يوسف عزيزي كاتب إيراني يفضح علي اكبر ولايتي ويثبت التسمية الحقيقية لعربستان
{إيضاحات حول التسميتين : عربستان و خوزستان }
للكتاب: يوسف عزيزي
ترجمها من الفارسية : عادل السويدي
الى سيادة الدكتور علي أكبر ولايتي مستشار السيد القائد ، المحترم :
لقد قرأت يوم الأربعاء الموافق 4 – 9 – 1383 هـ.ش الموافق في الميلادي لـ 24 – 11 – 2004 اللقاء الذي كان قد أجراه مع سيادتكم مراسل صحيفة "جمهوري إسلامي ايران" و الذي كان قد نشر ايضا في بعض الصحف الأخرى في البلاد.
سأحاول من خلال مقالي هذا أن أقوم بفتح أبواب المسألة التاريخية في ايران و أن ألقي الضوء على قضايا هامة أجد فيه أمراً هاماً في التعرّض اليه و شرحه بغية إيضاح قضية تاريخية هامة جداً في هذا الخصوص ، و أتمنى أن أكون موفقاً فيه ، و انا على قناعة بأن الدخول في مثل هذا البحث و التنقيب عنه سيحتاج بالتأكيد للقناعة بمبدأ الحوار و البحث المنهجي و النقاش الهادف ، و أن يكون هو المقياس الذي ننطلق من أجله و الذي عن طريق ذلك فقط نستطيع أن نتوصل الى الحقائق المبتغاة الوصول اليها ، لا أن ننطلق من زاوية التحكيم السياسي أو القومي.
لقد أوضحتم من خلال حديثكم "أن وحدة أراضي الدول ليست مرتبطة فقط بالتغييرات الجغرافية، بل أنها تشمل الأسامي ايضاً. إن محافظة "خوزستان" الواقعة في جنوب غرب ايران ، هي تدل على فارسية التسمية ، كما أنها تعني محل سكنى القومية" الخوزية" فيها ، و مع الأسف الشديد فإننا نلاحظ بأن في العقود الأخيرة قام البعثيون و القوميون العرب بتسمية هذه المحافظة بـ " عربستان ").
{صحيفة كيهان ، بتاريخ 5 – 9 – 1383هـ .ش الموافق بالميلادي لـ 25 – 11 – 2004}
سيادة الدكتور ولايتي : علاوة على تخصصكم في المجال الطبي و القضايا السياسية و الدولية ، يبدو أن لكم تخصصاً ايضاً في القضايا التاريخية ، لذا فالتطرق لمسألة تاريخية ـ من قبل شخص متخصص أو متابع للتاريخ مثلكم ـ و بهذا الشكل الذي قرأناه في الصحيفة المشار اليها آنفاً سيكون ملتبساً و مستبعداً ـ برأيي ـ ، بالخصوص و أنكم قد قضيتم مدة 16 عاماً عملتم كمسؤول لبريد وزارة الخارجية الإيرانية ، و بالتالي فإنكم بالتأكيد قمتم بإلقاء الضوء و بشكل فاحص على الأرشيف العظيم الذي يحتويه هذا المنصب حول التاريخ الإيراني.
سيادة الدكتور ، حتى لو حسبنا جدلاً بأنه قد فاتكم إلقاء الضوء على ذلك الجانب من الإرشيف ، يبدو لي بأنه كان كافياً فقط من أن تلقي الضوء على معارض الكتب و الأسناد و الوثائق التاريخية الإيرانية ـ التي كنتم تقيمونها بين الفينة و الأخرى ـ و بالتأكيد كنتم سترون على أنه و قبل وصول رضا شاه بهلوي الى سدة الحكم في ايران ، كانت جميع المصادر و الوثائق التابعة لوزارة خارجية ايران ، كان هنالك ذكر لإسم منطقة أو جغرافية خاصة تسمى اليوم بـ "خوزستان" ، حيث أن هذه المصادر و الوثائق تشير و بوضوح عن التسمية الحقيقية لـ "خوزستان" و هي "عربستان".
