رحلة مع الأعلام (موضوع متجدد)

علي بن الحسين :ابن الامام علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف، السيد الامام، زين العابدين، الهاشمي العلوي، المدني.
يكنى أبا الحسين ويقال: أبو الحسن، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله.وأمه أم ولد، اسمها سلامة سلافة بنت ملك الفرس يزدجرد، وقيل: غزالة.ولد في سنة ثمان وثلاثين ظنا.
وحدث عن أبيه الحسين الشهيد، وكان معه يوم كائنة كربلاء وله ثلاث وعشرون سنة، وكان يومئذ موعوكا فلم يقاتل، ولا تعرضوا له، بل أحضروه مع آله إلى دمشق، فأكرمه يزيد، ورده مع آله إلى المدينة، وحدث أيضا عن جده مرسلا، وعن صفية أم المؤمنين، وذلك في " الصحيحين " وعن أبي هريرة، وعائشة وروايته عنها في " مسلم "، وعن أبي رافع، وعمه الحسن، وعبد الله بن عباس، وأم سلمة، والمسور بن مخرمة، وزينب بنت أبي سلمة، وطائفة.
وعن مروان بن الحكم، وعبيدالله بن أبي رافع، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن مرجانة، وذكوان مولى عائشة، وعمرو بن عثمان بن عفان، وليس بالمكثر من الرواية.
حدث عنه أولاده: أبو جعفر محمد، وعمر، وزيد المقتول، وعبد الله، والزهري، وعمرو بن دينار، والحكم بن عتيبة، وزيد بن أسلم، ويحيى بن سعيد، وأبو الزناد، وعلي بن جدعان، ومسلم البطين، وحبيب بن أبي ثابت، وعاصم بن عبيدالله، وعاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان، وأبوه عمر والقعقاع بن حكيم، وأبو الاسود يتيم عروة، وهشام بن عروة، وأبو الزبير
المكي، وأبو حازم الاعرج، وعبد الله بن مسلم بن هرمز، ومحمد بن الفرات التميمي، والمنهال بن عمرو، وخلق سواهم.وقد حدث عنه أبو سلمة، وطاووس، وهما من طبقته.
قال ابن سعد : هو علي الاصغر، وأما أخوه علي الاكبر، فقتل مع أبيه بكربلاء.
وكان علي بن الحسين ثقة، مأمونا، كثير الحديث عاليا، رفيعا، ورعا.
روى ابن عيينة، عن الزهري، قال: ما رأيت قرشيا أفضل بن علي بن الحسين .
وقيل: إن عمر بن سعد قال يوم كربلاء: لا تعرضوا لهذا المريض - يعني عليا .
ابن وهب، عن مالك، قال: كان عبيدالله بن عبد الله من العلماء، وكان إذا دخل في صلاته، فقعد إليه إنسان، لم يقبل عليه حتى يفرغ، وإن علي بن الحسين كان من أهل الفضل، وكان يأتيه، فيجلس إليه، فيطول عبيد الله في صلاته، ولا يلتفت إليه، فقيل له: علي وهو ممن هو منه ! فقال: لا بد لمن طلب هذا الامر أن يعنى به .وقال: قال نافع بن جبير لعلي بن الحسين: إنك تجالس أقواما دونا ! قال: آتي من أنتفع بمجالسته في ديني.قال: وكان نافع يجد في نفسه، وكان علي بن الحسين رجلا له فضل في الدين .ابن سعد، عن علي بن محمد، عن علي بن مجاهد، عن هشام بن
عروة، قال: كان علي بن الحسين يخرج على راحلته إلى مكة ويرجع لا يقرعها، وكان يجالس أسلم مولى عمر، فقيل له: تدع قريشا، وتجالس عبد بني عدي ! فقال: إنما يجلس الرجل حيث ينتفع .وعن عبدالرحمن بن أدرك - [ يقال هو ] أخو علي بن الحسين لامه - قال: كان علي بن الحسين يدخل المسجد، فيشق الناس حتى يجلس في حلقة زيد ابن أسلم، فقال له نافع بن جبير: غفر الله لك، أنت سيد الناس، تأتي تتخطى حتى تجلس مع هذا العبد، فقال علي بن الحسين: العلم يبتغى ويؤتى ويطلب من حيث كان .
الاعمش، عن مسعود بن مالك، قال لي علي بن الحسين: تستطيع أن تجمع بيني وبين سعيد بن جبير ؟ قلت: ما حاجتك إليه ؟ قال: أشياء أريد أن أسأله عنها، إن الناس يأتوننا بما ليس عندنا .
ابن عيينة، عن الزهري، قال: ما كان أكثر مجالستي مع علي بن الحسين، وما رأيت أحدا كان أفقه منه، ولكنه كان قليل الحديث .وروى شعيب، عن الزهري، قال: كان علي بن الحسين من أفضل أهل بيته، وأحسنهم طاعة، وأحبهم إلى مروان، وإلى عبدالملك .
معمر، عن الزهري: لم أدرك من أهل البيت أفضل من علي بن الحسين .
وروى عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: ما رأيت فيهم مثل علي بن الحسين.
ابن وهب، عن مالك، قال: لم يكن في أهل البيت مثله، وهو ابن أمة .
حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد: سمعت علي بن الحسين - وكان أفضل هاشمي أدركته - يقول: يا أيها الناس، أحبونا حب الاسلام، فما برح بنا حبكم حتى صار علينا عارا .
أبو معاوية، عن يحيى بن سعيد، عن علي: يا أهل العراق، أحبونا حب الاسلام، ولا تحبونا ؟ ؟ حب الاصنام، فما زال بنا حبكم حتى صار علينا شينا .قال الاصمعي: لم يكن له عقب - يعني الحسين - إلا من ابنه علي، ولم يكن لعلي بن الحسين ولد إلا من أم عبد الله بنت الحسن وهي ابنة عمه، فقال له مروان: أرى نسل أبيك قد انقطع، فلو اتخذت السراري لعل الله أن يرزقك منهن، قال: ما عندي ما أشتري، قال: فأنا أقرضك.فأقرضه مئة ألف، فاتخذ السراري وولد له جماعة من الولد.ثم أوصى مروان لما احتضر أن لا يؤخذ منه ذلك المال .
إسنادها منقطع، ومروان ما احتضر، فإن امرأته غمته تحت وسادة هي وجواريها.
قال أبو بكر بن البرقي : نسل الحسين كله من قبل ابنه علي الاصغر، وكان أفضل أهل زمانه.
ويقال: إن قريشا رغبت في أمهات الاولاد بعد الزهد فيهن حين نشأ علي بن الحسين، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله .قال العجلي: علي بن الحسين مدني، تابعي، ثقة.
وقال أبو داود: لم يسمع علي بن الحسين من عائشة، وسمعت أحمد ابن صالح يقول: سنه وسن الزهري واحد.قلت: وهم ابن صالح، بل علي أسن بكثير من الزهري.
وروي عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال: أصح الاسانيد كلها: الزهري، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي .عبد الله بن عمر العمري، عن الزهري، قال: حدثت علي بن الحسين
بحديث، فلما فرغت قال: أحسنت ! هكذا حدثناه، قلت: ما أراني إلا حدثتك بحديث أنت أعلم به مني، قال: لا تقل ذاك، فليس ما لا يعرف من العلم، إنما العلم ما عرف، وتواطأت عليه الالسن .وقيل: إن رجلا قال لابن المسيب: ما رأيت أورع من فلان، قال: هل رأيت علي بن الحسين ؟ قال: لا، قال: ما رأيت أورع منه .وقال جويرية بن أسماء: ما أكل علي بن الحسين بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم درهما قط.ابن سعد، عن علي بن محمد، عن سعيد بن خالد، عن المقبري، قال: بعث المختار إلى علي بن الحسين بمئة ألف، فكره أن يقبلها، وخاف أن يردها، فاحتبسها عنده، فلما قتل المختار، بعث يخبر بها عبدالملك، وقال: ابعث من يقبضها.
فأرسل إليه عبدالملك: يا ابن العم، خذها قد طيبتها لك، فقبلها .
محمد بن أبي معشر السندي، عن أبي نوح الانصاري، قال: وقع حريق في بيت فيه علي بن الحسين وهو ساجد، فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله النار.فما رفع رأسه حتى طفئت.فقيل له في ذلك فقال: ألهتني عنها النار الاخرى .ابن سعد، عن علي بن محمد، عن عبد الله بن أبي سليمان، قال: كان علي بن الحسين إذا مشى لا تجاوز يده فخذيه ولا يخطر بها، وإذا قام إلى الصلاة، أخذته رعدة، فقيل له، فقال: تدرون بين يدي من أقوم ومن أناجي ؟ ! وعنه، أنه كان إذا توضأ اصفر .
إبراهيم بن محمد الشافعي، عن سفيان: حج علي بن الحسين، فلما أحرم، اصفر وانتفض ولم يستطع أن يلبي، فقيل: ألا تلبي ؟ قال: أخشى أن أقول: لبيك، فيقول لي: لا لبيك.فلما لبى، غشي عليه، وسقط من راحلته.فلم يزل بعض ذلك به حتى قضى حجه .إسنادها مرسل.
وروى مصعب بن عبد الله، عن مالك: أحرم علي بن الحسين، فلما أراد أن يلبي، قالها، فأغمي عليه، وسقط من ناقته، فهشم.ولقد بلغني أنه كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات.وكان يسمى زين العابدين لعبادته .
عن طاووس: سمعت علي بن الحسين وهو ساجد في الحجر يقول: عبيدك بفنائك، مسكينك بفنائك، سائلك بفنائك، فقيرك بفنائك.قال: فوالله ما دعوت بها في كرب قط إلا كشف عني .
حجاج بن أرطاة، عن أبي جعفر، أن أباه قاسم الله تعالى ماله مرتين.وقال: إن الله يحب المذنب التواب .ابن عيينة، عن أبي حمزة الثمالي، أن علي بن الحسين كان يحمل الخبز بالليل على ظهره يتبع به المساكين في الظلمة، ويقول: إن الصدقة في سواد الليل تطفئ غضب الرب .
يونس بن بكير، عن [ محمد بن ] إسحاق: كان ناس من أهل المدينة يعيشون، لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين، فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل .
جرير بن عبدالحميد، عن عمرو بن ثابت: لما مات علي بن الحسين، وجدوا بظهره أثرا مما كان ينقل الجرب بالليل إلى منازل الارامل وقال شيبة بن نعامة: لما مات علي وجدوه يعول مئة أهل بيت .قلت: لهذا كان يبخل، فإنه ينفق سرا ويظن أهله أنه يجمع الدراهم.وقال بعضهم: ما فقدنا صدقة السر، حتى توفى علي .وروى واقد بن محمد العمري، عن سعيد بن مرجانة، أنه لما حدث علي بن الحسين بحديث أبي هريرة: " من أعتق نسمة مؤمنة أعتق الله كل عضو منه بعضو منه من النار، حتى فرجه بفرجه " فأعتق علي غلاما له، أعطاه فيه عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم.
وروى حاتم بن أبي صغيرة، عن عمرو بن دينار، قال: دخل علي بن الحسين على محمد بن أسامة بن زيد في مرضه، فجعل محمد يبكي، فقال: ما شأنك ؟ قال: علي دين، قال: وكم هو ؟ قال: بضعة عشر ألف دينار، قال: فهي علي .علي بن موسى الرضا: حدثنا أبي عن أبيه، عن جده، قال علي بن الحسين: إني لاستحيي من الله أن أرى الاخ من إخواني، فأسأل الله له الجنة وأبخل عليه بالدنيا، فإذا كان غدا قيل لي: لو كانت الجنة بيدك لكنت بها أبخل وأبخل .
قال أبو حازم المدني: ما رأيت هاشميا أفقه من علي بن الحسين، سمعته وقد سئل: كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟فأشار بيده إلى القبر، ثم قال: بمنزلتهما منه الساعة .رواها ابن أبي حازم عن أبيه.
يحيى بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: جاء رجل إلى أبي فقال: أخبرني عن أبي بكر ؟ قال: عن الصديق تسأل ؟ قال: وتسميه الصديق ؟ ! قال: ثكلتك أمك قد سماه صديقا من هو خير مني، رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمهاجرون، والانصار، فمن لم يسمه صديقا، فلا صدق الله قوله، اذهب فأحب أبا بكر وعمر، وتولهما، فما كان من أمر ففي عنقي .
وعنه، أنه أتاه قوم فأثنوا عليه فقال: حسبنا أن نكون من صالحي قومنا.
الزبير في " النسب ": حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن قدامة الجمحي، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن علي، عن أبيه، قال قدم قوم من العراق، فجلسوا إلي، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما، ثم ابتركوا في عثمان ابتراكا، فشتمتهم .
قال ابن عيينة: قال علي بن الحسين: ما يسرني بنصيبي من الذل، حمر النعم .
أخبرنا إسحاق بن طارق، أنبأنا يوسف بن خليل، أنبأنا أحمد بن محمد، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أحمد بن جعفر، حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبو معمر، حدثنا جرير، عن فضيل بن غزوان،قال: قال علي بن الحسين: من ضحك ضحكة، مج مجة من علم .
وبه، قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، حدثنا أحمد بن علي بن الجارود، حدثنا أبو سعيد الكندي، حدثنا حفص بن غياث، عن حجاج، عن أبي جعفر، عن علي بن الحسين، قال: إن الجسد إذا لم يمرض أشر، ولاخير في جسد يأشر.وعن علي بن الحسين، قال: فقد الاحبة غربة.
وكان يقول: اللهم إني أعوذ بك أن تحسن في لوائح العيون علانيتي، وتقبح في خفيات العيون سريرتي، اللهم كما أسأت وأحسنت إلي، فإذا عدت، فعد علي.قال زيد بن أسلم، كان من دعاء علي بن الحسين: اللهم لا تكلني إلى نفسي، فأعجز عنها، ولا تكلني إلى المخلوقين، فيضيعوني.
قال ابن أبي ذئب، عن الزهري: سألت علي بن الحسين عن القرآن فقال: كتاب الله وكلامه .
أبو عبيدة، عن ابن إسحاق الشيباني، عن القاسم بن عوف، قال: قال علي بن الحسين: جاءني رجل فقال: جئتك في حاجة، وما جئت حاجا ولا معتمرا، قلت: وماهي ؟ قال: جئت لاسألك متى يبعث علي ؟ فقلت: يبعث - والله يوم القيامة، ثم تهمه نفسه.
أحمد بن عبدالاعلى الشيباني: حدثني أبو يعقوب المدني، قال: كان بين حسن بن حسن وبين ابن عمه علي بن الحسين شئ، فما ترك حسن شيئا إلا قاله، وعلي ساكت، فذهب حسن، فلما كان في الليل، أتاه علي، فخرج، فقال علي: يا ابن عمي إن كنت صادقا فغفر الله لي، وإن كنت كاذبا، فغفر الله لك، السلام عليك.قال: فالتزمه حسن، وبكى حتى رثى له .
قال أبو نعيم: حدثنا عيسى [ بن ] دينار - ثقة - قال: سألت أبا جعفر عن المختار، فقال: قام أبي على باب الكعبة، فلعن المختار، فقيل له: تلعنه وإنما ذبح فيكم ! قال: إنه كان يكذب على الله وعلى رسوله .وعن الحكم، عن أبي جعفر، قال: إنا لنصلي خلفهم - يعني الاموية - من غير تقية، وأشهد على أبي أنه كان يصلي خلفهم من غير تقية .رواه أبو إسرائيل الملائي عنه.
وروى عمر بن حبيب، عن يحيى بن سعيد، قال: قال علي بن الحسين: والله ما قتل عثمان رحمه الله على وجه الحق .نقل غير واحد، أن علي بن الحسين كان يخضب بالحناء والكتم.
وقيل: كان [ له ] كساء أصفر يلبسه يوم الجمعة .
وقال عثمان بن حكيم: رأيت على علي بن الحسين كساء خز، وجبة خز .
وروى حسين بن زيد بن علي، عن عمه، أن علي بن الحسين كان يشتري كساء الخز بخمسين دينارا يشتو فيه، ثم يبيعه، ويتصدق بثمنه .
وقال محمد بن هلال: رأيت علي بن الحسين يعتم، ويرخي منها خلف ظهره .
وقيل: كان يلبس في الصيف ثوبين ممشقين من ثياب مصر ويتلو: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) [ الاعراف 31 ].
وقيل: كان علي بن الحسين إذا سار في المدينة على بغلته، لم يقل لاحد: الطريق.
ويقول: هو مشترك ليس لي أن أنحي عنه أحدا.وكان له جلالة عجيبة، وحق له والله ذلك، فقد كان أهلا للامامة العظمى لشرفه وسؤدده وعلمه وتألهه وكمال عقله.
قد اشتهرت قصيدة الفرزدق - وهي سماعنا - أن هشام بن عبدالملك حج قبيل ولايته الخلافة، فكان إذا أراد استلام الحجر زوحم عليه، وإذا دنا على بن الحسين من الحجر تفرقوا عنه إجلالا له، فوجم لها هشام وقال: من هذا ؟ فما أعرفه، فأنشأ الفرزدق يقول: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا وهي قصيدة طويلة.قال: فأمر هشام بحبس الفرزدق، فحبس بعسفان، وبعث إليه علي بن الحسين باثني عشر ألف درهم وقال: اعذر أبا فراس.فردها وقال: ما قلت ذلك إلا غضبا لله ولرسوله.فردها إليه وقال: بحقي عليك لما قبلتها، فقد علم الله نيتك ورأى مكانك.فقبلها.
وقال في هشام: أيحبسني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوي منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعينين حولاوين باد عيوبها وكانت أم علي من بنات ملوك الاكاسرة، تزوج بها بعد الحسين رضي الله عنه مولاه زييد، فولدت له عبد الله بن زييد - بياءين - قاله ابن سعد .
وقيل: هي عمة أم الخليفة يزيد بن الوليد بن عبدالملك.
قال الواقدي، وأبو عبيد، والبخاري، والفلاس: مات سنة أربع وتسعين.
وروي ذلك عن جعفر الصادق.وقال يحيى أخو محمد بن عبد الله بن حسن: مات في رابع عشر ربيع الاول ليلة الثلاثاء سنة أربع.وقال أبو نعيم وشباب: توفي سنة اثنتين وتسعين.
وقال معن بن عيسى: سنة ثلاث.وقال يحيى بن بكير: سنة خمس وتسعين.
والاول الصحيح .قال أبو جعفر الباقر: عاش أبي ثمانيا وخمسين سنة.
قلت: قبره بالبقيع، ولا بقية للحسين إلا من قبل ابنه زين العابدين.
أخبرنا أبو المعالي الابرقوهي : أنبأنا محمد بن هبة الله الدينوري ببغداد، أنبأنا عمي محمد بن عبد العزيز سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، أنبأنا عاصم بن الحسن (ح) وأنبأنا أحمد بن عبدالحميد ومحمد بن بطيخ، وأحمد ابن مؤمن، وعبد الحميد بن خولان، قالوا: أنبأنا عبدالرحمن بن نجم الواعظ، وأخبرتنا خديجة بنت عبدالرحمن، أنبأنا البهاء عبدالرحمن قالا: أخبرتنا شهدة الكاتبة، أنبأنا الحسين بن طلحة، قالا: أنبأنا أبو عمر بن مهدي، حدثنا أبو عبد الله المحاملي، أنبأنا أحمد بن إسماعيل المدني، حدثنا مالك عن ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن عمر بن عثمان، عن أسامة بن زيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " لا يرث المسلم الكافر " .
 
