أنت الآن تتناقض يا جاليس فمرة تقول لا مرجعية للعقول لكي تفصل في الخلاف ومرة تقول ليس هناك مرجعية غيرها , فأرجو أن تثبت على فكرة واحدة, فهل العقل مرجعية للخلاف بين العقول أم لا ؟
من بدايه الحوار قلت أن مسأله الأخلاق والأصول فلسفيه طويلة لا تنتهي، مهما طال الحوار فلن أستطيع الاتيان باجابة قاطعه، هذه لم يقدر عليه حتى الفلاسفة.
من وجهة نظري: لا أهتم كيف أتت و من أين ظهرت ولكن على الأرجح انها نتاج طبيعي لتطور الإنسان عبر العصور، أصبح القتل حرام "ثابت" لأنه يضر المجتمع و أصبحت السرقة حرام "ثابت" لأنه يضر بالمجتمع وبالتالي تشكلت هذه "الأصول" وتفرعت ولكنها ليست ثابته بجميع الأحوال - في حالة الحرب، يصبح عادي القتل والنهب.
هذا حال البشرية منذ البداية ولكن في آخر 6 قرون اختلف الوضع والناس أصبحت تفهم وتفكر معًا، يمكننا القول بأن المرجعيه الوحيدة الموجودة هي نتاج الحوار ومقارنة الأفكار يعني باختصار عصارة العقول البشريه
مجتمعه، والبقاء للفكرة الأفضل.
أنت تقول: قوة حكيمه تعلم كل شيء قادرة على كل شيء أسميتها "الله" أنزلتها، وبالتالي تغلق الحركة المفرغه بكل سهوله.
هذا كلام خطير في حقك يا جاليس لأنه ببساطة ثابت مثل حرية الإعتقاد والذي ضربت أنت به المثل ممكن أن يتغير بناء على اقرارك وهذا يعني أن نسحب حرية الإعتقاد أو نحجمه أو نضيقه بناء على أفكار الإنسان المتغيرة !!! صح ؟
حرية الاعتقاد "أصل" يُبنى عليه مجتمع متحضر متسامح، أصبح "أصل" لأنه ناجح ويحفظ حق الأفراد، ليس لأنه نزل من السماء.
لا أتمنى زوال أو سحب حرية الاعتقاد ولكن كل شيء ممكن و يجب على العالم المتحضر التقليل بأكبر قدر ممكن من فرص حدوثها. في زمننا الحالي لدينا أمثلة، كوريا الشمالية لا تسمح بالتبشير بأي ديانه سماويه حتى أي شخص لمجرد كونه مسلم أو مسيحي يمكن القبض عليه واعدامه.
هذا مثال لمجتمع غير متحضر لأنه لم يتمسك بأحد "الأصول".
أعطيك بعضا منها وهي الآيات المحكمات من القرآن الكريم وأقتصر على القرآن الكريم لتجنب تشتيت الحوار , فعلى ما سبق منك بيانه أريد أن أعرف هل تحوي فهما واحد أم فهمين:
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد : 19]
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ [الفتح : 29]
خارج سياق الآيات:
فهم واحد ولكن هذا ليس تشريع.
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة : 43]
خلاف حول كيفية الصلاة والزكاة، لماذا الصلاة ولماذا الزكاة.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ [البقرة : 183]
خلاف حول كيفية الصيام، لماذا الصيام؟
وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال : 36]
خلاف حول من هو الكافر و مدة مكوثه في النار، ولماذا يذهب الكافر للنار؟
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ [البقرة : 25]
خلاف حول من المؤمن و ما هي الأعمال الصالحة و ما هي الجنة، ما هي طبيعه الانهار؟
وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة : 275]
الربا حرام ولكن لماذا حرم الربا وأباح التلاعب بطريقة البيع للحصول على نفس النتيجة؟
عفوا ولكن لا تنسى أن تخبرني بقولك
افترض غياب الرقابة على بنك اسلامي معين في أميركا.
هذا البنك الإسلامي بدأ يشتغل بالمرابحة لعدد كبير من الناس لشراء بيت. يستلم البنك منهم حقه بالأقساط، ولكن بعد سنة انفصل عدد كبير من الناس من العمل و عجزوا عن تسديد الديون فأعلنوا الافلاس واضطر البنك إلى سحب البيت وإعادة بيعه ولكن بعد بسعر مخفض بسبب انهيار سوق العقار.
ماذا يحصل للبنك؟ هل الخطأ في النظام أم التطبيق؟
وأنا لا أطلب أن يتوقف التاريخ ولا أطلب أن يتوقف العقل البشري عن الإبتكار ولكن ألا يجب على العقل الصحيح أن ينظر في طريقة سيره إذا كان التاريخ ملئ بالأخطاء كما تقول ؟ فما هي فائدة الأخطاء لا سيما وإن كانت كبيرة مثل هذه إن لم يكن هناك تصحيحا للمنهج من خلالها ؟
فائدة الأخطاء الاستفادة منها، لم يمر وقت كافي نسبيا على خروج الإنسان من البراري وحياة الرعوية إلى التحضر لكي يخترع مجتمع مثالي - فمهلاً يا زميل ما زلنا في بداية الطريق.