و هذه الحقيقة هي دليل على عكس ما صرحتم به من خلال ذلك اللقاء في الصحيفة ، و هي دليل على عكس تصوراتكم الشخصية التي أوضحتم على أن تسمية "عربستان" لها إرتباط و صلة مباشرة بـ "البعثيين و القوميين العرب" و أنها لم تكن قد ظهرت تلك التسمية إلا "في العقود الأخيرة". و للتأكيد فإن وجود تلك المصادر التاريخية الموثقة في وزارة الخارجية الإيرانية تبين مما لا شك فيه على أن هذه المنطقة كانت تسمى "عربستان" ، لذلك فإن ما ذهبتم اليه في تصريحكم ذاك كانت فيه مغالطات كثيرة و هو أمر غير صحيح، اللهم إلا لو أننا إعتبرنا بأن جميع المسؤولين الحكوميين و العاملين في وزارة الخارجية الإيرانية، و جميع كتاب و موثقي التاريخ الإيراني قبل وصول رضا شاه بهلوي لسدة الحكم في ايران ، أن كل هؤلاء كانوا بعثيين أو أنهم من القوميين العرب ؟؟!!!!
ثم أن اليوم لا يوجد أي دليل مادي و ملموس على وجود قومية "خوزية" في محافظة "خوزستان" ، و بناءً على المصدر لغتنامة دهخدا و دايرة المعارف بريتانيكا) فإن أكثر من 50% من سكان هذه المحافظة هم من العرب. و بالتأكيد فإنهم عرب و مواطنون إيرانيون.... ثم لا أنسى أن أنوه لنقطة مهمة و هي أن التسمية"عربستان" هي تسمية فارسية ، و أن الفرس و لمدة 500 عام كانوا يسمّون هذا الإقليم بهذا الإسم. لذلك فإن هذه التسمية "عربستان" ـ و خلافاً لما يروجه البعض ـ فهي ليست لها أي صلة لا من قريب و لا من بعيد بـ: جمال عبدالناصر و لا بحافظ الأسد و لا بصدام حسين ، و لم تكن تلك التسمية هي من أطلقها هؤلاء على هذا الإقليم ، و للإستدلال على ما أذهب إليه سأذكر لكم الدلائل و المصادر الموثقة على أن تسمية "عربستان" هي التسمية الحقيقة التي كانت تسمى المنطقة الواقعة اليوم في جنوب غرب ايران و الذي كانت التسمية هذه هي التي كانت متداولة في العصور القديمة ، و كان و ما يزال العرب هم سكنى هذه المنطقة.
و في هذا السياق سأذكر بعض المصادر التاريخية الفارسية لأستند عليها ، و للتوضيح هنا يجب أن أشير بأن هذه المصادر قد تم توثيقها بأيادي فارسية و أقلام المواطنين الإيرانيين في القرون الأخيرة.
السيد أحمد كسروي يذكر في فصل "واليان عربستان" من كتابه (تاريخ پانصد ساله خوزستان) :" أن في فترة حكم الشاه إسماعيل الصفوي أو أثناء فترة إبنه الشاه طهماسب ، كان القسم الغربي من خوزستان سمّي بواسطة المشعشعيين بـ"عربستان" و أن القسم الشرقي منه الذي كان يشمل مناطق : شوشتر و رامهرمز التي كانت تحت سيطرة الصفويين كانت تسمى "خوزستان" كي يتم التعرّف عليها.
