام ( أقول حتى الحكام ) ربما كان مغلوب على أمرهم لكن ومن باب ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه كذلك ليس كل من وقع في الذنب وقع الذنب عليه ... كذلك حالنا مع بعض الأنظمة الطاغوتية ، فمن العلماء من لا يستطيع أن يصدع بالحق ، أفإن تكلمت ذات النطاقين رددنا كلامها بحجة أن ( بعض ) العلماء أفتوا بغير ماترى ... فلنسكت فلعل الله يحي الأموات وهو الذي يحي العظام وهي رميم ، و لا تدري فلعلها تكلمت من رضى الله و هي لا تدري ومن باب معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون .

ومع هذا رأيكم مقدر أخي أبا عمر ، وأنت لست كغيرك ، فأنت أعلمنا و لا أجرؤ أن أضع رأسي برأسك ، فأين الثرى من الثريا ، و كل ما يهمني من هذا الحوار هو أن أفهم وجهة النظر المقابلة .

المعذرة منك شيخنا الكريم .


أكرم الله هذا الرأس الذي ينحني لله تعالى , ومثلك لا يقول هذا لمثلي فلولا ستر الله تعالى وأن الذنوب لا رائحة لها لما قدرت أن تشاركني حوارا ولو على بعد , ولكن سدت غير مسود ومن الشقاء تفردي بالسؤددِ وأمر الله غالب , ولكن أخي الكريم اسمع مني نصيحة , في الأمور الخلافية لا يمكن أن نحكم بأن هناك كلمة حق على وجه اليقين وإنما هو إجتهاد وأقصى ما يمكن أن يصل إليه الإنسان هو الصواب وأما الحق في هذه المسألة فلا نقطع به طالما أنه خالي من دليل محكم واضح , ولكنك أنصفت كعادتك عندما ذكرت مسائل التكفير وما ينزل بصاحبه أو لا ينزل , والخطأ أو المسئولية تقع في هذه المسائل على الجميع بنسب متفاوتة على قدر المسئولية والواجب المطلوبة منهم , فإذا كان الإسلام في إنتشار الآن وتوسع بفضل الله تعالى , فلا أظن أبدا أن هذا الإنتشار مرده إلى سمعة العوام بقدر ما هو جهد العلماء وطلبة العلم المجتهدين وليسوا كلهم سواء...


حياك الله أخي الكريم وهدانا وإياكم لكل خير وهدى ورشاد.


 
حياك الله اختنا العزيزه ...
سؤال : انا متفق فى ما تقولين ولكن منو أجدر فى خلافة المسلمين ومنو القائد الذى يوحد جميع المسلمين فى انحاء العالم .. واذكريلى اسم شخص فيه جميع الصفات لكى نبايعه .. وشكرا
 

كهمس

عضو مخضرم
حياك الله اختنا العزيزه ...


سؤال : انا متفق فى ما تقولين ولكن منو أجدر فى خلافة المسلمين ومنو القائد الذى يوحد جميع المسلمين فى انحاء العالم .. واذكريلى اسم شخص فيه جميع الصفات لكى نبايعه .. وشكرا



واجد

بن لادن او الفقيه ولا المسعري

طيب مثلا نبايع امير تنظيم القاعدة في بلاد الحرمين .


هاؤلاء هم ولات الامر بالنسبة لهم .

واكبر دليييل علي ذالك هو تمجيدهم لهم والسير خلفهم وبث افكارهم ودعوتهم .
 
أعلى