الأصل العاشر :
معرفة الله تبارك وتعالى، وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد الإسلام، وآيات الصفات، وأحاديثها الصحيحة، وما يلحق بذلك من التشابه، نؤمن بها كما جاءت، من غير تأويل ولا تعطيل، ولا نتعرض لما جاء فيها من خلاف بين العلماء، ويسعنا ما وسع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ). [آل عمران] .
الشرح :
- هذا الأصل الذي وضعه الإمام الشهيد حسن البنا رضي الله عنه ، يتناول جانب الاعتقاد وبالأخص مبحث الأسماء والصفات ، هذا المبحث الذي تفرق عنده الكثير من المسلمين واختلفوا عليه فمنهم من أول الصفات ومنهم من عطلها ومنهم من جسّمها وكانوا في ذلك طرائق قددا .
لكن منهج الإخوان المسلمين كما جاء هذا الأصل هو تأكيد لمنهج سلفنا الصالح رضوان الله تعالى عنهم وهو كما قال الإمام حسن البنا : نؤمن بها كما جاءت، من غير تأويل ولا تعطيل، ولا نتعرض لما جاء فيها من خلاف بين العلماء، ويسعنا ما وسع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ). [آل عمران] .
والحمد لله رب العالمين
أخى الطارق ,,لا أعلم هل هذا تنقيح لكتبكم ,,أم أنكم تمارسون علينا ,,التقية
حسن البنا وأسماء الله وصفاته :
في رسالة « العقائد » (
صفحة 74) حاول البنا التهوين والتقريب بين مذهبي السلف والخلف في العقيدة ثم قال : « وأن البحث في مثل هذا الشأن مهما طال فيه القول لا يؤدي في النهاية إلا إلى نتيجة واحدة هي
التفويض لله تبارك وتعالى » ، من المعلوم أن أهل التفويض هم شرُّ المبتدعة وأضلهم لأن مفاد قولهم هو إنكار الصفات جميعاً وإبطال نصوص الكتاب والسنة .
تحقيق مذهب حسن البنا في أسماء الله وصفاته،
وأنه ليس على مذهب السلف الصالح ، وإنما مذهبه مذهب الأشاعرة
مِن المعلوم أنّ هناك حاجزاً دقيقاً بين مذهب السلف وتفويض الخَلَف -وهم
المؤوِّلة لصفات الباري -سبحانه-؛ نبَّه على ذلك الأئمّة الأعلام، وهو: أنّ السلف يُفوِّضونَ الكيفيّة مع إثبات معنى معلوم، والمؤولة يُفوِّضونَ المعنى نفسَه.
والعاقل عندما يقرأ في النصوص الشرعيّة صفاتٍ متعدِّدةً لله -عزَّ وجلَّ- فإنَّه يقوم في نفسه تغايرٌ بينها؛ لأنّ معانيها مُثبَتة عنده، أمّا كيفيَّاتها فلا يعلمها إلا الله -عزَّ وجل-.
وهذا الحاجز الدقيق لم يتنبّه إليه كثير من الباحثين المتأخرين، وعلى رأسهم حسن البنا -رحمه الله- نفسُه- في رسالته «العقائد»؛ فإنَّه زعم أنَّ مذهب السلف هو تفويض المعنى!! فقال تحت عنوان ( مذهب السلف في آيات الصفات ):
«أمّا السلف -رضوان الله عليهم- فقالوا: نؤمن بهذه الآيات والأحاديث كما وردت، ونترك بيان المقصود منها لله -تبارك وتعالى-، فهم يُثبِتونَ اليد والعين والاستواء والضحك والتعجُّب . . . إلخ، وكل ذلك بمعانٍ لا ندركها، ونترك لله - تبارك وتعالى- الإحاطة بعلمها . . . »(5).
وقال: «ونحن نعتقد أنَّ رأي السلف من السكوت وتفويض علم هذه المعاني إلى الله -تبارك وتعالى- أسلم وأولى بالاتِّباع، حسماً لمادَّة التَّأويل والتَّعطيل، فإنْ كنت ممن أسعده الله بطمأنينة الإيمان، وأثلج صدره ببرد اليقين، فلا تعدل به بديلاً . . . » (6) .
ولنا على هذا ملاحظات وتعقُّبات، نجملها فيما يلي:
أوَّلاً: أنّ مذهب السلف تفويض الكيف لا المعنى، كما هو معلومٌ في كتب أئمّة السنة؛ مثل شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه الإمام ابن القيم، وسيأتي طرف منه وتفصيله، وليس هو مثلَ ما نقله الأستاذ البنا عنهم!
ثانياً: إنَّ كلامه فيه تناقض! فهو ينسب إلى السلف أنَّهم يؤمنون بآيات الصفات كما وردت، ثمَّ يعود ليقول: «ونترك بيان المقصود منها»! وقد أشارَ إلى هذا التناقض شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال: «ثمَّ كثير من هؤلاء يقولون: تُجرى على ظواهرها، فظاهرها مراد، مع قولهم: إنَّ لها تأويلاً بهذا المعنى لا يعلمه إلا الله، وهذا تناقض وقع فيه كثير من هؤلاء المنتسبين إلى السنَّة من أصحاب الأئمة الأربعة -وغيرهم-» (7).