ثم يبيّن السيد كسروي في هامش هذا الفصل و يوضح بإسهاب حول هذا الشأن قائلاً: " نحن نجد أن تسمية [عربستان] لها ذكر في كتاب قاضي نورالله و الذي تم تأليفه في زمن الشاه طهماسب ، و قد نشر الكتاب بعد وفاة ذلك الشاه مباشرة. ولكن و ضمن توضيحنا حول هذا الأمر فإن هذه تسمية "عربستان" لم تكن قد أُطلقت على القسم الغربي لـ"خوزستان" فقط ، بل و ضمن معلوماتنا و مصادرنا فإن تلك التسمية "عربستان" كانت معروفة و متداولة على الألسن و الكتابات حتى أواخر العهد الصفوي ، لا بل أنها إمتدت حتى زمن نادر شاه ، حيث أن في زمن نادر شاه كانت تسمية "خوزستان" قد تم نسيانها بشكل كبير ، و أن المنطقة و الإقليم بأكمله كان يعرف بـ"عربستان" ،و أن تسمية "خوزستان" كانت قد تداولت مرة أخرى في العام 1308 هـ.ش الموافق بالميلادي لـ 1925 م ، حيث أن الدولة الجديدة (رضا شاه بهلوي) قامت هذه الدولة بإلغاء التسمية التاريخية "عربستان" للمنطقة و قامت بإحياء و ترويج التسمية "خوزستان" ثانية على المنطقة. (سيد أحمد كسروي تبريزي ، تاريخ پانصد ساله خوزستان ، طهران نشر خواجه ، 1362 هـ.ش) .
و للتذكير فإن الدولة الشاهنشاهية البهلوية كانت متكونة من الفرس و العرب و الأتراك و الأكراد و البلوش و التركمن ، الذين أنهوا الحكم البهلوي الشوفيني و ذلك من خلال نضالهم المتواصل ضد هذه الدولة و نظامها العنصري التوجه و الممارسة حينما قاموا بالثورة عليه في العام 1357هـ.ش أي في العام 1979 ميلادية ، بهدف التخلص نهائياً من الممارسات و الثقافة العنصرية المعادية للقوميات الإيرانية.
·يذكر السيد محيط طباطبائي في مقال ٍ له تحت عنوان : "خوزستان و العرب" و هو بحث غني يتناول فيه الكاتب الأسماء القديمة و الأصيلة الحقيقية لهذه المحافظة ،و يوضح في مقاله هذا قائلاً: "إن ما يذكر اليوم حول تسمية عربستان يجب التوضيح عن أن هذه المنطقة كانت تسمى في زمن الهخامنشيين بـ آرابيا أو عربية ، و كانت تعتبر إحدى الأقاليم (= ساتراپهای: و هی كلمة فارسية بهلوية قديمة) التابعة لتلك الحكومة بالإضافة الى أنها كانت تتغير مساحتها الجغرافية على مر العصور. و في زمن كمبوجية الهخامنشي ، كان هذا الإقليم (= ساتراپ) يقع في شرق مصر و كان نموذجه مطابقاً ايضا في فلسطين و في شبه جزيرة سيناء اليوم.
وكانت فترة الحكم الأشكاني هي الفترة التي هاجرت فيها القبائل العربية نحو شرق الجزيرة العربية و الى سواحل الخليج الفارسي ، لاسيّما أثناء الفترة الساسانية حيث سكن العرب في نواحي الغربية لسواحل الخليج الفارسي و ايضاً بجوار سواد بين النهرين ، و التي نتج عنها بوادر لبدايات تكوينات الإمارات العربية و كان أشهرها في تلك المرحلة إمارة بني لحم و كان موقعها في الحيرة. و يجب الإشارة الى أن في هذه الفترة الزمنية كان هنالك وجود و ذكر لتسمية عربستان في كتيبة شاهبور، و أن موقعها كان بين غرب خوزستان و ميشان. لذا فإن منطقة عربستان كانت تمتد جغرافيتها إبتداءً من شرق مصر و لغاية جوار الحدود الإيرانية و وصل إمتدادها داخل أراضي بين النهرين . ثم أن مسألة الإختلاط الإثني و التزاوج مع الآخرين على مستوى الأسرة الحاكمة أصبح أمراً مقبولاً و ممكناً منذ تلك الآونة في تفكير هؤلاء العرب.
