بسم الله الرحمن الرحيم
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب : ( فالله . . الله يا إخواني تمسكوا بأصل دينكم و أوله و آخره . . أسه و رأسه ، و هو شهادة أن لا إله إلا الله ، و اعرفوا معناها و أحبوا أهلها و اجعلوهم إخوانكم - و لو كانوا بعيدين - و اكفروا بالطواغيت و عادوهم و ابغضوا من أحبهم أو جادل عنهم ، أو لم يكفرهم ، أو قال ؛ ما علي منهم ، أو قال ؛ ما كلفني الله بهم ، فقد كذب هذا على الله و افترى ، بل كلفه الله بهم ، و فرض عليه الكفر بهم و البراءة منهم - و لو كانوا إخوانه و أولاده - فالله . . الله تمسكوا بأصل دينكم لعلكم تلقون ربكم لا تشركون به شيئا ) [الدرر السنية 1/78].
قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق} إلى قوله تعالى: {تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل} ثم حث تبارك وتعالى عباده المؤمنين على متابعة خليله إبراهيم والتأسي به وبمن آمن معه في مصارمتهم لأعداء الله تعالى والتبري منهم ومما يعبدون من دون الله تعالى وإظهار العداوة لهم والبغضاء ما داموا على الكفر بالله، فقال الله تعالى: {قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنّا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} ومن لم يتأسى بإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام في مصارمة أعداء الله تعالى وإظهار العداوة والبغضاء لهم، فله من سفه النفس بقدر ما ترك من ملة إبراهيم الخليل، كما قال تعالى: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه}.
وروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قلت لعمر رضي الله عنه إن لي كاتبا نصرانيا قال: مالك قاتلك الله أما سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض} ألا اتخذت حنيفا. قال: قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه. قال: لا أكرمهم إذا أهانهم الله ولا أعزهم إذا أذلهم الله ولا أدنيهم إذا أقصاهم الله.
وورد على عمر رضي الله عنه كتاب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: أما بعد يا أمير المؤمنين فإن في عملي كاتبا نصرانيا لا يتم أمر الخراج إلا به فكرهت أن أقلده دون أمرك. فكتب إليه: عافانا الله وإياك قرأت كتابك في أمر النصراني، أما بعد فإن النصراني قد مات، والسلام. يعني يقدر موت هذا النصراني فما كان معاوية صانعا بعد موته فليصنعه الآن، وهذا أمر من عمر رضي الله عنه لمعاوية رضي الله عنه بإبعاد النصراني وتولية غيره من المسلمين مكانه من غير مراجعة وإخبار له بأن المسلمين في غنية عن أعداء الله ولو كانوا في الحذق والضبط ما كانوا.
قوله تعالى: {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء} وهذا زجر بليغ وتهديد شديد عن موالاة أعداء الله تعالى وموادتهم، فينبغي للمسلم أن يحذر أشد الحذر من أن يكون من الذين يحسبون أنهم على شيء وهو من الخاسرين الذين ليسوا من الله في شيء عياذا بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه. قال المناوي في شرح الجامع الصغير: (الإقبال على عدو الله وموالاته توجب إعراضه عن الله ومن أعرض عنه تولاه الشيطان ونقله إلى الكفر) اهـ. قال الزمخشري: (وهذا أمر معقول فإن موالاة الولي وموالاة عدوه متنافيان) اهـ.
هل هذا هو إسلام محمد صلى الله عليه وسلم :