أبو جعفر الباقر :هو السيد الامام، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي، العلوي الفاطمي، المدني، ولد زين العابدين، ولد سنة ست وخمسين في حياة عائشة وأبي هريرة.
أرخ ذلك أحمد بن البرقي.روى عن جديه: النبي صلى الله عليه وسلم، وعلي رضي الله عنه مرسلا، وعن جديه الحسن والحسين مرسلا أيضا، وعن ابن عباس، وأم سلمة، وعائشة مرسلا، وعن ابن عمر، وجابر، وأبي سعيد، وعبد الله بن جعفر، وسعيد بن المسيب، وأبيه زين العابدين، ومحمد بن الحنفية، وطائفة.وعن أبي هريرة، وسمرة بن جندب مرسلا أيضا، وليس هو بالمكثر، هو في الرواية كأبيه وابنه جعفر، ثلاثتهم لا يبلغ حديث كل واحد منهم جزءا ضخما، ولكن لهم مسائل وفتاو.حدث عنه ابنه، وعطاء بن أبي رياح، والاعرج مع تقدمهما، وعمرو ابن دينار، وأبو إسحاق السبيعي، والزهري، ويحيى بن أبي كثير، وربيعة الرأي، وليث بن أبي سليم، وابن جريج، وقرة بن خالد، وحجاج بن أرطاة،والاعمش، ومخول بن راشد، وحرب بن سريج، والقاسم بن الفضل الحداني، والاوزاعي، وآخرون.وروايته عن الحسن وعائشة في سنن النسائي، وذلك منقطع.وروايته عن سمرة في سنن أبي داود، وكان أحد من جمع بين العلم والعمل والسؤدد، والشرف، والثقة، والرزانة، وكان أهلا للخلافة.وهو أحد الائمة الاثني عشر الذين تبجلهم الشيعة الامامية وتقول بعصمتهم وبمعرفتهم بجميع الدين.فلا عصمة إلا للملائكة والنبيين، وكل أحد يصيب ويخطئ، ويؤخذ من قوله ويترك سوى النبي صلى الله عليه وسلم فإنه معصوم، مؤيد بالوحي.وشهر أبو جعفر بالباقر، من: بقر العلم، أي شقه فعرف أصله وخفيه.
ولقد كان أبو جعفر إماما، مجتهدا، تاليا لكتاب الله، كبير الشأن، ولكن لا يبلغ في القرآن درجة ابن كثير ونحوه، ولا في الفقه درجه أبي الزناد، وربيعة،ولا في الحفظ ومعرفة السنن درجة قتادة وابن شهاب.فلا نحابيه، ولا نحيف عليه، ونحبه في الله لما تجمع فيه من صفات الكمال.
قال ابن فضيل، عن سالم بن أبي حفصة: سألت أبا جعفر وابنه جعفرا عن أبي بكر وعمر، فقلا لي: يا سالم، تولهما وابرأ من عدوهما، فإنهما كانا إمامي هدى .كان سالم فيه تشيع ظاهر، ومع هذا فيبث هذا القول الحق، وإنما يعرف الفضل لاهل الفضل ذو الفضل، وكذلك ناقلها ابن فضيل، شيعي ثقة.فعثر الله شيعة زماننا ما أغرقهم في الجهل والكذب، فينالون من الشيخين وزيري المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويحملون هذا القول من الباقر والصادق على التقية.
وروى إسحاق الازرق، عن بسام الصيرفي، قال: سألت أبا جعفر عن أبي بكر وعمر، فقال: والله إني لاتولاهما وأستغفر لهما، وما أدركت أحدا من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما .وعن عبد الله بن محمد بن عقيل، قال: كنت أنا وأبو جعفر نختلف إلى جابر نكتب عنه في ألواح، وبلغنا أن أبا جعفر كان يصلي في اليوم والليلة مئة وخمسين ركعة.وقد عده النسائي وغيره في فقهاء التابعين بالمدينة.واتفق الحفاظ على الاحتجاج بأبي جعفر. قال الزبيربن بكار: كان يقال لمحمد بن علي: باقر العلم، وأمه هي أم عبد الله بنت الحسن بن علي.وفيه يقول القرظي:


يا باقر العلم لاهل التقى * وخير من لبى على الا جبل وقال فيه مالك بن أعين : إذا طلب الناس علم القرا * ن كانت قريش عليه عيالا وإن قيل: إبن ابن بنت الرسو * ل نلت بذلك فرعا طوالا تحوم تهلل للمدلجين * جبال تورث علما جبالا ابن عقدة: حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي نجيح، حدثنا علي بن حسان القرشي، عن عمه عبدالرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، قال: قال أبي: أجلسني جدي الحسين في حجره، وقال لي: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام .
عن أبان بن تغلب، عن محمد بن علي، قال: أتاني جابر بن عبد الله، وأنا في الكتاب.
فقال لي: اكشف عن بطنك، فكشفت، فألصق بطنه
ببطني، ثم قال: أمرني رسول الله أن أقرئك منه السلام .
قال ابن عدي: لا أعلم رواه عن أبان غير المفضل بن صالح أبي جميلة النخاس.
لوين : حدثنا أبو يعقوب عبد الله بن يحيى، قال: رأيت على أبي جعفر إزارا أصفر، وكان يصلي كل يوم وليلة خمسين ركعة بالمكتوبة .وعن سلمة بن كهيل، في قوله (لآيات للمتوسمين) [ الحجر: 75 ] قال: كان أبو جعفر منهم .
الزبير في " النسب ": حدثني عبدالرحمن بن عبد الله الزهري، قال: حج الخليفة هشام، فدخل الحرم متكئا على يد سالم مولاه، ومحمد بن علي بن الحسين جالس، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا محمد بن علي.فقال: المفتون به أهل العراق ؟ قال: نعم.قال: اذهب إليه فقل له: يقول لك أمير المؤمنين: ما الذي يأكل الناسل ويشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيامة ؟ فقال له محمد: يحشر الناس على مثل قرصة النقي ، فيها الانهار مفجرة.فرأى هشام أنه قد ظفر فقال: الله اكبر، اذهب إليه، فقل له: ما أشغلهم عن الاكل والشرب يومئذ ! ففعل.فقال: قل له: هم في النار أشغل، ولم يشغلوا أن قالوا: (أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) [ الاعراف: 49 ].
قال المطلب بن زياد: حدثنا ليث بن أبي سليم، قال: دخلت على أبي جعفر محمد بن علي وهو يذكر ذنوبه وما يقول الناس فيه، فبكى .وعن أبي جعفر، قال: من دخل قلبه ما في خالص دين الله، شغله عما سواه.ما الدنيا، وما عسى أن تكون ! هل هو إلا مركب ركبته [ أ ] وثوب لبسته، أو أمرأة أصبتها .
أبو نعيم: حدثنا أبو جعفر الرازي، عن المنهال بن عمرو، عن محمد ابن علي، قال: اذكروا من عظمة الله ما شئتم، ولا تذكرون منه شيئا إلا وهي أعظم منه، واذكروا من النار ما شئتم، ولا تذكرون منها شيئا إلا وهي أشد منه، واذكروا من الجنة ما شئتم، ولا تذكرون منها شيئا إلا وهي أفضل .وعن جابر الجعفي، عن محمد بن علي، قال: أجمع بنو فاطمة على أن يقولوا في أبي بكر وعمر أحسن ما يكون من القول .
قلت: أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق هي صاحبة أبي جعفر الباقر، وأم ولده جعفر الصادق.
محمد بن طلحة بن مصرف، عن خلف بن حوشب، عن سالم بن أبي حفصة وكان يترفض، قال: دخلت على أبي جعفر وهو مريض فقال - وأظن قال ذلك من أجلي: اللهم إني أتولى وأحب أبا بكر وعمر، اللهم إن كان في نفسي غير هذا، فلا نالتني شفاعة محمد - يوم القيامة صلى الله عليه وسلم .عيسى بن يونس، عن عبدالملك بن أبي سليمان: قلت لمحمد بن علي: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) [ المائدة: 58 ] قال: هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: إنهم يقولون: هو علي.قال: علي منهم .
شبابة: أنبأنا بسام: سمعت أبا جعفر يقول: كان الحسن والحسين يصليان خلف مروان يتبادران الصف، وكان الحسين يسب مروان وهو على المنبر حتى ينزل.أفتقية هذه ؟ ! أبو بكر بن عياش، عن الاعمش، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: يزعمون أني المهدي، وإني إلى أجلي أدنى مني إلى ما يدعون .قال سفيان الثوري: اشتكى بعض أولاد محمد بن علي، فجزع عليه، ثم أخبر بموته، فسري عنه.فقيل له في ذلك، فقال: ندعو الله فيما نحب، فإذا وقع ما نكره، لم نخالف الله فيما أحب .قال ابن عيينة: حدثنا جعفر بن محمد: سمعت أبي يقول لعمته فاطمة بنت الحسين: هذه توفي لي ثمانيا وخمسين سنة.فمات فيها .قال عفان: حدثني معاوية بن عبد الكريم، قال: رأيت على أبي جعفر محمد بن علي جبة خز ومطرف خز .وقال عبيدالله بن [ موسى ]: حدثنا إسماعيل بن عبدالملك، قال: رأيت على أبي جعفر ثوبا معلما، فقلت له، فقال: لا بأس بالاصبعين من العلم بالابريسم في الثوب .وقال عمرو بن موهب: رأيت على أبي جعفر ملحفة حمراء.
وروى إسرائيل، عن عبدالاعلى، أنه رأى محمد بن علي يرسل عمامته خلفه، وسألته عن الوسمة فقال: هو خضابنا أهل البيت .
أخبرنا إسحاق الصفار، أنبأنا ابن خليل، انبأنا أبو المكارم التيمي، أنبأنا أبو علي المقرئ، حدثنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا علي بن أحمد المصيصي، حدثنا أحمد بن خليد، حدثنا أبو نعيم، نبأنا بسام الصيرفي، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عن القرآن فقال: كلام الله غير مخلوق .
وبه: حدثنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن علي بن حبيش، حدثنا إبراهيم ابن شريك، حدثنا عقبة بن مكرم، حدثنا يونس بن بكير، عن أبي عبد الله الجعفي، عن عروة بن عبد الله، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي عن حلية السيوف، فقال: لا بأس به، قد حلى أبو بكر الصديق سيفه.
قلت: وتقول الصديق ؟ فوثب وثبة واستقبل القبلة ثم قال: نعم الصديق، نعم الصديق، فمن لم يقل الصديق، فلا صدق الله له قولا في الدنيا والآخرة .
عن عمر مولى غفرة، عن محمد بن علي، قال: ما دخل قلب امرئ من الكبر شئ إلا نقص من عقله مقدار ذلك .وعن أبي جعفر، قال: الصواعق تصيب المؤمن وغير المؤمن، ولا تصيب الذاكر.
وعنه قال: سلاح اللئام قبح الكلام .
مات أبو جعفر سنة أربع عشرة ومئة بالمدينة.
أرخه أبو نعيم وسعيد بن عفير، ومصعب الزبيري.
وقيل: توفي سنة سبع عشرة.
ومن عالي روايته: أنبأنا علي بن أحمد وطائفة، قالوا: أنبأنا عمر بن محمد، أنبأنا عبد الوهاب الانماطي، أنبأنا أبو محمد بن هزارمرد ، أنبأنا ابن حبابة، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، حدثنا القاسم ابن الفضل، عن محمد بن علي، قال: كانت أم سلمة تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحج جهاد كل ضعيف " .
 