و بجوار منطقة عربستان هذه كان يسكن الشعبين: الخوزستاني و الپارسي معاً ، ولكن كانت القومية الپارسية أقرب الى الأكراد من حيث اللغة و الأصالة ، منها الى الخوزستانيين.
{مجلة گوهر، العدد الثاني ، إسفند 1352هـ.ش}.
·و السيد جهانگیر قائم مقامي يذكر في مقالته المعنونة بـ (خوزستان،تطورات اين منطقة و وجوه تسميه آن) أي (خوزستان ، تطورات هذه المنطقة و وجوه تسميتها) يبين الكاتب قائلاً :" إن تسمية خوزستان قد ذكرت و للمرة الأولى في كتاب (حدود العالم من المشرق الى المغرب) الذي تم تأليفه في العام 372 ق. و في الفترة نفسها كانت تستخدم تسمية "مملكة أهواز" ايضاً.
و حينما إشتدت قوة المشعشعين لا سيما وقوف العرب مع السيد محمد بن فلاّح في كل ٍ من: الحويزة، الأهواز، الشوش و لغاية حدود دزفول،أصبحت هذه المنطقة مزدهرة و التي كان العرب يحبذون السكن والإستقرار فيها و بكثافة أثناء الحكم المشعشعي و كان ذلك بمثابة القوة الفولاذية لإرساء هذا الحكم ، فسميت هذه المنطقة بـ "عربستان".
{مجلة يغما، السنة الثالثة ، العدد الثامن ، بتاريخ 8 آبان 1329هـ.ش} .
·يذكر ايضا السيد محمد على رنجبر و هو مفكر ايراني معاصر بالإضافة الى أنه كان عضواً في الهيئة العلمية لجامعة يزد ، يذكر في كتابه مشعشعيان ، ماهيت فكري ـ إجتماعي و فرآيند تحولات تاريخي) أي (المشعشعيون ، الأطر الفكرية ـ الإجتماعية و تداعيات التحولات التاريخية)، فالكاتب يذكر في كتابه هذا و لعدة مرات عن أن التسمية التاريخية لمحافظة "خوزستان" هي "عربستان" .
{نرجو مراجعة الصفحات التالية من الكتاب المذكور آنفاً للوقوف على تلك الحقيقة ، الصفحات : 11- 123- 127- 130- 145-238 - 239-301 - 302- 316- 317- 322- 324- 327- 328- 331- 334- 340- 345- 352- 355}.
و قد ذكر في كتابه السيد رنجبر قائلاً :" أنه و مع إشتداد قوة و جأش المشعشعيون و إستقطابهم للقبائل العربية الساكنين حول نهر الكرخة و نهري دجلة و الفرات ، لا سيّما السكان العرب في المدن مثل: البصرة ، واسط ، و الحويزة مروراً بجنوب الحلة و النجف ، تكونت هذه الإماراة العربية التي كانت أوسع إمتداداً جغرافياً من "عربستان" في الزمن الساساني. و ما يجب ذكره هنا هو أن توجهات الأمراء المشعشعيون كانت في الحقيقة هي توجهات دينية عقائدية أكثر منها توجّهات قومية، و للدلالة على هذا الأمر فإن المشعشعيون كانوا يطلقون على دولتهم و يصفونها بمصطلحات دينية مثل : الدولة المهدية."
و أثناء سقوط هذه الدولة المشعشعية على يد الشاه إسماعيل الأول الصفوي الذي كان ذلك في العام 914 قمري و ضمّها لسيادة الحكومة الصفوية ، أصبحت كل ممتلكات و إرث هذه الدولة تحت سيطرة و سطوة الصفويين. و منذ تلك الفترة أصبح السلطان المشعشعي يسمّى بـقائد الفرمان و حاكم "عربستان" حيث كانت إمرته و سلطته تمتد حتى أراضي عراق العرب، و كانت مدينة "الحويزة" تعتبر هي العاصمة و مركز ذلك الحكم و كان مقره في خوزستان.
