المختصر المفيد
عضو بلاتيني
وفاة أبو طالب:
بعد هذا الكلام سكتت قريش عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فترة من الزمن ثمّ كانت وفاة أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وذلك سنة عشر من النبوة (أي بعد خروجهم من الشعب بستة أشهر). عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه عن أبيه المسيب رضي الله عنه أن أبا طالب لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعنده أبو جهل وعبدالله بن أبي أمية (أخو أم سلمة أم المؤمنين هند بنت أبي أمية) فقال نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لعمه أبي طالب أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبدالله بن أبي أمية يا أبا طالب أترغب عن ملّة عبد المطلب فعاد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليه وهم يعيدان والنبي يعيد وهم يعيدان فلم يزالا به حتى قال آخر كلمة هو على ملة عبد المطلب ثمّ مات بعد ذلك فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لاستغفرن لك ما لم أنه (بسكون النون والهاء) عنك فنـزل قول الله تبارك وتعالى " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم" ونـزل كذلك قول الله تبارك وتعالى "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء" سبحانه وتعالى.
وفي هذه القصة من الفوائد الشيء الكثير منها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان حريصاً على إسلام أبي طالب، ووالله لو قال أبو طالب تلك الكلمة لنفعته وذلك انه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في البخاري وغيره أنه دخل على غلام يهودي وهو على فراش الموت فقال له قل لا إله إلا الله فالتفت الغلام إلى أبيه فقال له أبوه أطع أبا القاسم فقال الغلام أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ثمّ مات فخرج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يقول الحمد لله الذي نجاه من النار فوالله لو قالها أبو طالب لنجاه الله من النار ووالله لتمنينا جميعاً أن يكون أبو طالب قالها والله ما حزنا أبداً ولن نحزن أبداً لو آمن أبو طالب بل نتمنى ذلك، ونتمنى أن يؤمن جميع الناس ولكننا مع النصوص وهو أن أبا طالب عم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يسلم ولم يتابع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. مع أنه ناصره و دافع عنه وحماه وخرج معه إلى الشعب بل ورباه في صغره ومع هذا كله يموت على الشرك. قال ابن كثير رحمه الله تعالى كان أبو طالب يصد الناس عن أذية رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه بكل ما يقدر عليه من فعال ومقال ونفس ومال ولكن مع هذا لم يقدر الله تبارك وتعالى له الإيمان لما له تعالى من الحكمة العظيمة والحجة القاطعة البالغة الدامغة التي يجب الإيمان بها والتسليم لها ولولا ما نهانا الله عنه من الاستغفار للمشركين لاستغفرنا لأبي طلب وترحمنا عليه.
والغريب في هذه القضية أن عبدالله بن أبي أمية الذي شارك أبا جهل في منع أبي طالب من الاستجابة لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسلم عام الفتح وذكروا أنه استشهد في حنين وقد ثبت أن العباس بن عبد المطلب قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما أغنيت عن عمك (أي أبا طالب) فإنه كان يحوطك ويغضب لك فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو في ضحضاح من نار ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل في النار نسأل الله تبارك وتعالى الهداية والعافية.
الرابط
الرابط