عروة :ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته صفية، الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب، الامام، عالم المدينة، أبو عبد الله القرشي الاسدي، المدني، الفقيه، أحد الفقهاء السبعة.
حدث عن أبيه بشئ يسير لصغره، وعن أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق، وعن خالته أم المؤمنين عائشة، ولازمها وتفقه بها.
وعن سعيد بن زيد، وعلي بن أبي طالب، وسهل بن أبي حثمة، وسفيان بن عبد الله الثقفي، وجابر، والحسن، والحسين، ومحمد بن مسلمة، وأبي حميد، وأبي هريرة وابن عباس، وزيد بن ثابت، وأبي أيوب الانصاري، والمغيرة بن شعبة، وأسامة بن زيد، ومعاوية، وعمرو بن العاص، وابنه عبد الله بن عمرو، وأم هانئ بنت أبي طالب، وقيس بن سعد بن عبادة، وحكيم بن حزم، وابن عمر، وخلق سواهم.
وعنه بنوه: يحيى وعثمان وهشام ومحمد، وسليمان بن يسار، وأبو سلمة بن عبدالرحمن، وابن شهاب، وصفوان بن سليم، وبكر بن سوادة، ويزيد بن أبي حبيب، وأبو الزناد، ومحمد بن المنكدر، وأبو الاسود محمد بن عبدالرحمن وهو يتيم عروة، وصالح بن كيسان، وحفيده عمر بن عبد الله بن عروة، وابن أخيه محمد بن جعفر بن الزبير، وخلق سواهم.
قال خليفة : ولد عروة سنة ثلاث وعشرين.فهذا قول قوي، وقيل: مولده بعد ذلك.
قال مصعب بن عبد الله: ولد لست سنين خلت من خلافة عثمان.
وقال مرة: ولد سنة تسع وعشرين.
ويشهد لهذا ما رواه هشام بن عروة عن أبيه قال: أذكر أن أبي الزبير كان ينقزني ويقول: مبارك من ولد الصديق . أبيض من آل أبي عتيق ألذه كما ألذ ريقي .
أبو أسامة، عن هشام، عن أبيه، قال: رددت أنا وأبو بكر بن عبد الرحمن يوم الجمل، استصغرنا.
قال يحيى بن معين: كان عمره يومئذ ثلاث عشرة سنة، فكل هذا مطابق لانه ولد في سنة ثلاث وعشرين.
وقال الزبير: حدثني علي بن صالح، حدثني عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير، عن هشام بن عروة عن أبيه، أنه قدم البصرة على ابن عباس وهو عامل عليها، فيقال أنشده: أمت بأرحام إليك قربية ولا قرب بالارحام ما لم تقرب فقال لعروة: من قال هذا ؟ قال: أبو أحمد بن جحش قال ابن عباس: فهل تدري ما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: لا.
قال: قال له: صدقت، ثم قال لي: ما أقدمك البصرة ؟ قلت: اشتدت الحال، وأبي عبد الله أن يقسم سبع حجج وتألى حتى يقضي دين الزبير، قال: فأجازني وأعطاني، ثم لحق عروة بمصر، فأقام بها بعد .ابن أبي الزناد، عن هشام، عن أبيه، قال: كنت أتعلق بشعر في ظهر أبي .
ويروى عن الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب، قال: كنا في خلافة معاوية، وإلى آخرها، نجتمع في حلقة بالمسجد، بالليل، أنا، ومصعب، وعروة ابنا الزبير، وأبو بكر بن عبدالرحمن وعبد الملك بن مروان، وعبد الرحمن المسور، وإبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف، وعبيدالله بن عبد الله بن عتبة، وكنا نتفرق بالنهار، فكنت أنا أجالس زيد بن ثابت وهو مترئس بالمدينة في القضاء، والفتوى، والقراءة، والفرائض، في عهد عمر، وعثمان، وعلي.
ثم كنت أنا وأبو بكر بن عبدالرحمن نجالس أبا هريرة، وكان عروة يغلبنا بدخوله على عائشة.
قال هشام، عن أبيه: ما ماتت عائشة حتى تركتها قبل ذلك بثلاث سنين.
مبارك بن فضالة، عن هشام، عن أبيه، أنه كان يقول لنا ونحن شباب: مالكم لا تعلمون، إن تكونوا صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار قوم، وما خير الشيخ أن يكون شيخا وهو جاهل.
لقد رأيتني قبل موت عائشة بأربع حجج وأنا أقول: لو ماتت اليوم ما ندمت على حديث عندها إلا وقد وعيته، ولقد كان يبلغني عن الصحابي الحديث فآتيه، فأجده قد قال، فأجلس على بابه، ثم أسأله عنه.عثمان بن عبدالحميد اللاحقي: حدثنا أبي قال: قال عمر بن عبد العزيز: ما أجد أعلم من عروة بن الزبير، وما أعلمه يعلم شيئا أجهله .
قال أبو الزناد: فقهاء المدينة أربعة: سعيد، وعروة، وقبيصة، وعبد الملك بن مروان .
ابن المديني، عن سفيان، عن الزهري، قال: رأيت عروة بحرا لا تكدره الدلاء .
يحيى بن أيوب، عن هشام، قال: والله ما تعلمنا جزءا من ألفي جزء أو ألف جزء من حديث أبي .
الاصمعي، عن مالك، عن الزهري، قال: سألت ابن صعير عن شئ من الفقه، فقال: عليك بهذا، وأشار إلى ابن المسيب، فجالسته سبع سنين لا أرى أن عالما غيره، ثم تحولت إلى عروة، ففجرت به ثبج بحر .ابن أبي الزناد: حدثني عبدالرحمن بن حميد بن عبدالرحمن، قال: دخلت مع أبي المسجد، فرأيت الناس قد اجتمعوا على رجل، فقال أبي:انظر من هذا، فنظرت فإذا هو عروة، فأخبرته وتعجبت، فقال: يا بني، لا تعجب، لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه .
ابن عيينة، عن الزهري، قال: كان عروة يتألف الناس على حديثه .
وقال ابن نمير، عن هشام، عن أبيه، قال: كان يقال: أزهد الناس في عالم أهله.
معمر، عن هشام، عن أبيه، أنه، أحرق كتبا له، فيها فقه، ثم قال: لوددت لو أني كنت فديتها بأهلي ومالي .ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: ما رأيت أحدا أروى للشعر من عروة.
فقيل له: ما أرواك للشعر ! فقال: ما روايتي ما في رواية عائشة، ما كان ينزل بها شئ إلا أنشدت فيه شعرا.ضمرة، عن ابن شوذب، قال: كان عروة يقرأ ربع القرآن كل يوم في المصحف نظرا، ويقوم بن الليل، فما تركه إلا ليلة قطعت رجله، وكان وقعفيها الآكلة فنشرت، وكان إذا كان أيام الرطب يثلم حائطه، ثم يأذن للناس فيه، فيدخلون يأكلون ويحملون.
الزبير في " النسب ": حدثنا يحيى بن عبدالملك الهديري، عن المغيرة ابن عبدالرحمن بن الحارث بن عبد الله المخزومي، عن أبيه، عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، قال: العلم لواحد من ثلاثة: لذي حسب يزينه به، أو ذي دين يسوس به دينه، أو مختبط سلطانا يتحفه بعلمه، ولا أعلم أحدا أشرط لهذه الخلال من عروة، وعمر بن عبد العزيز .أنس بن عياض، عن هشام بن عروة، قال: لما اتخذ عروة قصره بالعقيق قال له الناس: جفوت مسجد رسول الله ! قال: رأيت مساجدهم لاهية، وأسواقهم لاغية، والفاحشة في فجاجهم عالية، فكان فيما هنالك - عما هم فيه - عافية .
مصعب الزبيري، عن جده، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: بعث إلي معاوية مقدمه المدينة، فكشفني وسألني، واستنشدني، ثم قال لي: أتروي قول جدتك صفية بنت عبدالمطلب:
خالجت آباد الدهور عليهم * وأسماء لم تشعر بذلك أيم فلو كان زبر مشركا لعذرته * ولكنه - قد يزعم الناس - مسلم قلت: نعم، وأروي قولها: ألا أبلغ بني عمي رسولا * ففيم الكيد فينا والامار وسائل في جموع بني علي * إذا كثر التناشد والفخار بأنا لا نقر الضيم فينا * ونحن لمن توسمنا نضار متى نقرع بمروتكم نسؤكم * وتظعن من أماثلكم ديار ويظعن أهل مكة وهي سكن * هم الاخيار إن ذكر الخيار مجازيل العطاء إذا وهبنا * وأيسار إذا حب القتار ونحن الغافرون إذا قدرنا * وفينا عند عدوتنا انتصار وأنا والسوابح يوم جمع * بأيديها وقد سطع الغبار قال: وإنما قالت ذلك في قتل أبي أزيهر، تعير به - أبا سفيان بن حرب،وكان صهره.قتله هشام بن الوليد وذكر القصة.فقال معاوية: حسبك يا ابن أخي، هذه بتلك .ولعروة في قصره بالعقيق: بنيناه فأحسنا بناه * بحمد الله في خير العقيق تراهم ينظرون إليه شزرا * يلوح لهم على وضح الطريق
فساء الكاشحين وكان غيظا * لاعدائي وسر به صديقي يراه كل مختلف وسار * ومعتمد إلى البيت العتيق وقيل: لما فرغ من بنائه وبئاره ، دعا جماعة، فطعم الناس، وجعلوا يبركون وينصرفون .
الزبير: حدثني محمد بن حسن، عن محمد بن يعقوب بن عتبة، عن عبد الله بن عكرمة، عن عروة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال " يكون في آخر أمتي مسخ وخسف وقذف، وذلك عند ظهور شئ من عمل قوم لوط ".قال عروة: فبلغني أنه قد ظهر شئ منه.
فتنحيت عنها، وخشيت أن يقع وأنا بها، وبلغني أنه لا يصيب إلا أهل القصبة .
قال الزبير: وأخبرني إبراهيم بن حمزة مثله بمثل إسناده.
وبئر عروة مشهور بالعقيق، طيب الماء، وفيه يقول الشاعر: لو يعلم الشيخ غدوي بالسحر * قصدا إلى البئر التي كان حفر في فتية مثل الدنانير غرر * وقاهم الله النفاق والضجر بين أبي بكر وزيد وعمر * ثم الحواري لهم جد أغر قد شمخ المجد هناك وازمخر * فهم عليها بالعشي والبكر
يسقون من جاء ولا يؤذى بشر * لزاد في الشكر وإن كان شكر قال الزبير: حدثنا عمي مصعب بن عبد الله، قال: كان عبد الله بن الزبير قد باع ماله بالغابة الذي يعرف بالسقاية من معاوية بمئة ألف دينار، ثم قسمها في بني أسد، وتيم، فاشتري مجاح لعروة من ذلك بألوف دنانير.
الزبير: حدثنا مصعب بن عثمان، عن عامر بن صالح، عن هشام بن عروة، قال: قدم عروة على عبدالملك بن مروان، فأجلسه معه على السرير، فجاء قوم فوقعوا في عبد الله بن الزبير، فخرج عروة وقال للآذن: إن عبد الله أخي، فإذا أردتم أن تقعوا فيه فلا تأذنوا لي عليكم.
فذكروا ذلك لعبد الملك، فقال له عبدالملك: حدثوني بما قلت، وإن أخاك لم نقتله لعداوة، ولكنه طلب أمرا وطلبناه، فقتلناه، وإن أهل الشام من أخلاقهم أن لا يقتلوا رجلا إلا شتموه، فإذا أذنا لاحد قبلك، فقد جاء من يشتمه، فانصرف.
ثم إن عروة قدم على الوليد حين شئفت رجله، فقيل: اقطعها، قال: أكره أن أقطع مني طائفا، فارتفعت إلى الركبة، فقيل له: إنها إن وقعت في ركبتك قتلتك.فقطعها، فلم يقبض وجهه.
وقيل له قبل أن يقطعها: نسقيك دواء لا تجد لها ألما ؟ فقال: ما يسرني أن هذا الحائط وقاني أذاها.
معمر، عن الزهري، قال: وقعت الآكلة في رجل عروة، فصعدت في ساقه، فبعث إليه الوليد، فحمل إليه ودعا الاطباء فقالوا: ليس له دواء إلا القطع.فقطعت فما تضور وجهه .
عمرو بن عبد الغفار، حدثنا هشام، أن أباه وقعت في رجله الاكلة، فقيل: ألا ندعو لك طبيبا ؟ قال: إن شئتم، فقالوا: نسقيك شرابا يزول فيه عقلك ؟ فقال: امض لشأنك، ما كنت أظن أن خلقا يشرب ما يزيل عقله حتى لايعرف به ، فوضع المنشار على ركبته اليسرى، فما سمعنا له حسا فلما قطعها، جعل يقول: لئن أخذت، لقد أبقيت، ولئن ابتليت، لقد عافيت.
وما ترك جزءه بالقرآن تلك الليلة .
يعقوب الدورقي : حدثنا عامر بن صالح، عن هشام بن عروة، أن أباه خرج إلى الوليد بن عبدالملك، حتى إذا كان بوادي القرى، وجد في رجله شيئا، فظهرت به قرحة، ثم ترقى به الوجع.
وقدم على الوليد وهوفي محمل، فقال: يا أبا عبد الله اقطعها، قال: دونك.
فدعا له الطبيب، وقال: اشرب المرقد ، فلم يفعل، فقطعها من نصف الساق، فما زاد أن يقول: حس، حس ، فقال الوليد: ما رأيت شيخا قط أصبر من هذا.
وأصيب عروة بابنه محمد في ذلك السفر، ركضته بغلة في إصطبل، فلم يسمع منه في ذلك كلمة.
فلما كان بوادي القرى قال: (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) [ الكهف 63 ] اللهم كان لي بنون سبعة، فأخذت واحدا وأبقيت لي ستة، وكان لي أطراف أربعة، فأخذت طرفا، وأبقيت ثلاثة، ولئن ابتليت، لقد عافيت، ولئن أخذت لقد أبقيت.وعن عبد الله بن عروة، قال: نظر أبي إلى رجله في الطست، فقال: إن الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصية قط وأنا أعلم .
حمادبن زيد، عن هشام بن عروة، أن أباه كان يسرد الصوم، وأنه قال: يا بني، سلوني، فلقذ تركت حتى كدت أنسى، وإني لاسأل عن الحديث، فيفتح لي حديث يومين .قال الزهري: كان عروة يتألف الناس على حديثه .أبو أسامة، عن هشام، أن أباه مات وهو صائم، وجعلوا يقولون له: أفطر، فلم يفطر.سليمان بن معبد: حدثنا الاصمعي، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، قال: اجتمع في الحجر مصعب، وعبد الله، وعروة بنو الزبير، وابن عمر، فقالوا: تمنوا، فقال عبد الله: أما أنا، فأتمنى الخلافة، وقال عروة: أتمنى أن يؤخذ عني العلم، وقال مصعب: أما أنا، فأتمنى إمرة العراق، والجمع بين عائشة بنت طلحة، وسكينة بنت الحسين، وأما ابن عمر فقال: أتمنى المغفرة.
فنالوا ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر له .
معمر، عن الزهري، قال: كنت آتي عروة، فأجلس ببابه مليا، ولو شئت أن أدخل دخلت، فأرجع وما أدخل إعظاما له .وعن أبي الاسود، عن عروة، قال: خطبت إلى ابن عمر بنته سودة، ونحن في الطواف، فلم يجبني بشئ، فلما دخلت المدينة بعده، مضيت إليه.فقال: أكنت ذكرت سودة ؟ قلت: نعم.قال: إنك ذكرتها ونحن في الطواف يتخايل الله بين أعيننا، أفلك فيها حاجة ؟ قلت: أحرص ما كنت، قال: يا غلام، أدع عبد الله بن عبد الله، ونافعا مولى عبد الله، قال: قلت له: وبعض آل الزبير ؟ قال: لا.قلت: فمولى خبيب ؟ قال: ذاك أبعد.
ثم قال لهما: هذا عروة بن أبي عبد الله، وقد علمتما حاله، وقد خطب إلي سودة، وقد زوجته إياها، بما جعل الله للمسلمات على المسلمين من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وعلى أن يستحلها بما يستحل به مثلها، أقبلت يا عروة ؟ قلت: نعم.قال: بارك الله لك .قال هشام بن عروة: أقام ابن الزبير بمكة تسع سنين، وعروة معه : وقال ابن عيينة: لما قتل ابن الزبير خرج عروة إلى المدينة بالاموال، فاستودعها وسار إلى عبدالملك، فقدم عليه قبل البريد بالخبر، فلما انتهى إلى الباب قال للبواب: قل لامير المؤمنين: أبو عبد الله بالباب، فقال: من أبو عبد الله ؟ قال: قل له كذا، فدخل فقال: ها هنا رجل عليه أثر السفر، قال: كيت وكيت، فقال: ذاك عروة فائذن له.فلما رآه زال له عن موضعه، وجعل يسأله: كيف أبو بكر ؟ - يعني عبد الله بن الزبير - فقال: قتل رحمه الله، فنزل عبدالملك عن السرير، فسجد.فكتب إليه الحجاج: إن عروة قد خرج والاموال عنده.قال: فقال له عبدالملك في ذلك، فقال: ما تدعون الرجل حتى يأخذ سيفه فيموت كريما ! فلما رأى ذلك، كتب إلى الحجاج: أن أعرض عن ذلك.
قال ابن خلكان : هو الذي حفر بئر عروة بالمدينة، وما بالمدينة أعذب من مائها.
جرير، عن هشام بن عروة، قال: ما سمعت أحدا من أهل الاهواء يذكر أبي بسوء .
قال أحمد بن عبد الله العجلي: عروة بن الزبير تابعي ثقة، رجل صالح، لم يدخل في شئ من الفتن .
وقال ابن خراش: ثقة .قال معاوية بن إسحاق، عن عروة، قال: ما بر والده من شد الطرف إليه .
عامر بن صالح، عن هشام بن عروة، قال: سقط أخي محمد وأمه بنت الحكم بن أبي العاص من أعلى سطح في إصطبل الوليد، فضربته الدواب بقوائمها فقتلته .فأتى عروة رجل يعزيه، فقال: إن كنت تعزيني برجلي فقد احتسبتها.قال: بل أعزيك بمحمد ابنك، قال: وما له ؟ فأخبره، فقال: اللهم أخذت عضوا وتركت أعضاء، وأخذت ابنا، وتركت أبناء.فلما قدم المدينة، أتاه ابن المنكدر، فقال: كيف كنت ؟ قال: (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) [ الكهف: 63 ].
قال الزبير بن بكار: حدثني غير واحد أن عيسى بن طلحة جاء إلى عروة حين قدم، فقال عروة لبعض بنيه: اكشف لعمك رجلي، ففعل فقال عيسى: إنا والله يا أبا عبد الله ما أعددناك للصراع، ولا للسباق، ولقد أبقى الله منك لنا ما كنا نحتاج إليه، رأيك وعلمك.فقال: ما عزاني أحد مثلك .قال ابن خلكان : كان أحسن من عزاه إبراهيم بن محمد بن طلحة، فقال: والله ما بك حاجة إلى المشي، ولا أرب في السعي، وقد تقدمك عضو من أعضائك، وابن من أبنائك إلى الجنة، والكل تبع للبعض إن شاء الله.وقد أبقى الله لنا منك ما كنا إليه فقراء، من علمك ورأيك، والله ولي ثوابك والضمين بحسابك.قال الزبير: توفي عروة وهو ابن سبع وستين سنة .
وقال ابن المديني، وأبو نعيم، وشباب: مات عروة سنة ثلاث وتسعين.
وقال الهيثم، والواقدي، وأبو عبيد، ويحيى بن معين، والفلاس: سنة أربع وتسعين.وقال يحيى بن بكير: سنة خمس.وقيل غير ذلك، ويقال: سنة إحدى ومئة، وليس هذا بشئ.
ذكر شيخنا أبو الحجاج في " تهذيبه ": من شيوخ عروة: أمه أسماء،وخالته، وأسماء بنت عميس، وأم حبيبة، وأم سلمة، وأم هانئ، وأم شريك فاطمة بنت قيس، وضباعة بنت الزبير، وبسرة بنت صفوان، وزينب بنت أبي سلمة، وعمرة الانصارية.
ومن الرواة عنه: بكر بن سوادة، وتميم بن سلمة، وجعفر الصادق، وجعفر بن مصعب، وحبيب بن أبي ثابت، وحبيب مولى عروة، وخالد بن أبي عمران قاضي إفريقية، وداود بن مدرك، والزبرقان بن عمرو بن أمية، وزميل مولى عروة، وسعد بن إبراهيم، وسعيد بن خالد الاموي، وسليمان بن عبد الله بن عويمر، وسليمان بن يسار، وشيبة الخضري، وصالح بن حسان، وصالح بن كيسان، وصفوان بن سليم، وعاصم بن عمر، وعبد الله بن إنسان، الطائفي، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم، وأبو الزناد، وعبد الله الماجشون،
وابن أبي مليكة، وابنه عبد الله بن عروة، وعبد الله بن نيار، وعبد الله البهي، وعبد الرحمن بن حميد الزهري، وعبيدالله بن عبد الله بن عتبة، وابنه عثمان، وعثمان بن الوليد، وعراك بن مالك، وعطاء بن أبي رباح، وعلي بن جدعان، وحفيده عمر بن عبد الله، وعمر بن عبد العزيز، وعمروبن دينار، وعمران ابن أبي أنس، ومجاهد بن وردان، ومحمد بن إبراهيم التيمي، وابن أخيه محمد بن جعفر بن الزبير، وأبو الاسود يتيم عروة، وابنه محمد بن عروة، والزهري، وابن المنكدر، ومخلد بن خفاف، ومسافع بن شيبة، ومسلم بن قرط، ومعاوية بن إسحاق، ومنذر بن المغيرة، وموسى بن عقبة، وهشام ابنه، وهلال الوزان، والوليد بن أبي الوليد، ووهب بن كيسان، ويحيى بن أبي كثير - وقيل لم يسمع منه - ويزيد بن رومان، ويزيد بن خصيفة ، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، ويزيد بن أبي يزيد، وأبو بردة بن أبي موسى، وأبو سلمة بن عبدالرحمن، وهما من أقرانه، وأبو بكر بن حفص الزهري.وقد روى رفيقه أبو سلمة أيضا عن عمربن عبد العزيز، عن عروة.
قال ابن سعد : كان عروة ثقة، ثبتا، مأمونا، كثير الحديث، فقيها، عالما.
وقال أحمد العجلي: مدني ثقة، رجل صالح، لم يدخل في شئ من الفتن .
وروى يوسف بن الماجشون، عن ابن شهاب، قال: كان إذا حدثني عروة، ثم حدثتني عمرة، صدق عندي حديث عمرة حديث عروة، فلما تبحرتهما إذا عروة بحر لا ينزف .
الاصمعي: عن ابن أبي الزناد، قال: قال عروة: كنا نقول: لا نتخذ كتابا مع كتاب الله، فمحوت كتبي، فوالله لوددت أن كتبي عندي، إن كتاب الله قد استمرت مريرته .
علي بن المبارك الهنائي، عن هشام بن عروة، أن أباه كان يصوم الدهر إلا يوم الفطر ويوم النحر، ومات وهو صائم.وقال هشام: قال أبي: رب كلمة ذل احتملتها أورثتني عزا طويلا
وقال: ما حدثت أحدا بشئ من العلم قط لا يبلغه عقله إلا كان ضلالة عليه .
قال غير واحد: ولد عروة في آخر خلافة عمر، وكان أصغر من أخيه عبد الله بعشرين سنة.
وقيل غير ذلك.يعقوب الفسوي ، عن عيسى بن هلال، عن شريح بن يزيد، عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عروة، قال: كنت غلاما، لي ذؤابتان، فقمت أركع ركعتين بعد العصر، فبصر بي عمر ومعه الدرة، فلمارأيته، فررت منه، فلحقني، فأخذ بذؤابتي، قال: فنهاني، قلت: لا أعود .الاشبه أن هذا جرى لاخيه عبد الله، أو جرى له مع عثمان
 
