تمر علينا هذه الايام ذكرى رحيل مولاتنا الزهراء فاطمة بنت محمد، زوجة علي بن ابي طالب، ام الحسن و الحسين، الحوراء الانسية، ام ابيها، الصديقة المصدقة، البتول الزكية، سيدة نساء أهل الجنة، و سيدة نساء العالمين.
و في هذه المناسبة لا يسعنا الا ان نقتطف بعضا من كلام أبنائها الائمة عليهم السلام لنستلهم منه الدروس و العبر، و لنبقي ذكرى الزهراء باقية الى الأبد.
قال الإمام زين العابدين ( عليه السلام ):
لمّا قبضت فاطمة ( عليها السلام ) دفنها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سرّاً،
وعفى على موضع قبرها، ثمّ قام فحوّل وجهه إلى قبر رسول الله صل الله عليه و آله و سلم، ثمّ قال:
السلام عليك يا رسول الله عنّي ، والسلام عليك عن ابنــتك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك ،
والمختار الله لها ســرعة اللحاق بك ، قلّ يا رســول الله عــن صــفيّتك صبري
وعفا عن سيّدة نساء العالمين تجلّدي ، إلاّ أنّ في التأسّي لي بسنّتك في فرقــتك موضع تــعزّ ،
فــلقد وسّدتك في ملحودة قــبرك ، وفاضت نفــسك بــين نحــري وصــدري،
بلى وفي كتاب الله لي أنعم القــبول، إنّا لله وإنّا إليه راجــعون ،
قد اســترجعت الوديعة ، وأُخذت الرهينة ،
واختلست الزهراء فما أقبح الخضراء والغبراء،
يا رسول الله،
أمّا حزني فسرمد ، وأمّا ليلي فمسهّد ، وهمّ لا يبــرح من قلبي ، أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مقيم ،
كمد مقيّح ، وهمّ مهيّــج ، سرعان ما فــرّق بيننا ، وإلى الله أشكو
كمد مقيّح ، وهمّ مهيّــج ، سرعان ما فــرّق بيننا ، وإلى الله أشكو
وستنبّئك ابنتك بتظافر أُمّتك على هضمها، فاحفها السؤال، واستخبرها الحال ، فكم من غليل معتلج بصدرها ، لم تجد إلى بثّه سبيلاً ، وستقول ويحكم الله، وهو خير الحاكمين،
والسلام عليكما سلام مودّع ، لا قال ولا سئم ، فإن أنصرف فلا عن ملالة ، وإن أُقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصابرين ، واهاً واهاً ، والصبر أيــمن وأجمل ،
ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللبث لزاماً معكوفاً، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية،
فبعين الله تدفن ابنتك سرّاً ، وتهضم حقّها ، ويمنع إرثها، ولم يتباعد العهد، ولم يخلق منك الذكر وإلى الله يا رسول الله المشتكى ، وفيك يا رسول الله أحسن العزاء ،
صلّ الله عليك وعليها السلام والرضوان.