بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين سيدنا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه المتقين.
وبعد:-
ما هو توحيد الربوبية؟! وهل الناس مقرين به أم غير مقرين؟
في الحقيقة أن توحيد الربوبية هو الإقرار بأن الله تعالى خالق رازق محيي ومميت بيده ملكوت كل شيء، وهذا النوع من التوحيد عند من يقسم التوحيد إلى ثلاث وأربع يقر به جميع الناس من زمن سيدنا نوح إلى زمن سيدنا محمد صلى الله عليهما وسلم.
وهناك مجموعة من الشيوخ يقولون بهذا القول منهم ما يلي:
الشيخ عبد الرحمن ناصر السعدي في كتابه "القول السديد في مقاصد التوحيد" بعد أن بين معنى والمقصود من توحيد الأولوهية وهي إفراد الله تعالى وحده في العبودية وإخلاص الدين له وحده ما نصه يقول: " ومقصود دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم الدعوة إلى هذا التوحيد " اهـ يقصد في ذلك توحيد الألوهية.
ثم يعقب بعد ذلك ويقول: " وجميع الرسل دعوا إلى هذا التوحيد " اهـ أي توحيد الألوهية .
كذلك الشيخ عبد العزيز ناصر الرشيد في كتابه بشرحه على العقيدة الواسطية لابن تيمية وهي "التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية" ص 11 يقول ما نصه: " ... فإن المشركين الذين بعث إليهم الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم - يقرون بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر لجميع الأمر ولم يدخلهم ذلك في الإسلام، بل قاتلهم رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – واستحل دمائهم وأموالهم.." اهـ
ويقول في موطنٍ آخر من كتابه السابق ص 14 ما نصه: " فتوحيد الربوبية هو الإقرار بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر لجميع الأمور، وهذا النوع من التوحيد أقر به المشركون ولم يدخلهم إقرارهم به في الإسلام." اهـ
كذلك الشيخ محمد صالح العثيمين في شرحه على العقيدة الواسطية لابن تيمية [طبع دار الثريا للنشر/ الطبعة الأولى 1419هـ - 1998م ] ص 14 ما نصه: "ولم يكن الرسل الذين أرسلهم الله عز وجل إلى البشر يدعون إلى توحيد الربوبية كدعوتهم إلى توحيد الألوهية، وذلك أن منكري الربوبية قليلون جدا، وحتى الذين ينكرونه هم في قرارة أنفسهم لا يستطيعون أن ينكروه، اللهم إلا أن يكونوا قد سلبوا العقول المدركة أدنى إدراك، فإنهم قد ينكرون هذا من باب المكابرة" اهـ
وفي مجموع الفتاوى للشيخ عبد العزيز الباز ( 6/ 215) يقول:
" الحمد للهفلا شك أن منتدبر القرآن الكريم وجد فيه آيات تأمر بإخلاص العبادة لله وحده ، وهذا هو توحيدالألوهية ، ووجد آيات تدل على أن الله هو الخلاق وأنه الرزاق وأنه مدبر الأمور ،وهذا هو توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون ولم يدخلهم في الإسلام " اهـ
على الرغم من أنني لا أوافق هذا القول لما فيه من أخطاء وخاصة الخطأ الأول تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أو أربع تقسيمات، سواء ثلّث في التوحيد أو ربّع به .
وهذه التقسيمات مبتدعة من قبل ابن بطة العكبري المتوفى سنة 387 من الهجرة وهو من كبار المجسمة لله تعالى، وهو خلفي يضع الحديث كما أشار إليه الحافظ ابن حجر.
وهذا النوع من توحيد الربوبية يقر به جميع المشركين ولوا بقرارة أنفسهم على الرغم من العناد والإنكار مكابرة.
وعلى الرغم من أن الشيوخ ردوا على هذه الأمور وبينوا عوار هذه التقسيمات وجرى نقاش طويل نرى قد تغيرت أقوالهم بعض الشيء وتغيرت نظرتهم تجاه المشركين وتوحيدهم للربوبية ، فكان الآتي:
ذكر عبد الرحمن عبد الخالق في كتاب له وهو "الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة" نشرتها جمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية، وقد أثنى على كتابه الشيخ صالح الفوزان، يقول عبد الرحمن في ص15:
" أ- فالعرب يعتقدون في وجود الله، وأنه خالق الكون، منزل المطر، ولكن هذا الإله في نظرهم لا يستطيع إحياءهم بعد الموت، وليست له غاية من خلق الناس غير هذه الدنيا التي خلقهم فيها، فليس هناك قيامة ولا حساب، ثم هو إله كملوك الأرض يتوسل إليه من أجل الرزق والمطر، والنصر على الأعداء بكل حبيب عنده كالملائكة والصالحين" اهـ
وذكر الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العبّاد في كتاب له واسمه " القول السديد في الردِّ على من أنكر تقسيم التوحيد حيث أثنى على كتابه صالح الفوزان في مقدمته.