مجاهد بن جبر :الامام، شيخ القراء والمفسرين، أبو الحجاج المكي، الاسود، مولى السائب بن أبي السائب المخزومي، ويقال: مولى عبد الله بن السائب القارئ، ويقال: مولى قيس بن الحارث المخزومي روى عن ابن عباس، فأكثر وأطاب، وعنه أخذ القرآن، والتفسير، والفقه، وعن أبي هريرة، وعائشة، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن عمرو،وابن عمر، ورافع بن خديج، وأم كرز، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، وأم هانئ، وأسيد بن ظهير، وعدة.
تلا عليه جماعة: منهم ابن كثير الداري، وأبو عمرو بن العلاء، وابن محيصن.
وحدث عنه عكرمة، وطاووس، وعطاء، وهم من أقرانه، وعمرو بن دينار، وأبو الزبير، والحكم بن عتيبة، وابن أبي نجيح، ومنصور بن المعتمر، وسليمان الاعمش، وأيوب السختياني، وابن عون، وعمر بن ذر، ومعروف ابن مشكان، وقتادة بن دعامة، والفضل بن ميمون، وإبراهيم بن مهاجر، وحميد الاعرج، وبكير بن الاخنس، والحسن الفقيمي، وخصيف، وسليمان الاحول، وسيف بن سليمان، وعبد الكريم الجزري، وأبو حصين، والعوام ابن حوشب، وفطر بن خليفة، والنضر بن عربي، وخلق كثير.قال الانصاري: حدثنا الفضل بن ميمون: سمعت مجاهدا يقول: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة .وروى ابن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، قال: عرضت القرآن ثلاث عرضات على ابن عباس، أقفه عند كل آية، أسأله فيم نزلت، وكيف كانت .
قال محمد بن عبد الله بن الحكم: حدثنا الشافعي، حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، قال: قرأت على شبل بن عباد، وقرأ على ابن كثير، وأخبره ابن كثير أنه قرأ على مجاهد، وقرأ مجاهد على ابن عباس .
قال سفيان الثوري: خذوا التفسير من أربعة: مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والضحاك .
وقال خصيف: كان مجاهد أعلمهم بالتفسير .وقال قتادة: أعلم من بقي بالتفسير مجاهد.
قال أبو بكر بن عياش: قلت للاعمش: ما بالهم يتقون تفسير مجاهد ؟ قال: كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب.قال ابن المديني: سمع مجاهد من عائشة.وقال يحيى القطان: لم يسمع منها.
قال الذهبي: بلى قد سمع منها شيئا يسيرا.قال ابن جريج: لان أكون سمعت من مجاهد، فأقول: سمعت مجاهدا أحب إلي من أهلي ومالي.قال الذهبي: مع أنه قلما سمع من مجاهد حرفين.
وقال يحيى بن معين، وطائفة: مجاهد ثقة.ويقال: سكن الكوفة بأخرة، وكان كثير الاسفار والتنقل.
قال سلمة بن كهيل: ما رأيت أحدا يريد بهذا العلم وجه الله إلا هؤلاء الثلاثة: عطاء، ومجاهد، وطاووس .بقية، عن حبيب بن صالح: سمع مجاهدا يقول: استفرغ علمي القرآن .
شعبة، عن رجل: سمعت مجاهدا يقول: صحبت ابن عمر وأنا أريد أن أخدمه فكان يخدمني .
إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، قال: ربما أخذ ابن عمر لي بالركاب.
قال الاعمش: كنت إذا رأيت مجاهدا، ازدريته، متبذلا، كأنه خربندج ضل حماره وهو مغتم .
روى الاجلح، عن مجاهد، قال: طلبنا هذا العلم وما لنا فيه نية، ثم رزق الله النية بعد .
وقال منصور، عن مجاهد، قال: لا تنوهوا بي في الخلق .
حصين، عن مجاهد: بينا أنا أصلي إذ قام مثل الغلام ذات ليلة، فشددت عليه لآخذه، فوثب فوقع خلف الحائط حتى سمعت وجبته، ثم قال: إنهم يهابونكم كما تهابونهم من أجل ملك سليمان .
وروي عن الاعمش، قال: كان مجاهد كأنه حمال، فإذا نطق، خرج من فيه اللؤلؤ.
وقال حميد الاعرج: كان مجاهد رحمه الله يكبر من سورة " والضحى " .
قال أبو القاسم ابن عساكر : قدم مجاهد على سليمان بن عبد الملك، ثم على عمر بن عبد العزيز، وشهد وفاته.فروى مروان بن معاوية، عن معروف بن مشكان، عن مجاهد، قال: قال [ لي ] عمر بن عبد العزيز: يا مجاهد ما يقول الناس [ في ] ؟ قلت: يقولون مسحور.قال: ما أنا بمسحور.
ثم دعا غلاما له فقال: ويحك، ما حملك على أن سقيتني السم ؟ قال: ألف دينار أعطيتها وأن أعتق، قال: هاتها، فجاء بها، فألقاها في بيت المال وقال: اذهب حيث لا يراك أحد .
قال محمد بن عبيد، عن الثوري، قال: مجاهد مولى لبني زهرة.وقال أحمد بن حنبل: مجاهد مولى عبد الله بن السائب.وقال الحميدي وغيره: مولى قيس بن السائب.
وقال ابن المديني: كان ابن إسحاق يقول في أحاديث مجاهد كلها: مجاهد بن جبير وهو مولى قيس بن السائب بن أبي السائب، وكان السائب شريك النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن سعد: مولى قيس.وقال البخاري ومسلم كقول أحمد.
قال الحافظ عبد الغني المصري: للمصريين مجاهد بن جبر آخر، ذكره ابن يونس .
قال الاعمش: قال مجاهد: لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود، لم أحتج أن أسأل ابن عباس عن كثير من القرآن مما سألت.رواه ابن عيينة عنه.
مطر الوراق، عن قتادة، قال: أعلم من بقي بالحلال والحرام الزهري، وأعلم من بقي بالقرآن مجاهد .قال ابن سعد : مجاهد ثقة، فقيه، عالم، كثير الحديث.
قال ابن خراش: أحاديث مجاهد عن علي وعائشة، مراسيل.
الثوري، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، قال: ربما أخذ لي ابن عمر بالركاب، وربما أدخل ابن عباس أصابعه في إبطي .يعلى بن عبيد، عن الاعمش، عن مجاهد، قال: ما أدري أي النعمتين أعظم، أن هداني للاسلام، أو عافاني من هذه الاهواء .قلت: مثل الرفض والقدر والتجهم.
يحيى بن سليم: حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد، قال: كنت عند أبي فجاء ولده يعقوب فقال: يا أبتاه، إن لنا أصحابا يزعمون أن إيمان أهل السماء وأهل الارض واحد.
فقال: يا بني، ما هؤلاء بأصحابي، لا يجعل الله من هو منغمس في الخطايا كمن لا ذنب له .
وبإسناد حسن، عن مجاهد، قال: كنت في جنازة رجل، فسمعت رجلا يقول لامرأة الميت: لا تسبقيني بنفسك.قالت: قد سبقت.قلت: ولمجاهد أقوال وغرائب في العلم والتفسير تستنكر.
وبلغنا أنه ذهب إلى بابل، وطلب من متوليها أن يوقفه على هاروت وماروت.
قال: فبعث معي يهوديا، حتى أتينا تنورا في الارض، فكشف لنا عنهما، فإذا بهما معلقان منكسان، فقلت: آمنت بالذي خلقكما، فاضطربا، فغشي علي وعلى اليهودي، ثم أفقنا بعد حين، فلامني اليهودي وقال: كدت أن تهلكنا.قال أبو عمر الضرير: مات مجاهد سنة مئة.
قال الذهبي: هذا قول شاذ، فإن مجاهدا رأى عمر بن عبد العزيز يموت.وقال أبو نعيم: مات مجاهد وهو ساجد سنة ثنتين ومئة.وكذا أرخه الهيثم بن عدي، والمدائني، وجماعة.
وقال حماد الخياط، وأبو عبيد، وجماعة: مات سنة ثلاث ومئة.
وقال ابن المديني وغيره: سنة أربع ومئة، وجاء عن ابن المديني: سنة ثمان ومئة.رواه عنه ابنه عبد الله.وعنه سنة سبع ومئة.وروى محمد بن عمر الواقدي، عن ابن جريج، قال: بلغ مجاهد ثلاثا وثمانين سنة ، وقال يحيى القطان وغيره: مات سنة أربع ومئة.
محمد بن حميد الرازي الحافظ: أنبأنا عبد الله بن عبد القدوس، عن الاعمش قال: كان مجاهد لا يسمع بأعجوبة إلا ذهب فنظر إليها، ذهب إلى بئر برهوت بحضرموت، وذهب إلى بابل، عليها وال فقال له مجاهد: تعرض علي هاروت وماروت ؟.
قال: فدعا رجلا من السحرة فقال: اذهب به، فقال اليهودي: بشرط أن لا تدعو الله عندهما، قال: فذهب بي إلى قلعة، فقطع منها حجرا ثم قال: خذ برجلي.
فهوى به حتى انتهى إلى جوبة ، فإذا هما معلقان منكسان كالجبلين، فلما رأيتهما قلت: سبحان الله خالقكما، فاضطربا، فكأن الجبال تدكدكت، فغشي علي وعلى اليهودي، ثم أفاق قبلي فقال: أهلكت نفسك وأهلكتني.أخبرنا إسحاق الاسدي، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا أبو المكارم، أنبأنا أبو
علي، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد، حدثنا عبد الله بن شيرويه، حدثنا ابن راهويه، حدثنا محمد بن سلمة، والمحاربي، قالا: حدثنا ابن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث غرضات، أقفه عند كل آية أسأله فيم نزلت وكيف كانت .وبه، إلى أبي نعيم: حدثنا حبيب بن الحسن، حدثنا يوسف القاضي، حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، قال: الرعد ملك يزجر السحاب بصوته .
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أنبأنا محمد بن هبة الله، أنبأنا عمي محمد بن عبد العزيز الدينوري، أنبأنا عاصم بن الحسن، أنبأنا أبو عمر بن مهدي، نبأنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا يعقوب الدورقي، حدثنا مروان بن شجاع، عن خصيف، عن مجاهد، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرتين على المنبر يقول: " الذهب بالذهب، والفضة بالفضة وزنا بوزن .
 

الريفي

عضو فعال
احمد الدوسري كوبيييييييييي

تصدق انت مشكله

ياولد منزل كتاب والا مشاركة

انزين ليش مااحد شارك في موضوعك

ياولد استحلفك ىبالله انت قريت الي نزلته او فاهم شنو نزلت وقصيت ولزقت

والله الله يغينك على نفسك
 
أبو قلابة :عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر بن ناتل بن مالك، الامام، شيخ الاسلام، أبو قلابة الجرمي البصري، وجرم بطن من الحاخ بن قضاعة، قدم الشام وانقطع بداريا، ما علمت متى ولد.
حدث عن ثابت بن الضحاك في الكتب كلها، وعن أنس كذلك، ومالك بن الحويرث كذلك، وعن حذيفة في سنن أبي داود - ولم يلحقه - وسمرة بن جندب في سنن النسائي، وعبد الله بن عباس في سنن الترمذي، وعنبسة بن سعيد بن العاص في البخاري ومسلم، وعن زهدم بن مضرب ، وعمه أبي المهلب الجرمي، وأبي الاشعث الصنعاني، وأبي هريرة في سنن النسائي، ومعاذة العدوية، وزينب بنت أم سلمة، وعائشة الكبرى في مسلم والترمذي والنسائي، ومعاوية في أبي داود والنسائي، وعمرو بن سلمة الجرمي في البخاري وسنن النسائي، والنعمان بن بشير في أبي داود والنسائي وابن ماجه، وقبيصة بن ؟ ؟ مخارق في أبي داود والنسائي، وعن خلق سواهم.
وهو يدلس، وكان من أئمة الهدى.
حدث عنه مولاه أبو رجاء سلمان، ويحيى بن أبي كثير، وثابت البناني، وقتادة، وعمران بن حدير، والمثنى بن سعيد، وغيلان بن جرير، وميمون القناد، وأيوب السختياني، وخالد الحذاء، وعاصم الاحوال، وداود بن أبي هند، وحسان بن عطية، وأبو عامر الخزار، وعمرو بن ميمون بن مهران وخلق سواهم.
قال ابن سعد : كان ثقة، كثير الحديث، وكان ديوانه بالشام.
وقال علي بن أبي حملة: قدم علينا مسلم بن يسار دمشق، فقلنا له: يا أبا عبد الله، لو علم الله أن بالعراق من هو أفضل منك، لجاءنا به، فقال: كيف لو رأيتم عبد الله بن زيد أبا قلابة الجرمي ! قال: فما ذهبت الايام والليالي حتى قدم علينا أبو قلابة .
قال القاضي عبد الجبار بن محمد الخولاني في تاريخ داريا : مولد أبي قلابة بالبصرة، وقدم [ الشام ] فنزل داريا وسكن بها عند ابن عمه بيهس بن صهيب بن عامل بن ناتل.
روى أشهب، عن مالك، قال: مات ابن المسيب والقاسم ولم يتركوا كتبا، ومات أبو قلابة فبلغني أنه ترك حمل بغل كتبا .وروى أيوب، عن مسلم بن يسار، قال: لو كان أبو قلابة من العجم
لكان موبذ موبذان - يعني قاضي القضاة وروى حماد بن زيد، عن أبي خشينة صاحب الزيادي، قال: ذكر أبو قلابة عند ابن سيرين فقال: ذاك أخي حقا.
وقال ابن عون: ذكر أيوب لمحمد حديث أبي قلابة فقال: أبو قلابة إن شاء الله ثقة، رجل صالح، ولكن عمن ذكره أبو قلابة.قال حماد: سمعت أيوب ذكر أبا قلابة، فقال: كان والله من الفقهاء ذوي الالباب.إني وجدت أعلم الناس بالقضاء أشدهم منه فرارا، وأشدهم
منه فرقا، وما أدركت بهذا المصر أعلم بالقضاء من أبي قلابة.لا أدري ما محمد .
ابن علية، عن أيوب، قال: لما مات عبدالرحمن بن أذينة - يعني قاضي البصرة - زمن شريح ذكر أبو قلابة للقضاء، فهرب حتى أتى اليمامة، قال: فلقيته بعد ذلك فقلت له في ذلك، فقال: ما وجدت مثل القاضي العالم إلا مثل رجل وقع في بحر، فما عسى أن يسبح حتى يغرق .
وقال خالد الحذاء: كان أبو قلابة إذا حدثنا بثلاثة أحاديث قال: قد أكثرت .
وقال أحمد بن عبد الله: بصري، تابعي، ثقة.كان يحمل على علي ولم يرو عنه شيئا، ولم يسمع من ثوبان شيئا.وقال عمرو بن علي: لم يسمع قتادة من أبي قلابة .
وقال علي بن المديني: أبو قلابة عربي من جرم، مات بالشام، وأدركخلافة عمر بن عبد العزيز، ثم توفي سنة أربع ومئة.أبو رجاء، عن مولاه أبي قلابة، قال: كنت جالسا عند عمر بن عبد العزيز فذكروا القسامة ، فحدثته عن أنس بقصة العرنيين ، قال: فقال عمر: لن تزالوا بخير مادام فيكم هذا أو مثل هذا .
قال ابن المديني: روى أبو قلابة عن سمرة وسمع منه، وروى عن هشام بن عامر ولم يسمع منه.
قلت: قد روى عن عمر بن الخطاب ولم يدركه، فكان يرسل كثيرا.
قال أيوب السختياني: رآني أبو قلابة وقد اشتريت تمرا رديئا، فقال: أما علمت أن الله قد نزع من كل ردئ بركته .وقال أبو قلابة: ليس شئ أطيب من الروح، ما انتزع من شئ إلا أنتن.
أخبرنا إسحاق بن طارق، أنبأنا ابن خليل، حدثنا اللبان، أنبأنا الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، قال: قال أبو قلابة: لا تجالسوا أهل الاهواء ولا تحادثوهم، فإني لا آمن أن يغمروكم في ضلالتهم، أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون .
وعن أيوب، عن أبي قلابة، قال: إذا حدثت الرجل بالسنة، فقال: دعنا من هذا، وهات كتاب الله، فاعلم أنه ضال .
قلت أنا: وإذا رأيت المتكلم المبتدع يقول: دعنا من الكتاب والاحاديث الآحاد، وهات " العقل " فاعلم أنه أبو جهل، وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول: دعنا من النقل ومن العقل، وهات الذوق والوجد، فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر، أو قد حل فيه، فإن جبنت منه، فاهرب، وإلا فاصرعه وابرك على صدره واقرأ عليه آية الكرسي واخنقه.
أخبرنا أحمد بن إسحاق، أنبأنا الفتح بن عبد السلام، أنبأنا محمد بن عمر القاضي، أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة، أنبأنا عبيدالله بن عبدالرحمن،أنبأنا جعفر الفريابي، حدثنا عبيدالله القواريري، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، قال: دخل عمر بن عبد العزيز على أبي قلابة يعوده فقال له: يا أبا قلابة، تشدد لا يشمت بنا المنافقون .
روى الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جابر، قال: قيل لعبد الملك بن مروان: هذا أبو قلابة، قال: ما أقدمه ؟ قالوا: [ متعوذا ] من الحجاج أراده على القضاء، فكتب إلى الحجاج بالوصاة به.
فقال أبو قلابة: لن أخرج من الشام .قال أبو حاتم : لا يعرف لابي قلابة تدليس.
قلت: معنى هذا أنه إذا روى شيئا عن عمر أو أبي هريرة مثلا مرسلا لا يدري من الذي حدثه به، بخلاف تدليس الحسن البصري، فإنه كان يأخذ عن كل ضرب، ثم يسقطهم كعلي بن زيد تلميذه.ويروى أن أبا قلابة عطش وهو صائم فأكرمه الله لما دعا، بأن أظلته سحابة وأمطرت على جسده، فذهب عطشه.قال سلمة بن واصل: مات أبو قلابة رحمه الله بالشام، فأوصى بكتبه لايوب السختياني، فحملت إليه .
وقال أيوب: فلما جاءتني الكتب أخبرت ابن سيرين، وقلت له: أحدث منها ؟ قال: نعم، ثم قال: لا آمرك ولا أنهاك .وقيل: إن أيوب وزن كراء حملها بضعة عشر درهما.فقال حماد بن زيد: جئ بها في عدل راحلة.وقد أخبرني عبدالمؤمن - شيخنا - أن أبا قلابة ممن ابتلى في بدنه ودينه، أريد على القضاء، فهرب إلى الشام، فمات بعريش مصر سنة أربع، وقد ذهبت يداه ورجلاه، وبصره، وهو مع ذلك حامد شاكر.وكذا أرخ موته شباب وأبو عبيد، وقال الواقدي: سنة أربع أو خمس ومئة.وقال يحيى بن معين: مات سنة ست أو سبع ومئة، وقال الهيثم بن عدي: مات سنة سبع.
أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه في كتابه، أنبأنا عبد القادر الحافظ، أنبأنا نصر بن سيار ، أنبأنا محمود الازدي، أنبأنا عبد الجبار الجراحي، أنبأنا أبو العباس المحبوبي، حدثنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ألا وإن لكل أمة أمينا، ألا وإن أمين هذه الامة أبو عبيدة بن الجراح ".هذا حديث حسن صحيح .
وبه في سنن الترمذي حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا حميد بن عبدالرحمن، عن داود العطار، عن معمر، عن قتادة، عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ؟، أرحم ؟ ؟ أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي، ولكل أمة أمين وأمين هذه الامة أبو عبيدة بن الجراح ".
هذا حديث غريب، قال الذهبي: سفيان ليس بحجة.
 
