بصراحة / صدام ونجاد وشارون وعلي الراشد «يا كبرها عند الله»
لو خرج صدام حسين من قبره وتحدث عن حرصه على حقوق الإنسان العراقي لما صدقناه،
ولو ظهر احمدي نجاد على شاشات التلفاز ليعبر عن إيمانه بالديموقراطية
وإرادة الشعوب لوضعنا أيدينا على رؤوسنا وقلنا «يصير خير»، ولو قام ارييل شارون من سريره بعد أربعة أعوام من الغيبوبة ليعتذر عن جرائمه لقلنا انها ولا شك «سكرات الموت».
بالمثل، لو أعلن الراشد خوفه وحرصه على الوحدة الوطنية،
لوقفنا جميعاً في لحظات صمت وذهول وتعجب،
ونظر بعضنا إلى بعضنا الآخر والأفواه فاغرة،
وقلنا «يا كبرها عند الله»!
علي الراشد،
هو ذاته الذي ركب موجة أبناء السور وخارج السور والمزدوجين واللفو
ليضمن عودته إلى المجلس بعد أن رمى ملفات الدفاع عن المال العام
وحقوق الإنسان والحفاظ على الدستور والمكتسبات الشعبية في سلة مهملات التحالف الوطني قبل أن يغادره،
وهو ذاته مؤسس الخطاب الفئوي الذي يستهله بـ «إحنا وهم». وعلي الراشد،
هو ذاته الذي هوجمت أمامه قبائل الكويت،
ووصف ابناءها بـ«اللفو» الذين لم تعرفهم الديرة قبل 35 عاماً، والذين أتوا جياعاً وأطعمتهم تلك العجوز ومن تمثلهم،
فصفق تصفيقاً حاراً في الشويخ كدنا أن نسمعه على ضفاف شواطئ الفحيحيل العامرة.
في لحظة من أسوأ لحظات إعلام هذا البلد،
خرج أحد السفهاء ليهاجم القبائل ويصف أبناءها بالطراثيث والمخنثين،
ولاذ نائبنا الوحدوي بالصمت حتى كدنا نشك في بقائه على قيد الحياة السياسية،
ليخرج بعد ذلك ببيان سطحي، هزيل، لا قيمة له،
باسم كتلة العمل الوطني التي لملم شتاتها من على رصيف التاريخ،
ليعيد إليها وتعيد إليه الحياة،
وينزوي بعد ذلك عائداً إلى كهفه ليكمل ما تبقى من بياته الوطني.
واليوم،
ويا لسخرية القدر ولعبة الأيام،
ينادي النائب الراشد بميثاق شرف يوقع عليه جميع أعضاء مجلس الأمة ويتعهدون بالابتعاد عن التصريحات الفئوية والقبلية التي تمزق الشعب الكويتي!
سيخرج صدام من قبره، وسيقوم شارون من غيبوبته، وسيتنازل نجاد عن منصبه، قبل أن نصدق حرص علي الراشد على الوحدة الوطنية،
ويا كبرها عند الله!
معالي وزير الخارجية الدكتور محمد الصباح السالم شخص راق،
جميل الأسلوب، محترم، طيب جداً، وفوق ذلك كله، خريج لأحد اعرق الجامعات العالمية.
جميع هذه المواصفات لو وضعتها في رجل لكان مرشحاً جيداً جداً ليكون عضو هيئة تدريس ناجحا في جامعة عريقة،
ولكنها مجتمعة إذا لم تقترن بالقدرة على الدفاع عن الحقوق الوطنية في الخارج،
فإنها لا تساوي شيئاً ولا تصنع من أي شخص بهذه المواصفات وزير خارجية ناجح.
يبدو أن هنالك فهما مشوشا لدى معالي الوزير لمعنى الديبلوماسية.
كل تصريح يتحفنا به معالي الوزير يجب ما قبله من تصاريح،
ويجعلنا نردد شطر البيت الشعري الشهير «كل ما قلت هانت جد علمٍ جديد».
لمعاليه تصريح حديث حول تبادل السفراء بين الكويت والعراق،
ولمن لا يعلم من الشعب الكويتي، فإن الكويت قد أرسلت سفيرها إلى العراق منذ عام 2008،
والعراق وحكوماته المتعاقبة لم يرسل سفيراً إلى الكويت حتى الآن!
ولما سئل معاليه عن هذا التصرف العراقي الذي ينم عن عدم الاحترام لدولة الكويت،
كان جوابه، بأن تأخر العراق في تعيين سفير قد يكون لأسباب انتخابية داخل العراق!
وسئل كذلك معاليه،
عما إذا كانت الكويت ستقوم بتخفيض تمثيلها في العراق إذا لم تبادر الحكومة العراقية إلى إرسال سفير يمثلها في الكويت،
سارع معاليه إلى إظهار الضعف الحكومي وأكد أن الكويت لم ولن تفكر في مثل هذا التخفيض!
بالتأكيد نحن من «يستاهل» مثل هذا الضعف، ومن يستحق أن تضرب الدول الأخرى بمصالحنا عرض الحائط وطوله،
ما دمنا أسندنا أمور سياستنا الخارجية وعلاقاتنا الدولية إلى من يرى في الضعف ديبلوماسية،
وفي الخوف سياسة.
ضُرب ديبلوماسيونا في إيران، وهدَدوا سفارتنا بالتفجير في العراق،
وحُرقت أعلامنا الوطنية في ليبيا وغزة، فعاقبناهم جميعهم ببناء المستشفيات والمساكن لمزارعيهم،
وبحضور احتفالاتهم، وتكريم قادتهم، وتوقيع الاتفاقيات الاقتصادية معهم، بفضل سياسة معاليه الخارجية.
العراق بلد لا يصدر إلا النفط والمشاكل،
ونحن لدينا من النفط ما يكفينا، ولدينا كذلك من المشاكل ما يكفي للتصدير.
إما أن يكون التمثيل على قدر المساواة وإلا فلنحفظ كرامة الكويت والكويتيين ونعيد سفيرنا إلينا،
قبل أن «يجد علم جديد».
المطلوب. إما أن تستفيق الحكومة من سباتها