وهذا الكتاب من بدايته يؤكد توحيد المشركين للربوبية بمعناها عندهم ثم مالبث إلا ناقض نفسه في ص 87 منه فقال هناك:
" ثم هنا أمر لابدّ من تقريره وإيضاحه وهو أن قول أهل العلم عن المشركين بأنهم يعترفون بتوحيد الربوبية ليس المراد به أنّهم اعترفوا بهذا القسم من التوحيد على التمام، والكمال، فهذا لا يقول به أحدٌ من أهل العلم، وإنّما مرادهم تقرير ما ثبت في القرآن عن المشركين من اعترافهم بالخالق الرازق المدبر لشئون الخلق، فهذا من صفات الربوبية وخصائصها وقد آمن واعترف به المشركون، ثم هذا أيضًا ليس حكمًا عامًا مطردًا على جميع المشركين إذ منهم من وجد عنده حتى الشرك في الربوبية، ومنهم من آمن ببعض خصائص الربوبية دون بعض" اهـ
الحمد لله أن بعضهم اعترف أن المشركين لم يكونوا موحدين لا بالربوبية ولا بالألوهية كما قال أهل العلم لما ردوا على أقوال المقسمين للتوحيد إلى ثلاث أو أربع تقسيمات... على الرغم من أنني أخالف هذه التقسيمات تمام المخالفة، وأن الأنبياء لم يأتوا أو لم يبعثوا لأجل توحيد قسم دون الآخر، بل إن التوحيد توحيد لا يتجزأ ولا يتقسم إلى تقسيمات و أجزاء ومعاني متفرقة.
فلا أدري بعد ذلك هل يتغير معنى توحيد الربوبية إلى الإقرار بوجود الله تعالى فقط؟؟!!! دون الإقرار بأنه الخالق الرازق المحيي المميت!!!
وما هو رأي السلف الصالح في هذه القضية؟!!
الله أعلم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين سيدنا محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه المتقين.
وبعد:-
ما هو توحيد الربوبية؟! وهل الناس مقرين به أم غير مقرين؟
في الحقيقة أن توحيد الربوبية هو الإقرار بأن الله تعالى خالق رازق محيي ومميت بيده ملكوت كل شيء، وهذا النوع من التوحيد عند من يقسم التوحيد إلى ثلاث وأربع يقر به جميع الناس من زمن سيدنا نوح إلى زمن سيدنا محمد صلى الله عليهما وسلم.
وهناك مجموعة من الشيوخ يقولون بهذا القول منهم ما يلي:
الشيخ عبد الرحمن ناصر السعدي في كتابه "القول السديد في مقاصد التوحيد" بعد أن بين معنى والمقصود من توحيد الأولوهية وهي إفراد الله تعالى وحده في العبودية وإخلاص الدين له وحده ما نصه يقول: " ومقصود دعوة الرسل من أولهم إلى آخرهم الدعوة إلى هذا التوحيد " اهـ يقصد في ذلك توحيد الألوهية.
ثم يعقب بعد ذلك ويقول: " وجميع الرسل دعوا إلى هذا التوحيد " اهـ أي توحيد الألوهية .
كذلك الشيخ عبد العزيز ناصر الرشيد في كتابه بشرحه على العقيدة الواسطية لابن تيمية وهي "التنبيهات السنية على العقيدة الواسطية" ص 11 يقول ما نصه: " ... فإن المشركين الذين بعث إليهم الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم - يقرون بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر لجميع الأمر ولم يدخلهم ذلك في الإسلام، بل قاتلهم رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – واستحل دمائهم وأموالهم.." اهـ
ويقول في موطنٍ آخر من كتابه السابق ص 14 ما نصه: " فتوحيد الربوبية هو الإقرار بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر لجميع الأمور، وهذا النوع من التوحيد أقر به المشركون ولم يدخلهم إقرارهم به في الإسلام." اهـ
كذلك الشيخ محمد صالح العثيمين في شرحه على العقيدة الواسطية لابن تيمية [طبع دار الثريا للنشر/ الطبعة الأولى 1419هـ - 1998م ] ص 14 ما نصه: "ولم يكن الرسل الذين أرسلهم الله عز وجل إلى البشر يدعون إلى توحيد الربوبية كدعوتهم إلى توحيد الألوهية، وذلك أن منكري الربوبية قليلون جدا، وحتى الذين ينكرونه هم في قرارة أنفسهم لا يستطيعون أن ينكروه، اللهم إلا أن يكونوا قد سلبوا العقول المدركة أدنى إدراك، فإنهم قد ينكرون هذا من باب المكابرة" اهـ
وفي مجموع الفتاوى للشيخ عبد العزيز الباز ( 6/ 215) يقول:
" الحمد للهفلا شك أن منتدبر القرآن الكريم وجد فيه آيات تأمر بإخلاص العبادة لله وحده ، وهذا هو توحيدالألوهية ، ووجد آيات تدل على أن الله هو الخلاق وأنه الرزاق وأنه مدبر الأمور ،وهذا هو توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون ولم يدخلهم في الإسلام " اهـ
على الرغم من أنني لا أوافق هذا القول لما فيه من أخطاء وخاصة الخطأ الأول تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أو أربع تقسيمات، سواء ثلّث في التوحيد أو ربّع به .