لماذا تتوتر في الحوار الآن ؟ دعك من مسألة الكهوف تلك لأن هناك بديل آخر عن مسألة فكرة تغير المبادئ والثوابت بالعقل البشري ,فالعقلاء لا يوافقون على كون ثوابتهم قابلة للتغير كما تقول أنت , ثم إن هناك بديلا عن ذلك إذا كنت أنت لا تقبله فهذا شأنك ولكن هناك بديل عن ذلك , وردك هذا يدل على أنك فعلا تعرف أن التحسين والتقبيح العقليين في مسألة الثوابت والمبادئ على اعتقادك أنت لا تعرف بديلا آخر , وهذا أمر طيب أن نصل إلى هذه النتيجة في اعتقادك وطالما أن الثوابت عندك ممكن تتغير فلا ثبات لهذه القاعدة أيضا , بالإضافة إلى أنها كشفت عن أنها طريقة من لا طريقة له ومنهج من لا يعرف غيره لأنه لا بديل لديك غيره وهذه حدودية شديدة قد بينتها لنا بارك الله فيك.
طبعًا بديلك هو منهج الله وهنا العيب إذ لا يستطيع الأحد الاعتراض على منهج الله فقط لأنه الله ولأنه يعلم كل شيء.
طريقة لسد حلقة الحوار الفلسفي لا أكثر ولا أقل.
الإنسان هو الوحيد القادر على سن تشريعات تناسبه وتحميه وتحمي غيره، ممكن أن يظهر إنسان بتشريعات جديدة يقول أنها من الله كما ادعت الكنيسة في العصور المظلمة ولكن في النهايه أثبتت فشلها ودعست على الشعب حتى ملّ وقام بسحب الكنيسة بالقوة بعيدًا عن حياة الناس وهي تصرخ رافضة الابتعاد.
تمامًا كما دعست الشيوعيه على الناس فدعسوا عليها.
فلماذا إذا تعتبر أن قاعدتك التي تدافع عنها باستماتة "المنهج التجريبي البشري" غير قابلة للتجديد والمراجعة والتمحيص؟!!!
من قال انها غير قابلة للتجديد والمراجعة؟
لك كامل الحرية في مراجعتها ومناقشتها وكتابة الكتب لعل وعسى تجد من يقتنع، افعل ما تشاء فهي ليست مقدسة.
دعنا نتفق أن هذه النتائج غير نهائية أيضا لأنه لا أحد يعلم بما ستؤل إليه الأحوال , فكما حدث في الشيوعية قد يحدث في الرأسمالية ولا ضمان لذلك البتة , ودعنا أيضا نتفق أن البشرية ذاقت مر الحياة حتى تحصل هذه النتيجة الجزئية التي تعيش فيها الآن على ترقب ولم تسلم من عيوب كثيرة أيضا بعد , فهذه الدموية الشديدة التي خاضها الرجل الأبيض الغربي صاحب الليبرالية لا تكون في عقلك عيبا لأنك أوصلته إلى نتيجة شبه جيدة غير مضمونة النتائج بينما إغتيالات وقعت بين المسلمين وحروب تعد عيبا مطلقا ودليلا على خطأ المنهج !!!!! غريبة مع أن الدموية في الفكر الغربي من نتائج الفكر والتجربة الذي أدى إلى نهاية سعيدة ولهذا فلا نحزن عليها لأنها طريق لابد منه !!!! هذه إزدواجية كبيــرة
نتيجة جزئيه كيف؟
ما هي النتيجة الكاملة؟
هل لو تم تطبيق الشريعة الإسلامية ستختفي كل المشاكل في الدنيا؟
كلها تذهب بغير رجعة؟
لماذا تدمج كل "الفكر الغربي" في بوتقه واحدة؟ إن كان اعتراضك على دموية الشيوعيه فهي من نتاج كارل ماركس الألماني اليهودي الأصل، هذا يعني أنها من نتاج الفكر الشرقي!
هل يجوز الآن أن أدمج جميع النتاج الحضاري الشرقي بما فيها الشريعة الإسلامية وأقول عنها أفكار دموية فاشلة بحكم التجربة؟
اليابان دولة ناجحه مع أنها تعتبر تاريخيًا من الجزء الشرقي في العالم.
أكرر: هناك تجارب فاشلة وتجارب ناجحة هكذا تسير البشرية منذ الأزل.
بناء على هذا فلو أثبت الصدق فشله في مجتمع الرأسمالي مثلا فإنه ينقلب إلى رذيلة لا فضيلة , ولا يصح أن نحكم على المجتمع بأنه هو الذي حاد عن الثوابت لأنه غير الثوابت والمبادئ؟
كيف يثبت الصدق فشلة؟ كما شرحت لك فوائد الصدق في مجتمع أريد لك ان تشرح لي كيف يكون العكس.