تعقيباً على برنامج إضاءات والوشيحي
عبدالسميع اللمِّيع , واللميع مأخوذة من لمَّع يلمِّع تلميعاً , وأقسم بالذي بسط سبعةَ أراضين , ورفع السماء بغير عمدٍ , وجعل الجبال للأرض وتد , إن لم يكن حوار تركي الدخيل تلميعاً للوشيحي , فلا يوجد تلميع في قواميس اللغة ومعاجمها وسراديبها وما طرأ عليها من بعد القرون الأولى ! فلم يبقَ في البرنامج إلا أن ترى بين المتحدثين شيئاً من التمر والقهوة المدارة بينهما ( وذلك لأن التجسيل في السعودية ) ولو كان في غير السعودية لوجدوا فيهِ ( الفنجال ) اختلافاً كثيراً , ناهيك عن تلميع الضيف لرفاق دربه قديماً وحديثاً , وكأنَّ البرنامج برعاية أولئك النفر !
لقد اقشعر بدني , واهتزت روحي بين أضلعي وأنا أرى البرنامج و الوشيحي ينسب الفساد لله , فيقول الكويت فيها فساد وذلك فضل من الله ! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول { والشر ليس إليك } وإبراهيم عليه السلام قال { وإذا مرضتُ فهو يشفين , والذي يُميتني ثم يحيين } فنسب المرض لنفسه تأدباً مع الله , ونسب الإماتة والإحياء لله , كيف ينسب الفساد لله والله القائل{ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } هذه ضريبة تحرر اللسان بلا علم , ناهيك عن تحرر الفكر على جهل !
الذي يجعلني متيقن من أن البرنامج ( ارفع واكبس ) هو صرف الكاتب نظره عن أمورٍ لا يصرف النظر عنها إلا متغافل , ويكرر الوشيحي بعد كل سؤال ( أشكر لكَ بحثك ) أي بحث يا بعد كبدي !أين عقد الصبية الذي ميَّعته وسيَّحته !أين الإساة لآدم عليه السلام ! أين وأين وأين ! بل والله إني أستغرب كيف يتغافل تركي الدخيل ( خريج أصول فقه ورفيق سلمان عودة في التعسينات ) عن نسبة الفساد لله وهو الذي كانت لحيته تداعب مقدمة الصدر قبل جيلين !
ثم يعرِّج على تلبِّس الجنِّ للإنس وهو المشهور عنه إنكار تلبس الجن بالإنس , فيبصق على طاولة إضاءات رد أن يصدقه المشاهد في دعواه ! فلم يفرق بين النفث والبصق , وأنَّ الله قال { ومن شر النفاثات في العقد } وهناك فروق بين النفث والبصق لا يدركها من ينفث سجارته ليل نهار وريقه يعج بالرائحة الزكية .
والنفث هو ماوردَ في سنِّة النبي صلى الله عليه وسلم وليس من عند غير الله , والقصد تأثير الريق المقروء فيه من القرآن , والرقية موجودة حتى في الجاهلية , فأتى الإسلام وجعلها شرعية , أما قولك خرج ( الجن ) من العين وخرج من إظفر إصبع الرجل اليُسرى , فهذه تندرج تحت بند ما يقع تحت أتثير التجربة ويكون له أصل في الشريعة ,فإن أثبتنا دخول وتلبس الجن للإنس , لزم منه إثبات الخروج من الجسد , وهذا يأتي بالتجربة .
والتلبس أقول فيه : عن عثمان بن أبي العاص قال { استعملني رسول الله وأنا أصغر الستة الذين وفدوا عليه من ثقيف وذلك أني كنت قرأت سورة البقرة فقلت يا رسول الله إن القرآن يتفلت مني فوضع يده على صدري وقال يا شيطاناخرج من صدر عثمان فما نسيت شيئا بعده أريد حفظه } والحديث للألباني في السلسلة الصحيحة المجلد السادس , رقم الحديث 2918 .
وعن عطاء بن رباح قال : قال لي ابن عباس رضي الله عنه { ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى ، قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إنيأصرع وإني أتكشف فادع الله لي ، قال : إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك ؟ فقالت : أصبر ، فقالت : إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف ، فدعا لها } متفق عليه وليس فقط في البخاري .
وقال ابن حجر وهو يشرح الحديث : { وعند البزار من وجه آخر عن ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت : إني أخاف الخبيث أن يجردني ( والخبيث هو الشيطان ) فدعا لها فكانت إذاخشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها ثم قال : وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان من صرع الجنلا من صرع الخلط انتهى } في المجلد العاشر صفحة 115 , وقولها الخبيث يجردني يُثبت مدى تأثيره على الجسد , وهنا حق لي أن أقول :
العلمُ يرفعُ بيتاً لا عمادَ لهُ && والجهلُ يهدمُ بيتَ العزِّ والشرفِ
أما ملعقة ( اللا ) التي قتلتنا بها , فهذه الكلمة لا تُقال للنص الإلهي المحكم , ولأمر الله , ولنهيِ الله , وأمر الله نافذ شاء من شاء وأبى من أبى , فأنتَ عبد ولو لبست ساعات رما السويسرية , فالله القائل { وما أمروا إلا ليعبدوا } فملعقتك وتمردك يسقط مباشرةً عند الثوابت , فإن لم تسقطها أسقطناها بالعلم .
أما دور القبيلة السياسي , فأقول ( اقرؤوا التاريخ إذ فيه العبر && ضل قوم ليس يدرون الخبر ) منذ القدم والقبائل تلعب دوراً سياسياً راسخاً تُبنى على أساسها الدول , بل إنهم ليُبدلُ من أجلهم الولاة , وذلك لأن هذا مضري وذاك يماني وهذا قيسي وذاك ربعي , يغيرون ويبدلون في الولاة , دولة بني أمية في الشام قامت على اليمانية , دولة بني أمية في الأندلس قامت على اليمانية , بل حتى غير العرب , دولة المرابطين قامت على قبائلهم كصنهاجة وزناتة ولمتونة وغيرها من قبائل البربر الكُبرى , وأيضاً الموحدين ( البربر ) قامت على ظهر القبائل , بل إن دولة النبي صلى الله عليه وسلم كانت على القبائل , والنبي صلى الله عليه وسلم هذبها ونظمها ووجه القبائل فأصبحوا يتنافسون سياسياً فيما يجوز فيه التنافس و في مكانتهم وأصبحوا يعقدون الألوية حتى في الحروب باسم القبائل على الرغم من أنها دولة النبي صلى الله عليه وسلم !
أخيراً وليس آخراً الإنبهار العميق الذي يعيشه الوشيحي ويعيشه الكثير من بني جلدتنا تجاه الغرب , فوالله لا أجد ما أحملهم عليه إلا { ويعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون } بالأمس كتب الوشيحي مقالة يناضل فيها من أجل البسمة المسلوبة , ولا أعرف هل البسمة وأسبابها الداعية لها والتي فقدناها كما يزعم في مقالته , هل هذه البسمة بمضمونها ستجعل منَّا ليكسمبورغ الخليج !سمران يحييكم .