صـــــــــــــــــــراع الانسان بين العقل والنفس
"" الجــــــــــــــــــــــــــــزء الثـــــــــــــــاني ""
=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-==-=-=-==-=-=-=-=-=-==-==-
يالله نكمل ياشباب ،، الحصه الثانيه ،،انتبهوا فالموضوع يخص المفكرين ،،،،،
نكمل ،، ونقول :
يعتقدون ان الانسان ، هكذا ، وبمنتهي السهوله ، وبمجرد " تشغيل " عقله ، فان نفسه ستتخلص مما علق بها من اثام والام وعذاب وعقد نفسيه ، ويعتقدون ان النفس الانسانيه ستنقاد هكذا بسهوله لصوت العقل ، ومادروا ان النفس الانسانيه من طبيعتها الشرسه والتي تصر عليها اصرارا هي معاندة صوت العقل ورفض الرضوخ له وتنفيذ اقواله ، لان النفس الانسانيه مجبوله ومفطوره علي معاندة صوت العقل .
نسي هؤلاء ان نفس الانسان اشد صلابة من الحجر الصوان ، واشد متانة وقسوة من كتلة من الحديد تزن مئات الاطنان ، ويعتقدون ان نفس الانسان رقيقه كرقة الماء العذب وانه يمكن وضعها كالماء وتشكيلها كما نريد بمنتهي السهوله والبساطه ، بمجرد وضعها في قالب " عقلي " ، علي غرار مانضع الماء في قوالب الثلج ، فيصبح لنا كما نريد له ان يكون .
البعض من الاصلاحيين بالكلام والطوباويون حاولوا اصلاح الانسان من خلال الطلب منه الا يكون شهوانيا بالمررررره ، فهم يريدون منه ان " يتغير " من كائن مجبول علي الاشتهاء ، الي كائن لايشتهي الي الابد ونهائيا ، وهم يريدون منه الغاء شهوة الجنس والحب العاطفي وحب الاموال والفلوس وغيرها من شهوات ورغبات الانسان مجبول عليها غصبا عنه ، ولاخيار له في ان يكون شهوانيا او لايكون ، فهو شهواني غصبا عنه ، ويطلبون من الانسان الخلاص منها خلاصا تاما ، وبينما هم اشبعوا شهواتهم حتي انتفخوا ، بطريقة او باخري ، فانهم يطلبون من المساكين والمحرومين " الايشتهون " بالمررره والي الابد .
ولست اجد والله كلاما او طلبا اسخف واجهل واشد ظلما ولااتفه ولااحط من هذا الكلام المزري الكاذب ، انه طلب تعجيزي بكل ماتحمله الكلمه من معني ، انه كلام يجعلنا ننظر الي الانسان نظره ملائكيه وما الانسان ، في يوم من الايام بملاك ولن يكون ،وهذا الكلام الطوباوي المثالي ادي الي ان عاش الناس المساكين ، من حيث لايدرون كل صنوف مآسي الاغتراب المؤلمه والاستلاب الموجعه والضياع المرير، وباتت نفوسهم في ظلام دامس لاتشرق له شمسا، ان هؤلاء " العباقره المثاليين والاصلاحيين الكلاميين " اللذين تشربوا التفاهه والسخافه والسطحيه والجهاله من جذورها ، واللذين احتووا القسوه والظلم من كل اطرافه ، نسوا ان الانسان عندما ينشا في بيئه اسريه اجتماعيه سيئه جاهله مدمره تسبب له العقد النفسيه والحرمان ، فان مانشا عليه يكبر معه يوما بيوم وشهرا بشهر وسنه بسنه ، ويتغلغل وينغرس في اعماق اعماق نفسه ، بحيث يصبح من المستحيل اخراجه بالنصائح التافهه والمواعظ الحقيره والكلام العقلي المجرد والتلقين المباشر والتوجيه السخيف ، ان التشكل السيئ اللذي اصاب الانسان من بيئته وظروفه والمحيطين فيه ، يكبر وينمو ويتضاعف ويتشعب مع الايام ومع مضي السنين ، ويتعزز اكثر واكثر ، يكبر ولايصغر ، ولايستطيع الانسان عندما يكبر بواسطة عقله المجرد فقط ، وبمجرد " شوية " نصائح ومواعظ وكلمات حلوه وجميله يتقيأ و " يزوع " بها المثاليون دعاة الاصلاح الكلامي الكاذب المزعوم علي مسامع هؤلاء المساكين البؤساء المرضي والمحرومين ، وبمجرد الرغبه والاراده واعمال العقل ان يتخلص منه ، هكذا بمنتهي السهوله والبساطه .