ثالثاً: إنَّ هذا الكلام يستلزم أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يعرف معاني ما أنزلَ الله إليه من معاني الصفات، ولا جبريل يعرف معاني الآيات، ولا السابقونَ الأوَّلونَ عرفوا ذلك، وكذلك قوله: «كل ذلك بمعانٍ لا ندركها»! مع أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- تكلَّم بها ابتداءً، فعلى قوله هذا تكلَّم بكلام لا يعرف معناه: وهذا التجهيل مستلزمٌ الطعنَ في تمام هذا الدين، وذلك ما حمل علماء السلف -رضوان الله عليهم- على تشديد النكير على أهل التفويض، وإبطال مقالتهم(8).
رابعاً: وفي خاتمة كلام (حسن البنّا ) وبحثه لهذا الباب، قال: «وخلاصة هذا البحث: أنَّ السلف والخلف قد اتَّفقا على أنَّ المراد غير الظاهر المتعارف بين الخلق، وهو تأويل في الجملة» (9)!
وهذا يستلزم أنَّ مجرَّد نفي تشبيه الله عن خلقه هو تأويلٌ عند الأستاذ حسن البنا!! لأنّ ظاهر النصوص في هذا الباب -عنده- فيها مشابهة الله لخلقه!! فلا بدَّ من تأويلها، بل قد صرَّح بهذا في بدايات رسالته -أيضاً-، قال: «وردت في القرآن الكريم آيات، وفي السنَّة المطهَّرة أحاديث توهم -بظاهرها- مشابهةَ الحقّ -تبارك وتعالى- لخلقه في بعض صفاتهم، نورد بعضها على سبيل المثال، ثمَّ نفضي بذكر ما ورد فيها من الأقوال . . . » (10).
ثمّ سرد أمثلة من الكتاب والسنّة، وقال:
«انقسم النَّاس في هذه المسألة على أربع فرق:
فرقة أخذت بظواهرها كما هي، فنسبت إلى الله وجهاً كوجه الخلق، ويداً أو أيدياً كأيديهم، وضحكاً كضحكهم، وهكذا حتى فرضوا الإله شيخاً، وبعضهم فرضه شابًّا، وهؤلاء هم المُجسِّمة المُشبِّهة . . . » (11).
والحقُّ أنَّ البنا -رحمه الله- قد أخطأ في هذا المقام خطأً جسيماً، فإنَّا لا نعلم آية واحدة ولا حديثاً واحداً يوهم -بظاهره- مشابهة الحقِّ -عزَّ وجلَّ- لخلقه، والمُشبِّهة -في حقيقة أمرِهم- لم يأخذوا بظواهر النصوص الشرعيّة البتّة، فإنَّ الأخذ بها لا يمكن أن يؤدي إلى الضلال، وإنَّما وقع المُشبِّهةُ والمُجسِّمةُ فيما وقعوا فيه لأنّهم أعرضوا عمّا تقتضيه ظواهر هذه النصوص –مُخالفين لها، ولهديها-.
ولا مناص من التَّأكيد على أنَّ نسبةَ التشبيه إلى ظاهر النصوص -كما قال البنّا-، نسبةٌ شنيعةٌ بشعةٌ، تستلزمُ خطرَ تكذيب هذه النصوص:
فالظاهر السالم عن المعارض، والخالي عن القرائن الصارفة هو المقصود الحقيقي للكلام؛ فإذا جاء الخطاب دالّاً على معنى من المعاني دون أن تَرِدَ معه قرينة تُبيِّن للسَّامع أنَّ هذا الظاهرَ غيرُ مقصود بالخطاب، فلا معنى لإبطال هذا الظاهر، أو ردِّه، أو زعم أنَّه غير مراد من الخطاب، إلا تكذيبُ الخطاب -حقيقةً-.
وأمَّا إذا اقترن بالنص قرينةٌ نفهم منها أنَّ المعنى المتبادر من النص -حالَ عدم ورودها- غيرُ مراد؛ فإنَّ هذه القرينة تكون حينئذٍ جزءاً من الظاهر.
ومِمّا يؤكّد لك أنَّ ظاهر نصوص الكتاب والسنَّة -عموماً-، ونصوص الصفات -خصوصاً-، هو المعنى المراد، البريءُ من التشبيه والتجسيم -كما هو مجانب لضدِّه من التعطيل والتأويل.
ففي الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((إن من كان قبلكم كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور وأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة))
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحقق التوحيد ويعلمه أمته حتى قال له رجل: ما شاء الله وشئت.
فقال: ((أجعلتني لله ندا، بل ما شاء الله وحده)),,، وقال: ((لا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم ما شاء محمد
تقبل :.
تقديرى