و إستناداً الى ما ذكر فإن المحدودة الجغرافية التي كانت تابعة للحكومة المشعشعية لا سيما حدود مناطق ولاة الإمارة ، لم تكن هذه المساحة الجغرافية تتطابق تماماً مع جغرافية "عربستان" القديمة التي كانت في العهد الساساني ، و لم تكن حتى هي نفس المساحة التي كانت عليها في السابق ، حيث أن الأقسام التابعة لخوزستان مثل مدن: الحويزة، دزفول، الشوش، و شوشتر كانت هذه المدن و تركيبتها عبارة عن خليط قومي متكون من العرق الإيراني و العربي ، و أنها كانت متجانسة و متعايشة فيما بينها.
{ محمد علي رنجبر ، مشعشعيان ، ماهيت فكري ـ إجتماعي و فرآيند تحولات تاريخي ، طهران ، نشر آگه ، 1382 }.
يذكر السيد رنجبر في كتابه المشار اليه و في الصفحة 301 قائلاً :"وإستناداً على مادة تذكرة الملوك، ففي المرحلة الثانية من الحكم الصفوي فإن أمراءهم الذين أصبحوا يحكمون أيران ، كانوا ينقسمون الى "قسمين" :
1 ـ أمراء الدولة في الولايات المحلية.
2 ـ أمراء المناطق الحدودية.
و بناءً على ذلك فإن هذا القسم كان يتكون من أربعة مجموعات:
أ ـ الولاة.
ب ـ بيكلر بيكيان. (إسم لمجموعة من أمراء أطلق عليهم الصفويون هذه التسمية).
ج ـ الخوانين .( جمع خان و هو الشيخ القبلي المحلي و صاحب مكانة حكومية).
د ـ السلاطين.
فالولاة الذين كانوا في مرتبة "الإعتبار و المنصب" كانت لهم الأفضلية و المنزلة الأولى على سائر الترتيبات و المناصب الحكومية الأخرى ، و هؤلاء ايضا كانوا ينقسمون تحت 4 مجموعات كالتالي:
1 ـ والي عربستان.
2 ـ والي لرستان فيلي.
3 ـ والي گرجستان.
4 ـ والي كردستان.
و أن والي عربستان كانت له الأولوية و المنزلة الأولى و الإعتبار و السيادة و الشجاعة بين هؤلاء الولاة الأربعة ، بسبب تمايزه و تمايز إمارته من حيث الكثرة العددية و وسعة العشائر الكبيرة و شجاعتها في القتال حيث تواجدهم في تلك الإمارة ، هذا ما جعله في المنزلة الأهم و الشأن الأعظم مقارنة ً مع باقي الولاة.
{ نفس المصدر
}.
كما يضيف الكاتب في نفس الكتاب و تحديداً في الصفحة 301- 302 :" إن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم و يحتاج الى توضيح هو: لماذا سمح الصفويون لبعض الأمراء و الوجهاء المحليون من أن يديروا حكم ولاياتهم بأنفسهم ؟ و قبل أن نجيب عن هذا التساؤل نجد بأنه من المفيد أن نوضح النقاط التالية:أن السيد[كلاوس ميشائيل] رهربن، يتطرق عن عدة أسباب كانت قد جعلت الصفويون يقدمون على تلك الخطوات منها:
ـ بسبب صعوبة و وعورة الطرق التي تعيق الوصول بسهولة لتلك المناطق التابعة لهؤلاء الأمراء.
ـ و بسبب المقتضيات الإقليمية و تركيبة تلك المناطق وجغرافياتها الصعبة .
ـ عدم وجود التفاهم المذهبي والإختلافات العقائدية بين الأديان المتواجدة في إطار الجغرافية الصفوية ، لا سيما الإختلافات اللغوية و الثقافية.