الحسن :ابن سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، السيد أبي محمد الحسن ابن أمير المؤمنين، أبي الحسن علي بن أبي طالب، الهاشمي، العلوي، المدني، الامام، أبو محمد.
حدث عن أبيه، وعبد الله بن جعفر، وهو قليل الرواية والفتيامع صدقه وجلالته.
حدث عنه ولده عبد الله، وابن عمه الحسن بن محمد بن الحنفية، وسهيل بن أبي صالح، والوليد بن كثير، وفضيل بن مرزوق، وإسحاق بن يسار والد محمد، وغيرهم.
ابن عجلان عن سهيل وسعيد مولى المهري، عن حسن بن حسن بن علي أنه رأى رجلا وقف على البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو له ويصلي عليه، فقال للرجل : لا تفعل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا بيتي عيدا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا، وصلوا علي حيث ما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني " وهذا مرسل .
قال الزبير بن بكار: أم حسن بن حسن هذا هي خولة بنت فلان .
الفزارية، وهي والدة إبراهيم وداود والقاسم أولاد محمد بن طلحة التيمي السجاد.
قال: وكان الحسن ولي صدقة علي رضي الله عنه، قال له الحجاج يوما وهو يسايره في موكبه بالمدينة: أدخل عمك عمر بن علي معك في صدقة علي، فإنه عمك وبقية أهلك، فقال: لا أغير شرط علي، قال: إذا أدخله معك، قال: فسار الحسن إلى عبدالملك بن مروان، فرحب به ووصله، وكتب له كتابا إلى الحجاج لا يجاوزه .
زائدة، عن عبدالملك بن عمير، قال: حدثني أبو مصعب أن عبد الملك بن مروان كتب إلى هشام بن إسماعيل متولي المدينة: بلغني أن الحسن بن الحسن يكاتب أهل العراق فاستحضره.
قال: فجئ به فقال له علي بن الحسين: يا ابن عم، قل كلمات الفرج: " لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع، ورب الارض رب العرش الكريم " قال: فخلي عنه .
ورويت من وجه آخر عن عبدالملك بن عمير، لكن قال: كتب الوليد إلى عثمان المري: انظر الحسن بن الحسن، فاجلده مئة، ووقفه للناس يوما، ولا أراني إلا قاتله.
قال: فعلمه علي كلمات الكرب.
فضيل بن مرزوق: سمعت الحسن بن الحسن يقول لرجل من الرافضة: إن قتلك قربة إلى الله، فقال: إنك تمزح، فقال: والله ما هو مني بمزاح.
قال مصعب الزبيري : كان فضيل بن مرزوق يقول: سمعت الحسن ابن الحسن يقول لرجل من الرافضة: أحبونا، فإن عصينا الله فأبغضونا، فلو كان الله نافعأ أحدا بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير طاعة لنفع أباه وأمه .
وروى فضيل بن مرزوق، قال: سمعت الحسن يقول: دخل علي المغيرة بن سعيد - يعني الذي أحرق في الزندقة - فذكر من قرابتي وشبهي برسول الله صلى الله عليه وسلم - وكنت أشبه وأنا شاب برسول الله صلى الله عليه وسلم - ثم لعن أبا بكر وعمر، فقلت: يا عدو الله، أعندي ! ثم خنقته - والله - حتى دلع لسانه .
توفي الحسن بن الحسن سنة تسع وتسعين، وقيل في سبع وتسعين.
وقيل: كانت شيعة العراق يمنون الحسن الامارة مع أنه كان يبغضهم ديانة.
وله أخبار طويلة في تاريخ ابن عساكر ، وكان يصلح للخلافة.
 
مسلم بن يسار :القدوة، الفقيه، الزاهد، أبو عبد الله البصري، مولى بني أمية، وقيل: مولى بني تيم من موالي طلحة رضي الله عنه.
روى عن عبادة بن الصامت ولم يلقه، وعن ابن عباس، وابن عمر، وأبيه يسار - فقيل: لابيه صحبة - وعن أبي الاشعث الصنعاني، وغيرهم.
حدث عنه محمد بن سيرين - وهو من طبقته - وقتادة، وثابت البناني، وأيوب السختياني، ومحمد بن واسع، وآخرون.قال ابن عون: كان لا يفضل عليه أحد في زمانه .
وقال ابن سعد : كان ثقة، فاضلا، عابدا، ورعا.
وقال علي بن أبي حملة: قدم علينا مسلم بن يسار دمشق، فقالوا له: يا أبا عبد الله، لو علم الله أن بالعراق من هو أفضل منك، لاتانا به، فقال: كيف لو رأيتم أبا قلابة .
روى هشام، عن قتادة، قال: مسلم بن يسار خامس خمسة من فقهاء البصرة .
وروى هشام بن حسان، عن العلاء بن زياد أنه كان يقول: لو كنت متمنيا، لتمنيت فقه الحسن، وورع ابن سيرين، وصواب مطرف، وصلاة مسلم بن يسار.
روى حميد بن الاسود، عن ابن عون، قال: أدركت هذا المسجد وما فيه حلقة تنسب إلى الفقه إلا حلقة مسلم بن يسار .
قال ابن عون، عن عبد الله بن مسلم بن يسار: إن أباه كان إذا صلى كأنه ود لا يميل لا هكذا ولا هكذا.وقال غيلان بن جرير: كان مسلم بن يسار إذا صلى كأنه ثوب ملقى .
وقال ابن شوذب: كان مسلم بن يسار يقول لاهله إذا دخل في في الصلاة: تحدثوا فلست أسمع حديثكم .وروي أنه وقع حريق في داره وأطفئ، فلما ذكر ذلك له قال: ما شعرت .
رواها سعيد بن عامر الضبعي، عن معدي بن سليمان.
وقال هشام بن عمار وغيره: حدثنا أيوب بن سويد، حدثنا السري بن يحيى، حدثني أبو عوانة، عن معاوية بن قرة، قال: كان مسلم بن يسار يحج كل سنة ويحجج معه رجالا من إخوانه، تعودوا ذلك، فأبطأ عاما حتى فاتت أيام الحج، فقال لاصحابه: اخرجوا، فقالوا: كيف ؟ قال: لابد أن تخرجوا، ففعلوا استحياء منه، فأصابهم حين جن عليهم الليل إعصار شديد حتى كاد لا يرى بعضهم، بعضا، فأصبحوا وهم ينظرون إلى جبال تهامة، فحمدوا الله، فقال: ما تعجبون من هذا في قدرة الله تعالى !
قال قتادة: قال مسلم بن يسار في الكلام في القدر: هما واديان عميقان، يسلك فيهما الناس، لن يدرك غورهما، فاعمل عمل رجل تعلم أنه لن ينجيك إلا عملك، وتوكل توكل رجل تعلم أنه لا يصيبك إلا ما كتب الله لك .
قال ابن عون: لما وقعت الفتنة زمن ابن الاشعث، خف مسلم فيها، وأبطأ الحسن، فارتفع الحسن، واتضع مسلم.قال الذهبي: إنما يعتبر ذلك في الآخرة، فقد يرتفعان معا.
قال أيوب السختياني: قيل لابن الاشعث: إن أردت أن يقتلوا حولك كما قتلوا يوم الجمل حول حمل عائشة فأخرج معك مسلم بن يسار، فأخرجه مكرها.
قال أيوب عن أبي قلابة: قال لي مسلم بن يسار: إني أحمد الله إليك، (أني لم أرم بسهم و) لم أضرب فيها بسيف، قلت له: فكيف بمن رآك بين الصفين فقال: هذا (مسلم بن يسار) لن يقاتل إلا على حق، فقاتل حتى قتل ؟ فبكى والله حتى وددت أن الارض انشقت، فدخلت فيها.
قال أيوب السختياني: وفي القراء الذين خرجوا مع ابن الاشعث، لاأعلم أحدا منهم قتل، إلا رغب له عن مصرعه، أو نجا إلا ندم على ماكان منه .
قال سفيان بن عيينة: إن الحسن البصري لما مات مسلم بن يسار قال: وامعلماه .
.لمسلم رحمة الله عليه ترجمة حافلة في تاريخ الحافظ ابن عساكر.
قال خليفة بن خياط والفلاس: مات سنة مئة.
وقال الهيثم بن عدي: توفي سنة إحدى ومئة.
 
إبراهيم النخعي :الامام، الحافظ، فقيه العراق، أبوعمران، إبراهيم بن يزيد بن قيس ابن الاسود بن عمرو بن ربيعة بن ذهل بن سعد بن مالك بن النخع ] النخعي، اليماني ثم الكوفي، أحد الاعلام، وهو ابن مليكة أخت الاسود بن يزيد.
[ روى ] عن خاله، ومسروق، وعلقمة بن قيس، وعبيدة السلماني، وأبي زرعة البجلي، وخيثمة بن عبدالرحمن، والربيع بن خثيم، وأبي الشعثاء المحاربي، وسم بن منجاب، وسويد بن غفلة، والقاضي شريح، وشريح ابن أرطاة، وأبي معمر عبد الله بن سخبرة، وعبيد بن نضيلة، وعمارة بن عمير، وأبي عبيدة بن عبد الله، وأبي عبدالرحمن السلمي، وخاله عبد الرحمن بن يزيد، وهمام بن الحارث، وخلق سواهم من كبار التابعين.
ولم نجد له سماعا من الصحابة المتأخرين الذين كانوا معه بالكوفة كالبراء وأبي جحيفة وعمرو بن حريث.
وقد دخل على أم المؤمنين عائشة وهو صبي، ولم يثبت له منها سماع، على أن روايته عنها في كتب أبي داود والنسائي والقزويني، فأهل الصنعة يعدون ذلك غير متصل مع عدهم كلهم لابراهيم في التابعين، ولكنه ليس من كبارهم، وكان بصيرا بعلم ابن مسعود، واسع الرواية، فقيه النفس، كبير الشأن، كثير المحاسن، رحمه الله تعالى.
روى عنه الحكم بن عتيبة، وعمرو بن مرة، وحماد بن أبي سليمان تلميذه، وسماك بن حرب، ومغيرة بن مقسم تلميذه، وأبو معشر بن زياد بن كليب، وأبو حصين عثمان بن عاصم، ومنصور بن المعتمر، وعبيدة بن معتب، وإبراهيم بن مهاجر، والحارث العكلي، وسليمان الاعمش، وابن عون، وشباك الضبي، وشعيب بن الحبحاب، وعبيدة بن معتب ، وعطاء ابن السائب، وعبد الرحمن بن أبي الشعثاء المحاربي، وعبد الله بن شبرمة، وعلي بن مدرك، وفضيل بن عمرو الفقيمي، وهشام بن عائذ الاسدي، وواصل بن حيان الاحدب، وزبيد اليامي، ومحمد بن خالد الضبي، ومحمد ابن سوقة، ويزيد بن أبي زياد، وأبو حمزة الاعور ميمون، وخلق سواهم.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: لم يحدث عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أدرك منهم جماعة، ورأى عائشة.
وكان مفتي أهل الكوفة هو والشعبي في زمانهما، وكان رجلا صالحا، فقيها، متوقيا، قليل التكلف وهو مختف من الحجاج.روى أبو أسامة، عن الاعمش، قال: كان إبراهيم صيرفي الحديث .
وروى جرير عن إسماعيل بن أبي خالد، قال: كان الشعبي وإبراهيم وأبو الضحى يجتمعون في المسجد يتذاكرون الحديث، فإذا جاءهم شئ ليس فيه عندهم رواية، رموا إبراهيم بأبصارهم .
قال يحيى بن معين: مراسيل إبراهيم أحب إلى من مراسيل الشعبي.قاله عباس عنه.
قال ابن عون: وصفت إبراهيم لابن سيرين، قال: لعله ذاك الفتى الاعور الذي كان يجالسنا عند علقمة، كان في القوم وكأنه ليس فيهم .شعبة، عن منصور، عن إبراهيم، قال: ما كتبت شيئا قط .قال مغيرة: كنا نهاب إبراهيم هيبة الامير.وقال طلحة بن مصرف: ما بالكوفة أعجب إلي من إبراهيم وخيثمة. قال فضيل الفقيمي: قال لي إبراهيم: ما كتب إنسان كتابا إلا اتكل عليه .
قال أبو قطن: حدثنا شعبة، عن الاعمش: قلت لابراهيم: إذا حدثتني عن عبد الله فأسند، قال: إذا قلت: قال عبد الله، فقد سمعته من غير واحد من الصحابة، وإذا قلت: حدثني فلان، فحدثني فلان .وقال مغيرة: كره إبراهيم أن يستند إلى سارية .
حماد بن زيد، عن ابن عون: جلست إلى إبراهيم، فقال في المرجئة قولا غيره أحسن منه.
وجاء ذم الارجاء من وجوه عنه.وقال سعيد بن جبير: أتستفتوني وفيكم إبراهيم ؟.
قال الحاكم: كان إبراهيم النخعي يحج مع عمه وخاله علقمة والاسود.
وكان يبغض المرجئة ويقول: لانه على هذه الامة - من المرجئة - أخوف عليهم من عدتهم من الازارقة .توفي وله تسع وأربعون سنة.
حماد بن زيد: حدثنا شعيب بن الحبحاب، حدثتني هنيدة امرأة إبراهيم، أن إبراهيم كان يصوم يوما ويفطر يوما .
قال سعيد بن صالح الاشج، عن حكيم بن جبير، عن إبراهيم، قال: ما بها عريف إلا كافر (5).
عفان: حدثنا يعقوب بن إسحاق، حدثنا ابن عون، قال: كان إبراهيم يأتي السلطان، فيسألهم الجوائز .وقال محمد بن ربيعة الكلابي عن العلاء بن زهير، قال: قدم إبراهيم على أبي وهو على حلوان، فحمله على برذون، وكساه أثوابا، وأعطاه ألف درهم فقبله .
قال الاعمش: ربما رأيت إبراهيم يصلي ثم يأتينا، فيمكث ساعة كأنه مريض .
قال أبو حنيفة عن حماد، قال: بشرت إبراهيم بموت الحجاج، فسجد، ورأيته يبكي من الفرح.
وقال سلمة بن كهيل: ما رأيت إبراهيم في صيف قط إلا وعليه ملحفة حمراء وإزار أصفر .
وقال مغيرة: رأيت إبراهيم يرخي عمامته من ورائه .
وقال يحيى القطان: [ مات وهو ] ابن نيف وخمسين بعد الحجاج بأربعة أشهر أو خمسة.
قال محمد بن سعد: دخل إبراهيم على أم المؤمنين عائشة، وسمع زيد ابن أرقم، والمغيرة بن شعبة، وأنس بن مالك.روى عنه الشعبي، ومنصور، والمغيرة بن مقسم، والاعمش وغيرهم من التابعين.
عبد الله بن جعفر الرقي: حدثنا عبيدالله بن عمرو، عن زيد بن أبي
أنيسة، عن طلحة بن مصرف، قال: قلت لابراهيم النخعي: يا أبا عمران، من أدركت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: دخلت على أم المؤمنين عائشة.
سليمان بن داود المباركي: حدثنا أبو شهاب، عن الحسن بن عمرو، عن أبيه، أنه دخل على إبراهيم فقال: يا أبا عمران.
وقال ضمرة بن ربيعة: سمعت رجلا يذكر أن حماد بن أبي سليمان قدم عليهم البصرة، فجاءه فرقد السبخي وعليه ثوب صوف، فقال له: ضع عنك نصرانيتك هذه، فلقد رأيتني ننتظر إبراهيم فيخرج عليه معصفرة، ونحن نرى أن الميتة قد حلت له .
شعبة، عن أبي معشر، عن النخعي، أنه كان يدخل على عائشة فيرى عليها ثيابا حبرا، فقال أيوب: وكيف كان يدخل عليها ؟ ! قال: كان يخرج مع عمه وخاله حاجا وهو غلام قبل أن يحتلم، وكان بينهم ود وإخاء، وكان بينهما وبين عائشة ود وإخاء .
شريك، عن سليمان بن يسير، عن إبراهيم: أدخلني خالي الاسود على عائشة وعلي أوضاح .
جرير، عن مغيرة، قال: كان إبراهيم يدخل على عائشة مع الاسود
وعلقمة، ومات وله سبع وخمسون سنة أو نحوه.
وقال سليم بن أخضر: حدثنا ابن عون، قال: مات إبراهيم وهو ما بين الخمسين إلى الستين.
علي بن عاصم: حدثنا مغيرة، قال: قيل لابراهيم: قتل الحجاج سعيد ابن جبير، قال: يرحمه الله، ما ترك بعده خلف، قال: فسمع بذلك
الشعبي فقال: هو بالامس يعيبه بخروجه على الحجاج، ويقول اليوم هذا ! فلما مات إبراهيم، قال الشعبي: ما ترك بعده خلف.
نعيم بن حماد: حدثنا جرير، عن عاصم، قال: تبعت الشعبي، فمررنا بإبراهيم، فقام له إبراهيم عن مجلسه، فقال له الشعبي: أما إني أفقه منك حيا، وأنت أفقه مني ميتا، وذاك أن لك أصحابا يلزمونك، فيحيون علمك .
محمد بن طلحة بن مصرف: حدثني ميمون أبو حمزة الاعور، قال: قال لي إبراهيم: تكلمت، ولو وجدت بدا، لم أتكلم، وإن زمانا أكون فيه فقيها لزمان سوء .
قال أبو حمزة الثمالي: كنت عند إبراهيم النخعي، فجاء رجل فقال: يا أبا عمران، إن الحسن البصري يقول: إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار.
فقال رجل: هذا من قاتل على الدنيا، فأما قتال من بغى، فلا بأس به: فقال إبراهيم: هكذا قال أصحابنا عن ابن مسعود، فقالوا له: أين
كنت يوم الزاوية ؟ قال: في بيتي، قالوا: فأين كنت يوم الجماجم ؟ قال: في بيتي، قالوا: فإن علقمة شهد صفين مع علي، فقال: بخ بخ، من لنا مثل علي بن أبي طالب ورجاله.
عن شعيب بن الحبحاب، قال: كنت فيمن دفن إبراهيم النخعي ليلا
سابع سبعة أو تاسع تسعة، فقال الشعبي: أدفنتم صاحبكم ؟ قلت: نعم.
قال: أما إنه ما ترك أحدا أعلم منه، أو أفقه منه، قلت: ولا الحسن ولا ابن سيرين ؟ قال: نعم، ولا من أهل البصرة، ولا من أهل الكوفة، ولا من أهل الحجاز - وفي رواية: ولا من أهل الشام .
روى الترمذي من طريق شعبة عن الاعمش، قال: قلت لابراهيم النخعي: أسند لي عن ابن مسعود، فقال: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله ابن مسعود، فهو الذى سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله، فهو عن غير واحد عن عبد الله.
في سن إبراهيم قولان: أحدهما عاش تسعا وأربعين سنة، الثاني أنه عاش ثمانيا وخمسين سنة.
مات سنة ست وتسعين.
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، وعبد الولي بن عبدالرحمن، وأحمد بن هبة الله، وعيسى بن بركة، وجماعة، قالوا: أبنأنا عبد الله بن عمر، أنبأنا سعيد بن أحمد بن البناء حضورا في سنة تسع وأربعين وخمس مئة، أنبأنا محمد بن محمد الزينبي، أنبأنا محمد بن عمر بن زنبور، حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: قال عبد الله: لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله.
فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها: أم يعقوب كانت تقرأ القرآن، فأتته، فقالت: ما حديث بلغني عنك، أنت لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله ؟ قال: ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله.
فقالت: والله لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته .
قال أبو عبيد الآجري: حدثنا أبو داود، حدثونا عن الاشجعي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، قال: كانوا يرون أن كثيرا من حديث أبي هريرة منسوخ.
قلت: وكان كثير من حديثه ناسخا، لان إسلامه ليالي فتح خيبر، والناسخ والمنسوخ في جنب ما حمل من العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم نزر قليل، وكان من أئمة الاجتهاد، ومن أهل الفتوى رضي الله عنه.فالسنن الثابتة لا تردبالدعاوي.
قال أبو داود: حدثنا ابن أبي السري، حدثنا يونس بن بكير، عن الاعمش، قال: ما رأيت أحدا أرد لحديث لم يسمعه من إبراهيم.
وقيل: إن إبراهيم لما احتضر، جزع جزعا شديدا، فقيل له في ذلك، فقال: وأي خطر أعظم مما أنا فيه، أتوقع رسولا يرد علي من ربي إما بالجنة وإما بالنار، والله لوددت أنها تلجلج في حلقي إلى يوم القيامة .
روى ابن عيينة، عن الاعمش، قال: جهدنا أن نجلس إبراهيم النخعي إلى سارية، وأردناه على ذلك، فأبى، وكان يأتي المسجد وعليه قباء وريطة معصفرة.قال: وكان يجلس مع الشرط.
قال أحمد بن حنبل: كان إبراهيم ذكيا، حافظا، صاحب سنة.
قال مغيرة: كان إبراهيم إذا طلبه إنسان لا يحب لقاءه خرجت الجارية، فقالت: اطلبوه في المسجد .روى قيس عن الاعمش، عن إبراهيم، قال: أتى رجل، فقال: إني ذكرت رجلا بشئ، فبلغه عني، فكيف أعتذر إليه ؟ قال: تقول: والله إن الله ليعلم ما قلت من ذلك من شئ.
قال أبو عمر والداني: أخذ إبراهيم القراءة عرضا عن علقمة، والاسود.
قرأ عليه الاعمش، وطلحة بن مصرف.
وروى وكيع عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم بدعة .
 
