يحكى أن في سالف العصر و الأزمان قبل ظهور الإنس و الجان كانت الصفات و المشاعر الإنسانية تعيش على كوكب الأرض بدون منقصات ولا أنس يقلبها من حال لحال، و مع تواتر الأيام شعرت هذه الصفات بالرتابة و الملل فاجتمعت في يوم و تحاورت كيف السبيل لكسر هذا الملل و الرتابة، فأقترح "الذكاء" أن يمارسوا لعبة تحفز الذاكرة و تنشط العضلات فصاح المجتمعين: مثل ماذا؟
فقال "الإبداع": فلنجرب لعبة البحث و الاختباء.
فقال "الإبداع": فلنجرب لعبة البحث و الاختباء.
فوافق الجميع بلا تردد، فقيل من يبدأ البحث أولا و يمنح الأخرين فرصة الاختباء،
فصاح من بينهم "الجنون": أنـا..أنــا..دعوني أبدأ أولا.
فشعر الجميع بالحماسة و وافقوا مجمعين على "الجنون" بأن يبدأ أولا، فأغمض عينيه معلنا بدأ اللعبة، و أخذ يعد:
فصاح من بينهم "الجنون": أنـا..أنــا..دعوني أبدأ أولا.
فشعر الجميع بالحماسة و وافقوا مجمعين على "الجنون" بأن يبدأ أولا، فأغمض عينيه معلنا بدأ اللعبة، و أخذ يعد:
واحد
اثنان
ثلاثة
أربعة
خمسة
و أستمر بالعد، و أخذت كل صفة تختبئ، كل صفة بمكان، فهذه "الرقة" تغطت بأوراق الزهر و هناك بعيدا اختارت "الدناءة" طين النهر، و هذا "الحنان" على صدر السحاب قد نام، و هنا بين المزن اختبأ "الشوق" و بين بذر الفراولة اختار "الدلال" مخبأه، و "الحب" سار بعيدا في بساتين الورد و رياض الزهر البعيدة و اختباء بين أزهارها الكثيفة، و هكذا كل صفة و شعور اختار مخبأه.
و لا زال" الجنون" يرفع صوته بالعد فوصل المئة و لا زال يعد، فأقترب "الغباء" منه و صاح به زاجرا: كفى.. كفى لقد اختباء الجميع و لم تنته من العد.
فقال "الجنون": هل أبدأ الآن بالبحث عن الجميع.
و لا زال" الجنون" يرفع صوته بالعد فوصل المئة و لا زال يعد، فأقترب "الغباء" منه و صاح به زاجرا: كفى.. كفى لقد اختباء الجميع و لم تنته من العد.
فقال "الجنون": هل أبدأ الآن بالبحث عن الجميع.
فجاوب "الغباء" بشغف متسرعا: نعم .. نعم.
فلما فتح "الجنون" عيناه وجد "الغباء" يبتسم و يقول له أمهلني لاختباء، فصاح الجنون: أنت أول من وجدته، دعني سأبحث عن الأخرين، فوجد "الكسل" أمامه مستلقيا فأعلن" الجنون" بصوت عال: وجدت اثنان و الدور على البقية آت.
فرأي "الغيرة" تحاول اختيار مكان للاختباء، تنتقل من محل لأخر فعلم بأنها تريد محل غيرها، فصاح بها "الجنون" معلنا بأنه قد وجدها. فلما دخل بين أوراق الزهر وجد "الرقة"، و صاح فرحا و هو يقفز عاليا فرأى صدفة على صدر السحاب هناك ارتمى "الحنان" فقال "الجنون": وجدت الحنان هناك فوق، فحاول "الشوق" أن يواسي الحنان فرآه "الجنون"، فحصدهم واحدا تلو الأخر من "الدناءة"،"الغدر"، "السذاجة" حتى بقى فردا واحدا لم يجده فقد حار و استعجب كيف لم يجده.
فهمست "الغيرة" بأذن "الجنون" تريد مساعدة سأعلمك بمكان اختباء "الحب" شريطة أن تأخذني معك فوافق "الجنون" بشغف متلهفا و قال: موافق أخبريني أين أجد "الحب".
فقالت: هناك في تلك الروضة و بساتين الورد
فنصحهم "الغدر" باستخدام عصا بها أشواك حتى يخرج "الحب" مسرعا من الخوف.
فأعجب "الجنون" بالفكرة و أخذ العصا المدججة بالأشواك على أطرافها و راح يركض في تلك الروضة و هو يدخل عصاه الشوكية و يصيح أخرج أيها "الحب" أعلمت بأنك هنا، بينما "الحب" يكتم ابتسامته لا يعلم ما هو مصيره، و بينما "الحب" يبتسم بخجل و رفع بصره للسماء فإذا بعصا "الجنون" تفقأ عينا "الحب" فصاح من الألم:
عيني،،، عيني ،،، لا أرى.
فرأى "الجنون" عيون "الحب" غارقة بالدماء، و يبكي "الحب" بشدة، فلما تفحص عيناه علم بأن الحب أصبح أعمى و لا يرى.
لقد فقد البصر، فقال "الجنون" معتذرا: عذرا فقد كنت السبب في فقدانك بصرك، فأسمح لي أن أقودك لأي مكان تريد و أن أكون عيناك.
فنظرت "الغيرة" إليها و أحست بوخزة الضمير فقررت أن تتبعهما و لكن أن تكون خلفهما، و من يومها أصبح
عيني،،، عيني ،،، لا أرى.
فرأى "الجنون" عيون "الحب" غارقة بالدماء، و يبكي "الحب" بشدة، فلما تفحص عيناه علم بأن الحب أصبح أعمى و لا يرى.
لقد فقد البصر، فقال "الجنون" معتذرا: عذرا فقد كنت السبب في فقدانك بصرك، فأسمح لي أن أقودك لأي مكان تريد و أن أكون عيناك.
فنظرت "الغيرة" إليها و أحست بوخزة الضمير فقررت أن تتبعهما و لكن أن تكون خلفهما، و من يومها أصبح
"الحب"
أعمى و مجنون
استطونت ذاك الفؤاد صدفه بلا ميعاد، فرسمت على الشفاه المتثاقلة ابتسامة رقيقة و حطمت رتابة الحياة البليدة و أعلنتها صريحة : أنـــا هـا هنــا ... سأحطم القيود العتيدة، سأخلد الحب بذكرى عظيــمة