فعلى سبيل المثال فإن أقاليم مثل:گرجستان ، كردستان ، خوزستان(عربستان) ، كانت هذه الأقاليم معروفة ببعدها عن مركز الحكم الصفوي ، بالإضافة الى الإختلافات المذهبية و الطائفية التي كانت تزيد من عدم تجانس هذه الولايات ، سيما و الإختلافات في الثقافة و اللغة التابعة لهذه الأقاليم و التي كانت تشكل أيضا صعوبات تزيد على تلك الأسباب التي ذكرناها آنفاً ."
{نفس المصدر}.
و يذكر السيد إسكندر بيك منشي الذي عاصر فترة حكم الشاه عباس الأول في كتابه (تاريخ عالم آراي عباسي) ... و أثناء حكم السيد فرج الله خان ـ و هو أحد ولاة المشعشعين ـ يشير على أن في العام 1097 قمري قد إستلم حكماً بإمرة من الشاه سلطان حسين مباشرة.
الفقرة التالية إرتأينا أن نبين فقط مضمون الرسالة و هي كانت إشارة عن الحكم الذي إستلمه السيد فرج الله خان من قبل الشاه السلطان حسين ، و الرسالة في الحقيقة هي رسالة رسمية و مكتوبة بلغة الأمراء الحكوميين و المنزلة الرفيعة التي كان قد حاز عليها السيد فرج الله خان ـ والي عربستان ـ و التقدير الذي حصل عليه من قبل الشاه سلطان حسين الصفوي .
و أن الرسالة في الحقيقة مكتوبة باللغة الفارسية القديمة ، و التي وجدنا فيها صعوبة في ترجمتها كاملة ، لذا أوضحنا من خلال الكلمات السابقة عن المضمون التي كانت تتحدث بها تلك الرسالة.
يذكر أن كل هذه الكتب و كتب الرحّالة الذين زاروا هذه المنطقة كانت تتحدث كلها عن الوقائع و تصف مراحل الحكم الصفوي ـ الإفشاري ـ الزندي ـ و القاجاري ، وصفاً مهماً. و قد ترجمت كلها و نشرت باللغة الفارسية.
و في هذا الشأن يمكنكم أيضا مراجعة كتاب : (قبائل و عشاير عرب خوزستان) لمؤلفه السيد يوسف عزيزي بني طرف ، كما يمكنكم ايضا مراجعة كتاب (تاريخ خوزستان از دوره أفشاريه تا دوره معاصر) و هو على شكل مجلدين لمؤلفه السيد موسى سيادت ، و ايضا مراجعة الكتاب(تاريخ خوزستان) لمؤلفه السيد مصطفى أنصاري.
و للتأكيد على ما نذهب اليه ، فإن تسمية "عربستان" كانت هذه التسمية معروفة و موجودة في كل الكتب و الوثائق و المصادر الفارسية حتى بدايات الحكم البهلوي ، و أن قبل هذا الحكم أي أثناء :حكم القاجاريين و قبله : الإفشاريين و قبلهم :الزنديين ، و قبلهم : الصفويين ، كانت أثناء تلك الفترات تعرف هذه المنطقة بإسم "عربستان" . و حتى فترة قبل الإسلام فإن في [كتيبة شابور] كان هنالك ذكر لهذه التسمية . ولكن ما حصل هو في الحقيقة و منذ عام 1302هـ.ش أي 1925 م و هي فترة وصول رضا شاه بهلوي لسدة الحكم في ايران و الذي أثناءها تغيرت تسمية المنطقة الى "خوزستان"، كان ذلك بدعم قوي من دولة ضياء الدين الطباطبائي و بإصرار ٍ من أردشيرجي ، و كما تعلمون فإن أردشيرجي هذا كان معروفاً بأفكاره و ممارساته العنصرية لا سيما حقده الدفين تجاه العرب و المسلمين بشكل ٍ عام . و كان من ذوي الأصول الهندية.