وهب بن منبه :ابن كامل بن سيج بن ذي كبار، وهو الاسوار الامام، العلامة الاخباري القصصي، أبو عبد الله الا بناوي، اليماني الذماري الصنعاني، أخو همام بن منبه، ومعقل بن منبه، وغيلان بن منبه.مولده في زمن عثمان سنة أربع وثلاثين، ورحل وحج.
وأخذ عن ابن عباس، وأبي هريرة - إن صح - وأبي سعيد، والنعمان بن بشير، وجابر، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص على خلاف فيه وطاووس.
حتى إنه ينزل ويروي عن عمرو بن دينار، وأخيه همام، وعمرو بن شعيب ؟ ؟، وفنج اليماني - ولا يدرى من فنج.
حدث عنه ولداه: عبد الله وعبد الرحمن، وعمرو بن دينار، وسماك بن الفضل، وعوف الاعرابي، وعاصم بن رجاء بن حيوة، ويزيد بن يزيد بن جابر، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وإسرائيل أبو موسى، وهمام بن نافع أبو عبد الرزاق، والمغيرة بن حكيم، والمنذر بن النعمان، وابن أخيه عقيل بن معقل، وابن أخيه عبد الصمد بن معقل، وسبطه إدريس بن سنان، وصالح ابن عبيد، وعبد الكريم بن حوران، وعبد الملك بن خلج، وداود بن قيس، وعمران بن هربذ أبو الهذيل، وعمران بن خالد الصنعانيون، وخلق سواهم.
وروايته للمسند قليلة، وإنما غزارة علمه في الاسرائيليات، ومن صحائف أهل الكتاب.
قال أحمد: كان من أبناء فارس، له شرف، قال: وكل من كان من أهل اليمن له " ذي " هو شريف، يقال: فلان له ذي، وفلان لا ذي له.قال العجلي: تابعي ثقة، كان على قضاء صنعاء.
وقال أبو زرعة والنسائي: ثقة.قال أحمد بن محمد بن الازهر: سمعت سلمة بن همام بن مسلمة بن همام يذكر عن آبائه: أن هماما ووهبا وعبد الله ومعقلا ومسلمة بنو منبه.
أصلهم من خراسان، من هراة، فمنبه من أهل هراة، خرج أيام كسرى،وكسرى أخرجه من هراة، ثم إنه أسلم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فحسن إسلامه.
ومسكنهم باليمن، وكان وهب بن منبه يختلف إلى هراة، ويتفقد أمر هراة .
حسان بن إبراهيم: حدثنا يحيى بن زبان ، أنبأنا عبد الله بن راشد، عن مولى لسعيد بن عبدالملك: سمعت خالد بن معدان يحدث عن عبادة بن الصامت، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " سيكون في أمتي رجلان: أحدهما يقال له وهب، يؤتيه الله الحكم، والآخر يقال له غيلان، هو أشد على أمتي من إبليس " .سئل ابن معين عن ابن زبان وشيخه فقال: لا أعرفهما.
الوليد بن مسلم، عن مروان بن سالم - واه - عن أحوص بن حكيم، عن خالد، عن عبادة مرفوعا، نحوه.وقال: " أضر على أمتي ".
وعن عبد الرزاق، عن أبيه، عن وهب قال: يقولون عبد الله بن سلام كان أعلم أهل زمانه، وإن كعبا أعلم أهل زمانه، أفرأيت من جمع علمهما، أهو أعلم أم هما ؟ إسنادها مظلم.
وعن كثير، أنه سار مع وهب، فباتوا بصعدة عند رجل، فخرجت بنت الرجل فرأت مصباحا، فاطلع صاحب المنزل فنظر إليه صافا قدميه في ضياء كأنه بياض الشمس، فقال الرجل: رأيتك الليلة في هيئة، وأخبره فقال: اكتم ما رأيت .
مسلم الزنجي: حدثني المثنى بن الصباح، قال: لبث وهب بن منبه أربعين سنة لم يسب شيئا فيه الروح، ولبث عشرين سنة لم يجعل بين العشاء والصبح وضوءا.
قال وقال وهب: لقد قرأت ثلاثين كتابا نزلت على ثلاثين نبيا .
جعفر بن سليمان، عن عبد الصمد بن معقل، قال: صحبت عمي وهبا أشهرا يصلي الغداة بوضوء العشاء .
وقال سلم بن ميمون الخواص، عن مسلم الزنجي، قال: لبث وهب ابن منبه أربعين سنة لا يرقد على فراش، وعشرين سنة لم يجعل بين العتمة والصبح وضوءا .
وروى عبد الرزاق بن همام، عن أبيه، قال: رأيت وهبا إذا قام في الوتر قال: لك الحمد السرمد، حمدا لا يحصيه العدد، ولا يقطعه الابد، كما ينبغي لك أن تحمد، وكما أنت له أهل، وكما هو لك علينا حق .وروى عبد المنعم بن إدريس، عن أبيه، قال: كان وهب يحفظ كلامه كل يوم، فإن سلم أفطر، وإلا طوى .
قال عبد الصمد بن معقل، قال الجعد بن درهم: ما كلمت عالما قط إلا غضب، وحل حبوته غير وهب .معمر، عن سماك بن الفضل، قال: كنا عند عروة بن محمد الامير،وإلى جنبه وهب، فجاء قوم فشكوا عاملهم، وذكروا منه شيئا قبيحا، فتناول وهب عصا كانت في يد عروة فضرب ها رأس العامل حتى سال الدم، فضحك عروة واستلقى وقال: يعيب علينا وهب الغضب وهو يغضب ! قال: ومالي لا أغضب وقد غضب الذي خلق الاحلام، يقول تعالى: (فلما آسفونا انتقمنا منهم) [ الزخرف: 55 ].
وروى إسماعيل بن عبد الكريم، عن عبد الصمد بن معقل، قيل لوهب: إنك يا أبا عبد الله كنت ترى الرؤيا، فتحدثنا بها فتكون حقا ! قال: هيهات، ذهب ذلك عني منذ وليت القضاء .
وعن وهب: الدراهم خواتيم الله في الارض، فمن ذهب بخاتم الله قضيت حاجته .
ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: دخلت على وهب داره بصنعاء، فأطعمني من جوزة في داره، فقلت له: وددت أنك لم تكن كتبت في القدر كتابا، فقال.وأنا والله .
أحمد، عن عبد الرزاق: سمعت أبي يقول: حج عامة الفقهاء سنة مئة، فحج وهب، فلما صلوا العشاء، أتاه نفر فيهم عطاء والحسن، وهم يريدون أن يذاكروه القدر، قال: فافتن في باب من الحمد، فما زال فيه حتى طلع الفجر، فافترقوا ولم يسألوه عن شئ.قال أحمد: اتهم بشئ منه ورجع.وقال العجلي: رجع.
حماد بن سلمة، عن أبي سنان عيسى بن سنان: سمعت وهبا يقول: كنت أقول بالقدر حتى قرأت بضعة وسبعين كتابا من كتب الانبياء، في كلها: من جعل إلى نفسه شيئا من المشيئة فقد كفر، فتركت قولي .
أبو أسامة، عن أبي سنان سمعت وهبا يقول لعطاء الخراساني: كان العلماء قبلنا قد استغنوا بعلمهم عن دنيا غيرهم، فكانوا لا يلتفتون إليها، وكان أهل الدنيا يبذلون دنياهم في علمهم، فأصبح أهل العلم يبذلون لاهل الدنيا علمهم رغبة في دنياهم، وأصبح أهل الدنيا قد زهدوا في علمهم لما رأوا من سوء موضعه عندهم .
وعنه، قال: احفظوا عني ثلاثا: إياكم وهوى متبعا، وقرين سوء، وإعجاب المرء بنفسه .
وعنه: دع المراء والجدل، فإنه لن يعجز أحد رجلين: رجل هو أعلم منك، فكيف تعادي وتجادل من هو أعلم منك ؟ ! ورجل أنت أعلم منه،فكيف تعادي وتجادل من أنت أعلم منه ولا يطيعك ؟ ! أبو عاصم النبيل: حدثني أبو سلام، عن وهب بن منبه، قال: العلم خليل المؤمن، والحلم وزيره، والعقل دليله، والعمل قيمه، والصبر أمير جنوده، والرفق أبوه، واللين أخوه .
وعن وهب: المؤمن ينظر ليعلم، ويتكلم ليفهم، ويسكت ليسلم، ويخلو ليغنم .
الايمان عريان، ولباسه التقوى، وزينته الحياء، وماله الفقه .
ثلاث من كن فيه أصاب البر: السخاء، والصبر على الاذى، وطيب الكلام .
أبو اليمان، عن عباس بن يزيد، قال: قال وهب بن منبه: استكثر من الاخوان ما استطعت، فإن استغنيت عنهم لم يضروك، وإن احتجت إليهم نفعوك .
وعن وهب: إذا سمعت من يمدحك بما ليس فيك، فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك .
ابن المبارك، عن وهيب بن الورد، قال: جاء رجل إلى وهب بن منبه فقال: قد حدثت نفسي أن لا أخالط الناس، قال: لا تفعل، إنه لا بد لك من الناس، ولا بد لهم منك، ولهم إليك حوائج ولك نحوها، ولكن كن فيهم أصم سميعا، أعمى بصيرا، سكوتا نطوقا.
أخبرنا إسحاق بن أبي بكر، أنبأنا ابن خليل، أنبأنا أحمد بن محمد، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا ابن حيان ، حدثنا محمد بن عبد الله بن رسته، حدثنا بشر بن هلال، حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي سنان، قال: اجتمع وهب وعطاء الخراساني، فقال له عطاء: يا أبا عبد الله، ما هذا الذي فشا عنك في القدر ؟ فقال: ما تكلمت في القدر بشئ، ولا أعرف هذا، قرأت نيفا وتسعين كتابا من كتب الله، منها سبعون ظاهرة في الكنائس، ومنها عشرون لا يعلمها إلا القليل، فوجدت فيها كلها: أن من وكل إلى نفسه شيئا من المشيئة، فقد كفر .
وبه، إلى أبي نعيم: حدثنا أبو حامد، حدثنا السراج، حدثنا إسحاق ابن منصور، حدثنا عبد الرزاق، أخبرني أبي، سمعت وهبا يقول: ربما صليت الصبح بوضوء العتمة .
وعن وهب قال: كان نوح عليه السلام من أجمل أهل زمانه، وكان يلبس البرقع، فأصابتهم مجاعة في السفينة، فكان نوح إذا تجلى لهم بوجهه شبعوا .
وعن وهب، أن عيسى عليه السلام قال للحواريين: أشدكم جزعا على المصيبة، أشدكم حبا للدنيا .
وعن وهب قال: المؤمن يخالط ليعلم، ويسكت ليسلم، ويتكلم ليفهم، ويخلو ليغنم .
وعنه، قرأت في بعض الكتب: ابن آدم، لا خير لك في أن تعلم ما لم تعلم ولم تعمل بما علمت، فإن مثل ذلك كرجل احتطب حطبا فحزم حزمة، فذهب يحملها فعجز عنها، فضم إليها أخرى .
أنبأنا أحمد بن سلامة، عن أبي المكارم اللبان، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا محمد بن الحسن بن كيسان، حدثنا أبو حذيفة، حدثنا سفيان، عن أبي موسى اليماني ، عن وهب بن منبه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن " أبو موسى مجهول .
مبارك بن سعيد الثوري [ عن سفيان ]، عن جعفر بن برقان، قال وهب: طوبى لمن شغله عيبه عن عيب أخيه، طوبى لمن تواضع لله من غير مسكنة،
طوبى لمن تصدق من مال جمعة من غير معصية، طوبى لاهل الضر وأهل المسكنة، طوبى لمن جالس أهل العلم والحلم، طوبى لمن اقتدى بأهل العلم والحلم والخشية، طوبى لمن وسعته السنة فلم يعدها .عن وهب: الاحمق إذا تكلم فضحه حمقه، وإذا سكت فضحه عيه، وإذا عمل أفسد، وإذا ترك أضاع، لا علمه يعينه،، ولا علم غيره ينفعه، تود أمه أنها ثكلته، وامرأته لو عدمته، ويتمنى جاره منه الوحدة، ويجد جليسه منه الوحشة.
علي بن المديني : حدثنا هشام بن يوسف، أخبرني داود بن قيس، قال: كان لي صديق يقال له أبو شمر ذو خولان، فخرجت من صنعاء أريد قريته، فلما دنوت منها وجدت كتابا مختوما إلى أبي شمر، فجئته فوجدته مهموما حزينا، فسألته عن ذلك فقال: قدم رسول من صنعاء، فذكر أن
أصدقاء لي كتبوا لي كتابا فضيعه الرسول، قلت: فهذا الكتاب، فقال: الحمد لله، ففضه فقرأه، فقلت: أقرئنيه، فقال: إني لاستحدث سنك، قلت: فما فيه ؟ قال: ضرب الرقاب.
قلت: لعله كتبه إليك ناس حرورية في زكاة مالك، قال: من أين تعرفهم ؟ قلت: إني وأصحابا لي نجالس وهب بن منبه، فيقول لنا: احذروا أيها الاحداث الاغمار هؤلاء الحر وراء لا يدخلونكم في رأيهم المخالف، فإنهم عرة لهذه الامة، فدفع إلي الكتاب فقرأته فإذا فيه: سلام عليك، فإنا نحمد إليك الله، ونوصيك بتقواه، فإن دين الله رشد وهدى، وإن دين الله طاعة الله ومخالفة من خالف سنة نبيه، فإذا جاءك كتابنا، فانظر أن تؤدي - إن شاء الله - ما افترض الله عليك من حقه، تستحق بذلك ولاية الله، وولاية أوليائه والسلام.
قلت له: فإني أنهاك عنهم، قال: فكيف أتبع قولك وأترك قول من هو أقدم منك ؟ قلت: فتحب أن أدخلك على وهب حتى تسمع قوله ؟ قال: نعم.
فنزلنا إلى صنعاء، فأدخلته على وهب - ومسعود بن عوف وال على اليمن من قبل عروة بن محمد - فوجدنا عند وهب - نفرا، فقال لي بعض النفر: من هذا الشيخ ؟ قلت: له حاجة، فقام القوم، فقال وهب: ما حاجتك يا ذا خولان ؟ فهرج وجبن، فقال لي وهب: عبر عنه، قلت: إنه من أهل القرآن والصلاح، والله أعلم بسريرته، فأخبرني أنه عرض له نفر من أهل حروراء فقالوا له: زكاتك التي تؤديها إلى الامراء لا تجزئ عنك، لانهم لايضعونها في مواضعها فأدها إلينا، ورأيت يا أبا عبد الله أن كلامك أشفى له من كلامي، فقال: يا ذا خولان، أتريد أن تكون بعد الكبر حروريا تشهد على من هو خير منك بالضلالة ؟ فماذا أنت قائل لله غدا حين يقفك ؟ ؟ الله ؟ ومن شهدت عليه، فالله يشهد له بالايمان، وأنت تشهد عليه بالكفر، والله يشهد له بالهدى، وأنت تشهد عليه بالضلالة، فأين تقع إذا خالف رأيك أمر الله، وشهادتك شهادة الله ؟ أخبرني يا ذا خولان، ماذا يقولون لك ؟ فتكلم عند ذلك وقال لوهب: إنهم يأمرونني أن لا أتصدق إلا على من يرى رأيهم ولا أستغفر إلا له، فقال: صدقت، هذه محنتهم الكاذبة، فأما قولهم في الصدقة، فإنه قد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن امرأة من أهل اليمن دخلت النار في هرة ربطتها ، أفإنسان ممن يعبد الله يوحده ولا يشرك به أحب إلى الله أن يطعمه من جوع، أو هرة ! ؟ والله يقول: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) [ الانسان: 8 ] الآيات.
وأما قولهم لا يستغفر إلا لمن يرى رأيهم، أهم خير أم الملائكة، والله يقول: (ويستغفرون لمن في الارض) [ الشورى: 5 ] فوالله ما فعلت الملائكة ذلك حتى أمروا به: (لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) [ الانبياء: 27 ] وجاء ميسرا: (ويستغفرون للذين آمنوا) [ غافر: 7 ].
يا ذا خولان إني قد أدركت صدر الاسلام، فوالله ما كانت الخوارج جماعة قط إلا فرقها الله على شر حالاتهم، وما أظهر أحد منهم قوله إلا ضرب الله عنقه، ولو مكن الله لهم من رأيهم لفسدت الارض، وقطعت السبل والحج، ولعاد أمر الاسلام جاهلية، وإذا لقام جماعة، كل منهم يدعو إلى نفسه الخلافة، مع كل واحد منهم أكثر من عشرة آلاف، يقاتل بعضهم بعضا ويشهد بعضهم على بعض بالكفر، حتى يصبح المؤمن خائفا على نفسه ودينه ودمه وأهله وماله، لا يدري مع من يكون، قال تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض) [ البقرة: 251 ] وقال: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا) [ غافر: 51 ] فلو كانوا مؤمنين لنصروا، وقال: (وإن جندنا لهم الغالبون) [ الصافات: 173 ] ألا يسعك يا ذا خولان من أهل القبلة ما وسع نوحا من عبدة الاصنام، إذ قال له قومه: (أنؤمن لك واتبعك الارذلون) [ الشعراء: 111 ] إلى أن قال: فقال ذو خولان: فما تأمرني ؟ قال: انظر زكاتك فأدها إلى من ولاه الله أمر هذه الامة، وجمعهم عليه، فإن الملك من الله وحده وبيده، يؤتيه من يشاء، فإذا أديتها إلى والي الامر برئت منها، وإن كان فضل فصل به أرحامك ومواليك وجيرانك والضيف، فقال: اشهد أني نزلت عن رأي الحرورية .
وفي " العقل " لابن المحبر ذكر صفات حميدة للعاقل نحو من ستين سطرا فيها مئة خصلة.
وعن وهب قال: احتمال الذل خير من انتصار يزيد صاحبه قمأة .
وقد امتحن وهب وحبس وضرب، فروى حبان بن زهير العدوي، قال:حدثني أبو الصيداء صالح بن طريف، قال: لما قدم يوسف بن عمر العراق بكيت وقلت: هذا الذي ضرب وهب بن منبه حتى قتله.يعني لما ولي إمرة اليمن، ثم نقله الخليفة هشام إلى إمرة العراق، وكان جبارا عنيدا، مهيبا، كان سماطه بالعراق فيما حكى المدائني كل يوم خمس [ مئة ] مائدة، أبعد الموائد وأقربها سواء في الجودة.
ثم إنه عزل عن العراق عند مقتل الوليد الفاسق، ثم ضربت عنقه والله الحمد في سنة سبع وعشرين ومئة قلت: لا شئ في " الصحيحين " لوهب بن منبه سوى حديث واحد أنبأناه ابن قدامة، أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا ابن مالك، حدثنا عبد الله، حدثني أبي، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن ابن منبه، عن أخيه، سمعت أبا هريرة يقول: ليس أحد أكثر حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب، وكنت لا أكتب.
قال الواقدي: وكاتبه ، وشباب، وأبو عبيد، وعبد المنعم بن إدريس: مات سنة عشر ومئة.
وقال والد عبد الرزاق، وعبد الصمد بن معقل، ومعاوية بن صالح: مات سنة أربع عشرة ومئة.
زاد عبد الصمد في المحرم.
وقيل: مات في ذي الحجة سنة ثلاث عشرة.
 