ان ماتعزز وتغلغل وغاص في اعماق النفس الانسانيه ، يستحيل اخراجه من اعماق الانسان بواسطة صوت العقل البارد والمنطق الجامد ، نعم ، قد يعي العقل الانساني ان هذا الانسان علي خطا ، وان وضعه بائس ، وان عليه ان يتغير ، وان المثاليين يقولون له ان التغيير المزعوم ممكن ، نعم قد يدرك العقل ان هذا الانسان علي خطا ، لكن ياتري كيف تستطيع النفس الانسانيه التي تعاني الامرين ، وتغلغل العذاب والشقاء والام الحرمان في اعماقها ان تتخلص من هذا الامر بهذه السهوله او بمجرد ان تريد او ترغب وتسمع لصوت العقل المثلج . ان الكلام الفاضي اللذي يثير الضحك والسخريه ، واللذي يتقيا به دعاة المثاليه والطوباويه علي مسامعنا ليل نهار ، يستحييييييييييييييل ، ان يخرج ما تغلغل في اعماق الانسان من بلاوي ومصائب وعقد نفسيه وشهوات ورغبات وحاجات الانسان مجبول عليها ، ولاخيار له في اكتسابها ولاقدرة له علي الخلاص منها .
ان العقل الانساني لاينفع عند المواقف الصعبه المحرجه والالتزامات وامام الواقع الصعب المرير ولادور للعقل ابدا عندما (( تصير الصجيه ))، بل انه في هذه المواقف يلوذ هاربا بالفرار ويختفي صوته ويضعف تاثيره ويصبح خجولا ، فيغيب تماما ، بينما صوت النفس الانسانيه العالي والمدوي وماتغلغل في اعماقها من عقد نفسيه وبلاوي ومصائب والام جاءتها وابتليت فيها من البيئات والاسر والمجتمعات والاهل والظروف الصعبه والمواقف والتجارب الحيه وآلام الحرمان والمراره ، يثور ويتفجر ويعمل بكل قوته ، اثناء المواقف الصعبه المحرجه والالتزامات وعندما تصطدم بالواقع الصعب المرير .
وهذا الامر يجهله الجهله والاغبياء من دعاة المثاليه وخرابيطها وسخافاتها ونصائحها التي اتعست الكثيرين من خلق الله .
ارادوا اصلاح الانسان بالكلام المجرد المثالي الوعظي التلقيني ، مع تجاهل تاااام وكاااااامل لطبيعة نفسه الانسانيه ، وتجاهل لما يؤثر عليها وماتتاثر به ، مستخدمين صوت العقل ، ملغين صوت النفس ، فكانت النتيجه ان دمروا الانسان وحطموه من حيث كانوا يزعمون ، جهلا ، انهم يسعون لاصلاحه ، وهو اصلاح ادي لخراب الانسان وتحطيمه .
فضاع وسقط الانسان الفرد .
ولم يكسب المجتمع شيئا .
يعتقددعاة المثاليه الطوبائيه ذات الكلام الجميل لفرط جهلهم ، انهم ولانهم ، قالوا ان الانسان لديه عقل ، وانه قد صار كبيرا، وانه سيحسن الاختيار ، فان " قولهم " هذا كافيا لخلاص الانسان من عقده النفسيه التي تغلغلت في اعماقه ، ناسين ان العقل لادور حقيقي له يذكر في سلوك الانسان وتصرفاته ، وان الانسان ان كبر فانه يكبر وتكبر معه عقده النفسيه وتزداد قسوة وشراسة .
فعاش الانسان الفرد صراعا نفسيا داخليا حادا ومريرا ، تسبب في تعاسته وشقائه ، وادخله في صراع مرير مع نفسه ، وهو صراع لاخلاص له منه ابدا ، والله لو تطق السما علي الارض .
ان وعي العقل الانساني وادراكه ومعرفته وقبوله للكلام " الاصلاحي المثالي " الجميل ، لايعني بحال من الاحوال ، قبول نفس الانسان له ، وان نفس الانسان قد قبلت بما سبق ان قبل به العقل الانساني التعيس المسكين . فالنفس اشرس بملايين المرات من ان تخضع ، هكذا ، بسهوله لصوت العقل مهما بدا صالحا وجميلا ومفيدا ، اذ ان النفس الانسانيه لديها قوة مقاومه تثير العجب حقا لصوت العقل ، كما ان لها اسلوبها ، الخاص بها ، والمميز في تحريك سلوك الانسان والتاثير الفعال علي تصرفاته.