و الى اليوم فإننا ما نزال نسمع تسمية "عربستان" و هي تتردد على ألسنة الكثيرون و أخص هنا الشعب البختياري الذين يعتبرون جيران العرب في هذه المنطقة ، حيث أنهم يرددون في أغانيهم و أشعارهم هذه التسمية ، و في هذا المجال لا يسعني إلا أن أذكر لكم بيتاً شعرياً يردده البختياريون الذين تعنوا بهذا البيت الشعري لـ "الخان مندلي" و هو :
كاشكي موبيدمي جامندلي خان خاك تهرون بكشم به"عربستون"
و كان "الخان مندلي" اخاً للخان "علي مردان" الذي ثار ضد نظام رضا شاه بهلوي في تلك الآونة ، بالإضافة الى أنهما يعتبران من أبطال الشعب البختياري و ثواره المخلصين. ثم أن البختياريون أهالي مناطق : إيذه و باغ ملك ، ما زالوا و حتى اللحظة اذا أرادوا أن يسافروا من مدنهم هذه و الى مدينة الأهواز فإنهم يقولون :"نريد أن نذهب الى عربستون" و ذلك دليل واضح على أن تسمية "عربستان" ما زالت متداولة اليوم و لها رواج واسع على ألسن البختياريين.
و مما يجدر ذكره ايضا أن الإقليم الوحيد الذي تمّ تغيير إسمه في الدولة الإيرانية و على يد رضا شاه بهلوي ، هو هذا الإقليم ، أي تغيير تسميته من "عربستان" الى "خوزستان".
و هذا الأمر أتى بعد إنهيار و سقوط الحكم القاجاري الذي تم على يد رضا شاه بهلوي ، و كان ذلك من منطلق النظرة و الممارسات العنصرية الضيقة تجاه الثقافة و القومية و التسميات العربية للشعب العربي في ايران . و للإستدلال على ذلك فإن اليوم في ايران هنالك محافظات ما زالت تسمياتها لم تتغير و هي تدل على الهوية و الثقافة الخاصة لسكان تلك المحافظات ، فعلى سبيل المثال : فإن إقليم چهار محال بختياري يدل على وجود الهوية و الثقافة البختيارية فيه ، و أيضا إقليم لرستان و التسمية تدل على وجود القومية اللورية في هذا الإقليم ، كما إقليم آذربايجان و هو يدل على هوية الأتراك الآذريين لهذا الإقليم ، و إقليم كردستان و هو يدل ايضا على الهوية و الثقافة الكردية التي يشكلها هذا الإقليم ، و بلوشستان دليل على وجود الشعب البلوشي ، و إقليم تركمنصحرا يدل على وجود مواطنيننا من القومية التركمنية و المتواجدون في شمال شرق ايران.
ولكن و للأسف الشديد فإن السياسة العنصرية و الحقد القومي تجاه العرب إستمر منذ ذلك الحين، و الأدهى من ذلك بأن الأمر لم يتوقف عند تغيير تسمية "عربستان" فقط و هي التسمية التاريخية لهذا الإقليم ، بل إنها طال الأسماء التاريخية العربية و الأمكنة الجغرافية الأخرى في منطقتنا ، مثل : أسماء المدن ، القرى ، الأرياف ، الأحياء ، و الشوارع ، فكلها تعرّضت و ما زالت لتلك السياسة العنصرية الهدامة.
و ختاماً أؤكد لكم أن تسمية "عربستان" لا صلة لها لا بالبعثيين و لا بالقوميين العرب و لا بمنظّريهم و لا حتى بالقيادات القومية العربية في العالم العربي ، و لا بمسؤولي الدول العربية اليوم، و لا بمفكريهم ، بل أن التسمية "عربستان" هي التسمية التاريخية و العربية ـ الإيرانية المحضة لهذه المنطقة.