قبل سنة ونصف السنة أصدر الفيزيائي المرموق ستيفن هوكنج كتابه The grand design (التصميم الذكي) الذي انتهى به الى نتيجة مفادها ان الكون ليس في حاجة الى خالق.
وأثار ضجة بكتابه وحاول تبسيط وشرح نظريته من خلال حوارات قناة C.N.N وغيرها. وطلبت من الدكتور عمرو شريف رئيس أقسام جراحة طب جامعة عين شمس والحائز على جائزة الدولة وصاحب الكتب المعمقة (المخ ذكر أو أنثى) و(كيف بدأ الخلق) و(رحلة عقل) وهو ترجمة ودراسة لكتاب أشرس ملحد بعد عودته للإيمان بالعلم (هناك إله) للفيلسوف أنتوني فلو وأخيرا صدر له كتاب قبل أسابيع بعنوان (ثم صار المخ عقلاً)... طلبت من الدكتور رأيه العلمي في بعض مقاطع الفيديو للفيزيائي ستيفن هوكنج فكتب لي هذه الإجابة:
أخي الفاضل د. محمد العوضي... تحية طيبة وبعد،
بناء على رسالتكم التي أرسلتموها لي في القاهرة، قمت بمشاهدة المحاضرة التي ألقاها ستيفن هوكنج في الـ youtube حول كتابه الأخير The grand design، ومدتها (45) دقيقة.
وقبل ان أعرض تعليقي على المحاضرة أؤكد على انني لا أتعرض لنظريات هوكنج العلمية، فهذا أمر لا قِبَلَ لي عليه، ولكن تعليقاتي وتعليقات الآخرين موجهة الى تأويلاته الفلسفية لهذه النظريات وهذا مجال متاح لي وللآخرين، خصوصا وان الكثيرين من العلماء (فلاسفة ضعاف) كما يقول آينشتين كما ان تأويلاتهم الفلسفية يمكن ان يشوبها التحيز لأيديولوجيات معينة، والآن الى تعليقاتي على تلك التأويلات الفلسفية:
أولا: يقول هوكنج، من أجل ان تصنع كوناً فأنت تحتاج الى ثلاثة عناصر، 1- المادة. 2- الطاقة. 3- الفضاء.
لقد أغفل هوكنج أهم مكون للكون وهو المكون المعرفي Know How، اي كمية المعلومات الهائلة المطلوبة لنشأة هذه العناصر، ثم لترابطها، لقد أصبح المكون المعرفي أهم عناصر أي منتج.
ثانيا: يقول هوكنج لقد وجهت قوانين الكم الانفجار الأعظم لتشكيل الكون الوليد.
نقول: كيف وضعت قوانين الكم وأصبحت جاهزة لتوجيه الانفجار الأعظم قبل حدوثه؟ من وضعها؟
ثالثا: يقول هوكنج في موضع آخر: ان قوانين الكم قادرة على ايجاد الكون من عدم.
هنا نطرح على هوكنج تساؤلين:
1- هل كانت قوانين الكم موجودة في العدم قبل وجود الكون؟ من الذي أوجدها؟
2 - ألا يعني خلق المادة من عدم، خرق قانون بقاء المادة، القائل إن المادة لا تفنى، ولا تستحدث؟ لا يمكن ان يخرق هذا القانون إلا إله خالق.
رابعا: يقول هوكنج، ان ثبات قوانين الطبيعة يعني اننا لا نحتاج لإله.
ان هذا القول يرجع الى اعتقاد هوكنج ان المُوجِد للكون إما الإله وإما قوانين الطبيعة، فأنكر الألوهية نظرا لثبات القوانين.
لقد غاب عن هوكنج ان الإله يستعمل قوانين الطبيعة في الخلق: (وأنزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد).
خامسا: يقول هوكنج، اذا جمعنا الطاقة الموجبة والطاقة السالبة في الكون، صار المجموع «صفر» ما يعني الخلق من عدم، ومن ثم لا حاجة لإله.
نقول: نحن نتفق مع هوكنج ان الكون خُلِقَ من عدم، وهذا ما يتفق مع طرح القرآن الكريم، ولكن ما نعترض عليه هو قوله ان ذلك يؤكد عدم الاحتياج لإله، فلا أساس لهذه القفزة الاستنتاجية بل العكس، فكون بهذا الجمال والتكامل يحتاج لإله حتى ينشأ من «صفر».
سادسا: يقول هوكنج، ان الزمان والمكان خلقا مع خلق الكون، وقبل ذلك كان عدما، اي لم يكن هناك مكان أو زمان ليتواجد فيه الإله!! صدقني قال ذلك!!
ان هوكنج لا يعرف مفهوم ان الإله خارج الزمان وخارج المكان واذا لم يكن هناك زمان أو مكان للإله، فهل كان زمان ومكان لقوانين الكم لتقوم بعملها، وتُنشئ الكون؟
أخي الفاضل...
أؤكد مرة أخرى ان اعتراضاتي ليست على الجانب العلمي في نظريات هوكنج ولكن على الاستنتاجات الفلسفية التي استنبطها من هذه القوانين.
وختاما لكم كل تقدير واحترام.
أخوكم
عمرو شريف
2012/1/23
شكراً للدكتور عمرو شريف، ولنا وقفة مع علماء الفيزياء والكونيات الغربيين من نظرية ستيفن هوكنج، وأوهامه الفلسفية الساذجة.
عجبني رد الدكتور عمرو شريف أنقله للفائده .