وهذه التقسيمات مبتدعة من قبل ابن بطة العكبري المتوفى سنة 387 من الهجرة وهو من كبار المجسمة لله تعالى، وهو خلفي يضع الحديث كما أشار إليه الحافظ ابن حجر.
وهذا النوع من توحيد الربوبية يقر به جميع المشركين ولوا بقرارة أنفسهم على الرغم من العناد والإنكار مكابرة.
وعلى الرغم من أن الشيوخ ردوا على هذه الأمور وبينوا عوار هذه التقسيمات وجرى نقاش طويل نرى قد تغيرت أقوالهم بعض الشيء وتغيرت نظرتهم تجاه المشركين وتوحيدهم للربوبية ، فكان الآتي:
ذكر عبد الرحمن عبد الخالق في كتاب له وهو "الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة" نشرتها جمعية إحياء التراث الإسلامي الكويتية، وقد أثنى على كتابه الشيخ صالح الفوزان، يقول عبد الرحمن في ص15:
" أ- فالعرب يعتقدون في وجود الله، وأنه خالق الكون، منزل المطر، ولكن هذا الإله في نظرهم لا يستطيع إحياءهم بعد الموت، وليست له غاية من خلق الناس غير هذه الدنيا التي خلقهم فيها، فليس هناك قيامة ولا حساب، ثم هو إله كملوك الأرض يتوسل إليه من أجل الرزق والمطر، والنصر على الأعداء بكل حبيب عنده كالملائكة والصالحين" اهـ
وذكر الشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العبّاد في كتاب له واسمه " القول السديد في الردِّ على من أنكر تقسيم التوحيد حيث أثنى على كتابه صالح الفوزان في مقدمته.
وهذا الكتاب من بدايته يؤكد توحيد المشركين للربوبية بمعناها عندهم ثم مالبث إلا ناقض نفسه في ص 87 منه فقال هناك:
" ثم هنا أمر لابدّ من تقريره وإيضاحه وهو أن قول أهل العلم عن المشركين بأنهم يعترفون بتوحيد الربوبية ليس المراد به أنّهم اعترفوا بهذا القسم من التوحيد على التمام، والكمال، فهذا لا يقول به أحدٌ من أهل العلم، وإنّما مرادهم تقرير ما ثبت في القرآن عن المشركين من اعترافهم بالخالق الرازق المدبر لشئون الخلق، فهذا من صفات الربوبية وخصائصها وقد آمن واعترف به المشركون، ثم هذا أيضًا ليس حكمًا عامًا مطردًا على جميع المشركين إذ منهم من وجد عنده حتى الشرك في الربوبية، ومنهم من آمن ببعض خصائص الربوبية دون بعض" اهـ
الحمد لله أن بعضهم اعترف أن المشركين لم يكونوا موحدين لا بالربوبية ولا بالألوهية كما قال أهل العلم لما ردوا على أقوال المقسمين للتوحيد إلى ثلاث أو أربع تقسيمات... على الرغم من أنني أخالف هذه التقسيمات تمام المخالفة، وأن الأنبياء لم يأتوا أو لم يبعثوا لأجل توحيد قسم دون الآخر، بل إن التوحيد توحيد لا يتجزأ ولا يتقسم إلى تقسيمات و أجزاء ومعاني متفرقة.
فلا أدري بعد ذلك هل يتغير معنى توحيد الربوبية إلى الإقرار بوجود الله تعالى فقط؟؟!!! دون الإقرار بأنه الخالق الرازق المحيي المميت!!!
وما هو رأي السلف الصالح في هذه القضية؟!!
الله أعلم.