الحسن البصري :هو الحسن بن أبي الحسن يسار، أبو سعيد، مولى زيد بن ثابت الانصاري، ويقال مولى أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي، قاله عبد السلام ابن مطهر، عن غاضرة بن قرهد العوفي، ثم قال: وكانت أم الحسن مولاة لام سلمة أم المؤمنين المخزومية، ويقال: كان مولى جميل بن قطبة .ويسار أبوه من سبي ميسان .
سكن المدينة، وأعتق، وتزوج بها في خلافة عمر، فولد له بها الحسن رحمة الله عليه لسنتين بقيتا من خلافة عمر واسم أمه خيرة، ثم نشأ الحسن بوادي القرى، وحضر الجمعة مع عثمان، وسمعه يخطب، وشهد يوم الدار وله يومئذ أربع عشرة سنة.
قال حجاج بن نصير: سبيت أم الحسن البصري من ميسان وهي حامل به، وولدته بالمدينة.
وقال سويد بن سعيد: حدثني أبو كرب، قال: كان الحسن وابن سيرين موليين لعبد الله بن رواحة، وقدما البصرة مع أنس.قلت: القولان شاذان .
قال محمد بن سلام: حدثنا أبو عمرو الشعاب بإسناد له قال: كانت أم سلمة تبعث أم الحسن في الحاجة فيبكي وهو طفل فتسكته أم سلمة بثديها وتخرجه إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير، وكانت أمه منقطعة إليها، فكانوا يدعون له، فأخرجته إلى عمر فدعا له وقال: اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس.قلت: إسنادها مرسل.يونس، عن الحسن، عن أمه، أنها كانت ترضع لام سلمة.قال المدائني: قال الحسن: كان أبي وأمي لرجل من بني النجار، فتزوج امرأة من بني سلمة، فساق أبي وأمي في مهرها فأعتقتنا السلمية .
يونس، عن الحسن، قال لي الحجاج: ما أمدك يا حسن ؟ قلت: سنتان من خلافة عمر .
وكان سيد أهل زمانه علما وعملا.قال معتمر بن سليمان: كان أبي يقول: الحسن شيخ أهل البصرة.وروي أن ثدي أم سلمة در عليه ورضعها غير مرة .رأى عثمان، وطلحة، والكبار.
وروى عن عمران بن حصين، والمغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن بن سمرة، وسمرة بن جندب، وأبي بكرة الثقفي، والنعمان بن بشير، وجابر، وجندب البجلي، وابن عباس، وعمرو بن تغلب، ومعقل بن يسار، والاسود ابن سريع، وأنس، وخلق من الصحابة.
وقرأ القرآن على حطان بن عبد الله الرقاشي، وروى عن خلق من التابعين.
وعنه أيوب وشيبان النحوي، ويونس بن عبيد، وابن عون، وحميد الطويل، وثابت البناني، ومالك بن دينار، وهشام بن حسان، وجرير بن حازم، والربيع بن صبيح، ويزيد بن إبراهيم التستري، ومبارك بن فضالة، وأبان بن يزيد العطار، وقرة بن خالد، وحزم القطعي، وسلام بن مسكين، وشميط بن عجلان، وصالح أبو عامر الخزاز، وعباد بن راشد، وأبو حريز عبد الله بن حسين قاضي سجستان، ومعاوية بن عبد الكريم الضال ، وواصل أبو حرة الرقاشي، وهشام بن زياد، وشبيب بن شيبة، وأشعث بن براز، وأشعث بن جابر الحداني، وأشعث بن عبدالملك الحمراني، وأشعث بن سوار، وأبو الاشهب، وأمم سواهم.
وقد روى بالارسال عن طائفة: كعلي، وأم سلمة، ولم يسمع منهما، ولا من أبي موسى، ولا من ابن سريع، ولا من عبد الله بن عمرو، ولا من عمرو بن تغلب، ولا من عمران، ولا من أبي برزة، ولا من أسامة بن زيد، ولا من ابن عباس، ولا من عقبة بن عامر ولا من أبي ثعلبة، ولا من أبي بكرة، ولا من أبي هريرة، ولا من جابر، ولا من أبي سعيد.قاله يحيى بن معين.
وقال البخاري: لم يعرف للحسن سماع من دغفل.وقال غيره: لم يسمع من سلمة بن المحبق ، ولا من العباس، ولا من أبي.قال يعقوب بن شيبة: قلت لابن المديني: يقال عن الحسن: أخذت
بحجزة سبعين بدريا، فقال: هذا باطل، أحصيت أهل بدر الذين يروى عنهم فلم يبلغوا خمسين، منهم من المهاجرين أربعة وعشرون.وقال شعيب بن الحبحاب، عنه: رأيت عثمان يصب عليه من إبريق .وقال يحيى القطان: أحاديثه عن سمرة، سمعنا أنها كتاب .قال الذهبي: قد صح سماعه في حديث العقيقة ، وفي حديث النهي عن المثلة من سمرة .وقال قتادة: ما شافه الحسن بدريا بحديث .قال يحيى القطان في أحاديث سمرة رواية الحسن: سمعنا أنها من كتاب معن القزاز .
حدثنا محمد بن عمرو: سمعت الحسن يقول: سمعت أبا هريرة يقول: الوضوء مما غيرت النار.
فقال الحسن: لا أدعه أبدا .
مسلم: حدثنا أبو هلال، سمعت الحسن يقول: كان [ موسى نبي الله، صلى الله عليه وسلم ] لا يغتسل إلا مستترا، فقال له ابن بريدة: ممن سمعت هذا ؟ قال: من أبي هريرة .
قال يونس وعلي بن جدعان: لم يسمع الحسن من أبي هريرة .
همام، عن قتادة، عن الحسن: سمعت عثمان رضي الله عنه يقول في خطبته، أراه قال: اقتلوا الكلاب والحمام.شعيب بن الحبحاب، عن الحسن: شهدت عثمان جمعا تباعا يأمر بذبح الحمام وقتل الكلاب.عفان: حدثنا مبارك بن فضالة، واخر، عن الحسن بمثله.بهز بن أسد: حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن يونس، عن الحسن، قال: رأيت عثمان نائما في المسجد، حتى جاءه المؤذن فقام، فرأيت أثر الحصى على جنبه.حماد بن زيد، عن أيوب: سمعت الحسن يقول: خرج علينا عثمان،فكان بينهم تخليط، فتراموا بالحصباء.
وعن أبي موسى، عن الحسن، قال: شهدت عثمان يوم الجمعة قام يخطب، فقام إليه رجل فقال: أنشدك كتاب الله، فقال عثمان: اجلس، أما لكتاب الله منشد غيرك ! قال: فجلس ثم قام، أو قام رجل غيره فقال مثل مقالته، فقال له: اجلس، أما لكتاب الله منشد غيرك، فأبى أن يجلس، فبعث إليه الشرط ليجلسوه، فقام الناس فحالوا بينهم وبينه، ثم تراموا بالبطحاء حتى يقول القائل: ما أكاد أرى السماء من البطحاءفنزل عن منبره ودخل داره، ولم يصل الجمعة يومئذ.
مسلم: حدثنا أبو عقيل، حدثنا الحسن، قال: خرج عثمان فقام يخطب، فذكر بعض حديث أبي موسى.
سليم بن أخضر، عن ابن عون: أنبأنا الحسن، قال: كان عثمان يوما يخطب، فقام رجل فقال: إنا نسألك كتاب الله، ثم ذكر نحوه.
فحصبوه، فحصبوا الذين حصبوه، ثم تحاصب القوم والله، فأنزل الشيخ يهادى بين رجلين، ما كاد أن يقيم عنقه حتى أدخل الدار، فقال: لو جئتم بأم المؤمنين عسى أن يكفوا عنه، قال: فجاؤوا بأم حبيبة بنت أبي سفيان، فنظرت إليها وهي على بغلة بيضاء في محفة ، فلما جاؤوا بها إلى الدار، صرفوا وجه البغلة حتى ردوها.حريث بن السائب: حدثنا الحسن، قال: كنت أدخل بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان أتناول سقفها بيدي وأنا غلام محتلم يومئذ .
ضمرة، عن ابن شوذب، قال: قال الحسن: كنت يوم قتل عثمان ابن أربع عشرة سنة، ثم قال الحسن: لولا النسيان كان العلم كثيرا.
حماد بن زيد، عن أيوب، عن الحسن، قال: دخلت على عثمان بن أبي العاص.
جرير بن حازم: حدثنا الحسن، حدثنا عمرو بن تغلب مرفوعا: " تقاتلون قوما ينتعلون الشعر ".
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، ويوسف بن أحمد، قالا: أنبأناموسى بن عبد القادر، أنبأنا سعيد بن البناء، أنبأنا أبو القاسم بن البسري، أنبأنا أبو طاهر المخلص، حدثنا أبو القاسم البغوي، حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا مبارك بن فضالة، حدثنا الحسن، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة، يسند ظهره إليها، فلما كثر الناس، قال: " ابنوا لي منبرا له عتبتان " فلما قام على المنبر يخطب حنت الخشبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.قال: وأنا في المسجد، فسمعت الخشبة تحن حنين الواله، فما زالت تحن حتى نزل إليها، فاحتضنها فسكنت.
وكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم قال: يا عباد الله، الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إليه، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه.
هذا حديث حسن غريب ، ما وقع لي من رواية الحسن أعلى منه
سوى حديث آخر سأسوقه: أخبرنا أحمد بن إسحاق الهمذاني، أنبأنا الفتح بن عبد الله بن محمد الكاتب، أنبأنا الارموي ومحمد الطرائفي، وأبو غالب بن الداية، قالوا: أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة، أنبأنا أبو الفضل عبيدالله بن عبدالرحمن الزهري، أنبأنا جعفر بن محمد الفريابي، حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا مبارك بن فضالة، حدثنا الحسن في هذه الآية: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه)
[ الجاثية: 23 ] قال: هو المنافق لا يهوى شيئا إلا ركبه.
أخبرنا محمد بن عبد الوهاب بن الحباب الكاتب، أنبأنا علي بن مختار، أنبأنا أبو طاهر السلفي، أنبأنا القاسم بن الفضل، وأنبأنا إسماعيل بن الفراء، أنبأنا أبو محمد بن قدامة، أخبرتنا شهدة الابرية وتجني الوهبانية قالتا: أخبرنا طراد الزينبي قال: حدثنا هلال بن محمد الحفار، أنبأنا الحسين بن يحيى القطان، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا حزم القطعي، سمعت الحسن يقول: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " رحم الله عبدا تكلم فغنم، أو سكت فسلم " .
وبه، حدثنا حزم، قال: رأيت الحسن قدم مكة فقام خلف المقام فصلى، فجاء عطاء وطاووس ومجاهد، وعمرو بن شعيب، فجلسوا إليه.هذا أعلى ما يقع لنا عن الحسن البصري رحمه الله.
قال أحمد بن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: لم يسمع الحسن من أبي هريرة، قيل له: ففي بعض الحديث: حدثنا أبو هريرة.قال: ليس بشئ.
موسى بن إسماعيل: حدثنا ربيعة بن كلثوم، عن الحسن، قال: نبأنا أبو هريرة، قال: عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا: الغسل يوم الجمعة، والوتر قبل أن أنام، وصيام ثلاثة من كل شهر .
ربيعة صدوق، خرج له مسلم.
الوليد بن مسلم، عن سالم الخياط: سمعت الحسن وابن سيرين يقولان: سمعنا أبا هريرة، فذكر حديثا.سالم واه، والحسن مع جلالته فهو مدلس، ومراسيله ليست بذاك، ولم يطلب الحديث في صباه، وكان كثير الجهاد، وصار كاتبا لامير خراسان الربيع ابن زياد.
وقال سليمان التيمي: كان الحسن يغزو، وكان مفتي البصرة جابر بن زيد أبو الشعثاء، ثم جاء الحسن فكان يفتي.
قال محمد بن سعد : كان الحسن رحمه الله جامعا، عالما، رفيعا، فقيها، ثقة، حجة، مأمونا، عابدا، ناسكا، كثير العلم، فصيحا، جميلا، وسيما.وما أرسله فليس بحجة.
الاصمعي عن أبيه، قال: ما رأيت زندا أعرض من زند الحسن البصري، كان عرضه شبرا.
قلت: كان رجلا تام الشكل، مليح الصورة، بهيا، وكان من الشجعان الموصوفين.
ضمرة بن ربيعة، عن الاصبغ بن زيد: سمع العوام بن حوشب، قال: ما أشبه الحسن إلا بنبي.
وعن أبي بردة، قال: ما رأيت أحدا أشبه بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم منه .
حميد بن هلال: قال لنا أبو قتادة: الزموا هذا الشيخ، فما رأيت أحدا أشبه رأيا بعمر منه - يعني الحسن .وعن أنس بن مالك، قال: سلوا الحسن، فإنه حفظ ونسينا.
وقال مطر الوراق: لما ظهر الحسن جاء كأنما كان في الآخرة، فهو يخبر عما عاين .
مجالد، عن الشعبي قال: ما رأيت الذي كان أسود من الحسن.عن أمة الحكم، قالت: كان الحسن يجئ إلى حطان الرقاشي، فمارأيت شابا قط كان أحسن وجها منه.
وعن جرثومة ، قال: رأيت الحسن يصفر لحيته في كل جمعة.أبو هلال: رأيت الحسن يغير بالصفرة.وقال عارم ؟ ؟: حدثنا حماد بن سلمة، قال: رأيت الحسن يصفر لحيته.
وقال قتادة: ما جمعت علم الحسن إلى أحد من العلماء إلا وجدت له فضلا عليه، غير أنه إذا أشكل عليه شئ، كتب فيه إلى سعيد بن المسيب يسأله، وما جالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن.قال أيوب السختياني: كان الرجل يجلس إلى الحسن ثلاث حجج ما يسأله عن المسألة هيبة له.وقال معاذ بن معاذ: قلت للاشعث: قد لقيت عطاء وعندك مسائل، أفلا سألته ؟ ! قال: ما لقيت أحدا بعد الحسن إلا صغر في عيني.وقال أبو هلال: كنت عند قتادة، فجاء الخبر.
بموت الحسن، فقلت:
لقد كان غمس في العلم غمسة، قال قتادة: بل نبت فيه وتحقبه وتشربه، والله لا يبغضه إلا حروري .
محمد بن سلام الجمحي، عن همام، عن قتادة، قال: يقال: ما خلت الارض قط من سبعة رهط، بهم يسقون، وبهم يدفع عنهم، وإني لارجو أن يكون الحسن أحد السبعة.
قال قتادة: ما كان أحد أكمل مروءة من الحسن.وقال حميد ويونس: ما رأينا أحدا أكمل مروءة من الحسن.وعن علي بن زيد، قال: سمعت من ابن المسيب، وعروة، والقاسم وغيرهم، ما رأيت مثل الحسن، ولو أدرك الصحابة وله مثل أسنانهم ما تقدموه .
حماد بن زيد، عن حجاج بن أرطاة: سألت عطاء عن القراءة على الجنازة، قال: ما سمعنا ولا علمنا أنه يقرأ عليها، قلت: إن الحسن يقول: يقرأ عليها : قال عطاء: عليك بذاك، ذاك إمام ضخم يقتدى به.وقال يونس بن عبيد: أما أنا فإني لم أر أحدا أقرب قولا من فعل من الحسن .
أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، قال: اختلفت إلى الحسن
عشر سنين أو ما شاء الله، فليس من يوم إلا أسمع منه ما لم أسمع قبل ذلك.
مسلم بن إبراهيم: حدثنا سلام بن مسكين: رأيت على الحسن قباء مثل الذهب يتألق.
وقال ابن علية: عن يونس: كان الحسن يلبس في الشتاء قباء حبرة، وطيلسانا كرديا، وعمامة سوداء، وفي الصيف إزار كتان، وقميصا وبردا حبرة.وروى حوشب، عن الحسن، قال: المؤمن يداري دينه بالثياب.يونس، عن الحسن، أنه كان من رؤوس العلماء في الفتن والدماء والفروج.
وقال عوف: ما رأيت رجلا أعلم بطريق الجنة من الحسن .
حمادبن زيد، عن يزيد بن حازم، قال: قام الحسن من الجامع، فاتبعه ناس، فالتفت إليهم وقال: إن خفق النعال حول الرجال قلما يلبث الحمقى .وروى حوشب عن الحسن، قال: يا ابن آدم، والله إن قرأت القرآن ثم آمنت به، ليطولن في الدنيا حزنك، وليشتدن في الدنيا خوفك، وليكثرن في الدنيا بكاؤك .وقال إبراهيم بن عيسى اليشكري: ما رأيت أحدا أطول حزنا من الحسن، ما رأيته إلا حسبته حديث عهد بمصيبة .
الثوري، عن عمران القصير ؟ ؟، قال: سألت الحسن عن شئ فقلت: إن الفقهاء يقولون كذا وكذا، فقال: وهل رأيت فقيها بعينك ! إنما الفقيه: الزاهد
في الدنيا، البصير بدينه ، المداوم على عبادة ربه .عبد الصمد بن عبد الوارث: حدثنا محمد بن ذكوان، حدثنا خالد بن صفوان، قال: لقيت مسلمة بن عبدالملك فقال: يا خالد، أخبرني عن حسن أهل البصرة ؟ قلت: أصلحك الله، أخبرك عنه بعلم، أنا جاره إلى جنبه، وجليسه في مجلسه، وأعلم من قبلي به: أشبه الناس سريرة بعلانية، وأشبهه قولا بفعل، إن قعد على أمر قام به، وإن قام على أمر قعد عليه، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به، وإن نهى عن شئ كان أترك الناس له، رأيته مستغنيا عن الناس، ورأيت الناس محتاجين إليه، قال: حسبك، كيف يضل قوم هذا فيهم.