ولايمكن لنفس الانسان ان تتنازل عن رغباتها وحاجاتها وشهواتها بسهوله ، والضغط عليها بالقوه وحرمانها بقسوه وعنف وباراده حديديه عنيفه مما تحبه وتشتهيه ، يقودها ، لاشعوريا ، اما الي تحطيم مجتمعها ومن حولها وماحولها ، او الي تحطيم نفسها بنفسها .
فالنفس الانسانيه عدوانيه بطبعها ، تجاه الاخرين ، وتجاه من يتسبب بحرمانها او اهانتها ، بل ان عدوانيتها الفطريه المجبولة عليها ، في كثير من الاحيان تتوجه الي نفسها ، فالنفس عدوانيه ضد الاخرين وضد ذاتها وضد الجسد اللذي يحتويها ، وكثيرا ماحطمت النفس الانسانيه نفسها بنفسها .
ذلك ان النفس الانسانيه المسكينه ، وليس العقل هو من يتعذب ويتاثر ويشعر ويحس ويعاني صنوف الالام والاوجاع ، بتاثيرات البيئه والاهل والوالدين والناس والمجتمع والحرمان والبؤس ، والظروف والتجارب والمواقف الصعبه المحبطه المريره .
ان اصلاح عقل الانسان وحده ، بالطرق التقليديه المجرده المباشره ،لايكفي ، بحال من الاحوال لاصلاح الانسان ، او تقويمه ، اذ ان عذاب الانسان وشقاؤه وتعاسته وعقده النفسيه منبعها ومصدرها جميعا انما هو النفس التي يصعب التعامل معها او ترويضها ،وليس العقل ، كما يزعم دعاة المثاليه الكاذبه البغيضه ، اللذين يزعمون قدرتهم علي اصلاح الانسان ، بمنتهي السهوله واليسر ، بمجرد اصلاح عقله ، وبمجرد التقيؤ عليه ببعض تفاهات وسخافات وخرابيط الكلام المثالي .
فقبول العقل لايعني قبول النفس ، اي ان قبول العقل ، لايعني بالضروره قبول النفس . ولايعني ان النفس قد اصبحت منقاده ومنساقه لصوت العقل المزعوم .
شتان مابين طبيعة النفس الانسانيه والعقل الانساني ، اذ انهما يتكونان من جوهرين مختلفين ، وبنفس الوقت من قوتين مختلفتين في مدي تاثير كلا منهما علي سلوك الانسان وتصرفاته ، اذ ان النفس الانسانيه حاره ساخنه ملتهبه متحركه ومؤثره ، والعقل والمنطق الانساني بارد جامد عاجز ساكن .
ياسلااااااام ، وكأن النفس الانسانيه تنقاد لصوت العقل ، وصوت اكاذيب المثاليين والطوبائيون ، بسهوله و بمجرد ان يقولوا لها اتركي هذا ولاتتركي ذاك ، كوني كذا ، ولاتكوني كذا ، كوني خيّره طيبه ولاتكون شريره سيئه ، لو كان الامر بهذه السهوله ، والله ماكان لاحد ان يشقي في هذا الكون .
مشكلة الانسان انه واقع في فخ رهيب ، فالنفس الانسانيه قويه وذات تاثير فعال علي سلوك الانسان وتصرفاته ، لكنها تؤدي به الي الهلاك والضياع ، وصوت العقل صوته ضعيف ، وتاثيره محدود جدا علي سلوك الانسان وتصرفاته ، رغم انه هو اللذي يحدد ويحقق مصلحة الانسان ومنفعته ، وهو طريق الصح والصواب .
وتستطيع النفس الانسانيه ان تجعل العقل خادما لها ومحركا لسلوك الانسان اذا كان لها مصلحه في ذلك ، واشد مصلحه لها ، هي في ان تجعل العقل الانساني مؤثرا في سلوك الانسان بما يحفظ حياته ، ويجنبه خطر الموت المباشر والمحتوم والفوري ، اذ ان النفس الانسانيه مجبوله تماما علي تجنب أي خطر فوري وحقيقي قد يهددها بالموت الفوري ويشكل خطرا علي حياتها وبقائها علي قيد الحياة ، في هذه الحاله فان النفس الانسانيه لاتمانع من ان ينقاد الانسان بسلوكه وتصرفاته لصوت العقل .
ايها الانسان اذا فيك خير ، تصرف بعقلك ، ولاتكن منساقا وراء نفسك ، اذا قدرت هذا وجهي ، مالم طبعا ، تعرف نفسك عز المعرفه .
outsider