إذا أنت لا تعرف معنى كلمة الجزم إذا , فالجزم هو القطع ولا قطع إلا في أمور لا سبيل للرجعة فيها , وأما المسائل الإحتمالية هي التي لا يجوز أن يقطع فيها بقول إلا إذا ثبتت حقيقة تثبت عكسها أو تنفيها بيقين , ومن هنا كان خطأك.
وهناك من الأمور التي تعتبر خارج مجال العقل , وهي أمور محسوسة غير ملموسة يؤمن الإنسان بها بالضرورة مثل الروح , أو عندما يرى آثارها مثل الريح أو الجاذبية الأرضية فهذه آثار الأمر الغيبي التي تجعل الإنسان يؤمن بها , ولهذا قال تعالى في القرآن الكريم (( فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ))[الروم : 50] , فكما أن الإنسان قد آمن بالجاذبية بعدما رأى آثارها , فكذلك لا يجوز إنكار الأمور الغيبة لاسيما وقد ذكرها القرآن الكريم المعجز حتى لو لم يراها , لأن العقل يؤمن بأمور لا يراها وإنما يرى من آثارها ما يجعله يعتقد بوجودها.
فالموجات فوق الصوتية من الأمور التي لا يراها الإنسان ولا يسمعها , ولكنه لما آمن بوجودها نتيجة إختبارات ومراقبة وتسجيل , عَلِمَ أنه يجوز أن يكون هناك أصواتا في الكون لا نسمعها , ولا يعني هذا أن كل ما لا نسمعه نجزم بأنه غير موجود , وإلا فما هي فائدة العقل إذا ؟!!
وهكذا السحر فإنه أمر خفي لا يمكن أن يلحظه الناس , ومنه ما هو خدعة ومنه ما هو علم , فالأمراض البدنية وغيرها موجودة وقد يتسبب في ذلك جرثومة صغيرة أو فيروس لا يرى بالعين , ولم يكن الإنسان يعتقد بوجود الفيروس حتى بعدما رأى آثاره , فقد تلبست عليه الأفهام فما هو هذا الشيء الغامض الذي سبب الألم في هذا الجزء من بدن الإنسان ؟! ثم بعد ذلك بدأ في تعريف هذا بكذا وهذا بكذا , والسحر فيه من العلوم مثل هذا , وهو أفعال تسبب آثارا مادية بحتة , وهذا موضوع له تفصيل ولكن عمل الساحر المؤذي هو مثل عمل الطبيب المؤذي الذي يفعل أمرا يسبب الألم في جسد الإنسان ولكن الأول عن طريق أمر مخفي والثاني عن طريق دواء مرئي , فالأعراض قد تتشابه ولكن الخبير يعرف الفرق بين هذا وهذا ولهذا سمي سحرا.
.