هشام بن حسان: سمعت الحسن يحلف بالله، ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله .
وقال حزم بن أبي حزم: سمعت الحسن يقول: بئس الرفيقان، الدينار والدرهم، لا ينفعانك حتى يفارقاك.وقال أبو زرعة الرازي: كل شئ، قال الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجدت له أصلا ثابتا ما خلا أربعة أحاديث.روح بن عبادة: حدثنا حجاج الاسود، قال: تمنى رجل فقال: ليتني بزهد الحسن، وورع ابن سيرين، وعبادة عامر بن عبد قيس، وفقه سعيد بن المسيب، وذكر مطرف بن الشخير بشئ، قال: فنظروا في ذلك، فوجدوه كله كاملا في الحسن .
عيسى بن يونس، عن الفضيل أبي محمد: سمعت الحسن يقول: أنا يوم الدار ابن أربع عشرة سنة، جمعت القرآن، أنظر إلى طلحة بن عبيدالله.الفضيل: لايعرف.
يعقوب الفسوي: سمعت أبا سلمة التبوذكي يقول: حفظت عن الحسن ثمانية آلاف مسألة.
وقال حماد بن سلمة: أنبأنا علي بن زيد، قال: رأيت سعيد بن المسيب، وعروة، والقاسم في آخرين، ما رأيت مثل الحسن.
وقال جرير بن حازم، عن حميد بن هلال، قال لنا أبو قتادة: ما رأيت أحدا أشبه رأيا بعمر بن الخطاب منه - يعني الحسن .
ابن المبارك، عن معمر، عن قتادة، قال: دخلنا على الحسن وهو نائم، وعند رأسه سلة، فجذبناها فإذا خبز وفاكهة، فجعلنا نأكل، فانتبه فرآنا، فسره، فتبسم وهو يقرأ: (أو صديقكم) لا جناح عليكم .
حماد بن زيد: سمعت أيوب يقول: كان الحسن يتكلم بكلام كأنه الدر، فتكلم قوم من بعده بكلام يخرج من أفواههم كأنه القئ.وقال السري بن يحيى: كان الحسن يصوم البيض، وأشهر الحرم،
والاثنين والخميس.
يونس بن عبيد، عن الحسن، قال: كنا نعاري أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
غالب القطان، عن بكر بن عبد الله المزني، قال: من سره أن ينظر إلى أفقه من رأينا، فلينظر إلى الحسن.وقال قتادة: كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام .
روى أبو عبيد الآجري، عن أبي داود، قال: لم يحج الحسن إلا حجتين، وكان يكون بخراسان ! وكان يرافق مثل قطري بن الفجاءة، والمهلب ابن أبي صفرة، وكان من الشجعان.
قال هشام بن حسان: كان الحسن أشجع أهل زمانه.
وقال أبو عمرو بن العلاء: ما رأيت أفصح من الحسن والحجاج.
فضيل بن عياض، عن رجل، عن الحسن، قال: ما حليت الجنة لامة ما حليت لهذه الامة، ثم لا ترى لها عاشقا.
سلام بن مسكين، عن الحسن، قال: أهينوا الدنيا، فوالله لاهنأ ما تكون إذا أهنتها .
وقال جعفر بن سليمان: كان الحسن من أشد الناس، وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقدمه .
وقال أبو سعيد بن الاعرابي في " طبقات النساك ": كان عامة من ذكرنا من النساك يأتون الحسن، ويسمعون كلامه، ويذعنون له بالفقه، في هذه المعاني خاصة، وكان عمرو بن عبيد، وعبد الواحد بن زيد من الملازمين له، وكان له مجلس خاص في منزله، لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن، فإن سأله إنسان غيرها، تبرم به وقال: إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر.
فأما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث، والفقه، وعلم القرآن، واللغة، وسائر العلوم، وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب، وكان منهم من يصحبه للحديث، ومنهم من يصحبه للقرآن والبيان، ومنهم من يصحبه للبلاغة، ومنهم من يصحبه للاخلاص وعلم الخصوص، كعمرو بن عبيد ، وأبي جهير، وعبد الواحد بن زيد، وصالح المري، وشميط، وأبي عبيدة الناجي، وكل واحد من هؤلاء اشتهر بحال - يعني في العبادة.
حماد بن زيد، عن أيوب، قال: كذب على الحسن سربان من الناس: قوم القدر رأيهم لينفقوه في الناس بالحسن، وقوم في صدورهم شنآن وبغض للحسن.
وأنا نازلته غير مرة في القدر حتى خوفته بالسلطان، فقال: لا أعود فيه بعد اليوم.
فلا أعلم أحدا يستطيع أن يعيب الحسن إلا به، وقد أدركت الحسن - والله - وما يقوله .
قال الحمادان، عن يونس قال: ما استخف الحسن شئ ما استخفه القدر .
حماد بن زيد، أن أيوب وحميدا خوفا الحسن بالسلطان، فقال لهما: ولا تريان ذاك ؟ قالا: لا.
قال: لا أعود.قال حماد: لا أعلم أحدا يستطيع أن يعيب الحسن إلا به.
وروى أبو معشر، عن إبراهيم، أن الحسن تكلم في القدر.رواه مغيرة ابن مقسم، عنه.
وقال سليمان التيمي: رجع الحسن عن قوله في القدر.
حماد بن سلمة، عن حميد، سمعت الحسن يقول: خلق الله الشيطان، وخلق الخير، وخلق الشر.
فقال رجل: قاتلهم الله، يكذبون على هذا الشيخ.
أبو الأشهب: سمعت الحسن يقول في قوله: (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) [ سبأ: 54 ] قال: حيل بينهم وبين الايمان.وقال حماد، عن حميد، قال: قرأت القرآن كله على الحسن، ففسره
لي أجمع على الاثبات، فسألته عن قوله: (كذلك سلكناه في قلوب المجرمين) [ الشعراء: 200 ] قال: الشرك سلكه الله في قلوبهم.
حمادبن زيد، عن خالد الحذاء، قال: سأل الرجل الحسن فقال: (ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك) [ هود: 118 و 119 ] ؟ قال: أهل رحمته لا يختلفون، ولذلك خلقهم، خلق هؤلاء لجنته، وخلق هؤلاء لناره، فقلت: يا أبا سعيد، آدم خلق للسماء أم للارض ؟ قال: للارض خلق، قلت: أرأيت لو اعتصم فلم يأكل من الشجرة ؟ قال: لم يكن بد من أن يأكل منها لانه خلق للارض، فقلت: (ما أنتم عليه بفاتنين * إلا من هو صال الجحيم) [ الصافات: 162 و 163 ] ؟ قال: نعم، الشياطين لا يضلون إلا من أحب الله له أن يصلى الجحيم .
أبو هلال محمد بن سليم: دخلت على الحسن يوم الجمعة ولم يكن جمع، فقلت: يا أبا سعيد، أما جمعت ؟ قال: أردت ذلك، ولكن منعني قضاء الله .منصور بن زاذان: سألنا الحسن عن القرآن، ففسره كله على الاثبات.ضمرة بن ربيعة، عن رجاء، عن ابن عون، عن الحسن، قال: من كذب بالقدر فقد كفر.حماد بن زيد، عن ابن عون، قال: لما ولي الحسن القضاء كلمني رجل أن أكلمه في مال يتيم يدفع إليه ويضمه، فكلمته فقال: أتعرف الرجل ؟قلت: نعم، قال: فدفعه إليه.
رجاء بن سلمة، عن ابن عون، عن ابن سيرين - وقيل له في الحسن: وما كان ينحل إليه أهل القدر ؟ قال: كانوا يأتون الشيخ بكلام مجمل، لو فسروه لهم لساءهم.
ابن أبي عروبة: كلمت مطرا الوراق في بيع المصاحف فقال: قد كان حبرا الامة أو فقيها الامة لا يريان به بأسا: الحسن والشعبي .
ابن شوذب، عن مطر، قال: دخلنا على الحسن نعوده، فما كان في البيت شئ، لا فراش ولا بساط ولا وسادة ولا حصير إلا سرير مرمول هو عليه .
عبد الرزاق بن همام، عن أبيه، قال: ولي وهب القضاء زمن عمر بن عبد العزيز فلم يحمد فهمه.
فحدثت به معمرا، فتبسم وقال: ولي الحسن القضاء زمن عمر بن عبد العزيز فلم يحمد فهمه .
وقال أبو سعيد بن الاعرابي: كان يجلس إلى الحسن طائفة من هؤلاء، فيتكلم في الخصوص، حتى نسبته القدرية إلى الجبر، وتكلم في الاكتساب حتى نسبته السنة إلى القدر، كل ذلك لا فتنانه وتفاوت الناس عنده، وتفاوتهم في الاخذ عنه، وهو برئ من القدر ومن كل بدعة.
قلت: وقد مر إثبات الحسن للاقدار من غير وجه عنه سوى حكاية أيوب عنه، فلعلها هفوة منه ورجع عنها ولله الحمد.
كما نقل أحمد الابار في " تاريخه ": حدثنا مؤمل بن إهاب، حدثنا عبد الرزاق، عن ؟ ؟ معمر، عن قتادة، عن الحسن، قال: الخير بقدر، والشر ليس بقدر.قلت: قد رمي قتادة بالقدر.
قال غندر، عن شعبة: رأيت على الحسن عمامة سوداء.
وقال سلام بن مسكين: رأيت على الحسن طيلسانا كأنما يجري فيه الماء، وخميصة كأنها خز.
وقال ابن عون: كان الحسن يروي بالمعنى .
أيوب: قيل لابن الاشعث: إن سرك أن يقتلوا حولك كما قتلوا حول جمل عائشة، فأخرج الحسن.فأرسل إليه، فأكرهه.قال سليم بن أخضر: حدثنا ابن عون: قالوا لابن الاشعث: أخرج الحسن، قال ابن عون: فنظرت إليه بين الجسرين وعليه عمامة سوداء، فغفلوا عنه، فألقى نفسه في نهر حتى نجا منهم، وكاد يهلك يومئذ.وقال القاسم الحداني: رأيت الحسن قاعدا في أصل منبر ابن الاشعث. هشام، عن الحسن، قال: كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وزهده ولسانه وبصره .
حماد: سمعت ثابتا يقول: لولا أن تصنعوا بي ما صنعتم بالحسن حدثتكم أحاديث مونقة، ثم قال: منعوه القائلة، منعوه النوم.
حميد الطويل: كان الحسن يقول: اصحب الناس بما شئت أن تصحبهم، فإنهم سيصحبونك بمثله.
قال أيوب: ما وجدت ريح مرقة طبخت أطيب من ريح قدر الحسن .
وقال أبو هلال: قلما دخلنا على الحسن إلا وقد رأينا قدرا يفوح منها ريح طيبة.
مسلم بن إبراهيم: حدثنا إياس بن أبي تميمة: شهدت الحسن في جنازة أبي رجاء على بغلة، والفرزدق إلى جنبه على بعير، فقال له الفرزدق: قد استشرفنا الناس، يقولون: خير الناس وشر الناس، قال: يا أبا فراس، كم من أشعث أغبر، ذي طمرين، خير مني، وكم من شيخ مشرك أنت خير منه، ما أعددت للموت ؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله، قال: إن معها شروطا، فإياك وقذف المحصنة، قال: هل من توبة ؟ قال: نعم. ضمرة، عن أصبغ بن زيد، قال: مات الحسن وترك كتبا فيها علم.
موسى بن إسماعيل: حدثنا سهل بن الحصين الباهلي، قال: بعثت إلى عبد الله بن الحسن البصري: ابعث إلي بكتب أبيك، فبعث إلي أنه لما ثقل قال لي: اجمعها لي، فجمعتها له وما أدري ما يصنع بها، فأتيت بها فقال للخادم: اسجري التنور، ثم أمر بها فأحرقت غير صحيفة واحدة فبعث
بها إلي وأخبرني أنه كان يقول: ارو ما في هذه الصحيفة. ثم لقيته بعد فأخبرني به مشافهة بمثل ما أدى الرسول .
وعن علقمة بن مرثد في ذكر الثمانية من التابعين، قال: وأما الحسن فما رأينا أحدا أطول حزنا منه، ما كنا نراه إلا حديث عهد بمصيبة، ثم قال: نضحك ولا ندري لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا.
وقال: لا أقبل منكم شيئا، ويحك يا ابن آدم، هل لك بمحاربة الله - يعني قوة - والله لقد رأيت أقواما كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه، ولقد رأيت أقواما يمسي أحدهم ولا يجد عنده إلا قوتا فيقول: لا أجعل هذا كله في بطني، فيتصدق ببعضه ولعله أجوع إليه ممن يتصدق به عليه.قال أيوب السختياني: لو رأيت الحسن لقلت: إنك لم تجالس فقيها قط.
وعن الاعمش، قال: ما زال الحسن يعي الحكمة حتى نطق بها، وكان إذا ذكر الحسن عند أبي جعفر الباقر قال: ذاك الذي يشبه كلامه كلام الانبياء .
صالح المري، عن الحسن قال: ابن آدم، إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم، ذهب بعضك .
مبارك بن فضالة: سمعت الحسن يقول: فضح الموت الدنيا، فلم يترك فيها لذي لب فرحا .
وروى ثابت عنه، قال: ضحك المؤمن غفلة من قلبه.
أبو نعيم في " الحلية " : حدثنا محمد بن عبدالرحمن بن الفضل، حدثنا محمد بن عبد الله بن سعيد، حدثنا أحمد بن زياد، حدثنا عصمة بن سليمان الخزاز ، حدثنا فضيل بن جعفر، قال: خرج الحسن بن عند ابن هبيرة فإذا هو بالقراء على الباب فقال: ما يجلسكم ها هنا ؟ تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء، أما والله ما مجالستهم مجالسة الابرار، تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم، قد فرطحتم نعالكم، وشمرتم ثيابكم، وجززتم شعوركم، فضحتم القراء فضحكم الله، والله لو زهدتم فيما عندهم، لرغبوا فيما عندكم، ولكنكم رغبتم فيما عندهم، فزهدوا فيكم، أبعد الله من أبعد.
وعن الحسن، قال: ابن آدم، السكين تحد، والكبش يعلف، والتنور يسجر .
ابن المبارك: حدثنا طلحة بن صبيح، عن الحسن، قال: المؤمن من علم أن ما قال الله كما قال، والمؤمن أحسن الناس عملا، وأشد الناس وجلا، فلو أنفق جبلا من مال ما أمن دون أن يعاين، لا يزداد صلاحا وبرا إلا ازداد فرقا، والمنافق يقول: سواد الناس كثير وسيغفر لي ولا بأس علي، فيسئ العمل ويتمنى على الله .
الطيالسي في " المسند " الذي سمعناه: حدثنا جسر أبو جعفر، عن الحسن، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قرأ " يس " في ليلة التماس وجه الله غفر له ".
رواه يونس بن عبيد وغيره عن الحسن.
خالد بن خداش: حدثنا صالح المري، عن يونس، قال: لما حضرت الحسن الوفاة جعل يسترجع، فقام إليه ابنه فقال: يا أبت قد غممتنا، فهل رأيت شيئا، قال: هي نفسي لم أصب بمثلها.
قال هشام بن حسان: كنا عند محمد عشية يوم الخميس، فدخل عليه رجل بعد العصر فقال: مات الحسن، فترحم عليه محمد وتغير لونه وأمسك عن الكلام، فما تكلم حتى غربت الشمس، وأمسك القوم عنه مما رأوا من وجده عليه.
قال الذهبي: وما عاش محمد بن سيرين بعد الحسن إلا مئة يوم.
قال ابن علية: مات الحسن في رجب سنة عشر ومئة.
وقال عبد الله بن الحسن: إن أباه عاش نحوا من ثمان وثمانين سنة.
قلت: مات في أول رجب، وكانت جنازته مشهودة، صلوا عليه عقيب الجمعة بالبصرة، فشيعه الخلق، وازدحموا عليه، حتى إن صلاة العصر لم تقم في الجامع.
ويروى أنه أغمي عليه ثم أفاق إفاقة فقال: لقد نبهتموني من جنات وعيون، ومقام كريم.
قلت: اختلف النقاد في الاحتجاج بنسخة الحسن، عن سمرة، وهي نحو من خمسين حديثا، فقد ثبت سماعه من سمرة، فذكر أنه سمع منه حديث العقيقة.
وقال عفان: حدثنا همام، عن قتادة، حدثني الحسن، عن هياج بن عمران البرجمي، أن غلاما له أبق، فجعل عليه إن قدر عليه أن يقطع يده فلما قدر عليه بعثني إلى عمران فسألته، فقال: أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة، فليكفر عن يمينه، ويتجاوز عن غلامه.
قال: وبعثني إلى سمرة فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة، ليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه.
قال قائل: إنما أعرض أهل الصحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن: عن فلان، وإن كان مما قد ثبت لقية فيه لفلان المعين، لان الحسن معروف بالتدليس، ويدلس عن الضعفاء، فيبقى في النفس من ذلك، فإننا وإن ثبتنا سماعه من سمرة، يجوز أن يكون لم يسمع فيه غالب النسخة التي عن سمرة والله أعلم.
 
أعلى